انقسامات حول إرث ميركل الدبلوماسي

قبل خمسة أشهر من انتخابات تنهي عهد المستشارة الألمانية

بعد خمسة أشهر سينتهي عهد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (رويترز)
بعد خمسة أشهر سينتهي عهد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (رويترز)
TT

انقسامات حول إرث ميركل الدبلوماسي

بعد خمسة أشهر سينتهي عهد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (رويترز)
بعد خمسة أشهر سينتهي عهد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (رويترز)

قبل خمسة أشهر من الانتخابات التي ستنهي عهد المستشارة الألمانية، أظهرت استطلاعات الرأي أن المرشحَين الأوفر حظا لخلافة أنجيلا ميركل، هما المحافظ أرمين لاشيت والمدافعة عن البيئة آنالينا بربوك، وكلاهما يؤمن بأوروبا. وباستثناء مفاجأة كبرى، ستتولى بربوك (40 عاماً) أو لاشيت (60 عاماً) السلطة في ألمانيا، الخريف المقبل. وهناك قاسم مشترك واحد على الأقل بينهما: كلاهما لا يتمتع بأي خبرة على الساحة الدولية، رغم أنهما دخلا البرلمان الأوروبي. لكن تبرز خلافات عميقة بينهما، خصوصاً حول روسيا والصين. والسؤال هل سيغيران الإرث الدبلوماسي للمستشارة الألمانية أو يسيران على خطاها؟ وهل سيكون ذلك كافياً للتفاوض مع فلاديمير بوتين أو شي جينبينغ باسم أول قوة اقتصادية أوروبية؟
العلاقات مع موسكو وبكين تشكل فارقاً كبيراً بين المرشحين.
وشهدت العلاقات بين بوتين وأنجيلا ميركل التي تتقن الروسية اضطرابات، بدءاً بضم موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى الهجمات الإلكترونية المنسوبة إلى موسكو وتسميم المعارض أليكسي نافالني. ولا يزال المسؤولان اللذان يتحاوران منذ 16 عاماً، يدعمان بقوة مشروع خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 2» المثير للجدل. وتعارض بربوك هذا المشروع، لأنه حسب قولها، يفرغ العقوبات التي تستهدف روسيا من معناها ويطرح تهديدات بيئية.
بشكل عام، أظهرت المرشحة في مقابلة مع صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ» ركزت في 24 أبريل (نيسان) على الملف الدولي، طموحات لاقتراح «نهج مختلف للأنظمة الاستبدادية»، وهو «سؤال أساسي» لمستقبل ألمانيا و«أمنها» و«قيمها».
ويؤكد مدير المعهد العالمي للسياسات العامة، ثورستن بينر، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «بربوك تدافع عن موقف ينتقد بوضوح الحكام المستبدين سواء في الكرملين أو في بكين». ولطالما اعتبر لاشيت مؤيداً قوياً للتقارب مع موسكو ويدعم مشروع «نورد ستريم 2».
في 2018، ذهب إلى حد التشكيك في تورط عملاء روس، في محاولة تسميم سيرغي سكريبال في بريطانيا. أثناء ضم شبه جزيرة القرم في 2014. انتقد ما يفترض أنه «شعبوية مناهضة لبوتين» في الغرب. الصين هي نقطة خلاف أساسية أخرى بين المرشحين. وهنا أيضاً يعد نهج لاشيت استمرارية لسياسة ميركل، التي كانت على الخطوط الأمامية نهاية 2020 للتفاوض على اتفاقية استثمارات بين بكين والاتحاد الأوروبي، والحريصة منذ سنوات على تأمين منافذ ألمانية في الصين. ومع ذلك، فإن المرشح المحافظ يثير «أكثر وأكثر منافسة بين الأنظمة» عند التحدث عن بكين، كما يقول بينر.
وتؤكد بربوك أنها تدرك أن الصين «قوة اقتصادية ناشئة مهمة لدرجة أننا لا نستطيع أن ننفصل عنها تماماً». لكن على أوروبا أن تتعامل معها بـ«الحوار والحزم» في آن.
وفي 24 أبريل (نيسان)، قالت إنه في اتفاقية الاتحاد الأوروبي والصين، التي تم تعليقها مطلع مايو (أيار)، «لم يتطرق الجانب الأوروبي بشكل كافٍ إلى قضية العمل القسري لأقلية الأويغور المضطهدة»، التي يجب حظر منتجاتها في أوروبا. وحذرت بربوك أيضاً من وصول إلى الأسواق شركات صينية كـ«هواوي» التي قد تنقل بيانات أوروبية إلى الصين.
وتشاطر بربوك الرئيس الأميركي جو بايدن مواقفه من ضرورة إبداء حزم حيال بكين وموسكو.
من ناحية أخرى، تعتبر «من غير المنطقي»، لا سيما في أوقات الأزمات الاقتصادية، هدف الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي الذي تروج له واشنطن بتخصيص 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لديها للدفاع بحلول 2024. وهي تعارض الردع النووي، ويؤيد لاشيت حسب بينر «هدف الـ2 في المائة، واقتناء طائرات مسيرة مسلحة وتصدير الأسلحة (من قبل ألمانيا) على عكس بربوك».
بعد مرور أكثر من 20 عاماً على الضوء الأخضر، الذي منحه دعاة حماية البيئة الألمان لتدخل الجيش الألماني في كوسوفو، فإن المرشحة المدافعة عن البيئة مستعدة من ناحية أخرى لزيادة ميزانية الجيش لتحديث معداته.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».