الجيش الإسرائيلي يصعد عمليات اعتقال الأطفال خوفا من انتفاضة ثالثة

15 ألف معتقل فلسطيني منذ بداية الاحتلال.. منهم 231 لم يغادروا المعتقلات

أثار طائرة حربية إسرائيلية تحلق فوق مدينة غزة أمس.. وأعلنت إسرائيل أمس أنها ستشتري 14 طائرة من طراز «إف 35» المقاتلة الأميركية بقيمة 3 مليارات دولار (أ.ب)
أثار طائرة حربية إسرائيلية تحلق فوق مدينة غزة أمس.. وأعلنت إسرائيل أمس أنها ستشتري 14 طائرة من طراز «إف 35» المقاتلة الأميركية بقيمة 3 مليارات دولار (أ.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يصعد عمليات اعتقال الأطفال خوفا من انتفاضة ثالثة

أثار طائرة حربية إسرائيلية تحلق فوق مدينة غزة أمس.. وأعلنت إسرائيل أمس أنها ستشتري 14 طائرة من طراز «إف 35» المقاتلة الأميركية بقيمة 3 مليارات دولار (أ.ب)
أثار طائرة حربية إسرائيلية تحلق فوق مدينة غزة أمس.. وأعلنت إسرائيل أمس أنها ستشتري 14 طائرة من طراز «إف 35» المقاتلة الأميركية بقيمة 3 مليارات دولار (أ.ب)

في أعقاب صدور تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، حول تصعيد سياسة اعتقال الأطفال الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، تجندت عشرات الجمعيات الفلسطينية والإسرائيلية التي تعنى بحقوق الإنسان، لرفع صوت الاحتجاج، وأعلنت أنها ستدرس التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لطرح هذا الموضوع بقوة، معتبرة إياه «جريمة خطيرة ينبغي أن تحاكم إسرائيل بسببها».
وحسب تقديرات «نادي الأسير» في رام الله، فقد اعتقلت إسرائيل ما لا يقل عن 15 ألف طفل فلسطيني منذ احتلالها الأراضي الفلسطينية عام 1967، ما زال يقبع منهم في السجون حاليا 213 طفلا. وفي السنوات العشر الأخيرة، بلغ معدل اعتقال الأطفال نحو 700 طفل في السنة. وفي الأشهر الأخيرة، يلاحظ تصعيد عمليات الاعتقال، وذلك بهدف ردع الأطفال عن تحويل إلقاء الحجارة إلى نشاط يومي يؤدي، بالتالي، إلى اندلاع انتفاضة ثالثة في الأراضي الفلسطينية.
وكانت قضية اعتقال الأطفال قد تفجرت من جديد، قبل شهرين، مع احتجاز الطفلة ملاك الخطيب البالغة من العمر 14 عاما، من قرية بيتين قرب رام الله. فقد اتهموها بقذف الحجارة وحيازة سكين. ومع أنها نفت قطعيا التهمة، فإن القاضي العسكري أدانها وحكم عليها بالسجن 60 يوما ودفع غرامة 6 آلاف شيقل (1500 دولار). وأثار اعتقالها موجة غضب عارم وانتقادات واسعة في العالم، فاضطرت سلطات الاحتلال إلى إطلاق سراحها بعد إتمام 45 يوما في السجن ودفع الغرامة من التبرعات. ومنذ تحررها، يشغل موضوع اعتقال الأطفال الفلسطينيين بأيدي قوات الجيش الإسرائيلي، بال الكثيرين في العالم، ويعتبر، وفقا لمنظمات حقوقية محلية ودولية، الأكثر بشاعة في ممارسات الاحتلال.
ويقول مدير «نادي الأسير»، قدورة فارس، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاحتلال الإسرائيلي اعتقل أكثر من 8 آلاف فلسطيني منذ الاحتلال سنة 1967، مما يعني أنه لا يوجد بيت فلسطيني إلا وتعرض أحد أبنائه أو بناته للاعتقال، ولكن اعتقال الأطفال والمرضى يعتبر الأخطر.. ففيه نرى كل بشاعة الاحتلال وإجرامه، ولا نرى أي ملامح إنسانية للمحتلين». وأضاف: «بلغ عدد الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال الإسرائيلي في 2014م، قرابة (280) طفلا قاصرا (دون سن 18 عاما وفقا للقوانين الدولية)، بقي منهم 213 طفلا في الشهر الأخير، والاحتلال يواصل اعتقالاته. ويعيش هؤلاء الأطفال في ظروف القهر والقمع والإرهاب داخل السجون الاحتلالية (عوفر) و(مجدو) و(هشارون). وهؤلاء الأطفال يتعرضون لما يتعرض له الكبار من قسوة التعذيب والمحاكمات الجائرة، والمعاملة غير الإنسانية، التي تنتهك حقوقهم الأساسية، وتهدد مستقبلهم بالضياع، بما يخالف قواعد القانون الدولي واتفاقية الطفل».
وقال المحامي محمود البرغوثي، إن ما تقوم سلطات الاحتلال، يشكل انتهاكا لحقوق الأطفال الأسرى، ويخالف القانون الدولي، خصوصا اتفاقية الطفل - المادة «16» التي تنص على أنه «لا يجوز أن يجري أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة، أو أسرته أو منزله أو مراسلاته ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته». وتنص أيضا، على أن «للطفل الحق في أن يحميه القانون من مثل هذا التعرض أو المساس». ولا يراعي الاحتلال حداثة سن الأطفال أثناء تقديمهم للمحاكمة، ولا تشكل لهم محاكم خاصة. بالإضافة إلى أن الاحتلال يحدد سن الطفل بما دون 16 عاما، وذلك وفق الجهاز القضائي الإسرائيلي الذي يستند في استصدار الأحكام ضد الأسرى الأطفال إلى الأمر العسكري رقم «132»، الذي حدد فيه سن الطفل بما دون السادسة عشرة، وفى هذا مخالفة صريحة لنص المادة رقم «1» من اتفاقية الطفل التي عرفت الطفل بأنه «كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة».
ويؤكد البرغوثي أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحرم الأطفال الأسرى من أبسط الحقوق التي تمنحها لهم المواثيق الدولية، مثل الحق في عدم التعرض للاعتقال العشوائي، والحق في معرفة سبب الاعتقال، والحق في الحصول على محام حال اعتقاله، وحق الأسرة في معرفة سبب ومكان اعتقال الطفل، والحق في المثول أمام قاض، والحق في الاعتراض على التهمة والطعن بها، والحق في الاتصال بالعالم الخارجي، والحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامة الطفل المعتقل. كما أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضربت بعرض الحائط كل هذه الحقوق، وتعاملت معهم على أنهم «مشروع مخربين»، وأذاقتهم أصناف العذاب والمعاملة القاسية والمهينة، من ضرب وشبح، وحرمان من النوم ومن الطعام، وتهديد وشتائم وتحرش جنسي، وحرمان من الزيارة، واستخدمت معهم أبشع الوسائل النفسية والبدنية؛ لانتزاع الاعترافات والضغط عليهم لتجنيدهم للعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية.
وكانت مؤسسة «الضمير» قد أصدرت بيانا هاجمت فيه الأحكام العالية التي تفرضها المحاكم العسكرية على الأطفال الأسرى، مثلا يوجد طفل حكم عليه بالسجن المؤبد، و3 أطفال محكوم عليهم بمدة 15 عاما، و4 أطفال محكومون من 5 - 9 سنوات. وأطفال حكموا من 1 - 3 سنوات بتهمة الانتماء للتنظيمات الفلسطينية، وبقية الأطفال محكومون من 6 - 18 شهرا بتهمة إلقاء الحجارة. وغالبا ما يكون الحكم مقرونا بغرامات مالية تتراوح من ألف و6 آلاف شيقل (الدولار الأميركي يعادل 3.89 شيقل). وهناك أطفال مرضى محرومون من الرعاية الصحية والعلاج المناسب. وتفيد إحصاءات وزارة شؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية، إلى أن نحو 40 في المائة من الأمراض التي يعاني منها الأطفال الأسرى، ناتجة عن ظروف اعتقالهم غير الصحية، وعن نوعية الأكل المقدم لهم، وناتجة عن انعدام النظافة.
وحتى مجلس حماية الطفل في إسرائيل، الذي يبرر اعتقال الأطفال الفلسطينيين ومحاكمتهم في حال نفذوا مخالفات، يرى أن هناك خرقا للقوانين الإسرائيلية في التعامل مع الأطفال الفلسطينيين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».