دول الخليج أمام فرص جديدة لقيادة التغيير الاقتصادي

يارمو كوتيلين الخبير الاقتصادي الدولي
يارمو كوتيلين الخبير الاقتصادي الدولي
TT

دول الخليج أمام فرص جديدة لقيادة التغيير الاقتصادي

يارمو كوتيلين الخبير الاقتصادي الدولي
يارمو كوتيلين الخبير الاقتصادي الدولي

وسط ظهور بوادر تعافٍ من تداعيات وباء «كورونا» المستجد، أكد خبير اقتصادي دولي أن بلدان الخليج بقيادة السعودية استطاعت مواجهة الجائحة، وتحويلها إلى فرصة جديدة لقيادة التغيير الاقتصادي من خلال الاتجاه نحو الابتكار، وإيجاد حلول الرقمنة والحوكمة، وزيادة المرونة في سوق العمل، وإصلاح هيكل التكلفة وتقديم الخدمات، مع إطلاق المشاريع على أساس الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وقال يارمو كوتيلين، كبير الاقتصاديين في مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين ونائب رئيس صندوق «تمكين» البحريني: «يجري تنفيذ المزيد من المشاريع على أساس الشراكة بين القطاعين العام والخاص، كما يتم إسناد الخدمات بشكل متزايد إلى القطاع الخاص، وستؤدي عملية ضبط أوضاع المالية العامة إلى ظهور قطاعات عامة أصغر حجماً وأكثر كفاءة، وستكون النتيجة النهائية اقتصادات أكثر مرونة مدعومة بالإنتاجية»، مشدداً على ضرورة أن تسير تطلعات الإصلاح في أسواق العمل جنباً إلى جنب مع إنشاء أعمال تجارية أكثر إنتاجية يمكنها أن تولّد فرص عمل مستدامة.
وعلى الصعيد السعودي، قال كوتيلين لـ«الشرق الأوسط»: «أظهرت المملكة مرونة استثنائية خلال الوباء بفضل رؤيتها التنموية القوية، إلى جانب أن الاستثمارات الكبيرة ضمنت استمرارية النشاط الاقتصادي مع بناء القدرات للمستقبل».
واستطرد: «أظهرت السعودية أيضاً رشاقة في ابتكار السياسات من خلال التحكم في الميزانيات، والتطوير الاستباقي لمصادر جديدة لرأس المال للاستثمارات»، مضيفاً: «أصبحت المملكة في وضع أقوى لدفع النمو إلى الأمام مما كانت عليه قبل الوباء».
ووفق كوتيلين، فإن جائحة «كورونا» تشكّل أحد أكثر الاضطرابات العميقة التي يواجهها الاقتصاد العالمي في العصر الحديث، منوهاً إلى أنه في منطقة الخليج تفاقم تأثيرها بسبب التقلبات الكبيرة في أسواق النفط، مبيناً أن الاقتصادات الإقليمية كانت سريعة في الاستجابة للأزمة، مشيراً إلى أنه من بين أمور أخرى من خلال بناء القدرات الاختبارية جعلت من الممكن البدء في تطبيع النشاط الاقتصادي بسرعة إلى حد ما، لكن الجائحة ساعدت أيضاً في تسليط الضوء على كثير من نقاط الضعف الهيكلية في اقتصاد الخليج.
وأوضح الدكتور كوتيلين، الذي أصدر أخيراً كتاباً عن اقتصاد الخليج والإصلاحات المطلوبة بعنوان «تجارب الصمود»، أن اقتصادات الخليج كانت مستعدة جيداً للتعامل مع تحدي الجائحة، مرجعاً الفضل جزئياً في ذلك إلى التجربة السابقة مع وباء «ميرس»، إلى جانب ما تتمتع به بلدان مجلس التعاون من بنية تحتية قوية للرعاية الصحية ومستويات عالية من الاتصال الرقمي على مستوى العالم، ما جعل من السهل نشر المعلومات وتتبع الحركات وتخصيص الموارد.
ووفق الباحث، أصبح من الواضح أن نماذج التنمية السابقة حول العلاقة بين النفط والحكومة والبنية التحتية لم تعد قادرة على تحقيق نمو سنوي مستدام أعلى بكثير من معدلات النمو السكاني في المنطقة، في حين أضحت أهمية تنشيط الإنتاجية كمحرك للنمو أكبر من أي وقت مضى.
وشدد على أن الانفتاح لا يزال مهماً للغاية لتحقيق الازدهار في المستقبل، مع ضرورة تطوير ميزة المنطقة كمركز دولي للحركة مع زيادة تطوير قدرتها التصديرية، مع زيادة أهمية جذب المواهب ورأس المال والاحتفاظ بها، مرجحاً أن تحفّز الجائحة التغيير في منطقة كانت قد ألزمت نفسها بالفعل بإصلاح اقتصادي طموح، مع ضرورة اغتنام الفرصة لمعالجة بعض نقاط الضعف الهيكلية التي كشف عنها الوباء.



السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.