الحريري: الحوار مع حزب الله لتوفير الاستقرار الأمني والسياسي وإنعاش الاقتصاد

تأكيدات بأن قرار «المستقبل» بالحوار «لا يعني التراجع عن أي من الثوابت»

سيارة مغطاة بالثلوج تمر بمحاذاة ملصق يبدو فيه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في قرية جباع الجنوبية (رويترز)
سيارة مغطاة بالثلوج تمر بمحاذاة ملصق يبدو فيه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في قرية جباع الجنوبية (رويترز)
TT

الحريري: الحوار مع حزب الله لتوفير الاستقرار الأمني والسياسي وإنعاش الاقتصاد

سيارة مغطاة بالثلوج تمر بمحاذاة ملصق يبدو فيه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في قرية جباع الجنوبية (رويترز)
سيارة مغطاة بالثلوج تمر بمحاذاة ملصق يبدو فيه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في قرية جباع الجنوبية (رويترز)

أعلن سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق ورئيس تيار المستقبل أن الحوار الجاري مع حزب الله يسعى «لتوفير الحد الأدنى من مقومات الاستقرار الأمني والسياسي، من أجل إنعاش الاقتصاد وتحسين مستوى عيش الناس»، بموازاة تأكيد عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت أن تيار المستقبل اتخذ قرارا «بحماية البلد قدر الإمكان، والسعي إلى تفعيل عمل المؤسسات ووضع استراتيجية وطنية مبنية على أساس الدولة لحماية لبنان».
وجاءت تصريحات الحريري عقب لقائه وفدا من الهيئات الاقتصادية برئاسة الوزير الأسبق عدنان القصار، تم خلاله عرض الوضعين الأمني والسياسي وتأثيرهما على الواقع الاقتصادي والنشاط التجاري والسياحي.
ومما قاله الحريري: «إننا نولي الوضع الاقتصادي اهتمامنا قدر الإمكان، ولكن هناك تحديات كبيرة اجتماعية واقتصادية يمر بها البلد، وأنا أقدر الوضع الذي تمرون به والصعوبات التي تواجهونها، وهناك ضرورة لوضع حلول لهذه المواضيع، لكن الوضع السياسي في المنطقة يطغى على حياتنا الاقتصادية، وهناك أيضا تحديات جديدة»، مشيرا إلى أنه «حين كنا في الحكم قدمنا حلولا كثيرة ووضعنا خططا ودراسات لتسهيل حياة المواطن، ولكن مع الأسف هذه الأمور لم تطبق، وأهمها قانون الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وقمنا بورش عمل كثيرة لتسهيل بيئة الأعمال في لبنان، ولكن هذا العمل يجب أن يستكمل»، واصفا الهيئات الاقتصادية بأنها «العمود الفقري لاقتصاد البلد والمحرك للاقتصاد اللبناني».
وتوجه إلى الهيئات بالقول: «إذا كنتم متعافين فإن الاقتصاد اللبناني يكون معافى. وما نقوم به حاليا من تحركات واتصالات، والحوار بيننا وبين حزب الله هو لتوفير الحد الأدنى من مقومات الاستقرار الأمني والسياسي، من أجل إنعاش الاقتصاد وتحسين مستوى عيش الناس». ولفت إلى «أننا نشعر معكم بخطورة الوضع على الاقتصاد، ونأمل أن تثمر الاتصالات لكي تعاود الحكومة اجتماعاتها لتحريك كثير من المطالب والملفات العالقة التي تهم المواطنين».
وكان القصار تحدث عن «دعم الهيئات الاقتصادية للحوار القائم بين تيار المستقبل وحزب الله، وبين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية»، آملا أن «ينسحب هذا التواصل على مختلف الأطراف في لبنان، وذلك من أجل التصدي للتحديات والمخاطر الأمنية التي تواجه لبنان، من العدو الإسرائيلي من جهة ومن الجماعات الإرهابية من جهة أخرى، وهو ما يتطلب بالتأكيد الابتعاد عن المناكفات التي قد يستغلها أعداء لبنان لنشر الفوضى وتعميم الفتنة».
ونوه «بالجهود الحاصلة من أجل إنهاء الشغور الحاصل في موقع الرئاسة الأولى»، وقال: «تلقفنا بكثير من الإيجابية اللقاء الذي جمعكم مع العماد ميشال عون، على أن تؤدي هذه اللقاءات والمساعي إلى التوافق على الاسم العتيد لرئاسة الجمهورية، وخصوصا أن البلاد لا يمكن أن تبقى من دون رأس، لما لذلك من انعكاس سلبي مستمر على عمل المؤسسات الدستورية، ولا سيما مجلسي النواب والوزراء اللذين يسيطر الشلل على عملهما».
وفي سياق متصل، أكد عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت أن الحريري في خطاب ذكرى والده في 14 فبراير (شباط) الماضي «أصر على الحوار، ولا ازدواجية في كلامه. هو طرح مشروعا للحوار وأكد الثوابت التي نؤكد عليها في الحوار»، مشددا على أن «إجراء الحوار لا يعني التراجع عن أي من الثوابت. ثوابتنا مؤكدة وهذه سياستنا. قلنا إنه في وجه حزب الله المسلح لدينا 3 خيارات: الاستسلام، وهذا غير وارد. الذهاب إلى حرب أهلية، وهذا أيضا غير وارد. أو خوض معارك سياسية، وجزء منها هو الحوار».
وشدد فتفت على أن «معركتنا واضحة بوجه الإرهاب الذي تمارسه داعش، لكن في الوقت عينه معركتنا لا ترضى بالتدخل في الحرب السورية ودعم رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي لم يعد موجودا اليوم، بدليل أن حزب الله وإيران هما من يعلنان عن نتائج المعارك في سوريا. اليوم نحن أمام مشروع إمبراطورية فارسية تتمدد في المنطقة، وهذا يشكل خطرا على لبنان».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.