تحذير من «كارثة بيئية» بلبنان بعد نفوق أسماك في بحيرة بالبقاع

من الأسماك التي نفقت في بحيرة القرعون (رويترز)
من الأسماك التي نفقت في بحيرة القرعون (رويترز)
TT

تحذير من «كارثة بيئية» بلبنان بعد نفوق أسماك في بحيرة بالبقاع

من الأسماك التي نفقت في بحيرة القرعون (رويترز)
من الأسماك التي نفقت في بحيرة القرعون (رويترز)

تتفاعل قضية نفوق أسماك في بحيرة القرعون بمنطقة البقاع، شرق لبنان، بسبب التلوث ويقوم متطوعون بعمليات تنظيف محدودة مع ارتفاع أصوات محذرة من كارثة بيئية.
ومنذ أيام تتكدس أسماك نافقة بكميات كبيرة على ضفاف البحيرة المتصلة بنهر الليطاني، ما أدى إلى انتشار رائحة كريهة. وتعود الأسباب بالدرجة الأولى إلى تلوث المياه بسبب الصرف الصحي والنفايات، فيما أفاد تقرير أولي بأن وباءً فيروسياً قضى على الأسماك من نوع الكارب دون سواها في البحيرة. وتقدر كمية الأسماك النافقة في غضون أيام قليلة بحوالي 40 طناً، وهو رقم وصفه صيادون في القرعون بأنه غير مسبوق، وطالبوا سلطة نهر الليطاني بالبحث عن السبب وملاحقة أي شخص يقوم بإلقاء المياه الملوثة في البحيرة.
والقرعون أكبر بحيرة اصطناعية في لبنان، ويقع عليها أكبر سدود البلاد، وتبلغ سعتها نحو 220 مليون متر مكعب من المياه، إلا أنها تعاني منذ عقود مع أجزاء واسعة من نهر الليطاني من مستويات تلوث خطيرة، أبرز أسبابها مياه الصرف الصحي والنفايات الصناعية والمواد الكيميائية التي تستخدم في الزراعة.
وحذرت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني وجمعية حماية الطبيعة، أمس، من «مرض وبائي وفيروسي خطير قابل للانتقال»، مشيرة في تقرير أولي إلى أن الوباء يستهدف نوعاً معيناً من أسماك القرعون هو سمك الكارب، في حين أن الأنواع الأخرى «بصحة جيدة»، معتبرة أن هذا الوباء يفاقم أزمة الأسماك في الليطاني جراء التلوث الكيميائي والبيولوجي الناتج عن الأنشطة البشرية الصناعية والزراعية والسكنية.
من جهته، أفاد خبير المياه كمال سليم الذي يأخذ عينات من مياه البحيرة منذ 15 عاماً، بأن التلوث قد يكون السبب خلف نفوق الأسماك، وقال «لا يمكن أن نحسم الأمر بدون تحليل».
وأمس، جال وزير الزراعة عباس مرتضى عبر زوارق الإنقاذ البحري التابعة لمديرية الدفاع المدني، لمعاينة بحيرة القرعون وبقع التلوث، على أثر أزمة نفوق الأسماك فيها، وشارك في الجولة رؤساء الاتحادات البلدية والبلديات وناشطون في مجال البيئة وفاعليات المنطقة، بالتزامن مع عمليات تنظيف واسعة تنفذها وحدة الإنقاذ في مديرية الدفاع المدني وجمعية كشافة الرسالة الإسلامية.
ولفت إلى «توقف وزارة الزراعة عن منح تراخيص صيد الأسماك في المنطقة منذ عام 2018 فور ورود تقارير عن خطورة هذه الأسماك على السلامة العامة، لكونها غير صالحة للاستهلاك البشري».
كانت «المصلحة الوطنية لنهر الليطاني» تحدثت عن «استخفاف المعنين إزاء الكارثة المتفاقمة التي تهدد الصحة العامة»، ووجهت أول من أمس نداء إلى الوزارات والبلديات والأجهزة المعنية والجمعيات الأهلية والفرق الكشفية، في شأن التداعيات الكارثية لترك أسماك الكارب النافقة في بحيرة القرعون، التي قد تكون كارثية، حيث أشارت إلى أن فرق المصلحة مع بعض المتطوعين قد انتشلت أكثر من 40 طناً من الأسماك النافقة خلال اليومين الماضيين، وتجرى معالجتها وفق توصيات وزارة البيئة.
وأشارت إلى أن «آلافاً من الأسماك النافقة بدأت بالتحلل في الماء، ما سيزيد من تلوث البحيرة، ويتسبب بنقص في الأكسجين، وارتفاع حاد في معدلات الأمونيا والنيترات والفوسفات، ما سيتسبب بدوره في تداعيات كارثية على التنوع البيولوجي الباقي في البحيرة، وقد يتسبب بانتشار (السيانوباكتيريا) بمعدلات غير مسبوقة، إضافة إلى الروائح التي ستهدد السكان».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.