الفكر الديني الجديد يمكن أن يؤسس قواعد الاعتراف المتبادل بين المعتقدات

عدد ثانٍ من مجلة «الإسلام في القرن الحادي والعشرين»

نايلة طبارة
نايلة طبارة
TT

الفكر الديني الجديد يمكن أن يؤسس قواعد الاعتراف المتبادل بين المعتقدات

نايلة طبارة
نايلة طبارة

هذا هو العدد الثاني من مجلة فرنسية لافتة تم تدشينها مؤخراً من قبل مؤسسة تعمل من أجل إسلام متجدد، متنور، يليق بالقرن الحادي والعشرين. وقد أسهم في هذا العدد مجموعة من الكتاب والكاتبات. نذكر من بينهم أستاذة علم التاريخ إيفا جانادان التي أطرت العدد كله وكتبت مقدمات مطولة أحياناً لمعظم أبحاثه. والكاتبة المذكورة هي المسؤولة الثانية عن مؤسسة الإسلام في القرن الحادي والعشرين. أما المسؤول الأول فهو الدكتور صادق بلوصيف الجزائري الأصل. ونذكر أيضاً الباحث الفرنسي من أصل مغربي مروان سيناصر الذي كتب دراسة مطولة بعنوان: «أن تكون فرنسياً ومسلماً. أن تعيش الحضارة الإسلامية والحضارة الفرنسية على حد سواء». هذا الباحث الموهوب مختص بدراسة الصراعات، والانفعالات النفسية، والثقافة العربية. وهو يقول لنا ما معناه: «لا ينبغي الخلط بين الأغلبية الساحقة من المسلمين المسالمة والمحترمة لقوانين الجمهورية الفرنسية، والأقلية من الممسوسين المتطرفين الذين قتلوا المعلم المحترم صموئيل باتي عن طريق قطع الرأس بالسكين. كما قتلوا بعدئذ ثلاثة أشخاص من بينهم امرأتان في كاتدرائية مدينة نيس أثناء الصلاة». ونضيف: «وقتلوا بالأمس القريب بشكل وحشي امرأة شرطية (48 سنة) في ضواحي باريس عن طريق طعنها بالسكين في رقبتها، الخ». ثم يضيف الدكتور مروان سيناصر: «هؤلاء القتلة هم حثالة البشرية ولا يحق لهم الانتساب إلى الإسلام بأي شكل. لقد شوهوا صورتنا وصورة الدين الحنيف في شتى أنحاء العالم. ثم يقول لقد تمعنت عن كثب في الصور الكاريكاتورية عن النبي الأكرم ولم أجد فيها إلا الوضاعة والابتذال. لقد آلمتني وجرحتني شخصياً. ثم نظرت بعدئذ في الصور الكاريكاتورية الأخرى التي نشرتها ذات المجلة المستهترة الساخرة عن يسوع المسيح، ومريم العذراء، والبابا، والدين المسيحي، والدين اليهودي، والمحرقة، إلخ، ولم أجد أيضاً إلا الوضاعة والابتذال. لقد صدمتني كل هذه الصور في الصميم ولا أعرف لماذا يفعلون ذلك أو لماذا يستهترون إلى كل هذا الحد بجميع المقدسات والأديان، وليس فقط بالإسلام».
أخيراً سوف أتوقف مطولاً عند الدراسة القيمة التي كتبتها الباحثة اللبنانية الدكتورة نايلة طبارة بعنوان «حرية الدين والمعتقد: الإعلانات الإسلامية الجديدة». والدكتورة طبارة هي رئيسة مؤسسة «أديان» التي أسستها في لبنان عام 2006 بالتشارك مع أعضاء محترمين من مسلمين ومسيحيين. وهي في الأصل أستاذة علوم الأديان والدراسات الإسلامية في كلية العلوم الدينية بجامعة القديس يوسف في بيروت، حيث تعلم هناك منذ عام 1999. ونلاحظ أن أبحاثها ومؤلفاتها ودروسها تدور حول تفسير القرآن الكريم، والتصوف، ولاهوت الأديان، والحوار بين الأديان. وما بين عامي 2010 - 2020، ترأست الدكتورة طبارة معهد المواطنة وإدارة شؤون التنوع في مؤسسة أديان. وقد تلقت عدة جوائز على أعمالها وإنجازاتها. نذكر من بينها جائزة النهضة الفرنسية، وجائزة الأب جاك هاميل المكرسة للكتابات المقدسة والروحانيات. كما تلقت جائزة أكاديمية العلوم الفرنسية لما وراء البحار تقديراً لكتابها المعنون: الإسلام مفكراً فيه ومرئياً من قبل امرأة (منشورات بايار 2018). وأخيراً نلفت الانتباه إلى كتابها الآخر المهم: التفاسير الصوفية للقرآن الكريم (منشورات مكتبة فران الفلسفية الرصينة الواقعة في ساحة السوربون. وقد صدر عام 2018 أيضاً).
بعد كل هذا التقديم الطويل العريض دعونا ندخل في صلب الموضوع. تقول الباحثة إنها اشتغلت لمدة عشر سنوات على موضوع اللاهوت الإسلامي الخاص بالتعددية الدينية. وهذه الدراسة تساعد المؤمنين في النظر إلى تعددية الأديان ليس كمشكلة مزعجة، وإنما كشيء ناتج عن الإرادة الإلهية التي تسبغ نعمها على الجميع أياً تكن أديانهم ومذاهبهم الاعتقادية. وهنا تلتقي الباحثة اللبنانية المعروفة بما ورد في وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها في أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة كلٌ من الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر والبابا فرنسيس. تقول الوثيقة الشهيرة حرفياً ما يلي:
«إن الحرية حق لكل إنسان: اعتقاداً وفكراً وتعبيراً وممارسة، وإن التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلاً ثابتاً تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة».
بناء على كل ذلك، ترى الدكتورة نايلة طبارة أن هذا الفكر الديني الجديد يمكن أن يؤسس قواعد الاعتراف المتبادل بين الأديان ويقلص من حجم التعصب للهويات القاتلة عن طريق تصور رحماني يشمل الإلهي والإنساني في آن معاً. وبناء عليه نستنتج أنه ما دام الفكر التقليدي الانغلاقي المتعصب سائداً، فلا يمكن حل المشاكل الطائفية والمذهبية المندلعة حالياً بقوة في المشرق العربي على وجه الخصوص. وهي المشاكل التي كنت قد توقفت عندها طويلاً في كتابي الأخير الصادر عن «دار المدى» في بغداد، العراق تحت عنوان: لماذا يشتعل العالم العربي؟ لا بد إذن من فكر ديني مستنير لمواجهة هذه المشاكل الخطيرة وتأسيس المواطنة الحقة على أسس جديدة تكفل للجميع المساواة الكاملة أمام دولة الحق والقانون. ولكن هل يمكن أن يتحقق ذلك في المدى المنظور؟
وفي موازاة عملها هذا، راحت الباحثة تهتم بدراسة موضوع الحرية الدينية والاعتقادية، كما هي مبلورة في الوثائق الدولية والإعلانات العالمية. ثم تقيم المقارنة بين الإعلانات الإسلامية عن الحرية الدينية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وسواه من الإعلانات الدولية. نقصد بالإعلانات الإسلامية هنا تلك الصادرة عن البلدان العربية كإعلان بيروت عن الحرية الدينية الصادر عن جمعية المقاصد الشهيرة عام 2015، وكذلك إعلان مراكش الصادر عام 2016 عن حقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي، وكذلك إعلان الأزهر الشريف الصادر عام 2017 عن المواطنة والعيش المشترك... إلخ.
وفي الختام، يمكن أن نقول بعد قراءة هذا البحث المنهجي الموثق والمعمق ما يلي: لقد حققت الإعلانات الإسلامية تقدماً كبيراً قياساً إلى الماضي بخصوص الاعتراف بحرية المعتقد والضمير أو الحرية الدينية الاعتقادية. ولكنها لا تزال تعاني من نقص معين فيما يخص نقطة أو نقطتين قياساً إلى الإعلانات الدولية التي تعترف بالحرية الكاملة إن لم نقل المطلقة. وهذا شيء لا يستطيع الوعي الإسلامي تقبله في المرحلة الراهنة ولكن ذلك يمكن أن يتحقق في المستقبل. فما هو مستحيل اليوم قد يصبح ممكناً غداً. وذلك لأن التطور يحصل درجة درجة لا دفعة واحدة. نقول ذلك على الرغم من أن وثيقة الأخوة الإنسانية الموقعة في أبوظبي كفلت للإنسان حرية الاعتقاد بشكل واضح ونهائي.


مقالات ذات صلة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
TT

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة من خلال حديث مطول أدلى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي سيد محمود سلام. ورغم أن حديث الذكريات هنا يشمل محطات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان في سنوات التكوين الأولى لعالم الأدب وخصوصية مدينته بورسعيد، مسقط رأسه.

ويشير محمود ياسين إلى أن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر، وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها. ويرى أنه كان طفلاً محظوظاً لأنه نشأ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه العشرة، وقد تأثر في طفولته بشقيقه الأكبر فاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الكتب ويذهب إلى المدرسة، لكن فاروق كانت له في البيت مكتبة خاصة عبارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقطع الخزف الصيني وكؤوس الزجاج وأشياءها الخاصة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دورين تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها والده، وعاشوا فيها ما يزيد على 25 عاماً».

ظل فاروق يشتري الكتب باستمرار مثل سلسلة «اقرأ» التي كانت تصدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الذاتية مثل السيرة الذاتية لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومفكّري العالم، فالتراث الإنساني كله أنتجته سلسلة «اقرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة.

قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواوين الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الكتاب الذهبي» التي تعرّف فيها على محمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما كان الشقيق الأكبر فاروق شغوفاً باقتناء الكتب والمطبوعات الثقافية مثل مجلة «الهلال» حتى إنه يشتري الكتب بمصروفه الشخصي المحدود. ولم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بشراء الكتب، لكن يده بدأت تمتد إلى مكتبة شقيقه، فغضب بشدة من استعارته كتبه؛ وذلك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة التي كوّنها واشتراها من مصروفه. لكن عندما اطمأن لشقيقه، بدأ يشجعه مع بعض النصائح خوفاً على هذه الكتب. وبدأ الشقيق الأصغر في متابعة المسرحيات المترجمة بشكل خاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهشة وإعجاب فاروق حين رأى شقيقه لا يفوّت نصاً للكاتب العالمي، سواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ».

ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بورسعيد يتشابهون في ملامحهم وتكوينهم؛ لأن هذه المدينة تترك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الدنيا ويُطل على أوروبا، فهناك شاطئ بحر وفي الأفق عالم آخر يجب أن تحلم به. إنها مدينة وسط جزر من المياه، فتأثر بهذه الخصوصية الجغرافية وما أكسبته لسكانها من حس حضاري لافت.

يقول محمود ياسين في مذكراته إن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها.

امتزجت شخصية محمود ياسين بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تراه شديد الهدوء تارة، شديد الصخب تارة أخرى. يقول: «إن أخلاقي كأخلاق البحر وطبيعتي تشبهه، فأنا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما في أعماقي، وإذا تحدثت إليّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب العصبي فهو أيضاً أنا ولكن في شهر يناير، وكذلك البحر بـ(نواته) وأمواجه المتلاطمة. لا أحب شهر يناير، قد يكون لأنه بداية عام لا أعلم ما يخبئه، وحين راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر».

كانت حياة الصبي محمود ياسين قبل التمثيل غير مستقرة، كأنه يبحث عن شيء يسعده. كان يراقب شقيقه فاروق، الممثل العظيم بقصور الثقافة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فيشعر بأنه يمتلك عالم التمثيل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بصوتٍ أجش تستسيغ غناءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبَّ التمثيل وشعر بأنه الشيء الذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته.

اللافت أن التمثيل منذ البدايات الأولى بالنسبة لمحمود ياسين «حالة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المحب له، فكان يسعد بالمشاهد التي يمثلها في نادٍ يسمى «نادي المريخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحلة كفاح، هو والسيد طليب، وكانا أقرب صديقين له، سواء على مستوى هواية التمثيل أو الحياة.

ويروي كيف كان يقدم مسرحية على خشبة مسرح صنعوه بأنفسهم من مناضد وكراسي متراصة، وفي قاعة تسع 100 شخص، فلمح والده، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها ويشاهده أبوه، وإذا به يبتسم له ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخوله هذا المجال. ويذكر أيضاً أن من بين العمال الذين تأثر بهم محمود عزمي، مهندس الديكور العبقري، الذي لم يحصل على أي شهادات دراسية ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كان يهوى الرسم ويصمّم ديكورات أي نصوص سواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة.