المزارعون اللبنانيون حذّروا السلطات مراراً من شبكات التهريب

TT

المزارعون اللبنانيون حذّروا السلطات مراراً من شبكات التهريب

لا يزال قرار المملكة العربية السعودية بوقف استيراد المنتوجات اللبنانية يأخذ حيزاً من الاهتمام في لبنان، ولا سيما في أوساط القطاعات المعنية، وعلى رأسها الزراعية التي ترفع الصرخة خشية من تداعياته على الموسم الزراعي، على أبواب فصل الصيف، مطالبة الدولة اللبنانية باتخاذ الإجراءات اللازمة، مع تأكيدها أن الأمر ليس جديداً، وكان قد تم التحذير منه سابقاً.
وهذه القضية كانت محور اجتماع، أمس، في مقر الاتحاد العام للنقابات الزراعية في زحلة، في البقاع، ضم رئيس الاتحاد يوسف محيي الدين، والأمين العام للعلاقات العامة للاتحاد علي شومان، ورؤساء وممثلي النقابات الزراعية.
واستنكر محيي الدين تهريب المخدرات إلى المملكة، كاشفاً أن الأمر ليس جديداً، وكان قد طُرِح قبل ذلك، ورأى أن «اليد الخفية التي تدير هذه الشبكات هي سلطة فوق السلطة، ونحن كاتحاد زراعي عام، ومنذ أكثر من سنتين، نرفع الصوت عالياً حول ضرورة وضع حد للفلتان الحاصل في وزارات الدولة والأجهزة الأخرى؛ فلا مَن يسمع ولا يجيب».
وكشف أنه «منذ أكثر من عامين، بالتعاون مع الجمارك اللبنانية ضبطت 12 ألف تنكة جبنة فاسدة مهربة من سوريا في مستودع بالضاحية الجنوبية، وصودرت الكمية، واعتقل المهرب، وبالنتيجة أفرج عنه خلال ساعات قليلة، وتم الاعتذار منه، ويمكن أن تكون البضاعة قد أعيدت له».
وتحدث عن عملية ثانية قائلاً: «منذ أكثر من سنة زارنا وزير الزراعة الأردني، وفي لقاء معه في غرفة تجارة زحلة، طالبنا بتخفيف التفتيش على البضائع الزراعية اللبنانية؛ فكان جوابه هناك ضرورات أمنية تفرض ذلك»، وأوضح في لقاء آخر أن «هذه التدابير الأمنية لها علاقة بتهريب المخدرات إلى الخليج، وتحديداً إلى السعودية، وطالبنا الوزارات المختصة اللبنانية بمراقبة تعبئة هذه البضائع، ونحن نطرح السؤال: تهريب المخدرات ألا يساوي بالنتيجة تهريب الأموال اللبنانية عبر السلع المدعومة إلى سوريا؟!».
وتطرق محيي الدين إلى التهريب إلى سوريا الذي يقف خلفه «حزب الله»، وقال إن أحد المشايخ (الشيخ صادق النابلسي المقرب من الحزب) يطل عبر التلفزيون، ويعلن أن تصدير السلع المدعومة هو جزء من عملية المقاومة، ولم تتحرك النيابة العامة للتحقيق معه.
وذكر كذلك أنه «في 3 أبريل (نيسان) الحالي، أدخلت كمية من البطاطا المصرية الفاسدة إلى لبنان، وبإجازة من وزارة الزراعة، وفي اتصال مع رئيس المجلس الأعلى للجمارك، قال: نحن كجمارك رفضنا إدخالها، ولكن مندوبي وزارة الزراعة أصروا على إدخالها، وأعطى الوزير إجازات تم بموجبها استيراد 1500 طن من البصل، في الوقت الذي بدأ الإنتاج اللبناني، وكانت النتيجة ضرب موسم البطاطا في عكار، وأيضاً سيضرب موسم البصل في لبنان».
وعبّر من الخشية من أن «تؤدي هذه السياسة إلى إفلاس المزارعين، ما يضطرهم إلى بيع أراضيهم».
والقضية نفسها كانت محور اللقاء الذي جمع وفد الاتحاد العمالي العام برئاسة بشارة الأسمر، مع وزير الزراعة عباس مرتضى، حيث طالب الوفد بـ«التشدد في مراقبة السلع المدعومة، والتأكد من وصولها إلى مستحقيها»،
وأكد «ضرورة محاسبة مهربي وتجار المخدرات الذين تسببوا بهذه الأزمة وضرب الاحتكارات وتقليل كلفة الاستهلاك والتخفيف عن المواطن، عبر إيجاد أسواق شعبية يجري فيها البيع مباشرة من المزارع والمصدر للمستهلك».
وتحدث أصحاب شاحنات النقل الخارجي الذين انعكست على عملهم الأزمة الأخيرة، عن معاناتهم التي كانت محور بحث بين نقيبهم أحمد الخير، ورئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال توفيق دبوسي.
وقال خير إن «ما تشكو منه المملكة اليوم تجاه عمليات التهريب تعود لسنوات طوال خلت، حينما تم استبدال السائق اللبناني بغيره من السائقين المنتمين إلى جنسيات أخرى، وتم أيضاً استملاك شاحنات لبنانية معدة للنقل البري بموجب وكالات معتمدة لدى كتاب العدل، رغم أن القوانين اللبنانية تمنع صراحة قيادة شاحنات النقل البري من غير اللبنانيين، وكذلك الاتفاقيات المبرمة ما بين لبنان وسوريا والأردن التي تحدد جنسية السائق وفقاً لجنسية بلد الشاحنة المسجلة فيه أصولاً».


مقالات ذات صلة

3 طرق للتخلص من العادات السيئة

يوميات الشرق يعد التدخين من العادات السيئة ذات التأثير المُدمر على الصحة (رويترز)

3 طرق للتخلص من العادات السيئة

يعاني أغلب الناس من عادة غير صحية واحدة على الأقل. ومن المحتمل أن الإنسان يدرك بالفعل أن هذه العادات غير صحية. ولكن المعرفة وحدها لا تسهّل التخلص منها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الخليج القبض على 13 عنصراً من المتورطين في منطقتَي الرياض وجازان (الداخلية السعودية)

السعودية: الإطاحة بشبكتين إجراميتين تمتهنان تهريب المخدرات

كشفت وزارة الداخلية السعودية عن ضبط وتفكيك شبكتين إجراميتين تمتهنان تهريب المخدرات إلى البلاد والاتجار بها في منطقتَي الرياض وجازان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك أحد أنواع الفطر السحري (رويترز)

تقرير: تحذيرات في بريطانيا من المخاطر الصحية للفطر «السحري»

ذكرت صحيفة «غارديان» البريطانية أن الخبراء حذروا من زيادة استخدام فطر السيلوسيبين الذي يعرف بالفطر «السحري».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا تجار مخدرات مع بضاعتهم الممنوعة التي صادرها الجيش (وزارة الدفاع)

الجهاز الأمني الجزائري يتعامل مع «بيئة معادية» داخل الحدود مع الساحل

نشرت وزارة الدفاع الجزائرية، في الأشهر الأخيرة، تقارير عن «المخاطر والتهديدات في الجنوب»، حيث تفلت الحدود البرية المترامية من المراقبة، خصوصاً في مالي والنيجر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي حبوب الأمفيتامين -المعروفة باسم كبتاغون- التي كانت معدة للإخفاء داخل مكونات كهربائية شوهدت في المستودع حيث تم تصنيع المخدرات قبل سقوط حكومة بشار الأسد في منشأة بمدينة دوما (أ.ب)

سقوط «جمهورية الكبتاغون» التي موَّلت دولة الأسد (صور)

مشاهد من سقوط مستودعات لمخدر الكبتاغون في عدة مناطق بسوريا

يسرا سلامة (القاهرة)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.