تصاعد التوتر في طرابلس بعد محاولة اغتيال قائد ميليشيات

المنفي يؤكد أهمية دور مفوضية الاتحاد الأفريقي في استقرار ليبيا

صورة وزعها مكتب الدبيبة لحضوره حفل تخريج متدربين لوزارة الداخلية بطرابلس مساء أول أمس
صورة وزعها مكتب الدبيبة لحضوره حفل تخريج متدربين لوزارة الداخلية بطرابلس مساء أول أمس
TT

تصاعد التوتر في طرابلس بعد محاولة اغتيال قائد ميليشيات

صورة وزعها مكتب الدبيبة لحضوره حفل تخريج متدربين لوزارة الداخلية بطرابلس مساء أول أمس
صورة وزعها مكتب الدبيبة لحضوره حفل تخريج متدربين لوزارة الداخلية بطرابلس مساء أول أمس

استمر عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الليبية، في تجاهل التوتر الأمني والعسكري، الذي تصاعدت حدته في يومه الثالث على التوالي في العاصمة طرابلس، بين الميليشيات المسلحة الموالية لحكومته. وشارك مساء أول من أمس، باعتباره أيضا وزير الدفاع بحكومة الوحدة، في حفل أقيم بالعاصمة بمناسبة تخريج دفعة جديدة تضم 400 ضابط من معهد تدريب وزارة الداخلية.
وفي تطور مفاجئ، اغتيل ضابط شرطة يدعى جبريل الصيد من مديرية أمن العاصمة طرابلس، تزامنا مع محاولة اغتيال تعرض لها مصطفى قدور، آمر القوة الثامنة، المعروفة باسم «ميليشيات النواصي»، في طريق الشط بالعاصمة طرابلس.
وأكدت ميليشيات «النواصي» في بيان مقتضب نجاة قائدها مما وصفته بمحاولة اغتيال فاشلة، تعرض لها عقب صلاة المغرب مساء أول من أمس، من دون أن تكشف المزيد من التفاصيل. فيما قالت مصادر إن مسلحين مجهولي الهوية أطلقوا النار على سيارة قدور بالقرب من أحد مقراته وسط طرابلس. ووسط هذه الأجواء المشحونة، زار محمد الحداد، رئيس الأركان العامة، وعبد الباسط مروان، آمر منطقة العسكرية طرابلس مقر «اللواء 444 قتال» للاطمئنان على سير الخطة الأمنية، الموضوعة لتأمين العاصمة.
وكان «اللواء 444» قد أعلن أن عناصره واصلوا في إطار الخطة الموضوعة، من قبل منطقة طرابلس العسكرية، أعمال إخلاء المقرات غير الشرعية في منطقتي صلاح الدين وطريق الشوك بمدينة طرابلس، مشيرا إلى أنه تم إخلاء 23 مقرا حتى الآن.
وتعني هذه الخطوة أن هذا اللواء، الموالي لحكومة الدبيبة، قد وسّع من مناطق نفوذه خاصة في الضاحية الجنوبية للمدينة، في إطار الصراع التقليدي بين ميليشياتها المسلحة على مناطق النفوذ والسيطرة.
من جهته، قال عبد الله اللاّفي، عضو المجلس الرئاسي، إنه اجتمع بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، مع عدد من أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، الذين أطلعوه على المسار العسكري والأمني، وآخر المستجدات حول فتح الطريق الساحلي، مشيرا في بيان عبر «تويتر» إلى أن هذا الاجتماع «يأتي تمهيداً لعقد اجتماع القائد الأعلى القادم مع كامل أعضاء اللجنة».
وكان مقررا أن يناقش مجلس النواب الليبي بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق الميزانية المقترحة لحكومة الدبيبة للعام الجاري، رغم اعتراضات برلمانية.
وطبقا لبيان وزعه مكتبه، فقد أبلغ الدبيبة، الذي يستعد للقيام خلال الأيام القليلة المقبلة بأول زيارة له من نوعها إلى مدينة بنغازي (شرق)، خريجي المعهد أن عملهم في حماية الناس شرف عظيم، وأن حملهم للسلاح هو للدفاع عن الوطن والمواطن، وطالبهم بأن يكونوا قدوة في الانضباط. كما وعد بأن تقدم حكومته كل الدعم لبناء قدرات أفراد الشرطة.
كما أجرى الدبيبة أمس مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، تناولت العلاقات الثنائية وآخر التطورات في البلدين. وقال الدبيبة بهذا الخصوص: «نتشارك مع السودان في الكثير من التحديات والفرص، ونتطلع إلى لقاء مرتقب على مستوى قيادة البلدين قريبا».
في غضون ذلك، أكد رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، أمس، أهمية دور مفوضية الاتحاد الأفريقي في العملية السياسية والوصول إلى استقرار ليبيا.
وجاء ذلك خلال استقبال المنفي في طرابلس، أمس، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، والوفد المرافق له، وتناول اللقاء الذي جمعهما العلاقات التاريخية بين ليبيا والمفوضية.
وفيما شدد المنفي على أهمية عودة مكتب مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى ليبيا لتعزيز أوجه التعاون، أكد فكي دعم مفوضية الاتحاد الأفريقي لليبيا على كافة المستويات، وخاصة في الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة في البلاد. كما شدد فكي أيضا على دعم الاتحاد للمجلس الرئاسي في إرساء الاستقرار، وإنجاح المسار السياسي، وإنجاز الاستحقاق الانتخابي في موعده المحدد.
كما استقبل المنفي أمس وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، ووزير الداخلية الجزائري «كمال بلجود»، والوفد المرافق لهما. وأكد المنفي خلال لقاء الوزيرين على عمق العلاقات الأخوية بين البلدين
وأهمية تمتينها، مشيرا إلى حرص ليبيا على تعزيز التعاون مع الجزائر في شتى المجالات، ومثمنًا دورها في دعم أمن واستقرار ليبيا، بحسب بيان أصدره
المجلس الرئاسي الليبي.
في سياق آخر، انتقد يونس العزوزي، عميد بلدية بني وليد، تناول وسائل إعلام وخاصة العربية منها، لواقعة خطف مهاجرين غير شرعيين في المدينة، وتصويرها وكأنها استهداف للمصريين في ليبيا. ونقلت وكالة الأنباء الليبية، الموالية لحكومة الوحدة، عن يونس أنه تم تحرير 31 مهاجرا أفريقيا، من بينهم 4 مصريين من قبضة شبكة لتهريب البشر، وتسليمهم إلى الجهات المختصة في طرابلس. مشيرا إلى أن السكان المحليين ساهموا مع مديرية أمن المدينة في إنقاذ المهاجرين، الذين دخلوا بطريقة غير شرعية، وتم احتجازهم قسرا في أحد مراكز المهربين.
على صعيد آخر، أعلنت السفارة الليبية بالبوسنة والهرسك عن إعادة فتح خدمات التأشيرات بسفارة البوسنة في العاصمة طرابلس، مشيرة إلى أنه بات بإمكان المواطنين الليبيين تقديم طلبات الحصول على التأشيرة اللازمة لزيارة البوسنة، عن طريق سفارتها اعتبارا من أمس، وفقا لاتفاق تم مع وزارة الخارجية البوسنية لتقديم تسهيلات لمواطني البلدين، ودعم التعاون المشترك في مجال السياحة والتبادل التجاري.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.