مكافحة الإرهاب والطاقة على رأس أجندة رئيس الوزراء التركي في باكستان

داود أوغلو يؤكد أن البلدين لهما موقف مشابه حول أمن العالم

رئيس الوزراء التركي لدى وصوله إلى منزل نظيره الباكستاني في إسلام آباد أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء التركي لدى وصوله إلى منزل نظيره الباكستاني في إسلام آباد أمس (أ.ف.ب)
TT

مكافحة الإرهاب والطاقة على رأس أجندة رئيس الوزراء التركي في باكستان

رئيس الوزراء التركي لدى وصوله إلى منزل نظيره الباكستاني في إسلام آباد أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء التركي لدى وصوله إلى منزل نظيره الباكستاني في إسلام آباد أمس (أ.ف.ب)

وصل رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إلى إسلام آباد، أمس، لبداية زيارة تستمر لمدة يومين في باكستان. واستعرض داود أوغلو، الذي يرافقه وفد من المسؤولين الأتراك، حرس الشرف في استقبال رسمي، قبل أن يوقع اتفاقات ثنائية مع نظيره الباكستاني نواز شريف.
شملت الاتفاقات التعاون الثنائي في مجال النفط والغاز والتجارة والاتصالات والعلوم.
واتفقت باكستان وتركيا على أن تعملا على توقيع اتفاقية للتجارة الحرة بينهما لتعزيز تبادلهما التجاري ليصل إلى ثلاثة مليارات دولار في غضون عامين، ثم يبلغ هدفا طموحا يصل به إلى ما بين خمسة وعشرة مليارات دولار في غضون السنوات القليلة المقبلة.
وقال داود أوغلو، في مؤتمر صحافي مشترك مع شريف، إنهما «بحثا القضايا الثنائية والإقليمية المختلفة». وأضاف «لدينا بالطبع تعاون عن كثب في ما يتعلق بالشؤون الأمنية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب والتجارة والطاقة والنقل، كما اتخذنا قرارات مهمة تتعلق بمجالات أخرى عديدة».
وشدد داود أوغلو أيضا على أن باكستان وتركيا لهما موقف واحد في ما يتعلق بأمن العالم، وندد بتزايد الهجمات ذات الصلة بكراهية الإسلام «الإسلاموفوبيا» في الآونة الأخيرة. وقال داود أوغلو «لنا موقف واحد من الإرهاب، وفي ما يتعلق بكل محاولات كراهية الإسلام في بقاع مختلفة من العالم. شاركت في مسيرة باريس المناهضة للإرهاب، لكننا نتوقع أيضا نفس التضامن من كل الدول الأوروبية والولايات المتحدة بخصوص قتل المسلمين في الولايات المتحدة أو حرق مساجد في أوروبا».
وعقد داود أوغلو وشريف اجتماعا ثنائيا تناول القضايا الثنائية. وتصدر موضوع الاستقرار في أفغانستان جدول اجتماعاتهما. وقال شريف بعد محادثاتهما «أكدنا مجددا على التزامنا المشترك بمواصلة تحويل علاقتنا الخاصة إلى شراكة استراتيجية قوية». وتابع شريف «اتفقنا أيضا على إعطاء دفعة مركزية للتجارة الثنائية والتعاون الاستثماري».
وقال رئيس الوزراء التركي إن باكستان بالنسبة له مثل «الوطن»، وإن البلدين تربطهما شراكة وثيقة وصلات روحية وثقافية وتاريخية. وناقش الزعيمان أيضا القضايا الإقليمية مثل الحرب ضد المتشددين، إذ أكد رئيس الوزراء التركي التزام البلدين بدعم جارتهما المضطربة أفغانستان. وقال شريف إنه وداود أوغلو يأملان في مواصلة تعزيز العلاقة المتميزة بين بلديهما. وأضاف «نؤكد التزامنا المشترك بمواصلة تحويل علاقتنا المتميزة إلى شراكة استراتيجية قوية».
ومن المتوقع أن يلتقي داود أوغلو بالرئيس الباكستاني ممنون حسين، الذي سوف يقيم مأدبة عشاء تكريما لرئيس الوزراء التركي والوفد المرافق له. وهذه أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء تركيا لباكستان منذ شغله منصبه في أغسطس (آب) 2014. وسبق لداود أوغلو أن زار باكستان عندما كان وزيرا للخارجية.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».