«النواب» الليبي لمناقشة ميزانية حكومة «الوحدة الوطنية»

المواطنون يعوّلون عليها لحل أزمة تأخر الرواتب وتحسين الخدمات

رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة في أحد مؤتمراته الصحافية السابقة (رويترز)
رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة في أحد مؤتمراته الصحافية السابقة (رويترز)
TT

«النواب» الليبي لمناقشة ميزانية حكومة «الوحدة الوطنية»

رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة في أحد مؤتمراته الصحافية السابقة (رويترز)
رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة في أحد مؤتمراته الصحافية السابقة (رويترز)

في ظل تزايد المطالب السياسية والاجتماعية بسرعة تمريرها، يستعد مجلس النواب الليبي لمناقشة الميزانية، التي تسلمها من حكومة «الوحدة الوطنية» منذ قرابة شهر، بعد الملاحظات التي أبداها ديوان المحاسبة بشرق البلاد، واللجنة المالية بالبرلمان، بوصفها أضخم ميزانية تشهدها البلاد. ويعقد مجلس النواب جلسة بعد غد (الاثنين) في مدينة طبرق بشرق ليبيا لمناقشة قانون الميزانية العامة، وسط توقعات بإعادتها إلى الحكومة، التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، لتعديل بعض «الملاحظات» التي وردت في الخطاب الذي سلمه الديوان لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح قبل نحو أسبوع.
وقال أستاذ الاقتصاد الليبي، عطية الفيتوري، إنه بعد اطلاعه على الملاحظات، التي أبدتها اللجنة المالية بمجلس النواب، تولد لديه انطباع أن رئيس مجلس الوزراء «يريد تخويلاً بموجب قانون الميزانية للتصرف في الضرائب وزيادة الإيرادات، وتحويل الأموال من جهة إلى جهة، ومن باب إلى باب دون الرجوع إلى طلب موافقة السلطة التشريعية». وفيما رأى الفيتوري في تصريح له أمس، أن هذا «يعد مخالفاً لقانون النظام المالي للدولة»، استدرك بالقول: «قد يكون بإمكان مجلس الوزراء الدفاع عن حجم الميزانية، ولكن لا يمكنه الدفاع عن التجاوزات الواردة في مشروع قانون الميزانية». وتابع الفيتوري موضحا: «كان الأحرى بمجلس الوزراء التقيد بالقانون المالي وعدم مخالفته، وكان يجب على اللجنة المالية بمجلس النواب استدعاء وزير المالية، وطلب الإيضاحات والمبررات الكافية، التي توضح أسباب ارتفاع حجم الميزانية بهذا القدر، وتنبيهه إلى مخالفات قانون النظام المالي الواردة بمشروع الميزانية».
وتقارب ميزانية الحكومة المقترحة 100 مليار دينار ليبي، لإنفاقها في قرابة 8 أشهر، الأمر الذي رآه مجلس النواب سيؤثر سلبا على اقتصاد البلاد. ويطالب كثيرون من السياسيين والمواطنين البرلمان بسرعة الانتهاء من الموافقة على الميزانية لحل أزمات البلاد، المتعلقة بتأخر الرواتب، وشح السيولة في المصارف التجارية، بالإضافة إلى تحسين الخدمات الحكومية.
وقال عبد المنعم بالكور، عضو مجلس النواب، إن الميزانية التي تقدم بها الدبيبة «أعدت بشكل متعجل» بالنظر إلى الفترة القصيرة التي تشكلت فيها السلطة التنفيذية الجديدة، مشيراً إلى أنه تم مراعاة أن حكومة «الوحدة الوطنية» تشكلت في الأسبوع الأول من مارس (آذار) الماضي، وتم تقديم مشروع قانون الميزانية في منتصف الشهر ذاته، وبالتالي «كان هناك العديد من القصور في المشروع، وهو ما تم تسجيله في الملاحظات».
وأضاف بالكور، في تصريحات نقلتها قناة «فبراير» مساء أول من أمس، أن اللجنة المالية بالبرلمان أحالت تقريرها لرئاسة المجلس، التي حددت جلسة الاثنين المقبل لمناقشة الملاحظات، مشيراً إلى أن البرلمان يمكن له أن يناقش قانون الميزانية، أو الأخذ بتوصيات اللجنة المالية، التي ركزت على إعادة هذا المشروع للحكومة لإجراء التعديلات المطلوبة، ومن ثم تقديمها لمجلس النواب مرة أخرى في غضون أسبوع. ومنذ أن تسلم مجلس النواب مشروع الميزانية وهو يعكف على مناقشة بنودها من أجل إقرارها، لتكون أول ميزانية موحدة للبلاد منذ ست سنوات تقريباً، ولتسهيل مهام السلطة الجديدة، ودعمها في تنفيذ المشروعات المبرمجة لهذا العام.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.