دراسة تثبت أن التأمل يقي من انكماش حجم المخ

دراسة تثبت أن التأمل يقي من انكماش حجم المخ
TT

دراسة تثبت أن التأمل يقي من انكماش حجم المخ

دراسة تثبت أن التأمل يقي من انكماش حجم المخ

أشارت نتائج دراسة حديثة إلى أن ممارسة رياضة التأمل الذهني على مدى سنوات العمر، يؤدي إلى تراجع أقل في حجم المخ المرتبط بكبر السن.
وقال الباحثون في تقرير ورد في دورية علم النفس، إن من يمارسون التأمل على مدى سنوات تصل في المتوسط إلى 20 سنة من عمرهم يتميزون بكبر حجم المخ بالمقارنة بغيرهم ممن لا يفعلون ذلك.
وفي حين أن من المعروف أن حجم المادة السنجابية (الرمادية) بالمخ ينحسر مع التقدم في العمر، قال كبير المشرفين على هذه الدراسة لـ"رويترز هيلث"، إن فريق الباحثين توقع رصد المزيد من المادة السنجابية في مناطق معينة من المخ بين من يتأملون لفترات طويلة.
وعلى عكس توقعاتهم جاءت النتائج ايجابية أكثر. وقال فلوريان كورث الحاصل على درجة الزمالة بمركز رسم المخ في جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس "لكننا وجدنا انتشار المادة السنجابية في مختلف مناطق المخ".
لكن كورث وزملاءه قالوا إنه لا يمكن القول بأن التأمل يقلل من تراجع حجم المخ. وربما تؤثر عادات أخرى أيضا لدى المتأملين لفترات طويلة على حجم المخ.
وأشارت دراسة مسحية في مجال الطب التكميلي أجرتها المعاهد القومية الاميركية للصحة ومراكز مكافحة الامراض والوقاية منها، إلى أن نحو 18 مليون بالغ ومليون طفل، مارسوا التأمل في الولايات المتحدة عام 2012.
وقالت الدراسة إنه على الرغم من تجذر ممارسة التأمل بين الجماعات الدينية التقليدية والروحية في الشرق، إلا أن الاميركيين عادة ما يتأملون في العصر الحديث بعيدا عن الطقوس الدينية.
وكتب كورث وفريقه البحثي قائلا إن الدراسات السابقة وجدت أن التأمل يمكن أن يؤدي إلى تحسين قدرات الذاكرة والوعي وطلاقة الحديث والوظائف الابداعية والعملية.
وتضمنت الدراسة الحديثة عقد مقارنة بين رسم المخ الخاص بخمسين ممن قاموا بالتأمل لفترات طويلة و50 آخرين من الرجال والنساء ممن لم يقوموا بذلك، وتراوحت اعمار المشاركين بين 24 و77 سنة. وتمرس المتأملون على هذه العادة من أربع سنوات إلى 46 سنة.
ودفعت الدراسة كورث للعودة إلى ممارسة رياضة التأمل التي كان قد هجرها.
وقال "تقول نتائج الدراسة إن الامر يستحق بصورة أساسية التفكير في رياضة التأمل".



«معرض جدة للكتاب» حراك ثقافي متجدد يجمع الأجيال ويعيد للكتاب مكانه

كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال
كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال
TT

«معرض جدة للكتاب» حراك ثقافي متجدد يجمع الأجيال ويعيد للكتاب مكانه

كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال
كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال

على مهل... كبار السن يعبرون ممرات معرض جدة للكتاب، يقلبون صفحات كتاب عتيق يعرفه قارئه جيداً، لا يركضون خلف العناوين، ولا تستفزهم الألوان الصارخة، بل يقفون حيث يقف المعنى، ويمدون أيديهم إلى الورق كما لو أنهم يصافحون ذاكرة قديمة، يعرفونها وتعرفهم.

هنا، في جدة، المدينة التي تعلمت القراءة مبكراً من دفاتر الرحالة، وسجلات التجارة والحكايات القديمة، لم يكن توافد كبار السن إلى معرضها للكتاب مشهداً غريباً، بل امتداد طبيعي لتاريخ طويل من الألفة بين الإنسان والكتاب، حيث جهزت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» معرضاً فيه كل ما هو ممكن من مضمون ومحتوى يأخذ القارئ إلى أبعاد مختلفة ومسارات متنوعة.

في المعرض تقابلك مشاهد لكبار السن وهم يتجولون في المعرض يحضرون الندوات، ويجلسون على مقاعد جانبية يتصفح أحدهم كتاباً بتمهل فيبتسم عند سطرٍ يعرفه، ويتوقف عند آخر كأنه يستعيد زمناً مر عليه في هذه المدينة التي لم تكن يوماً بعيدة عن الثقافة.

يقول العم حسن عبيد، الذي لامس السبعين: «في المعرض أبحث عما يسلي خاطري وأدقق في معرفة الرواة والمؤلفين، وإن كان ميلي لمؤلفين رافقوا البدايات الأولى في حياتي، وأقارن بين ما هو قديم وما يعاد تقديمه اليوم للأجيال الجديدة، فالقراءة بالنسبة لي ليست هواية بل عادة راسخة، وسلوك يومي ونافذة أطل منها على العالم حتى وإن تغير شكله».

كثير من الفعاليات والندوات كانت حاضرة لمختلف الأعمال

هذه غراس المعرض، يجدد الشغف ويعيد للكتاب سيرته الأولى ومكانه الطبيعي، فمعرض جدة للكتاب، الذي نجحت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» في استقطاب أكثر من 1000 دار نشر من 24 دولة تفتح شهية الباحث والقارئ، بل إنها لم تركن لما هو على الرفوف بل تجاوز ذلك بأحدث 170 فعالية ثقافية، ولقاءات فكرية، وذلك بهدف إعادة تشكيل العلاقة بين القارئ والمكان ممثلة في مدينة جدة، التي احتضنت الحجاج والتجار والعلماء، واليوم تفتح ذراعيها للكتاب في هذا التوقيت وتمنح كبار السن مساحة ليكونوا شهوداً على التحول لا خارج محيط الفكر والثقافة.

سجل المعرض حضوراً كثيفاً في الندوات الحوارية وورش العمل (الشرق الأوسط)

جولة «الشرق الأوسط» لاحظت أن كبار السن لا ينفصلون عن حاضرهم فهم يتأملون جميع الكتب ومسارتها من الأدب والروية والقصة حتى أنهم يبحثون عن علوم مختلفة، ويستمعون إلى النقاشات، ويتابعون الحركة الثقافية بفضول هادئ يؤكد أن القراءة لا عمر لها، وأن الشغف بالمعرفة لا يتقاعد، إذ ترى في عيونهم المقارنة الصامتة بين زمن كان الكتاب فيه نادراً، وزمن صار فيه وفيراً مع امتلاكه الخصائص والقيمة.

في الجهة الأخرى من المشهد، حيث تخف وطأة الذاكرة وتعلو دهشة الاكتشاف، كان صغار السن يكتبون حضورهم بطريقتهم الخاصة، لا يقفون طويلاً عند الغلاف الواحد، لكن أعينهم تلتقط الفكرة قبل العنوان، وتتحرك بين الأجنحة كما لو أنها تتدرب على أول علاقة حقيقية مع الكتاب، فهنا تبدأ الحكاية من جديد لا بوصفها امتداداً للماضي، بل وعد للمستقبل.

الورش لم تكن قاصرةً على الكبار إذ سجل الأطفال والمراهقون حضوراً ملفتاً

ففي معرض جدة للكتاب، وفرت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» مواقع مختلفة، كي يلتقي فيها الصغار بالكلمة للمرة الأولى خارج أسوار المدرسة، يلمس أحدهم الكتاب بفضول، ويسأل، ثم يختار ما يشبهه من القصص المصورة، كتب المعرفة المبسطة، وأركان القراءة التفاعلية، وهذه لا تكون وسائل جذب بل جسور ثابتة قواعدها متينة تمهد لعلاقة طويلة الأمد مع القراءة، كعادة جدة المدينة التي علمت أجيالاً سابقةً كيف تحفظ الحكاية لتعيد اليوم صياغتها بلغة يفهمها الصغار.

اللافت أن المسافة بين كبار السن وصغارهم داخل المعرض لم تكن بعيدة، هنا جد يشير لحفيده إلى كتاب قرأه ذات يوم، وهناك طفل يلتقط الفكرة ويعيد تشكيلها بلغته الخاصة، وما بين الاثنين، يتحقق المعنى الأعمق لمعرض جدة للكتاب بأن يكون مساحة تواصل بين زمنين، لا قطيعة بينهما، وأن تنتقل المعرفة من يد إلى يد، ومن ذاكرة إلى أخرى.

طفلة تبحث عما يحاكيها بين الكتب

الملاحظ أن «هيئة الأدب والنشر والترجمة» نجحت في إيجاد ورش عمل وأمسيات تمس المتلقي بشكل أو آخر، ومن ذلك الورشة التي قدمتها الكاتبة شوقية الأنصاري تحت عنوان «كيف نلهم الطفل ليكون مؤلفاً صغيراً»، التي استعرضت من خلالها خطوات تحفيز الطفل على التعبير الكتابي، شملت قراءة النصوص القصيرة وتحليلها، ومحاكاة النصوص المنشورة، وبناء الجمل المتنوعة، والتعبير عن الصور بلغة سليمة.

وجذبت منطقة «المانجا» في معرض جدة للكتاب 2025 اهتمام عشاق المحتوى الإبداعي من فئتي الأطفال والشباب، عبر تجربة ثقافية تفاعلية تجمع بين القراءة والخيال البصري، وتقدم نماذج حديثة من صناعة القصص المصوّرة، بما يواكب اهتمامات الجيل الجديد، مع توفير أبرز إصدارات «المانجا»، بما في ذلك مجلات «المانجا العربية»، التي تعنى بنشر أعمال مستوحاة من «المانجا اليابانية»، إلى جانب القصص المصوّرة السعودية، في إطار يسهم في رفع معدلات القراءة، وتنمية الذائقة البصرية، وإثراء المحتوى العربي بأساليب سرد حديثة.

في المقابل وجد الكثير من كبار السن ضالتهم في الأمسيات الشعرية التي اتسمت بتنوع النصوص وعمقها الوطني، بخلاف الورش والندوات، التي شملت كثيراً من الميادين ومنها ندوة حوارية حول مفهوم الهوية الثقافية وتحولاتها، أكد فيها الكاتب هشام أصلان أن الهوية كائن حي يتطور عبر احتكاكه بالماضي وتفاعله مع الواقع المعاصر، إضافة إلى ندوات متعددة منها «مستقبل المكتبات والمتاحف... من الحفظ إلى التفاعل الرقمي» قدّمها متخصص المعالم المكانية وتاريخ فنون العمارة الدكتور فؤاد المغامسي، وجرى خلالها استشراف تحولات المؤسسات الثقافية نحو الرقمنة.

بهذا الحضور المتكامل، يغدو معرض جدة للكتاب أكثر من فعالية ثقافية، بل مشهد اجتماعي نابض بالحياة، كبار السن يرسخون الجذور، وصغار السن يمدون الأغصان نحو الضوء، وجدة، بثقلها التاريخي وعمقها الثقافي، تقف في المنتصف، شاهدةً على دورة القراءة وهي تتجدد، وعلى الكتاب وهو يعثر في كل عام على قارئ جديد، مهما اختلف العمر، ومهما تبدلت الأزمنة، هكذا يبدو «معرض جدة للكتاب» بكل المقاييس التي تعرفها والتي لا تعرفها، أكثر من فعالية ومساحة التقاء بين أجيال، وجسراً يصل ذاكرة المدينة الثقافية بحاضرها المتسارع، ليكتب كبار السن بتجولهم بين أروقة المعرض سطراً غير معلن «ما زلنا نقرأ، وما زال للكتاب مكان» وما زالت جدة تعرف كيف تحتضن الثقافة، كما احتضنت التاريخ.


ميناء العين السخنة المصري يدخل موسوعة «غينيس»

تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)
تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)
TT

ميناء العين السخنة المصري يدخل موسوعة «غينيس»

تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)
تسجيل ميناء السخنة المصري في «غينيس» لأعمق حوض ميناء صناعي (وزارة النقل المصرية)

سجلت موسوعة «غينيس» العالمية للأرقام القياسية ميناء العين السخنة المصري بوصفه أعمق حوض ميناء من صنع الإنسان على اليابسة، بعمق 19 متراً، وتسلّم نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل في مصر، كامل الوزير، شهادة التسجيل، وفق بيان لوزارة النقل المصرية، الاثنين.

ويضم ميناء السخنة على البحر الأحمر (100 كيلو شرق القاهرة)، محطة حاويات تتضمن أرصفة بطول 2600 متر، بغاطس 18 متراً، وساحات تداول بمساحة 1.5 مليون م2 وطاقة استيعابية حوالي 1.6 إلى 1.7 مليون حاوية سنوياً.

وأبدى الوزير فخره وسعادته بهذا الإنجاز العالمي الكبير الذي يعكس ويجسد مدى التطور الذي تشهده مصر حالياً في المجالات كافة، ومنها قطاع النقل البحري، لافتاً إلى أن هذا الإنجاز «تحقق بأيادي العمال والمهندسين والشركات المصرية الوطنية المتخصصة»، مؤكداً على المشاركة الفعّالة من أكثر من 200 شركة من الشركات الوطنية المصرية في هذا المشروع.

وتعمل مصر على الاستفادة من موقعها الجغرافي الفريد على البحرين الأحمر والمتوسط، ووجود أهم ممر ملاحي عالمي فيها وهو قناة السويس، وضرورة تحويل ميناء السخنة إلى ميناء محوري عالمي على البحر الأحمر، ليكون بوابة رئيسية على السواحل الشرقية للدولة المصرية تخدم حركة الصادرات والواردات، وتعزز مكانة مصر على خريطة التجارة العالمية، والوصول إلى الهدف الرئيسي، وهو «تحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل واللوجيستيات وتجارة الترانزيت».

وسلَّمت المحكم المعتمد لموسوعة «غينيس»، كنزي الدفراوي، شهادة الموسوعة العالمية للأرقام القياسية لميناء السخنة بوصفه أعمق حوض ميناء من صنع الإنسان بعمق 19 متراً، وقالت إن فريق العمل الخاص بالموسوعة راجع جميع السجلات بعناية شديدة، و«يسعدني جداً أن أُعلن أن جميع الإرشادات تم الالتزام بها، وكل المتطلبات قد حُقِّقت، وبعد مراجعة كل الأدلة، يمكنني اليوم أن أعلن رسمياً أن ميناء السخنة قد حقق مجموعاً قدره 19 متراً»، ليصبح ميناء السخنة حامل اللقب الجديد لأعمق حوض ميناء من صنع الإنسان، وأضافت خلال البيان: «أنتم الآن مدهشون رسمياً».

وتُحدِّد مصر خطة شاملة لتطوير صناعة النقل البحري بوصفه إحدى الركائز الأساسية لـ«رؤية مصر 2030»، تتضمَّن تطوير المواني البحرية بإنشاء 70 كيلومتراً أرصفة بأعماق (18 - 25) متراً، لتتخطى أطوال الأرصفة في المواني البحرية حاجز 100 كيلومتر، وكذلك التخطيط لإنشاء 35 كلم ليصل إجمالي حواجز الأمواج إلى 50 كيلومتراً، وزيادة مساحات المواني لتصل إلى 100 مليون م2.

وأوضح الوزير أن وزارتي الصناعة والنقل تنفذان خطة تطوير شاملة لميناء السخنة، تقوم على التكامل بين الميناء والمنطقة الصناعية بالسخنة، حيث تم حفر 5 أحواض جديدة بالميناء بأعماق تصل إلى 19 متراً، كما تم إنشاء 18 كيلومتراً أرصفة وحواجز أمواج بطول 3300 متر، وإنشاء طرق داخلية بطول 17 كيلومتراً، وإنشاء شبكة سكك حديدية بطول 30 كيلومتراً داخل الميناء، وربطه بشبكة نقل حديثة متعددة الوسائط، تشمل السكك الحديدية، والطرق، والمواني الجافة، والمناطق اللوجيستية، وربطه بالخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع.


معرض «مناظر متحركة»... لوحات مرممة تُلهم جيل اليوم

من أعمال تلامذة المدارس ضمن مبادرة «مسارات إبداعية» (الشرق الأوسط)
من أعمال تلامذة المدارس ضمن مبادرة «مسارات إبداعية» (الشرق الأوسط)
TT

معرض «مناظر متحركة»... لوحات مرممة تُلهم جيل اليوم

من أعمال تلامذة المدارس ضمن مبادرة «مسارات إبداعية» (الشرق الأوسط)
من أعمال تلامذة المدارس ضمن مبادرة «مسارات إبداعية» (الشرق الأوسط)

اختار متحف بيروت للفن المعاصر (Bema) جيل الشباب من تلامذة المدارس والطلاب الجامعيين ليخوضوا تجربة فنية فريدة في عالم الرسم. فمن خلال ورشات عمل أشرف عليها المتحف، أتاح للمشاركين اختبار قدراتهم الإبداعية، وبالتالي استلهام أعمال جديدة من لوحات تشكيليين كبار.

أعمال ليتيسيا حكيم المستوحاة من لوحة لمصطفى فروخ (الشرق الأوسط)

ويأتي ذلك ضمن مبادرة «الفنون الجوالة» التي تنقل الفن خارج جدران المتاحف. واحتفل المتحف بالتوازي بالذكرى العاشرة لبرنامجه الريادي «مسارات إبداعية»، موفّراً من خلاله أداة جديدة في المدارس الرسمية اللبنانية يتقاطع فيها الفن مع التعليم.

وفي هذا الإطار نظّم «بِما» معرض «مناظر متحركة» في فيلا عودة، ليُمثّل هذا الحدث الإطلاق الرسمي لبرنامج «الفنون الجوالة» الجديد، وهدفه إعادة صياغة مفهوم التفاعل الثقافي، إذ ينقل الفن إلى أماكن الحياة اليومية ومساحات التلاقي.

وأقيم الحدث بحضور السيدة الأولى نعمت عون، ووزير الثقافة غسان سلامة، وعدد كبير من المسؤولين والدبلوماسيين والشركاء المؤسِّسين للمتحف.

ويتضمن المعرض أعمالاً استوحاها الطلاب من لوحات لفنانين مثل مصطفى فروخ وبيبي زغبي، إضافة إلى أعمال مستوحاة من نتاج الفنان اللبناني الأرمني الأصل جورج كوف.

اعتمد المعرض تنسيقاً يشبه في طابعه «صندوق الفرجة»، فتوزّعت الأعمال على طابقي الفيلا: ضمّ الطابق الأول لوحات أنجزها طلاب من كليات الجامعة اللبنانية، بينما احتضن الطابق الثاني، ضمن مبادرة «مسارات إبداعية»، أعمال التلامذة الأصغر سناً. وقد أُحيطت هذه اللوحات بإطارات خشبية تحاكي فكرة «الصندوق»، في محاولة من إدارة «بِما» لدفع الشباب إلى استكشاف جمال الطبيعة وتنمية موهبتهم الفنية في الوقت نفسه.

ومن المقرر أن ينقل متحف «بِما» هذا المعرض إلى مختلف المناطق اللبنانية، ليكون أول معرض متنقّل ينظّمه ويتوجّه من خلاله إلى جيل الشباب. وتعلّق المديرة المشاركة في متحف «بِما» جوليانا خلف: «نقصد من هذه الفكرة أن نحيي الفن التشكيلي لدى العنصر الشبابي. وبما أن المتحف لم يتم بناؤه بعد، فكرنا في إقامة معرض متنقّل، فيكون بمثابة نموذج عن نشاطات فنية نقوم بها حالياً ولاحقاً».

من الأعمال المعروض في «مناظر متحركة» (الشرق الأوسط)

تم اختيار مجموعة لوحات كانت تحتفظ بها وزارة الثقافة في لبنان، وقد عهدت بترميمها وعرضها وحمايتها إلى متحف بيروت للفن المعاصر (Bema) بموجب اتفاق تعاقدي، بعدما كانت قد تعرّضت للتلف بسبب سوء تخزينها. وهي موقّعة من رفيق شرف، ومصطفى فروخ، وبيبي زغبي، وجورج كوف، وهيلين الخال. وبريشة طلاب الجامعة اللبنانية وفنانين ناشئين، تم رسم لوحات مستوحاة من أعمال هؤلاء الفنانين. ويتألف المعرض من 4 أقسام رئيسية، هي: الجيولوجيا، والسماء، والطبيعة البشرية.

تُعدّ اللوحات المعروضة، والتابعة لوزارة الثقافة، من الأعمال التي تُشاهَد للمرة الأولى. وتوضح جوليانا: «إنها لوحات تخرج إلى النور للمرة الأولى، وهي جزء من تراثنا الفني الأصيل. أردنا إيصالها إلى الناس لتجمعهم ذاكرة موحّدة، ولتشكّل وسيلة تواصل فنية جديدة. فقد نفّذ بعض المشاركين لوحاتهم بشكل فردي، فيما عمل آخرون ضمن ثنائيات تعبّر عن توجهات فنية متقاربة».

وتعود الشراكة بين متحف «بِما» ووزارة الثقافة إلى عام 2017، حين باشر المتحف عملية إعادة ترميم لعدد كبير من اللوحات.

وتصطفّ إلى جانب كل لوحة أصلية لفنان تشكيلي معروف، أخرى صغيرة من تنفيذ الطلاب الجامعيين وتلامذة المدارس الرسمية، وجميعها مرسومة بالريشة الزيتية، وتنقل رؤية خيالية رسمها المشاركون في أذهانهم استناداً إلى الأعمال الأصلية.

وعن سبب اختيار تيمة المناظر الطبيعية لتشكّل العنوان الرئيسي للوحات المواهب الناشئة، توضّح خلف: «إنها اللغة الأبسط التي يمكن لأي شخص فهمها، وهي جزء من حياتنا اليومية عبر الرحلات والزيارات التي نقوم بها إلى قرانا ومساحات لبنان الخضراء. وقد جرى اختيار هذه اللوحات بعناية لتجسّد رؤيتنا لهذا المعرض بأفضل صورة».

ومن بين الفنانات الناشئات المشاركات ليتيسيا حكيم، التي اختارت إنجاز لوحات صغيرة مستوحاة من لوحة لمصطفى فروخ، وقد نفّذتها بأسلوب خاص جمع بين تقنية «الميكسد ميديا» والرسم الزيتي، وأدخلت عليها أوراق الصنوبر اليابسة والمسنّنة، كي توحي بمشهد طبيعة واقعي. كما نفّذ الثنائي الشاب علاء عيراني وهرانت كاليمكيريان لوحة محورها تشكّلات الغيوم، ومستوحاة من إحدى لوحات رفيق شرف، وقدّماها تحت عنوان «زخم أفق ترحال»، مطلقَين السؤال: «ماذا لو استغنينا عن خط الأفق؟ فربما عندها تستعيد السماء لا نهايتها».

وفي الطابق العلوي من المعرض تطالع الزائر مساحات ملوّنة أبدعها تلامذة المدارس الرسمية في لبنان، واستغرق تنفيذها نحو سنتين من العمل المتواصل.

وتأتي هذه الأعمال ضمن برنامج «مسارات إبداعية»، الذي يتقاطع فيه الفن مع التعليم، وصار من صلب المناهج الدراسية في المدارس الرسمية. وتعكس هذه الأعمال رؤية التلامذة المتفائلة للطبيعة، وقد استلهموها من لوحات هيلين الخال، كما وضع التلامذة بأنفسهم السينوغرافيا الخاصة بالمعرض لتعكس روحهم الشابة والحماسية.

تجهيز فني استوحاه تلامذة المدارس من أعمال هيلين الخال (الشرق الأوسط)

ويضمّ ركن الأطفال منحوتات وصوراً فوتوغرافية ورسومات. وتشرح جوليانا خلف: «هناك تجهيزات ولوحات نفّذها الأولاد بأنفسهم، وقد طلبنا إذناً من المدارس لإشراكهم في هذه التجربة. ومن جهة أخرى نقيم ورشاً حيّة داخل المعرض تساهم في تمكين المواهب الصغيرة».

ويخصّص المعرض زاوية لعرض مراحل ترميم اللوحات. وتوضح جوليانا: «يتعرّف الزوار هنا إلى قواعد وأصول الترميم، فبعض اللوحات يحتاج إلى عام كامل لإنجاز ترميمه، كما حصل مع إحدى لوحات مصطفى فروخ. وأحياناً يستغرق العمل وقتاً أطول، كما هو الحال مع لوحة لبول غيراغوسيان نعمل عليها منذ 3 سنوات».

وتضيف: «وفي ركن آخر نسلّط الضوء على أصول الألوان وكيفية تكوّنها، فيتعرّف الزوار إلى أن الأرض والطبيعة هما المصدران الأساسيان للألوان».