العثماني رداً على قرار «الدستورية»: لن نغير موقفنا من القاسم الانتخابي

TT

العثماني رداً على قرار «الدستورية»: لن نغير موقفنا من القاسم الانتخابي

قال سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، ورئيس الحكومة المغربية، أمس، إنه رغم قرار المحكمة الدستورية، الذي عد اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، وليس على أساس عدد الأصوات، بأنه لا يخالف الدستور، فإن حزب العدالة والتنمية «لم يغير موقفه»، معتبرا أن حساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، وليس المصوتين، «غير ديمقراطي».
وأوضح العثماني، الذي كان يتحدث أمس في الجلسة الافتتاحية للدورة العادية للجنة المركزية لشبيبة حزب العدالة والتنمية، أن الأمانة العامة للحزب ستصدر بيانا بخصوص قرار المحكمة، داعيا أعضاء الحزب إلى «الالتزام» بموقف قيادة الحزب. وقال إن حزبه ما زال «على الموقف نفسه من أن القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية غير ديمقراطي»، وأنه «غير مقبول». كما دعا أعضاء حزبه إلى «النضال الميداني لصالح الوطن والمواطنين، والنظر للمستقبل بإيجابية» من أجل نفع البلاد والدفاع عن مصالحها. وكانت بعض الأصوات داخل المجلس الوطني (أعلى هيئة تقريرية في الحزب بعد المؤتمر)، الذي انعقد مؤخرا، قد دعت إلى مقاطعة الانتخابات إذا صادقت المحكمة الدستورية على اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين وليس المصوتين. لكن يظهر من كلمة العثماني أن هذا الخيار أصبح مستبعدا، ذلك أن الحزب صادق أخيرا على مساطر اختيار المرشحين، وسيشرع قريبا في عقد تجمعات لاختيار المرشحين للانتخابات والمصادقة عليهم.
وأشار العثماني إلى أن حزبه لا يعارض فقط طريقة حساب «القاسم الانتخابي»، بل يرفض أيضا التعديل الذي ألغى العتبة في انتخابات الجماعات المحلية (البلديات)، معتبرا أنه «أخطر وأصعب» لأنه من دون عتبة انتخابية ستتعقد، في نظره، «الخريطة الانتخابية»، وستقع صعوبات في «تشكيل التحالفات» مما سيكون له «آثار سلبية على التدبير المحلي».
وبشأن إلغاء لائحة الشباب، التي تم وضعها منذ 2011 لتضمن لهم تمثيلية في مجلس النواب بـ30 مقعدا، أوضح العثماني أن حزبه رفض هذا الإجراء أيضا، مشيرا إلى أن قيادة حزب العدالة والتنمية ستدرس «الآليات التي تحاول استدراك جوانب النقص الناتجة عن إلغاء هذه اللائحة»، بما يعزز مشاركة الشباب.
من جهة ثانية، افتتح البرلمان المغربي، مساء أول من أمس، دورة أبريل (نيسان)، وهي آخر دورة تشريعية في الولاية الحالية، التي تعد الولاية العاشرة منذ بدء التجربة البرلمانية بالبلاد، والتي تأتي على بعد أشهر من موعد الانتخابات التشريعية المرتقبة في سبتمبر (أيلول) المقبل.
ويتميز جدول أعمال هذه الدورة ببرمجة مشروع القانون المثير للجدل حول «الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي»، الذي سبق أن صادقت عليه الحكومة في 11 مارس (آذار) الماضي، والذي أعلن حزب العدالة والتنمية «تحفظه عليه»، مطالبا بفتح نقاش مجتمعي حوله.
وذكر الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، في كلمته الافتتاحية أمام النواب بأهمية مصادقة البرلمان في دورته الاستثنائية التي عقدت مؤخرا على القوانين الانتخابية قائلا: «ينبغي لنا أن ندرك أهمية المصادقة على هذه النصوص في ترسيخ البناء المؤسساتي، وضمان انتظام العمليات الانتخابية الحرة، المكرسة للسيادة الشعبية». معتبرا أن «انتظام الاستشارات الانتخابية» وشفافيتها، هو إحدى «ضمانات استقرار المؤسسات»، و«تجسيد للديمقراطية».
كما ذكر المالكي بأن المغرب مقبل على «اعتماد نموذج تنموي جديد» كان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد دعا إليه منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2017 ويوليو (تموز) 2018، وكلف لجنة خاصة بإعداد تصور شامل له.
في سياق ذلك، دعا المالكي أعضاء المجلس إلى الانكباب خلال هذه الدورة على «تكثيف وتيرة التشريع» بالمصادقة على ما هو معروض على المجلس من مشاريع قوانين، والبت في مصير مقترحات القوانين، البالغ عددها 229 مقترحا.
كما دعا لاستكمال «ما تبقى من المهام البرلمانية الاستطلاعية».
ويرتقب خلال هذه الدورة تقديم ومناقشة تقريرين: الأول لـ«المجموعة الموضوعاتية المكلفة تقييم السياسات العمومية، التي تنكب على موضوع التعليم الأولي»، والثاني تقرير «المجموعة الموضوعاتية حول قطاع الصحة»، وهما مجموعتان شكلهما مجلس النواب.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.