مواجهات بين أكراد والشرطة التركية في ذكرى اعتقال أوجلان

حبس 17 شرطيا على ذمة التحقيق في قضية التنصت على سياسيين

أكراد يتظاهرون في ديار بكر بجنوب شرقي تركيا للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في ذكرى اعتقاله أمس (أ.ف.ب)
أكراد يتظاهرون في ديار بكر بجنوب شرقي تركيا للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في ذكرى اعتقاله أمس (أ.ف.ب)
TT

مواجهات بين أكراد والشرطة التركية في ذكرى اعتقال أوجلان

أكراد يتظاهرون في ديار بكر بجنوب شرقي تركيا للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في ذكرى اعتقاله أمس (أ.ف.ب)
أكراد يتظاهرون في ديار بكر بجنوب شرقي تركيا للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان في ذكرى اعتقاله أمس (أ.ف.ب)

احتشد آلاف الأكراد في بلدات في منطقة جنوب شرقي تركيا تقطنها أغلبية كردية أمس واشتبك البعض مع الشرطة مطالبين بالإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني الأكراد عبد الله أوجلان في ذكرى مرور 16 عاما على اعتقاله.
ويرى القوميون الأتراك أوجلان مسؤولا عن مقتل عشرات الآلاف من الناس في المواجهة التي شنها على مدى 30 عاما مع الجيش التركي، لكن بالنسبة إلى كثير من أكراد تركيا البالغ تعدادهم 15 مليونا فإن الرجل البالغ من العمر 65 عاما يمثل صراعهم المرير من أجل مزيد من الحقوق الثقافية والسياسية.
ويقول بعض المقربين من الأحداث إن أوجلان قد يدعو لإنهاء الكفاح المسلح الذي يقوم به حزب العمال الكردستاني بحلول مارس (آذار). لكن البعض يقولون أيضا إن الاضطرابات في الجنوب الشرقي تدل على أن حزب العمال الكردستاني يستعرض عضلاته تمهيدا لفرض سلطته على المنطقة ذات الأغلبية الكردية. وبعد مرور 4 أشهر على هجمات دامية أثارت حالة من الغضب عند الأكراد جراء تردد أنقرة في المساعدة في الدفاع عن أقاربهم في سوريا تجددت الاضطرابات في بلدة سيزر بالقرب من الحدود السورية والعراقية بين قوات الأمن ومؤيدي حزب العمال الكردستاني والأصوليين الأكراد. وقتل 6 أشخاص على الأقل خلال أعمال شغب وقعت الشهر الماضي.
وما زال المشاركون في المحادثات يلزمون الصمت بشأن تفاصيلها خوفا من تقويض احتمالات التوصل إلى اتفاق نهائي. ويمارس الأكراد ضغوطا من أجل الإفراج عن أوجلان وصدور عفو عن المقاتلين واتخاذ خطوات باتجاه تطبيق حكم ذاتي على المناطق التي يشكلون الأغلبية فيها. وقالت جمعية المجتمعات في كردستان المرتبطة بحزب العمال الكردستاني في بيان صدر أمس: «إن نضال كردستان من أجل الحرية سيهدف من الآن فصاعدا إلى حرية الزعيم أبو (عبد الله أوجلان). وسنصعد النضال من أجل حرية كردستان»، حسب ما أفادت به وكالة «رويترز».
وأحبطت آمال أنقرة في أن يكون هناك إنهاء تام لحزب العمال الكردستاني كتنظيم مسلح بسبب الدور الذي اتخذه الحزب في القتال في سوريا والعراق في مواجهة «داعش».
ووقعت على مدى الليلة الماضية واليوم اشتباكات في الشوارع بين المحتجين والشرطة في سيرناك وديار بكر المدينة الرئيسية في جنوب شرقي تركيا ذي الأغلبية الكردية. وأغلقت المتاجر أبوابها في مؤشر على الاحتجاج ونزل الآلاف إلى الشوارع حاملين صورا حديثة لزعيمهم المحبوس. واحتجزت الشرطة 17 محتجا في سيرناك. وهتف المحتجون: «عاش الزعيم أوجلان».
وبدأت الحكومة التركية محادثات مع أوجلان في عام 2012، وعلى إثر ذلك أعلن حزب العمال الكردستاني - المدرج على قوائم الإرهاب التركية والأميركية وعند الاتحاد الأوروبي - وقفا لإطلاق النار وبدأ الانسحاب من تركيا إلى قواعد في شمال العراق حيث يوجد مقره. وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أول من أمس إن عملية السلام وصلت إلى مرحلة حساسة وتوقع «ربيعا جميلا» إذا سكتت البنادق. وقال: «ينبغي أن يستبعد السلاح تماما عن برنامج تركيا. وبعدها ستتخذ خطوات جميلة وستمر البلاد بأجواء ربيعية».
على صعيد آخر، ذكرت وسائل إعلام تركية أمس أن محكمة تركية قررت حبس 17 شرطيا لحين تقديمهم للمحاكمة في إطار تحقيق في قضية تنصت غير قانوني على سياسيين وموظفين عموميين ورجال أعمال. وجرت عمليات المداهمة في 12 مدينة قبل أسبوع لتنفيذ أمر المحكمة في أحدث خطوة ضمن حملة الرئيس رجب طيب إردوغان ضد أنصار حليفه السابق فتح الله غولن رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة الذي تحول إلى خصم لدود. واعتقل في العملية 21 شرطيا أوقف 17 منهم على ذمة التحقيق، في حين تم الإفراج عن الـ4 الباقين مؤقتا بعد أن منعوا من مغادرة البلاد.
وذكرت وكالة «دوغان» الخاصة للأنباء أن رجال الشرطة الـ21 مشتبه بهم في محاولة الانقلاب على الحكومة أو إعاقة سير عملها عبر التنصت وتسجيل معلومات خاصة وانتهاك حق الخصوصية وتأسيس منظمة إرهابية. وقال عمر تورانلي أحد محامي رجال الشرطة: «هذا الحكم لم يصدر من قاعة المحكمة، بل من أقبية مظلمة، وهؤلاء القضاة والمدعون العامون يقومون بأدوارهم كأنهم على مسرح». ولم يتسنَّ الحصول على تعليق المدعين العامين على الفور. واحتجز عشرات من ضباط الشرطة في إطار التحقيق المستمر منذ منتصف العام الماضي. ويتهم إردوغان غولن بإقامة «دولة موازية» داخل الإدارة التركية والسعي للإطاحة به وألقى باللوم على أنصار كولن في الشرطة والقضاء في تفجير قضية فساد هزت الحكومة أواخر عام 2013.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».