«أمنستي» تتهم إسرائيل باستخدام القوة المفرطة والتمييز ضد الفلسطينيين

قوات إسرائيلية تقتحم مناطق في الخليل وتداهم العديد من المنازل أمس (وفا)
قوات إسرائيلية تقتحم مناطق في الخليل وتداهم العديد من المنازل أمس (وفا)
TT

«أمنستي» تتهم إسرائيل باستخدام القوة المفرطة والتمييز ضد الفلسطينيين

قوات إسرائيلية تقتحم مناطق في الخليل وتداهم العديد من المنازل أمس (وفا)
قوات إسرائيلية تقتحم مناطق في الخليل وتداهم العديد من المنازل أمس (وفا)

اتهم تقرير لمنظمة العفو الدولية «أمنستي»، الاحتلال الإسرائيلي، باستخدام القوة المفرطة ضد الفلسطينيين في الأرض المحتلة، شملت عمليات تعذيب أطفال وعمليات هدم واسعة ونقل قسري للمواطنين، ناهيك عن سياسة التمييز المجحف بحق الفلسطينيين، وعمليات القتل والاعتقال.
وجاء في التقرير السنوي «2020»، أن قوات الاحتلال أخضعت الأطفال، للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، واحتجزت المئات منهم في الاعتقال الإداري تعسفياً، وواصلت تقييد حرية التنقل في الضفة الغربية، وعرض سكان قطاع غزة لعقاب جماعي، وأبقت إسرائيل على حصارها غير القانوني لسكان القطاع من دون أن يكونوا يشكلون خطراً وشيكاً على حياة الآخرين.
ورصد التقرير ما يتعلق بعمليات النقل القسري والإخلاء القسري وهدم المنازل. وقال إن إسرائيل هدمت 848 مبنى سكنياً أو مستخدماً، لفلسطينيين، بما في ذلك القدس الشرقية، مما تسبب بنزوح 996 فلسطينياً من منازلهم، رغم أن قانون الاحتلال يحظر هذا إلا إذا كان ضرورياً للعمليات العسكرية، وفي حالات أخرى صادرت إسرائيل مباني سكنية. وتـُعد عمليات الهدم العقابية عقوبة جماعية، وهي ممنوعة بموجب القانون الدولي. وبحسب التقرير، هدمت السلطات الإسرائيلية ما لا يقل عن 29 من المباني السكنية وتلك المستخدمة لكسب العيش، العائد لمواطنين بدو يعيشون في قرى «غير معترف بها» في النقب.
كما اتهم التقرير، إسرائيل، بمواصلة التمييز المجحف ضد مواطني إسرائيل الفلسطينيين (أراضي عام 1948)، في مجالات التخطيط، وتوزيع الميزانية، والحفاظ على الأمن، والمشاركة السياسية. ونقل عن مركز عدالة، المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، كيف أن إسرائيل تبقي على أكثر من 65 قانوناً يميز ضد الفلسطينيين. ورفع مركز العدالة والمركز العربي للتخطيط البديل، التماسـاً إلى المحكمة العليا الإسرائيلية نيابة عن 10 مجالس فلسطينية محلية، والعشرات من مواطني إسرائيل الفلسطينيين ضد سياسة الحكومة التي تمارس التمييز المجحف ضد هذه المجتمعات، في توزيع مزايا الإسكان والإنشاء وتطوير الأراضي، مقارنة بالمجتمعات اليهودية.
ومن بين القضايا المتعلقة بالتمييز، واصلت إسرائيل حرمان الفلسطينيين من أبناء الضفة الغربية وغزة المتزوجين من مواطني إسرائيل الفلسطينيين، من حق الجنسية، بتطبيق قانون الدخول إلى إسرائيل القائم على التمييز المجحف.
وفي جزء آخر، سلطت المنظمة الدولية الضوء على ممارسة سلطات الاحتلال، مثل القتل غير المشروع والاستخدام المفرط للعنف، إذ استخدم الجيش والشرطة، القوة غير الضرورية والمفرطة خلال عمليات إنفاذ القانون، بما في ذلك خلال عمليات التفتيش، وإلقاء القبض، وعند الحفاظ على الأمن خلال المظاهرات. وقال التقرير إن القوات العسكرية الإسرائيلية، قتلت ما لا يقل عن 31 فلسطينياً - من ضمنهم تسعة أطفال - في قطاع غزة والضفة الغربية، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وقـُتل العديد منهم بصورة غير مشروعة بالذخيرة الحية أو غيرها من ضروب القوة المفرطة، في حين لم يشكلوا أي تهديد وشيك على حياة أحد. وبدا أن بعض عمليات القتل غير المشروع كان متعمداً ما يمكن أن يـُعد جرائم ضد المتظاهرين. وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أصيب 214 محتجاً دون أن تسجل أي صدامات، كشكل من أشكال العقاب الجماعي. كما فتحت القوات الإسرائيلية النار على الصيادين والمزارعين في غزة، بصورة متكررة، مما أسفر عن إصابة عدد منهم.
وعلى صعيد حرية التنقل، واصلت إسرائيل للسنة الثالثة عشرة على التوالي، حصارها الجوي والبري والبحري غير المشروع لقطاع غزة، وهو ما ظل يـُحدث أثراً مدمراً، مقيدة حركة الأشخاص والسلع إلى داخل القطاع. وجاء في التقرير «أوقفت إسرائيل إدخال مواد البناء والوقود فعطـّل ذلك محطة الكهرباء، وأدى إلى مزيد من التخفيض للتيار، وكذلك فرضت السلطات الإسرائيلية إغلاقاً بحرياً تاماً، وحظرت بصورة متكررة إدخال السلع، ووصلت هذه الإجراءات إلى حد العقاب الجماعي، في وقت ازدادت فيه الإصابات بفيروس «كوفيد - 19» في غزة. كما ألغت تصاريح 500 تاجر من غزة في 18 فبراير (شباط). وفي 18 يونيو (حزيران)، توفي عمر ياغي - وهو طفل يعاني حالة مرضية في القلب، بعد رفض إسرائيل منح أسرته إذناً للدخول والعلاج.
وفي الضفة الغربية، رصد التقرير حالات الاعتقالات واستمرار نشر ما لا يقل عن 593 حاجز طرق ونقطة تفتيش إسرائيلية، وفرض قيود شديدة على تنقل الفلسطينيين وحصولهم على حقوقهم، من بينها الصحة، والتعليم، والعمل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.