اتهامات متبادلة بين تركيا واليونان بالاستفزاز وسوء معاملة المهاجرين

وسط مطالبات بتحديث اتفاقية الهجرة الموقعة في 2016

سفينة تركية مع قوارب مهاجرين في بحر إيجه (أ.ب)
سفينة تركية مع قوارب مهاجرين في بحر إيجه (أ.ب)
TT

اتهامات متبادلة بين تركيا واليونان بالاستفزاز وسوء معاملة المهاجرين

سفينة تركية مع قوارب مهاجرين في بحر إيجه (أ.ب)
سفينة تركية مع قوارب مهاجرين في بحر إيجه (أ.ب)

اتهم رئيس أركان الجيش اليوناني قسطنطينوس فلوروس تركيا بجلب عدم الاستقرار إلى المنطقة، بسبب «تصرفاتها الاستفزازية»، على خلفية قيام سفينتين تركيتين بدفع زوارق تحمل مهاجرين باتجاه المياه الإقليمية لبلاده. وأعلن خفر السواحل اليوناني، أول من أمس، أن إحدى دورياته البحرية بالقرب من جزيرة ليسبوس تعرضت لمضايقات من زورق تركي كان يؤدي مناورات خطيرة. وأضاف حاولت دوريتان تركيتان «دفع» زورق مهاجرين إلى المياه الإقليمية اليونانية.
وتريد اليونان من تركيا مراقبة طرق الهجرة بشكل أفضل، وأن تستعيد من الجزر اليونانية 1450 شخصاً رفضت طلبات اللجوء التي قدموها بموجب اتفاقية الهجرة وإعادة قبول اللاجئين الموقعة بين تركيا والاتحاد الأوروبي، في 18 مارس (آذار) 2016.
واتهمت وزارة الهجرة اليونانية تركيا بمحاولة التسبب في تصعيد في بحر إيجه، بـ«مناورات خطيرة» وتشجيع مهاجرين على التوجه إلى اليونان، التي تُعدّ بوابة العبور الرئيسية إلى الاتحاد الأوروبي. وقال وزير الهجرة اليوناني نوتيس ميتاراتشي إن خفر السواحل اليوناني سجل وقائع عديدة، يوم الجمعة، قام فيها خفر السواحل والأسطول التركي بمرافقة قوارب المهاجرين إلى حدود أوروبا، في محاولة للتصعيد مع اليونان.
وفي رد على وزير الهجرة اليوناني، قال إسماعيل تشاتكلي نائب وزير الداخلية التركي على «تويتر»، أمس (السبت)، إنه يشوه الأحداث ويطلق أكاذيب. واتهم اليونان برد 231 مهاجراً في 7 حوادث وقعت أول من أمس، قائلاً إن تركيا أنقذتهم. وأضاف المسؤول التركي أن «هذه جريمة ضد الإنسانية أن تشهر بخفر السواحل التركي الذي ينقذ أناسا أنت تركتهم للموت». وعبر نحو مليون طالب لجوء، معظمهم من السوريين والعراقيين والأفغان، إلى اليونان قادمين من تركيا على متن قوارب في 2015 في بدايات أزمة الهجرة في أوروبا. وبعد ذلك بعام، أبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقية مع تركيا لوقف تدفق المهاجرين، وانخفضت الأعداد بشدة.
ودعا ميتاراتشي تركيا إلى «(الوفاء) بالتزاماتها بموجب الاتفاقية»، إلا أن تركيا تتهم الاتحاد الأوروبي بعدم الوفاء بالتزاماته بموجبها، وعدم دفع مبلغ 6 مليارات يورو بالكامل مساعدة لها في مواجهة أعباء اللاجئين السوريين والتلكؤ في بدء مفاوضات تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي الموقعة معها في 1995، وكذلك في إعفاء مواطنيها من شرط الحصول على تأشيرة «شنغن» لدخول دول الاتحاد، رغم أنها من الدول المرشحة لعضويته. وتطالب تركيا بتحديث الاتفاقية التي مر عليها 5 أعوام. قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، الأسبوع الماضي، إن تحديث اتفاقية الهجرة مع الاتحاد الأوروبي قد يحيي العلاقات التركية - الأوروبية. وأشار إلى أن الاتفاقية أدت إلى خفض عدد المهاجرين غير النظاميين بشكل واسع، وأوقفت الاتجار بالبشر إلى حد كبير، وأنقذت العديد من الأرواح، لكنه أكد أنها لم تُطبّق بالشكل الكامل في أي وقت، جراء البيروقراطية البطيئة للاتحاد الأوروبي، وضيق الأجندة السياسية لدول أعضاء فيه، لم يسمها.
وأكدت القمة الأوروبية الأخيرة، في 25 مارس (آذار) الماضي، ضرورة تعزيز التعاون مع تركيا بخصوص إدارة أزمة الهجرة، والاستراتيجية الشاملة للاتحاد الأوروبي حول طرق الهجرة، وخصوصاً حماية الحدود، ومكافحة الهجرة غير القانونية، وإرسال اللاجئين الذين تم رفض طلبات لجوئهم إلى تركيا، وضرورة تطبيق الاتفاق التركي الأوروبي بخصوص المهاجرين.
وبدوره، اعتبر جيرالد كناوس، الذي يُعد مهندس اتفاقية 18 مارس 2016 أن على الجانبين، التركي والأوروبي، التوصل إلى اتفاقية محدثة بشأن اللاجئين، تكون مثالاً يحتذى به حول العالم.
وأكد أن عدد طالبي اللجوء الذين يحاولون العبور من تركيا إلى الاتحاد الأوروبي شهد تناقصاً كبيراً خلال السنوات الخمس الماضية، كثمرة للتعاون بين الطرفين، حيث جمع الاتحاد الأوروبي الأموال لمساعدة اللاجئين في تركيا، ووعد باستقبال لاجئين من تركيا. ولفت إلى أن عدد طالبي اللجوء انخفض بعد توقيع الاتفاقية التركية الأوروبية في 2016، من أكثر من مليون إلى نحو 26 ألف طالب لجوء في 12 شهراً فقط، وأن الاتفاقية أعاقت استمرار عمليات الهجرة غير النظامية وخفضت بشكل كبير أعداد الوفيات غرقا في بحر إيجه.
واعتبر كناوس أن إعادة طالبي اللجوء من اليونان إلى تركيا شكلت على الدوام المشكلة الأكبر أمام تطبيق آلية الاتفاقية، ولفت إلى أنه حتى ديسمبر (كانون الأول) 2019. كان هناك 143 ألف شخص في الجزر اليونانية، تم تسليم تركيا ألفي شخص منهم، وأدى تراكم طالبي اللجوء في الجزر اليونانية إلى أزمة عميقة، لا سيما أن احتجازهم لفترة طويلة في ظل ظروف قاسية أدى إلى تزايد الأزمات في تلك الجزر. وأكد أن الوضع الحالي أسوأ بالنسبة لليونان، خاصة مع استمرار الوضع السيئ في الجزر... كما يجب عدم رفض طالبي اللجوء باستخدام أساليب تعتمد على العنف والإعادة القسرية، إلى جانب ضرورة الالتزام باتفاقية اللاجئين، معتبراً أن أي بديل للاتفاقية يجب أن يحقق مصالح تركيا واليونان معاً.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.