الحريري يعلن اليوم مواقف «المستقبل» من التطورات اللبنانية في الذكرى الـ 10لرحيل والده

رئيس الحكومة: نستعيد تجربته ونتطلع إلى تعميم وترسيخ مفاهيم الاعتدال والوسطية والحوار

السفير الأميركي لدى لبنان ديفيد (هيل الثالث من اليمين) لدى زيارته مع رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام قبر رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري في بيروت أمس (إ.ب.أ)
السفير الأميركي لدى لبنان ديفيد (هيل الثالث من اليمين) لدى زيارته مع رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام قبر رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري في بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

الحريري يعلن اليوم مواقف «المستقبل» من التطورات اللبنانية في الذكرى الـ 10لرحيل والده

السفير الأميركي لدى لبنان ديفيد (هيل الثالث من اليمين) لدى زيارته مع رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام قبر رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري في بيروت أمس (إ.ب.أ)
السفير الأميركي لدى لبنان ديفيد (هيل الثالث من اليمين) لدى زيارته مع رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام قبر رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري في بيروت أمس (إ.ب.أ)

يلقي الرئيس سعد الحريري، رئيس الحكومة اللبناني الأسبق ورئيس «تيار المستقبل»، اليوم (السبت)، كلمة في ذكرى مرور 10 سنوات على اغتيال والده رئيس الحكومة الراحل، رفيق الحريري، يحدد فيها موقف «التيار» من مواضيع سياسية محلية وإقليمية، بينها الفراغ الرئاسي والحوار مع حزب الله، ومحاربة الإرهاب والتشديد على الاعتدال، ووصفت بأنها ستكون خارطة طريق للمرحلة المقبلة.
تأتي كلمة الحريري، وهي الوحيدة التي ستلقى بالمناسبة، ضمن احتفال ضخم تنظمه قوى «14 آذار» و«تيار المستقبل» في مجمّع البيال في وسط بيروت، إحياء لذكرى الحريري، بمشاركة سياسية لبنانية فاعلة. وكان رئيس الحكومة الأسبق، قد قال في تصريح تلفزيوني مقتضب، مساء أول من أمس، إن «لبنان قبل 10 سنوات كان يُبنى وأتى من حاول إيقاف بنائه»، لافتا إلى أن «والده هو مشروع إنماء وإعمار واقتصاد وبعد 10 سنوات نرى محاولات لوقف المشروع الذي نكمله نحن إن شاء الله».
وتابع الحريري أن «من اغتال رفيق الحريري اغتال جسده ولم يستطع اغتيال المشروع رغم محاولته ذلك»، لافتا إلى أن «مشروع رفيق الحريري هو أمانة برقبة اللبنانيين، وعلينا أن نعمل كي ننهض بالبلد».
من جهة ثانية، وجه عدد من السياسيين اللبنانيين البارزين، أمس، كلمات لمناسبة مرور 10 سنوات على رحيل الحريري في تفجير استهدف موكبه في وسط بيروت يوم 14 فبراير (شباط) 2005. إذ قال رئيس الحكومة تمام سلام: «إننا نستعيد تجربة رفيق الحريري ونتطلع إلى تعميم وترسيخ مفاهيم الاعتدال والوسطية والحوار، التي اعتمدها في أدائه السياسي باعتبارها بحق الأعمدة الرئيسية للحكم الرشيد في بلد متنوع مثل لبنان».
ورأى سلام أن رفيق الحريري «شكل دائما النموذج المعاكس لكل أشكال التطرف، وأدرك مبكرا معنى الصيغة اللبنانية ودقتها، فأظهر طيلة مسيرته السياسية داخل السلطة وخارجها، حرصا شديدا على حفظ التوازن وصون العيش المشترك بين مكونات المجتمع اللبناني وفق الأسس التي رسمها اتفاق الطائف الذي كانت للرئيس الشهيد مساهمة كبيرة في ولادته». كما أشار إلى أن الزعيم الراحل «آمن بأن لا خلاص لأي فئة خارج إطار الدولة، حاضنة اللبنانيين بمختلف توجهاتهم، وعمل على تعزيز المؤسسات وآليات العمل الديمقراطي المنصوص عنها في الدستور. كما سعى إلى تقوية القوى والأجهزة الأمنية الشرعية التي اعتبر على الدوام أنها وحدها المسؤولة عن أمن لبنان واللبنانيين».
وبدوره، صرح رئيس الحكومة السابق، نجيب ميقاتي، بـ«أننا أمام كل المفاصل نتذكر رفيق الحريري المسالم، المعتدل، الذي يعمل على منع الانقسامات والشرذمة، على الجمع وليس الفرقة، وعلى الوحدة في وجه كل انقسام»، مشددا على «أننا نفتقد الرجل الذي يعمل بكد وجد من أجل الإعمار والتعليم والتنمية الذي دفع دماءه حفاظا على وحدة وطنية مرتجاة». وأكد ميقاتي «أننا كنا وسنبقى على الدوام ضد العنف وضد الإرهاب وضد الاغتيال، وسنسعى جاهدين لإعادة لبنان المنارة التي أرادها رفيق الحريري وكل قوى الخير في لبنان ممن سبقونا في المسؤولية».
أيضا، شدد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان على أن رفيق الحريري «صار في حياته وبعد استشهاده رمزا لاستقرار لبنان وأمنه ورفاهته، والمستقبل المزدهر لدولته وشبابه، ومرابعه وعمرانه وحضارته. وعندما نقارن اليوم بين ما كانت عليه البلاد في زمن الحريري، وما هي عليه اليوم، يكون الحريري رمزا بالفعل لكل المعاني التي ذكرناها للأوطان والعمران والإنسان».
وأضاف: «في الذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، نعرف له وطنيته وعروبته وإنسانيته، وقبل ذلك وبعده، إيمانه الكبير بالله عز وجل، وثقته بربه ووطنه وبني قومه، وبالطبيعة الخيرة والمعطاءة للناس في بلادنا وأمتنا. لقد كانت لديه شجاعة حب الحياة، وشجاعة التضحية، وشجاعة الفرح بالعطاء والإنجاز. وهي 3 وجوه كبيرة وعريقة في الإنسان الكبير والحر والكريم والنبيل».
وفي السياق ذاته، رأى وزير الإعلام، رمزي جريج، «أن هذه الذكرى تأتي في وقت لا يزال لبنان يتخبط بأزماته الداخلية الناتجة عن التدخلات الخارجية بشؤوننا، وفي ظل استمرار الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، وهو شغور يهدد مقومات نظامنا السياسي».
وقال جريج: «إننا نتذكر في هذه المناسبة الرئيس الشهيد الذي حمل مشروع النهوض الاقتصادي بلبنان تمهيدا لإرساء ركائز دولة الاستقلال الثاني وتحرير لبنان من أي احتلال أو وصاية، تطبيقا لاتفاق الطائف الذي كان أحد صانعيه. لقد كان الرئيس الشهيد رجل دولة بامتياز استثمر علاقاته وصداقاته الدولية من أجل لبنان، وكان داعما للحريات العامة وخصوصا للحرية الإعلامية وفي المرئي والمسموع».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».