عباس يدعو لمؤتمر سلام في «أسرع وقت ممكن»

رجال أمن فلسطينيون في الخليل بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
رجال أمن فلسطينيون في الخليل بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
TT

عباس يدعو لمؤتمر سلام في «أسرع وقت ممكن»

رجال أمن فلسطينيون في الخليل بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
رجال أمن فلسطينيون في الخليل بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)

قال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إنه مستعد لإعادة إحياء المفاوضات مع إسرائيل، لكن على أساس حل الدولتين، داعياً إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في أسرع وقت ممكن لإحياء العملية السياسية.
وشدد عباس، خلال اجتماع لمركزية حركة «فتح»، على الموقف الفلسطيني الرسمي الداعم لأي جهد دولي لإطلاق عملية سياسية قائمة على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. ورحب بالدعوة التي أطلقتها اللجنة الرباعية الدولية خلال اجتماعها الافتراضي الأخير بحضور ممثلي الولايات المتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، لاستئناف مفاوضات هادفة على أساس حل الدولتين الذي يتوافق مع قرارات الشرعية الدولية، مطالباً بضرورة «ترجمة هذه الجهود المبذولة من قبل الرباعية الدولية من خلال الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف إجراءاتها أحادية الجانب الهادفة لفرض سياسة الأمر الواقع من خلال الإصرار على سياسة الاستيطان والاستيلاء على الأرض الفلسطينية».
وقال الرئيس الفلسطيني إنه يجب الاستفادة في كل الأحوال من الزخم الدولي الداعم لعقد مؤتمر دولي للسلام لحل القضية الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بأسرع وقت ممكن، وترجمته بما يضمن تحقيق السلام العادل وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967.
وعقد مؤتمر دولي للسلام يندرج في إطار الخطة التي أطلقها عباس رداً على خطة «صفقة القرن» التي أعلنها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. ولم تلق خطة عباس تجاوباً كبيراً في ذلك الوقت بسبب معارضة ترمب لها.
لكن السلطة تراهن الآن على تغيير جذري في الموقف بعد وصول الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى البيت الأبيض. وتعول السلطة عليه من أجل ترميم العلاقات ودفع عملية سلام جديدة في المنطقة.
ويتوقع الفلسطينيون أن يدعم بايدن عقد مؤتمر دولي للسلام، لكنهم ينتظرون أولاً استعادة العلاقات على نحو أفضل بعدما انقطعت مع الإدارة الأميركية السابقة التي أوقفت جميع المساعدات عن الفلسطينيين، وأغلقت مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وطردت الممثل الفلسطيني من هناك بعدما رفضت القيادة الفلسطينية خطة «صفقة القرن».
وينتظر الفلسطينيون من الإدارة الأميركية أن تنفذ تعهداتها بإعادة افتتاح قنصليتها في القدس الشرقية، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، واستئناف المساعدات بشكل كامل بعدما حولت واشنطن أخيراً 15 مليون دولار كمساهمة في مواجهة الموجة الثالثة من فيروس كورونا. وتلقفت السلطة المساعدة الأميركية ووصفتها بأنها «خطوة مهمة وفي الاتجاه الصحيح من أجل إعادة صياغة العلاقة مع الإدارة الأميركية»، حسب بيان لرئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية.
وجاءت المساعدة جزءاً من استراتيجية أميركية «لاستئناف» العلاقات مع السلطة الفلسطينية، حسب مسودة لمذكرة داخلية نشرت الأسبوع الماضي. وجاء في المسودة أن رؤية الولايات المتحدة هي «دفع حرية وأمن وازدهار الإسرائيليين والفلسطينيين في المدى القريب». وجاء فيها أيضاً أنه حتى نهاية الشهر الحالي سيتم تقديم مساعدات للفلسطينيين بقيمة 15 مليون دولار لمواجهة جائحة «كورونا»، وأن واشنطن ستتخذ موقفاً أكثر صرامة تجاه المستوطنات. كما تطرقت المسودة إلى نية الأميركيين «الحصول على التزام فلسطيني لوقف المعاشات التي تقدمها السلطة الفلسطينية للأسرى الفلسطينيين»، في إشارة إلى مزاعم إسرائيلية بأن هذه المعاشات تذهب إلى متورطين بالإرهاب، وهو توصيف يرفضه الفلسطينيون.
وعززت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس - غرينفيلد، التوجه الأميركي، وقالت قبل أيام إن واشنطن ستعيد فتح قنوات اتصال دبلوماسية مع الفلسطينيين. وأضافت: «ستتخذ إدارتنا خطوات لإعادة فتح قنوات اتصال دبلوماسية كانت قد توقفت خلال عهد الإدارة السابقة»، بهدف «حشد الدعم لحل سلمي للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني». وأشارت إلى أن الولايات المتحدة ترغب في «رؤية الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء يتخذون خطوات نحو حل الدولتين».
وغرينفيلد هي التي أعلنت أن واشنطن سترسل 15 مليون دولار على شكل مساعدات إنسانية متعلقة بفيروس كورونا إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وإذا ما أرادت إدارة بايدن استئناف المساعدات على نحو أوسع، فعليها التعامل مع قانون «تيلور فورس» الذي أقره الكونغرس الأميركي في 2018، ويحظر على واشنطن إرسال مساعدات تعود بالفائدة المباشرة على السلطة الفلسطينية طالما استمرت رام الله في إرسال رواتب منتظمة لمرتكبي هجمات ضد الإسرائيليين. وتجري السلطة الآن معالجة لهذا الأمر من أجل فتح الطريق للمساعدات الأميركية الأوسع التي كانت تشمل دعم «أونروا» ودعم بنى تحتية ودعم أجهزة الأمن الفلسطينية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».