منذ الإعلان عن تحرير مدينة كوباني (عين العرب) الكردية، تزايد الحديث عن إمكانية تدخّل عسكري بري محدود في سوريا، وجاء كلام الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخير ليؤكّد هذا الأمر و«ليجعل ما كان مستبعدا ممكنا». وهو ما تشير إليه معطيات عدّة، بدءا من النتائج الإيجابية التي حققها التنسيق العسكري على الأرض بين الأكراد وبعض فصائل الجيش الحر، وصولا إلى استقبال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي آسيا العبد الله والقائدة نسرين العبد الله، وهو الأمر الذي يرى فيه مراقبون أنّه قد يؤسس لتشكيل قوات برية على الأرض يتعاون فيها الأكراد و«الجيش الحر» تخضع لتدريب عسكري على أيدي خبراء عسكريين بموازاة استمرار ضربات التحالف الدولي ضدّ تنظيم داعش. مع العلم، أنّه وبعد تجربة التعاون العسكري في كوباني، ها هي اليوم «تلّ أبيض» تخوض التجربة نفسها لتكون الهدف التالي للأكراد وبعض فصائل الجيش الحر.
وفي هذا الإطار، يلفت سفير الائتلاف الوطني السوري لدى الولايات المتحدة، نجيب الغضبان، إلى أنّ المعطيات الحالية تشير إلى توّجه التحالف الدولي نحو التدخّل البري المحدود، عبر إرسال خبراء عسكريين لتدريب فصائل من المعارضة وصولًا إلى إرسال قوات عسكرية محدودة. واعتبر الغضبان أنّ كلام الرئيس الأميركي الأخير حول إمكانية نشر قوات خاصة ضد «داعش» في العراق وسوريا «إذا اقتضت الضرورة»، يصب في هذا الاتجاه. وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بعدما كان هذا الأمر شبه مستحيل اليوم يتم التداول به بشكل كبير، لا سيما أن أميركا والمجتمع الدولي باتا على قناعة أنّ هزيمة التنظيم لن تتحقق إلا من خلال تدخل بري».
ورأى الغضبان أنّ تجربة كوباني (عين العرب) إيجابية في هذا الإطار، ومن الممكن أن يكون الدعم العسكري البري لمساعدة الأكراد والفصائل المعارضة على أنّ يحسم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي موقفه من النظام بشكل نهائي، وهو الأمر الذي قد يجعل فرصة هذا التعاون أكبر.
وأوضح الغضبان أنّ التدخّل البري، إذا حصل، من المفترض أن يتم ضمن استراتيجية شاملة تتضمن محاربة «داعش» والنظام على حدّ سواء، للوصول إلى حل سياسي في سوريا. وأضاف: «وبناء على توزيع الفصائل المعارضة على الأرض وتواجد الأكراد المحصور في مناطق محدّدة، قد يصار إلى توزيع وتقاسم الجبهات في مواجهة داعش والنظام على حدّ سواء».
من جهته، لم يستبعد رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، صالح مسلم أن يؤسس ما حصل في كوباني لـ«توحّد عسكري» على الأرض يجمع الأكراد وفصائل من الجيش الحر ولا سيما في المناطق الكردية، مشددا في الوقت عينه على رفض التحالف الدولي ضدّ الإرهاب للتدخّل العسكري البري.
ولفت في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ هذا الأمر لم يناقش مع دول القرار على اعتبار أن ما يقوم به الأكراد اليوم من لقاءات مع المسؤولين في بعض الدول، يحمل الوجه السياسي أكثر منه العسكري، ويرتكز بشكل أساسي على طلب الدعم لإعادة إعمار كوباني.
ورأى أن ما حصل في كوباني قد يكون قدوة لمناطق سوريا أخرى بعدما أثبت الأكراد أن الشعب بإمكانه أن يحقّق ما لم تستطع جيوش تحقيقه، مبديا استعداد وحدات حماية الشعب لتقديم المساعدة في تدريب الفصائل، ومذكرا بأن التعاون على الأرض في كوباني واليوم في تل أبيض يؤكد أنّ هذا الأمر ليس صعب التحقيق.
ووفقا للمسؤول الكردي المحلي إدريس نعسان، لم تكن زيارة الرئيسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي آسيا عبد الله والقائدة الميدانية نسرين عبد الله إلى فرنسا خارج هذا الإطار، وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «لقاءهما بالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يعكس التنسيق بين دول التحالف الأوروبية ضدّ الإرهاب وأميركا، لقناعتها أنّ هذه القوى قادرة على أن تمثل الاعتدال وستكون الأولوية لها كقوى عسكرية على الأرض». وأضاف: «ما حققه الأكراد وفصائل معتدلة من الجيش الحر أسس لمرحلة جديدة في محاربة الإرهاب بريا وجويا، وهو ما قد يؤدي في مرحلة لاحقة إلى دعمها بمشاركة قوات نخبة غربية على الأرض».
وردّ المسؤول الكردي المحلي، إدريس نعسان على كلام الغضبان حول موقف الاتحاد الديمقراطي من النظام، بالقول: «موقفنا كان واضحا منذ البداية تجاه النظام و(داعش) والمعارضة، رافضين التخندق وراء طائفة أو مذهب، وسنقف في مواجهة أي طرف يقف دون إقامة نظام ديمقراطي في سوريا»، وأوضح «كنا قد حاربنا النظام في حلب، ووقفنا جنبا إلى جنب مع فصائل معارضة من الجيش الحر في مواجهة داعش، ومستمرون في التنسيق مع هذه الفصائل ضدّ أي جهة تقف أمام الوصول إلى سوريا حرة ديمقراطية جامعة».
ويوم أمس، أكّدت القيادة العسكرية لكتائب شمس الشمال التي شاركت في القتال إلى جانب الأكراد، أن «النصر لن يكتمل إلا بعد تحرير كامل التراب السوري من إرهاب داعش ومن إرهاب النظام السوري، الذي سهّل لداعش إمدادات السلاح والذخيرة»، كما بشرت القيادة في بيان لها: «أهالي منبج، جرابلس، صرين والشيوخ والمناطق الأخرى بريف حلب، أن النصر قادم لا محالة، وسينتهي ذلك الظلام الذي خيم على صدورهم».
يذكر، أن كتائب شمس الشمال التابعة لألوية فجر الحرية والتابعة للجيش السوري الحر، مشاركة في غرفة عمليات بركان الفرات المشتركة بين القوات الكردية وفصائل الجيش الحر لمحاربة تنظيم داعش في مدينة كوباني وريف حلب الشرقي.
«تجربة كوباني» تمهد لتأسيس قوات برية مشتركة بين «الحر» والأكراد بدعم من التحالف الدولي
معطيات تشير إلى تحرك.. ولقاء هولاند مع قادة أكراد ليس بعيدًا عن هذه الأجواء
«تجربة كوباني» تمهد لتأسيس قوات برية مشتركة بين «الحر» والأكراد بدعم من التحالف الدولي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة