حين يقول الشاعر أشياء كثيرة في أسطر قليلة

«عداء المسافات القصيرة» للمغربي عبد الرحيم الخصار

حين يقول الشاعر أشياء كثيرة في أسطر قليلة
TT

حين يقول الشاعر أشياء كثيرة في أسطر قليلة

حين يقول الشاعر أشياء كثيرة في أسطر قليلة

عن مؤسسة «مقاربات» بالمغرب، صدر حديثاً للشاعر المغربي عبد الرحيم الخصار ديوان جديد تحت عنوان «عداء المسافات القصيرة»، جاء عبارة عن مختارات من دواوينه السابقة، شملت النصوص القصيرة المنشورة في «أخيراً وصل الشتاء» (2004)، و«أنظر وأكتفي بالنظر» (2007)، و«نيران صديقة» (2009)، و«بيت بعيد» (2013)، و«القبطان البري» (2020)، فيما تم استثناء «عودة آدم» (2019).
ويقول الخصار إن كتابه الجديد «يحتفي بالقصائد القصيرة باعتبارها جنساً شعرياً يشكل تحدياً بالنسبة للكثيرين»، وهو التحدي الذي يركز، برأيه، على «أن يقول الشاعر أشياء كثيرة في أسطر قليلة».
ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هذا التكثيف يغريني دائماً. فأنا اعتدت على كتابة المطولات الشعرية. (عودة آدم)، مثلاً، يتشكل من نص واحد. في (نيران صديقة)، النص الأول تحت عنوان (كأننا نخوض معركة دون أن نبرح السرير)، يشكل ثلث الديوان. لكنني أحب أن أرفع التحدي وأتعقب المعاني الكبيرة بكلمات قليلة. ولذلك، فأنا أكتب، من حين لآخر، نصوصاً قصيرة، وأحياناً في غاية القصر، وأستفيد، في ذلك، من اطلاعي الواسع على ما كتب عربياً وعالمياً في أدب الشذرات».
وعن عنوان مختاراته الشعرية، يقول الخصار، «عداء المسافات القصيرة ليس لديه الوقت ليركض بإيقاعه. إنه يركض بالإيقاعات التي تفرضها عليه طبيعة السباق. كذلك الشاعر، يرغب في قول كل شيء في حيز مكاني وزماني قصير. أحياناً تزدحم الكلمات في فمي، وما من وقت. مزاج كتابة القصائد القصيرة يختلف كلية عن مزاج كتابة المطولات. أنا أكتب القصيدة القصيرة في لحظة واحدة. وبالتالي تكون الحالة الشعورية واحدة، فيأتي النص القصير منسجماً وأكثر صدقاً، ويترك لدى القارئ انطباعاً شبيهاً باللسعة».
وجواباً عن سؤال لماذا إعادة نشر قصائد سبق نشرها، بتجميعها في مختارات، رد الخصار: «رأيتُ أن هذه النصوص المتفرقة في كتب تستحق أن تكون مجتمعة في كتاب واحد. ثمة أكثر من خيوط ناظمة تسبكها. ثم إن كتبي الأخيرة التي طبعتها في مصر ولبنان وإيطاليا لم تقرأ، تقريباً، في المغرب. وهذه فرصة لتمتين الجسر بين القارئ المغربي وما أكتبه».
في نصوص الخصار، يقف القارئ على نفَس رومانسي واشتغال على المفارقة، مع نفحة سردية طاغية. يقول، تحت عنوان «فزاعة»: «هذه الفزاعة لماذا ألبسوها جلباب جدي؟ جدي لم يكن يخيف الطيور. كان يترقب عودتها من الشمال ويفرش لها الحنطة في راحة اليد. الفزاعة السوداء في الحقل المائل أستعيدها الآن مثل رعب في منام طفل، لأنها لم تكن تخيف الطيور. كانت تخيفني أنا».
على مدى صفحات مختارات الخصار، تحضر ذات الشاعر هشة ومنكسرة؛ كأن يكتب في «طيران حر»: «اِهدأ يا قلبي/ كلانا أخطأ الوجهة/ أنت أعمى/ وأنا وثقتُ بك». أو تحت عنوان «حروب داخلية»: «ليلكَ مؤلمٌ وجارج/ مثل رسالة من أبٍ/ إلى ابنهِ الوحيدِ الميت». أو تحت عنوان «تدريب»: «منذ سنين/ وأنا أسكن في الغرف الواطئة/ كأنما أتدرب على القبر».
لكن الشاعر لا يركن إلى ضعفه، هشاشته وأحزانه، ومن ذلك أن يكتب، تحت عنوان «مقامرة»: «حسناً أيتها الحياة/ ضعي أوراقك على الطاولة/ ودعينا نعيد اللعب من جديد».
ويحضر الصوت الجماعي أيضاً في قصيدة الخصار، فيكتب عن الـ«نحن»: «نحن تدلينا من حلم وسقطنا في النهار، لم نعد نذكر ملامح الذين طردونا من اليابسة، فقط وجدنا أنفسنا في المراكب نفكر في مصيرنا ونرتقُ الشباك. تطاول علينا الألم، لكن أيدينا كانت تمسك جيداً بالمجاديف، وكنا كلما عنت لنا مرتفعات من الجليد أحكمنا قبضاتنا على الخشب». وفي نص آخر حمل عنوان «نحن أيضاً»، ليكتب: «نحن الفتيان الذين وجدوا أنفسهم فجأة في دار العجزة، نحن أيضاً الجيل الموؤد الذي نفض عنه التراب ونهض لتوه من القبر، صابئة ومقامرون ومجرمو حب ولصوص رحماء، قطاعُ طرق لكننا بلا طريق، نحن الفلاحين الذين حرثوا البحر، ومع ذلك استظلوا بالأشجار التي نبتت فوق الماء. ربما ترك لنا أسلافنا الذهب، لكننا لم نرث سوى بقايا الكتب التي التهمتها النار. ننظر إلى أوطاننا ثم نضحك، ننظر إلى القراصنة في زي الربابنة ثم نضحك، ننظر إلى أوصيائنا الموتى والأحياء ثم نضحك، ننظر إلى وجوهنا في المرايا ثم نبكي. نحن الملوك الذين سيقتلهم الفقر، فر الخلاص من بين أيدينا، لكننا لا ننتظر غودو، لا ننتظرُ أحداً، ولا نريد أن ينتظرنا أحد».
وهناك أيضاً مراوحة بين التعبير عن هشاشة الفرد وهموم الجماعة، كما في قصيدة «غرباء» مثلاً، فنقرأ: «لستُ العازف الوحيد الذي سقط الكمان من يده، ربما وصلتُ متأخراً، لكني ألفيتُ كرسياً شاغراً وجلست، أغمضتُ عيني وهِمت حيث هام الآخرون، ولا أحد أومأ إلي بأن أرفع القوس عن الأوتار. الكورال أضجرهم ترديد اللازمة، ونحن أرهقنا العزف. العيون التي كانت تحدق فينا ظلت مفتوحة ولم يغمض لها طرف، ومع ذلك لم تكن هناك جلبة أو أيادٍ تتحرك، أو سيدة تتقدم إلى المنصة وتهدينا الورد، والذين رفعنا أصواتنا من أجلهم لم يكونوا. يا الله، كيف قبلنا طوال هذه السنين أن نغني للجثث؟».



استعادة التراث الحضاري المصري في معرض للحرف اليدوية

منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
TT

استعادة التراث الحضاري المصري في معرض للحرف اليدوية

منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

في خطوة لاستعادة التراث الحضاري المصري، عبر تنشيط وإحياء الحرف اليدوية والتقليدية، افتتح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الدورة السادسة لمعرض «تراثنا»، الخميس، التي تضم نحو ألف مشروع من الحرف اليدوية والتراثية، بالإضافة إلى جناح دولي، تشارك فيه دول السعودية والإمارات والبحرين وتونس والجزائر والهند وباكستان ولاتفيا.

المعرض الذي يستمر حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يضم معروضات من الجمعيات الأهلية، من مختلف محافظات مصر، والمؤسسات الدولية شركاء التنمية، بهدف «إعادة إحياء الحرف اليدوية والصناعات التقليدية والتراثية، بما يُعزز من فرص تطورها؛ لكونها تُبرز التراث الحضاري المصري بشكل معاصر، يلبي أذواق قاعدة كبيرة من الشغوفين بهذا الفن داخل مصر وخارجها، كما تُسهم في تحسين معيشة كثير من الأسر المُنتجة»، وفق تصريحات لرئيس الوزراء المصري على هامش الافتتاح، كما جاء في بيان نشره مجلس الوزراء، الخميس.

رئيس الوزراء المصري يتفقد أجنحة المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

ووفق تصريحات صحافية للرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، باسل رحمي، يقدم المعرض مجموعة من الفنون المصرية المُتفردة، مثل: السجاد والكليم اليدوي، والمنسوجات، والتلّى، ومفروشات أخميم، والإكسسوار الحريمي، والحرف النحاسية والزجاجية، وأعمال التطريز، والخيامية، والصدف، والتابلوهات، والخزف، والجلود، ومنتجات الأخشاب، والخوص، والأثاث، إلى جانب الملابس التراثية، والمكرميات، وأعمال الرسم على الحرير، والبامبو، ومنتجات سيناء، وغيرها.

منتجات متنوعة في أجنحة المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

وعرض جناح هيئة التراث السعودية، منتجات عددٍ من أمهر الحرفيين المتخصصين في الصناعات اليدوية التقليدية، كما عرض جناح غرفة رأس الخيمة، منتجات محلية تراثية، وكذلك جناح الديوان الوطني للصناعات التقليدية في الجمهورية التونسية.

وأعلن رحمي عن توقيع بروتوكولات تعاون مع عدة دول، من بينها الهند، لتبادل الخبرات والتنسيق في المعارض المشتركة؛ بهدف نشر الصناعات اليدوية والعمل على تسويقها داخل مصر وخارجها، مؤكداً على عقد بروتوكول تعاون مع شركة ميناء القاهرة الدولي؛ لتوفير منصات تسويقية تحت العلامة التجارية «تراثنا» داخل صالات مطار القاهرة الدولي، وإتاحة مساحات جاذبة لجمهور المسافرين والزوار لعرض وبيع منتجات الحرفيين المصريين اليدوية والتراثية.

معرض «تراثنا» يضم كثيراً من المنتجات المصنوعة يدوياً (رئاسة مجلس الوزراء)

كما سيتم توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين جهاز تنمية المشروعات، والشركة المسؤولة عن تشغيل المتحف المصري الكبير، وكذلك الشركة المسؤولة عن تنظيم عمليات إنتاج وعرض المنتجات الحرفية داخل متجر الهدايا الرسمي بالمتحف لدعم وتأهيل أصحاب الحرف اليدوية والتراثية وتطوير منتجاتهم، تمهيداً لعرضها بعدد من المتاجر في مناطق سياحية مختلفة داخل وخارج البلاد، في إطار تعزيز التكامل بين الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص.