انتقد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف «التدخلات الدولية» في منطقة الشرق الأوسط، في رد ضمني على جهود أميركية - أوروبية، لقيادة إجماع دولي، يعالج الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار، في حال تقدم المسار الدبلوماسي لإحياء الاتفاق النووي.
واعتبر ظريف «التدخلات الدولية» سبب زعزعة الاستقرار وانعدام الأمن في المنطقة، قبل أن يلقي باللوم على الولايات المتحدة وحدها، قائلاً، إن «التدخل الأميركي أدى إلى أكبر قدر من انعدام الأمن وزعزعة الاستقرار في المنطقة». ونقلت وكالة «إرنا» الرسمية عن الوزير الإيراني قوله في كلمة أمام منتدى طهران للحوار، إن «الأعمال التخريبية الأميركية في منطقتنا لا تقتصر على التدخل العسكري، إنما الحرب الاقتصادية الأميركية ضد الشعب الإيراني كانت لها تبعات، منها مشكلات مواجهة جائحة (كورونا) في إيران»، وأضاف «لا يوجد فرق بين الرئيس السابق والحالي الأميركي في متابعة سياسة الضغوط القصوى المهزومة».
وبدا أن خطاب ظريف نسخة «دبلوماسية» من مواقف كبار المسؤولين الإيرانيين، الذين تناوبوا خلال الأيام الأخيرة، على تبرير التدخلات الإقليمية الإيرانية. وكانت قد بدأت بخطاب «المرشد» الإيراني، علي خامنئي، الخميس الماضي، والذي تكرر مضمونه في خطابات منفصلة لقائد «الحرس الثوري» ومسؤول الذراع الإقليمية للحرس، المسمى «فيلق القدس»، اتسمت بعبارات تحريضية لميليشيا مسلحة تربطها صلات أيدلوجية بطهران.
ولجأ ظريف إلى تكرار مواقف سابقة، ضد الانتقادات الدولية للدور الإقليمي الإيراني، وقال في هذا الصدد، إن «إيران مستعدة للحوار مع جميع الجيران، ولا حاجة إلى الأجانب لرسم مستقبل المنطقة».
وأفصح ظريف عن رغبة بلاده في «بناء منطقة جديدة»، و«اتخاذ طريقة التنمية الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية»، عبر «الحوار والدبلوماسية». وعاد لطرح «مبادرة هرمز» التي أثارها في صيف 2019، أثناء تصاعد التوتر في المنطقة، عقب تعرض ناقلات النفط ومنشأتي «أرامكو» لهجمات ما أثار انتقادات دولية ضد إيران.
وأعاد ظريف مشكلات المنطقة إلى جذور ثلاثة: «التدخلات الدولية، والأجواء الأمنية، ومشكلة الأولويات». وقال «لا يوجد شك أن التدخلات الدولية الطويلة، والخطيرة في منطقتنا هي أحد الأسباب الرئيسية للمشاكل القائمة»، ورأى أن المنطقة «كانت موضوع مخططات جيوسياسية من قبل جهات فاعلة من خارج المنطقة، على مدى العقود الخمسة الماضية». واتهم الولايات المتحدة بأنها تسعى وراء «فرض» الأجواء الأمنية (العسكرية) على المنطقة بسبب «تفوقها العسكري»، مضيفاً أنه «تنظر إلى كل شيء بعدسة أمنية وعسكرية، ولديها نظرة عسكرية للمنطقة».
جاءت تصريحات ظريف غداة إعلان «الحرس الثوري»، تزويد قواته البحرية في الخليج العربي، بـ«مدينة صاروخية»، هي الثانية منذ مطلع العام الحالي، التي يعلن الحرس الثوري، تدشينها قبالة الخليج، في تعزيز لترسانة الصواريخ الباليستية.
وفي كلمة أمام مركز دراسات السياسة الأوروبية، أول من أمس، كان ظريف قد دعا الولايات المتحدة، إلى التحرك سريعاً لإحياء الاتفاق النووي، إذ إنه مع انطلاق فترة انتخابات الرئاسة في إيران سيكون من المستبعد أن يحدث الكثير هذا العام. وقال: «هناك ضيق في الوقت وبمجرد أن نتوجه إلى انتخاباتنا فستكون الحكومة بطة عرجاء (بلا نفوذ حقيقي) ولن يكون بمقدورها فعل أي شيء».
وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، أمس، إن الجهود الرامية لإحياء المحادثات النووية الإيرانية تواجه صعوبات بسبب مشكلات تكتيكية والوضع الداخلي في إيران قبيل الانتخابات.
وقال لو دريان في كلمة أمام مجلس الشيوخ الفرنسي، إن إحياء الاتفاق النووي «سيكون نقطة البداية لمناقشة الوضع الإقليمي وبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني».
والأسبوع الماضي، أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن الإدارة الأميركية، تريد أن تتخذ من أي عودة محتملة للاتفاق النووي، نقطة انطلاق للتوصل إلى اتفاق أشمل يتضمن الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار، ويقيد تطوير الصواريخ الباليستية وانتشارها. وتتواصل الإدارة الأميركية مع طهران عبر قنوات اتصال دبلوماسية غير مباشرة من خلال أوروبيين وآخرين، لتوضيح موقفها فيما يخص منهج الالتزام مقابل الامتثال للاتفاق، حسب ما أبلغ مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، الصحافيين، الجمعة.
وقال سوليفان، إن «الدبلوماسية مع إيران مستمرة، لكن ليست بطريقة مباشرة في الوقت الراهن»، وقال أيضاً «نستمع إلى موقفهم (الإيرانيين)».
ورغم أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، لم يتطرق مؤتمره الصحافي أول من أمس، إلى تصريحات سوليفان، لكن قناة «برس تي وي» الإيرانية الناطقة بالإنجليزية، والمقربة من الأجهزة الأمنية، أفادت، أمس، عن مسؤول أمني رفيع، لم تذكر أسمه، بأنه «ينفي» ما ذكره سوليفان عن وجود دبلوماسية غير مباشرة. وقال المصدر الأمني الإيراني، إن تصريحات المسؤولين الأميركيين حول الدبلوماسية غير المباشرة مع إيران «تهدف فقط لإخراج بايدن من الأزمة».
وأشار المصدر إلى أنه لن تجري محادثات بين طهران وواشنطن حتى الرفع الكامل للعقوبات.
بدوره، وجّه الرئيس الإيراني، انتقادات مماثلة إلى الإدارة الأميركية، خلال دفاعه عن أداء حكومته في الملف الاقتصادي خلال العام الماضي.
ورأى روحاني أن الإدارة الأميركية الحالية تواصل نهج الإدارة السابقة في «المشروع الإرهابي»، وهي التسمية التي يستخدمها على العقوبات التي فرضتها إدارة دونالد ترمب بعد الانسحاب من الاتفاق النووي. وقال «جمدوا الأصول الإيرانية، وعرقلوا أنشطتنا، وتسببوا بالمشكلات لصادراتنا، واجهنا مشكلات عديدة حتى في شراء لقاح (كورونا)». وتابع «لم نسمح لأوضاع إيران بأن تصبح مثل فنزويلا»، وشبّه أداء حكومته بفريق «سجل ثلاثة أهداف وتلقى هدفاً واحداً»، في «الحرب لاقتصادية».
وقال إن «الحكومة الأميركية الحالية التي تزعم أن الحكومة السابقة ارتكبت أخطاء واختارت الطريق الخطأ، وأنها تريد التعويض، مضى عليها شهران ولم نرَ شيئاً». وأضاف «ما يهمنا هو العمل، وإذا أقدموا على شيء ليس في صالح الإيرانيين، أو لا يصب في مصلحتهم ومصلحة إيران والمنطقة، والمنظمات الدولية...».
ظريف ينتقد «التدخلات الدولية» في المنطقة
فرنسا: إحياء الاتفاق النووي نقطة بداية لمناقشة الوضع الإقليمي والبرنامج الصاروخي الإيراني
ظريف ينتقد «التدخلات الدولية» في المنطقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة