واشنطن تدعم جهود غريفيث... وقلق لتدهور الوضع الإنساني في اليمن

المبعوث الأممي شدد على وقف إطلاق النار لاستئناف العملية السياسية في البلاد

طفلة نازحة في مدرسة يديرها متطوعون في الحديدة أول من أمس (أ.ف.ب)
طفلة نازحة في مدرسة يديرها متطوعون في الحديدة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تدعم جهود غريفيث... وقلق لتدهور الوضع الإنساني في اليمن

طفلة نازحة في مدرسة يديرها متطوعون في الحديدة أول من أمس (أ.ف.ب)
طفلة نازحة في مدرسة يديرها متطوعون في الحديدة أول من أمس (أ.ف.ب)

تراهن الولايات المتحدة على جهود المبعوث الأممي مارتن غريفيث للدفع باتجاه الحل السلمي للأزمة في اليمن، فيما تعتبر الأمم المتحدة أن العملية السياسية في البلاد تحتاج إلى إجراءات بينها وقف إطلاق النار على مستوى البلاد.
وأعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال «اتصال تعارفي» له مع غريفيث، أول من أمس، عن قلق بلاده من تدهور الأوضاع في اليمن، وبخاصة تبعات الوضع الإنساني على الشعب اليمني، حسبما أفادت الخارجية الأميركية في بيان. وقال نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية في بيان، إن الوزير بلينكن شدد على دعم الولايات المتحدة للوحدة والاستقرار في اليمن بعيداً عن التأثير الخارجي، كما أكد على عدم وجود حل عسكري للنزاع هناك. وأشار بلينكن خلال اتصاله، إلى الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة من خلال المبعوث الخاص تيم ليندركينغ لتنشيط الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن، وذلك بالعمل مع الأمم المتحدة وغيرها من الأطراف، وأعرب الوزير عن دعم الولايات المتحدة لجهود المبعوث الخاص غريفيث «الرامية إلى تحقيق توافق في الآراء بين كافة الأطراف».
بدوره، قال غريفيث مبعوث، إنه شارك آخر المستجدات خلال اتصاله مع وزير الخارجية الأميركي، بشأن الجهود المبذولة لاستئناف العملية السياسية في اليمن في إطار الأمم المتحدة، والمضي بها إلى الأمام. وأكد غريفيث في تغريدة له على موقع «تويتر»، أن العملية السياسية في اليمن تتطلب وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وفتح مطار صنعاء، وتخفيف القيود المفروضة على الموانئ.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين غربيين، قولهم إن الانخراط الأميركي في الأزمة اليمينة، جلب زخما جديدا لإنهاء حالة الجمود، «وأصبح الدعم لغريفيث أقوى من أي وقت مضى». وصرح مسؤول غربي أن المبادرة التي أعلن عنها ليندركينغ معلّقة فعلياً، حتى تنتهي المعركة المحتدمة خارج مدينة مأرب، مشيراً إلى أن الحوثيين يلقون بكل ما لديهم في القتال من أجل اقتحام عاصمة المحافظة الغنية بالنفط، ويتكبّدون خسائر فادحة وهو ثمن يرون أنه يستحق دفعه في مقابل آخر معقل في الشمال ما زال في أيدي الحكومة.
وقال المصدر المطّلع على جهود الأمم المتحدة، إنّ المعركة «تعيق بدء المفاوضات (...) لأن الحوثيين يريدون معرفة المدى الذي يمكنهم الذهاب إليه»، مشيراً إلى أن الهدف هو أن يتبع وقف إطلاق النار إجراءات لفتح مطار صنعاء، وتخفيف القيود على ميناء الحديدة، الممر الرئيسي للمساعدات، ثم الاستئناف السريع لمحادثات السلام.
ومع تسلم جو بايدن الرئاسة الأميركية في يناير (كانون الثاني) الماضي، بدأت إدارته الجديدة بإلقاء ثقلها الدبلوماسي خلف المبعوث الأممي لليمن غريفيث الذي تتمثل مهمته المعقدة في دفع الجانبين للجلوس على طاولة المفاوضات.
وذهبت الإدارة الأميركية إلى ما هو أبعد من دعم غريفيث، بالالتقاء مع الحوثيين في سلطنة عُمان كما نقلت بعض التسريبات، وأعلن المبعوث ليندركينغ استعداده العودة إلى الخليج «عندما يصبح الحوثيون جاهزين للحوار»، بعد أن قضى ١٧ يوماً في المنطقة التقى خلالها أبرز المسؤولين والمهتمين بالشأن اليمني، وزار خلالها ٦ دول في المنطقة.
وفي ندوة مرئية أقامها «المجلس الأطلسي» مركز أبحاث شهير في واشنطن، مع المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ، قال إن «لدينا الآن خطة سليمة لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد مع عناصر من شأنها أن تعالج على الفور الوضع الإنساني المزري في اليمن وبشكل مباشر».
وعند عودة ليندركينغ إلى واشنطن، أصدرت وزارة الخارجية بياناً في ٩ مارس (آذار)، أوضحت فيه أن ليندركينغ التقى بالمبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث وكبار المسؤولين الأردنيين في عمّان، وبينما تحقّق بعض التقدم المأمول، فإن ثمّة حاجة ملحّة إلى مزيد من الالتزام من قبل الأطراف.
وأشارت إلى أن المبعوث الخاص ليندركينغ والمبعوث الخاص غريفيث، «ملتزمان بالعمل جنباً إلى جنب» لدفع الأطراف للتفاوض، بموجب الخطة التي اقترحتها الأمم المتحدة، والتي تشمل فتح ميناء الحديدة ووقف إطلاق النار. وأضافت «لا مناص من تحقيق هذه الغاية، ومن أن ينهي الحوثيون هجومهم على مأرب، ويوقفوا هجماتهم المستمرّة عبر الحدود ضد السعودية».
وفي مؤتمره الصحافي الجمعة الماضي، أعلن نيد برايس المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، أن الولايات المتحدة «أعادت تمويل المساعدة الإنسانية الكاملة لمناطق شمال اليمن، بغية المساعدة في تلبية حاجات السكان المعرضين للخطر». وقال إن بلاده «تدعم التدفق الحر للوقود والأغذية والسلع الأساسية الأخرى» إلى اليمن، موضحاً أن القيام بذلك «لا يتطلب فقط تمرير البضائع بسلاسة من عبر الموانئ، ولكن أيضاً السماح لها بالمرور عبر البلاد بحرية، بما فيها المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين». وأضاف «هذه الجماعة (في إشارة للحوثي) تواصل إعاقة هذا التدفق، بما في ذلك تحويل أموال الواردات المخصصة لرواتب عمال الخدمة المدنية»، معتبراً أن هذا يشكل «انتهاكاً مباشرا لالتزاماتها».
وأكد أن الافتقار إلى الأموال يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية لغالبية السكان الخاضعين لسيطرة الحوثيين، مفيداً بأن الأمم المتحدة والمانحين الدوليين عبّروا وبصراحة عن عرقلة الحوثيين للمساعدات، وتحويلها مع غيرها من عائدات الدولة لتمويل جهودهم الحربية.
وأفاد بأن الولايات المتحدة ستعمل مع حكومتي اليمن والسعودية لإيجاد طرق لضمان استخدام الوقود لمن هم في أمس الحاجة إليه، متهماً الحوثيين ببيع الوقود «في السوق السوداء أو باستخدامها في مجهودهم الحربي، ولكن بوجود اتفاق سلام دائم يمكننا أن نأمل في عكس الأزمة الإنسانية في اليمن».


مقالات ذات صلة

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

خاص رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقاء سابق مع السفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

قال رئيس الوزراء اليمني إن الالتزامات الدولية تجاه اليمن لن تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل ستشمل أيضاً المجالات الأمنية والدفاعية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج نزع فريق «مسام» في محافظة عدن 154 ذخيرة غير منفجرة (واس)

مشروع «مسام» ينتزع 732 لغماً في اليمن خلال أسبوع

تمكّن مشروع «مسام» لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، خلال الأسبوع الثالث من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، من انتزاع 732 لغماً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي لقاء سابق بين رئيس الوزراء اليمني والسفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

«اجتماع نيويورك»... نحو شراكة استراتيجية بين اليمن والمجتمع الدولي

تأمل الحكومة اليمنية تأسيس شراكة حقيقية مع المجتمع الدولي، وحشد الدعم السياسي والاقتصادي لخططها الإصلاحية، وجوانب الدعم الدولية المطلوبة لإسناد الحكومة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.