البرلمان اللبناني يناقش «الاقتراح المر» في ملف الكهرباء

نواب يتهمون «الوطني الحر» بـ«الابتزاز»

TT

البرلمان اللبناني يناقش «الاقتراح المر» في ملف الكهرباء

تناقش لجان في البرلمان اللبناني، اليوم (الثلاثاء)، اقتراح قانون لإعطاء «مؤسسة كهرباء لبنان» سلفة خزينة في جلسة يُتوقع، وحسب ما ترى مصادر نيابية، أن تكون «حامية»، وأن تشهد سجالات سياسية، لا سيما بين «التيار الوطني الحر» مقدم الاقتراح، والقوى السياسية التي ترى فيه «ابتزازاً غير مقبول»، مرجحة أن يمر اقتراح القانون ولكن مع تعديلات عليه قد يكون أحدها خفض حجم السلفة المطلوبة.
وفي هذا الإطار، يرى عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار أن «نواب (المستقبل) لا يريدون أن يعيش المواطن في عتمة، ولكنهم في المقابل لن يوافقوا على سلفة بلا خطة ورؤية واضحة. فوضع البلد الاقتصادي لم يعد يحتمل». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ما هو مؤكد أن نواب (المستقبل) لن يوافقوا على القيمة المحددة بالسلفة، لا سيما أنه سيتم قريباً تفعيل الاتفاقية النفطية مع العراق».
وفي حين يشير الحجار إلى أن نواب «المستقبل» حضّروا ملاحظاتهم وشروطهم على اقتراح القانون، لفت إلى أن «الابتزاز الممارس في ملف الكهرباء، لا سيما بعدما وضع (التيار الوطني الحر) يده عليه، لم يعد مقبولاً»، وأنه في حال تمرير مشروع القانون في المجلس النيابي يجب أن تكون هناك مراقبة جدية وحثيثة لكل ليرة تصرف.
وكان نواب «التيار الوطني الحر» تقدموا منذ نحو أسبوعين باقتراح قانون معجّل مكرر لإقرار سلفة خزينة لمحروقات الكهرباء بقيمة 1500 مليار ليرة؛ أي نحو مليار دولار حسب سعر الصرف الرسمي، بهدف شراء المحروقات وتسديد فوائد وأقساط القروض لصالح «مؤسسة كهرباء لبنان»؛ على أن تسدد هذه السلفة عبر الاقتطاع من المستحقات المتوجبة على الإدارات والمؤسسات العامة والمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة لصالح «مؤسسة كهرباء لبنان».
لا تبدو كتلة «اللقاء الديمقراطي» (تضم نواب الحزب التقدمي الاشتراكي) ستوافق على تمرير السلفة؛ إذ يقول النائب في الكتلة بلال عبد الله: «لسنا متحمسين، ولا أظن أننا سنتحمس لاحقاً لتمرير اقتراح هذا القانون»، عادّاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أن «(التيار الوطني الحر) وضع النواب أمام خيارين؛ كلاهما صعب: إما العتمة، وإما السلفة. وهذا أيضاً نوع من الابتزاز».
وتساءل عبد الله: «من أين ستأتي أموال السلفة، وفي حال تأمّنت؛ فهل يعني هذا الأمر حل موضوع الكهرباء في لبنان؟»، مضيفاً أن «نواب (اللقاء الديمقراطي) سيناقشون تفاصيل التفاصيل في مشروع القانون، ولكن في النهاية؛ فليتحمل من تسبب في المشكلة تبعاتها».
وكان وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال، ريمون غجر، حذّر الأسبوع الماضي من أن لبنان «قد يذهب إلى العتمة الشاملة في نهاية شهر آذار (مارس) الحالي، في حال عدم منح (مؤسسة كهرباء لبنان) مساهمة مالية لشراء الفيول»، عادّاً أن الحل يكمن في تحمل النواب مسؤوليتهم والتوقيع على القانون لإعطاء «مؤسسة كهرباء لبنان» مساهمة مالية تمكنها من شراء الفيول لتأمين الحد الأدنى المطلوب من الكهرباء.
أما كتلة «التنمية والتحرير» فـ«ستبني اليوم على الشيء مقتضاه»، حسبما يشير عضو الكتلة النائب محمد خواجة. وتوقع في حديث مع «الشرق الأوسط» أن تكون الجلسة النيابية حاشدة؛ إذ سيحضرها نواب غير أعضاء اللجان المدعوة (المال والموازنة، والإدارة والعدل، والأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه).
ويلفت خواجة إلى أن «نواب كتلة (التنمية والتحرير) سيتابعون غداً (اليوم) سير النقاشات، وهم حضّروا ملاحظاتهم، وسيحاولون قدر الإمكان عدم الذهاب إلى العتمة»، مشيراً إلى أن «التخيير بين السلف أو العتمة لم يعد يمكن أن يمر، فالوضع اليوم مختلف، والسؤال الأبرز: هل هناك بقايا أموال؛ ومن أين سنأتي بها؟ وهذا ما سيركز عليه النواب أيضاً».
ولفت خواجة إلى أن «هناك مجموعة إصلاحات في ملف الكهرباء كان يجب أن يعمل عليها قبل استقالة الحكومة الحالية؛ وحتى قبل بسنوات، فالفريق الموجود في وزارة الطاقة حالياً هو نفسه منذ 10 سنوات»، مضيفاً: «أما بالنسبة للجلسة، فسنحاول القيام بما فيه مصلحة المواطنين قدر الإمكان، فالخياران؛ أي السلف أو العتمة، أفضلهما مر».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.