عتمة سياسية تحاصر لبنان ومخاوف من تمددها «كهربائياً»

أزمة تأليف الحكومة إلى تصاعد

TT

عتمة سياسية تحاصر لبنان ومخاوف من تمددها «كهربائياً»

يقترب لبنان من الدخول في عتمة من جراء انقطاع التيار الكهربائي عن جميع المناطق في حال لم يرضخ المجلس النيابي في جلسته المقررة اليوم لحملات الضغط التي يقودها وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر لدفعه للموافقة على إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة قدرها 1500 مليار ليرة (حوالي مليار ونصف مليار دولار) من دون أن تمر على اللجان النيابية المشتركة لتأمين شراء مادة الفيول لتشغيل معامل توليد الطاقة لئلا تتوقف تغذية المناطق بالتيار الكهربائي بدءاً من أول الشهر المقبل.
فوزير الطاقة يزفّ إلى اللبنانيين «بشرى سارة» بانقطاع التيار الكهربائي الذي يُغرق البلد في عتمة قد تطول ما لم يستجب البرلمان لطلبه بالموافقة على سلفة خزينة وكأنه لا يكفي الشعب اللبناني الغرق من جراء «العتمة السياسية» الناجمة عن انعدام التواصل بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، والذي مضى عليه عدة أسابيع من دون أن تتمكن باريس من تعطيل الألغام السياسية التي تؤخر ولادتها.
ومع أن أعضاء الخلية الفرنسية المكلفة من الرئيس إيمانويل ماكرون أعادوا التحرك باتجاه المكوّنات السياسية الرئيسية المعنية بتشكيل الحكومة، خصوصاً بعد اللقاء الذي جمع الحريري بالرئيس الفرنسي، فإن الضغوط التي مارسوها، وتحديداً على عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، لم تجدِ نفعاً حتى الساعة وبات تشكيل الحكومة عالقاً على استجابتهما لإصرار باريس على مبادرتها لإنقاذ لبنان.
ويطرح إصرار عون، ومن خلاله باسيل أو بالنيابة عنه، على عناده ومكابرته مجموعة من الأسئلة حول الأسباب الكامنة وراء تصلّبهما، وما إذا كان «حزب الله» بمراعاته لهما يؤمن الغطاء السياسي لهما للالتفاف على المبادرة الفرنسية المدعومة عربياً ودولياً، وبالتالي الهروب إلى الأمام ظناً منهما بأن مجرد معاودة المفاوضات الأميركية - الإيرانية سيؤدي إلى تحسين شروطهما في التسوية السياسية بدءاً بتشكيل الحكومة، مع أن معاودتها لن تحصل قريباً، خصوصاً أنها ما زالت أسيرة تبادل الشروط بين واشنطن وطهران.
وفي هذا السياق، يسأل مصدر سياسي مواكب للعقبات التي أوقفت التواصل بين عون والحريري، الفريق السياسي المحسوب على الثنائي عون وباسيل، على ماذا يراهن في رفضه للمبادرة الفرنسية ومن يقف وراء تحريضه ما دام أن المشهد السياسي العربي أو الدولي لم يعد لصالحه، إضافة إلى المشهد الداخلي الذي بات يطوقه ويكاد يكون وحيداً لو لم يعتمد على «فائض القوة» التي يتمتع بها حليفه «حزب الله»؟
كما أن هذا الفريق لم ينجح - كما يقول المصدر السياسي - في تأليبه لأطراف دولية على المبادرة الفرنسية بعد أن أخفق في الانفتاح على موسكو لإقناعها بطرح مبادرة بديلة لمبادرة ماكرون لإنقاذ لبنان بذريعة أنه لا يثق بالأميركيين والفرنسيين، وهذا ما أُحيط به علماً من واشنطن وموسكو التي نصحته بأن يعيد النظر في حساباته بدلاً من أن يراهن عبثاً على موقف روسي يتعارض مع المبادرة الفرنسية.
كما أن إصراره على كسب الوقت لن يفيده، خصوصا أنه يبالغ في تعامله مع تحرك المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وكأنه يتحضّر لطرح مبادرة ليست واضحة المعالم في المدى المنظور، خصوصاً أنه يشكو بعيداً من الإعلام من استمرار ارتفاع منسوب تبادل الشروط، إضافة إلى أن الحريري لم يتلقّ - كما يقول مصدر قيادي في تيار «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» - أي عرض رسمي من عون أكان من خلال إبراهيم أو من وسطاء آخرين منذ أكثر من أسبوعين كردّ على الصيغة التي كان سلّمها إلى رئيس الجمهورية.
حتى أن المصدر نفسه استغرب ما تردّد أخيراً بأن الحريري تلقى عرضاً من عون يتضمن موافقته على أن يتمثل بـ6 وزراء من بينهم الوزير المحسوب على حزب «الطاشناق» شرط أن يترك له تسمية عدد من المرشحين لتولّي وزارة الداخلية يعود للحريري اختيار أحدهم، وقال إن عون وفريقه السياسي باتا يمتهنان إقفال الأبواب في وجه الجهود الرامية لإخراج تشكيل الحكومة من التأزّم وكان آخرها لرئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي تقدّم بمبادرة قوبلت برفضه، لكنه لا يزال يضغط مع المعنيين في كل الاتجاهات للإسراع في تشكيل الحكومة لأن البلد لم يعد يحتمل استمرار تدهور الوضع الاقتصادي.
كما أن عون يحاول أن يتلطى وراء تحرك اللواء إبراهيم في سعيه ليوحي للذين يراجعونه على خلفية تأخير تشكيل الحكومة بأنه يمنحه فرصة لعله ينجح في مسعاه، فيما يُنقل على لسان مرجع سياسي، فضّل عدم ذكر اسمه، قوله إن ما تبلغه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من نظيره الإيراني محمد جواد ظريف بعدم موافقة «حزب الله» على إعطاء الثلث الضامن لأي طرف في الحكومة لن يقدّم أو يؤخّر باتجاه تعديل موقف عون، ما لم يدعمه الحزب بموقف ضاغط ربما لم يحن أوانه إلا إذا تبدّل موقف «حزب الله» في ضوء الزيارة المرتقبة لرئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد إلى موسكو الاثنين المقبل بناء لموعد متفق عليه سبق لقاء لافروف - الحريري.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.