تونس: المشيشي يتجاهل الأزمة السياسية بالخروج من حصار الرئيس والمعارضة

استمرار جمع التوقيعات لعريضة سحب الثقة من الغنوشي

TT

تونس: المشيشي يتجاهل الأزمة السياسية بالخروج من حصار الرئيس والمعارضة

في ظل استفحال الأزمة السياسية المتواصلة بين رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، المدعوم من التحالف البرلماني بزعامة حركة النهضة، والرئيس قيس سعيد الرافض للتعديل الوزاري، والمتمسك باستقالة الحكومة، بات المشيشي يسعى للبحث عن حلول للخروج من حالة الحصار، التي فرضها عليه الرئيس سعيد والأحزاب المعارضة، خاصة حزبَي التيار الديمقراطي وحركة الشعب، الداعمين الأساسيين لخيارات سعيد، والمطالبين بدورهما باستقالة حكومة المشيشي.
ووفق عدد من المراقبين، لم يتبق أمام رئيس الحكومة سوى خيارين اثنين، بعد دخول الأزمة السياسية أسبوعها السادس: إما الاستقالة وما سيتبعها من فراغ سياسي، أو الصمود إلى النهاية ومواصلة العمل الميداني، ومحاولة حل الأزمات الاجتماعية المتتالية. ويبدو أن السيناريو الثاني كان هو الخيار الأفضل بالنسبة للمشيشي، حيث تغاضى عن انتقادات المعارضة، ونزل إلى وسط العاصمة رفقة زوجته؛ احتفالاً باليوم العالمي للمرأة، في رسالة مبطنة إلى المعارضة، التي أكدت أن الرئيس سعيد هو الوحيد القادر على النزول إلى الشارع، دون أن يتعرض لمضايقة وانتقادات التونسيين.
ولتحقيق هدف البقاء في السلطة وعدم الإذعان لطلب المعارضة، سعى المشيشي إلى تقوية الحزام السياسي الداعم له، وهو حزام يضم حركة النهضة، وحزب قلب تونس، و«ائتلاف الكرامة» و«حركة تحيا تونس». إضافة إلى «الكتلة الوطنية»، المنشقة عن حزب قلب تونس. كما أبرم اتفاق هدنة اجتماعية مع المنظمات الاجتماعية، وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، ومجمع رجال الأعمال واتحاد الفلاحين، من خلال الاستجابة لعدد من المطالب، والالتزام بتنفيذ مجموعة من الاتفاقيات المبرمة منذ سنوات. أما على المستوى الجهوي، فقد وجه ممثلين للحكومة إلى ولايتي (محافظتي) قابس (جنوب شرقي) والقصرين (وسط غرب) للتباحث حول عدد من قضايا التنمية والتشغيل.
من ناحية ثانية، قرر المشيشي بمناسبة يوم المرأة تعيين حسناء بن سليمان، الوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة الوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالإنابة، ناطقة رسمية باسم الحكومة.
وبخصوص موقف الأحزاب المعارضة من حكومة المشيشي، انتقد محمد العربي الجلاصي، القيادي في حزب التيار الديمقراطي المعارض، الحكومة الحالية قائلاً، إنها «حكومة مبتورة... فهي مشكلة من وزراء بالإنابة، ورئيس الحكومة هو في الوقت ذاته وزير الداخلية، وهي حكومة معزولة عن واقع التونسيين، ما يجعلها أقرب إلى حكومة تصريف أعمال... وهي حكومة ستسقط عاجلاً أم آجلاً، وسترحل لا محالة».
وأضاف الجلاصي، أن حكومة المشيشي «تعيش قطيعة تامة مع بقية مؤسسات الدولة، وأهمها رئاسة الجمهورية، ورحيلها أمر واقع، واستقالة المشيشي مسألة وقت لا غير».
على صعيد غير متصل، قال النائب البرلماني المنجي الرحوي، إن جمع التوقيعات لعريضة سحب الثقة من راشد الغنوشي، رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة، «يتقدم بخطى حثيثة»، مؤكداً أنه تم الاتفاق بين المتزعمين للعريضة على الكشف عن العدد النهائي للموقعين عليها عندما يصبح نهائيا، أي في حدود 109 أعضاء يمثلون الأغلبية المطلقة المطلوبة.
من جهة أخرى، قررت الدائرة الجنائية بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي بالمحكمة الابتدائية في وقت متأخر من ليلة أول من أمس، الحكم بعشر سنوات مع النفاذ العاجل في حق صهر الرئيس السابق بلحسن الطرابلسي.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.