إرجاء منح الثقة للحكومة الليبية الجديدة إلى اليوم

تباين الآراء بين مشجعين لها ومعترضين على عدد الحقائب

جانب من جلسات البرلمان الليبي أمس لمناقشة منح الثقة لحكومة دبيبة (رويترز)
جانب من جلسات البرلمان الليبي أمس لمناقشة منح الثقة لحكومة دبيبة (رويترز)
TT

إرجاء منح الثقة للحكومة الليبية الجديدة إلى اليوم

جانب من جلسات البرلمان الليبي أمس لمناقشة منح الثقة لحكومة دبيبة (رويترز)
جانب من جلسات البرلمان الليبي أمس لمناقشة منح الثقة لحكومة دبيبة (رويترز)

أعلن النائب الأول لرئيس مجلس النواب الليبي، فوزي النويري، أمس، تعليق جلسة مجلس النواب لمنح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية الجديدة، واستئنافها اليوم (الثلاثاء)، ودعوة رئيس الحكومة المكلف عبد الحميد دبيبة لحضورها.
ونجح البرلمان أمس، في عقد جلسة رسمية كاملة النصاب في مدينة سرت (شمال وسط)، بعد غياب وانقسام دام عدة سنوات، حضرها 132 نائباً، بحسب تصريح مقرر الجلسة التي تمت إذاعتها مباشرة، وترأس الجلسة رئيس المجلس عقيلة صالح، ونائباه فوزي النويري وحميد حومة.
وناقش النواب أمس، تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية التي قدّمها رئيس الحكومة، عبد الحميد دبيبة، وتباينت الآراء بين مشجع على منح الثقة، ومعترض على عدد الحقائب المبالغ فيه، بحسب آراء بعض النواب. فيما طالب نواب بتضمين «مخرجات حوار تونس» الذي أنتج السلطة التنفيذية الجديدة في الإعلان الدستوري.
وجاء التأجيل من أجل الاستماع لرئيس الحكومة الذي سيحضر جلسة اليوم، قبل أن يتم التصويت على منح الثقة من عدمه. وفي حال فشل البرلمان في منح الثقة سيحال الأمر إلى أعضاء الملتقى.
ووجه عدد من النواب أسئلة إلى دبيبة حول خريطة طريق حكومته قبل موعد الانتخابات المقبلة، إلى جانب انتقاده بشأن تسمية شخصيات اعتبرت «جدلية» في حكومته المقترحة، في وقت تواجه فيه حكومة دبيبة خلافات وتحديات عديدة منذ تسميته رئيساً لها قبل شهر، قد تؤثر حسب مراقبين، على مصير اعتمادها من طرف السلطة التشريعية في ليبيا.
وفي حال فشل جلسة منح الثقة، ستكون لدى دبيبة فرصة ثانية لينظر البرلمان في حكومته في 19 من الشهر الجاري، وفقاً لخريطة الطريق التي اتفقت بشأنها الأطراف الليبية في جنيف الشهر الماضي. وإذا تكرر فشل جلسة التصويت الثانية، سيؤول التصويت إلى الأعضاء الـ75 الممثلين لملتقى الحوار السياسي الليبي.
وحث دبيبة في كلمة متلفزة وجهها إلى الشعب الليبي قبل الجلسة، أعضاء المجلس على عدم تفويت فرصة تغليب مصلحة الوطن على كلّ الحسابات الخاصة وتمكين الحكومة من مباشرة مهامّها الصّعبة على الفور وعدم ترحيل إجراءِ نيل الثقة إلى مرحلة أخرى، وبالتالي عرقلة المسار الانتخابيّ الذي أوصت به مخرجات جنيف، وحرمان الشعب الليبي من الوصول إلى انتخابات حقيقية ونزيهة، معتبراً أن مسار تشكيل الحكومة لم يكن بالأمر السّهل.
وفي محاولة لإقناع الأعضاء بحكومته المثيرة للجدل، أضاف دبيبة: «أتحدث إليكم وأنا أرى بعيني الحكومة الجديدة تعمل لهذا الشّعب العظيم، وتعالج أزمة الكهرباءِ ضمن ما تعهّدت به زمنياً، وَتحرّك عجلة الاقتصاد، فتنتهي أزمة الطوابير أمام المصارفِ. وقبل كُلّ ذلك أرى الليبيين بانتظام يتلقّون لقاح كورونا كما يليق بهم وبكرامتهم».
كما دافع دبيبة عن العدد الحالي لحكومته قائلاً: «ليس خافياً على كل عاقل أنّ آلية الحوار بملتقى جنيف فرضت على جميع من قبلوا بهذه العملية، أنّ مخرجات الحكومة والخريطة السياسية يجبُ ألا تستثني أحداً، وبذلك كانت الحكومة في شكلها الحالي من حيث عدد الوزراء، والمحاصصة الجغرافية، أو الجهوية، والتي يكون فيها الصانِعُ مكرهاً لا بطلاً»، على حد تعبيره.
وانخرط أعضاء المجلس في مشاورات مع دبيبة حول بعض الأسماء المرشحة لدخول الحكومة المكونة من 27 حقيبة وزارية، بعد الجدل الذى أثاره الكشف عنها مؤخراً، وسط توقعات بتأجيل منح الثقة للحكومة لمنح دبيبة الفرصة لإجراء تعديل على تشكيلته الوزارية.
ومنذ إعلان حكومته وعدد حقائبها التي تعد كبيرة بالنسبة لحكومة مدتها أقل من عام واحد، اشتعل الجدل في الأوساط السياسية والشعبية. لكن ذلك لم يمنع من توالي وصول أعضاء المجلس من مختلف مناطق البلاد جواً إلى مدينة سرت، الواقعة على خط الجبهة، وسط إجراءات أمنية مشددة، وتولي اللجنة العسكرية المشتركة (5 + 5) تأمين الجلسة استجابة لطلب رئيس المجلس.
وقبل ساعات من انطلاق الجلسة، حذر 11 من أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي، في بيان مشترك، من إدخال البلاد في مأزق تشريعي، وأن تضطر بعثة الأمم المتحدة إلى إحالة الأمر إلى الملتقى لمنح الثقة للحكومة، في حال عدم تمريرها من البرلمان. وشدد البيان على ضرورة إعطاء الثقة للحكومة واعتماد خريطة الطريق، كحزمة واحدة؛ كون الأخيرة هي الأساس الذي ارتكز عليه حوار جنيف، والضمان الوحيد لإتمام الاستحقاق الانتخابي في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وأعلنت السفارة الأميركية تأييدها لموقف بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، بشأن أهمية عقد هذه الجلسة، كونها «خطوة مهمة أخرى نحو استعادة وحدة وشرعية المؤسسات والسلطات الليبية». ودعا المبعوث الأممي يان كوبيش إلى «عدم عرقلة هذه الجهود تحت أي ذريعة، بما في ذلك تناقل أخبار مزيفة مثل الرسالة النصية المتداولة حول التحقيقات التي تجريها الأمم المتحدة بشأن مزاعم الرشوة»، ونفى وجود تحقيقات أممية بالخصوص. إلى ذلك، أعلن أحمد معيتيق، نائب فائز السراج رئيس حكومة الوفاق، انتهاء الانقسام المالي بين وزارتي المالية التابعة لحكومته وقرينتها في الحكومة الموازية بشرق البلاد قرار إحالة المرتبات. وقال مساء أول أمس، إن الستار أسدل بشكل رسمي عن حقبة الانقسام المالي بين الوزارتين، مشيراً إلى إحالة وزارة المالية بحكومة الوفاق مرتبات كل موظفي الدولة الليبية بمختلف القطاعات والوحدات الإدارية، الذين يفوق عددهم 1.8 مليون موظف، إلى مصرف ليبيا المركزي، واعتبر معيتيق هذا التطور بمثابة «اللبنة الأولى في طريق توحيد مؤسسات الدولة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».