يتأسس كتاب الدكتور سعد البازعي، الصادر حديثاً عن المركز الثقافي العربي، على قناعة المؤلف بالدور المركزي الذي تلعبه المفاهيم في تطور الفكر وتنامي الثقافات. يؤكد ذلك ابتداءً بمناقشة لما طرحه الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز حول الأهمية الفلسفية للمفاهيم حين يعرّف الفلسفة بأنها صناعة المفاهيم.
غير أن الكتاب ليس معنياً بالمفاهيم بحد ذاتها أو بماهيتها وإنما بانتقالها بين اللغات والثقافات وما يحدث لها من تغير وتحدثه من تغيير جراء ذلك الانتقال. إنها المفاهيم، كما يقول المؤلف: «في حالة سيولتها أو تدفقها من بيئة إلى أخرى أو من نص إلى آخر ضمن البيئة الواحدة».
تلك السيولة أو التدفق هي الهجرة المقصودة التي ترتبط بانتقال الأفكار أو المشاعر أو المعارف والآداب والفنون، أي الهجرة حين تأخذ صفة التحول وتحدث التحول في الوقت نفسه. والكتاب معني في المقام الأول بمفاهيم وتحولات محددة، يطرحها بوصفها أمثلة، للتغير الحادث نتيجة انتقالها من بيئات أوروبية إلى بيئات عربية إسلامية.
يتضح ذلك في مناقشة مفهوم كالنسوية عند انتقاله من بيئته الغربية الحاضنة إلى بيئة مختلفة كالبيئة العربية، أو كما حدث لمفهوم المقارنة في الدراسات الأدبية، أو مفهوم العدو في تشكيل العلاقات الثقافية. أما في جانب التحولات الثقافية المتصلة بانتقال المفاهيم على نحو ما فيقدم الكتاب تحليلات من خلال عناوين مثل «الكتب وتحولات الحضارة» و«مآلات الكتب»، وكذلك من خلال تحليل لموقع الأندلس في تاريخ العلاقات العربية الأوروبية، هذا إلى جانب المناقشة التي ضمنها مارتن هايدغر لانتقالات مفهوم الفلسفة في كتابه «ما هي الفلسفة» الذي ترجم البازعي جزءاً منه في الفصل الأخير من كتابه.
سعد البازعي يبحث في «هجرة المفاهيم» وانتقالها بين اللغات والثقافات
سعد البازعي يبحث في «هجرة المفاهيم» وانتقالها بين اللغات والثقافات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة