«اللجنة الثورية» الحوثية تبدأ إصدار القرارات وإدارة الدولة

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: يفرضون الأمر الواقع.. وإيران أصبحت موجودة بقوة في اليمن

مناصرو جماعة {الحوثي} يستمعون إلى خطاب عبد الملك الحوثي من خلال شاشة تلفزيونية  في استاد شمال صنعاء أمس (أ.ف.ب)
مناصرو جماعة {الحوثي} يستمعون إلى خطاب عبد الملك الحوثي من خلال شاشة تلفزيونية في استاد شمال صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

«اللجنة الثورية» الحوثية تبدأ إصدار القرارات وإدارة الدولة

مناصرو جماعة {الحوثي} يستمعون إلى خطاب عبد الملك الحوثي من خلال شاشة تلفزيونية  في استاد شمال صنعاء أمس (أ.ف.ب)
مناصرو جماعة {الحوثي} يستمعون إلى خطاب عبد الملك الحوثي من خلال شاشة تلفزيونية في استاد شمال صنعاء أمس (أ.ف.ب)

باشرت «اللجنة الثورية» في اليمن اتخاذ قرارات رسمية، بعدما سيطرت على نظام الحكم وأصبح رئيسها محمد علي الحوثي، هو الحاكم الفعلي للبلاد، فقد أصدرت قرارات تكليف وتعيين، في الوقت الذي تستمر فيه حالة الرفض السياسي والشعبي لما أقدم عليه الحوثيون.
وأعلنت بعض القوى والمكونات السياسية رفضها لخطوة الحوثيين، وقال حزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي، في بيان له: «بينما كانت عملية الحوار تمضي برعاية المبعوث الأممي جمال بنعمر، وكان المتحاورون على وشك الوصول إلى توافق وطني لحل الأزمة الراهنة؛ إذ بالحوثيين ينقلبون على تلك الحوارات، ويتخذون موقفا أحاديا عبر ما سموه (إعلانا دستوريا)، وأكد الحزب رفضه لـ(تلك الخطوة الأحادية وما يترتب عليها، وأنه لا حل إلا بإلغاء كافة الخطوات الانفرادية والعودة للحوار، باعتبار التوافق الوطني هو الطريق الوحيد لحل الأزمة الحالية، وكل المشكلات والاختلافات الحاصلة أو التي قد تحصل)».
وكان التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري أعلن رفضه لخطوة الحوثيين، وقال بلاغ صحافي صادر عن أمانته العامة بأن الحوثيين «ألغوا مبدأ الحوار بين القوى السياسية كوسيلة حضارية لإخراج الوطن من الأزمات واللجوء إلى الإعلان الدستوري الذي يعتبر وبلا شك انقلابا مكتمل الأركان على الشرعية الدستورية والتوافقية الناتجة عن ثورة 11 فبراير (شباط) 2011م بهدف الاستيلاء على السلطة، وهو ما يعد عملا مدانا، ويتحملون كامل المسؤولية عن التداعيات الخطيرة المترتبة على ذلك في كل الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والاجتماعية ومصير ومستقبل الوطن».
وفي أول قرار لها، كلفت ما تسمى في اليمن «اللجنة الثورية»، اللواء الركن محمود سالم الصبيحي، القيام بمهام وزير الدفاع، واللواء الركن جلال الرويشان، وهما المنصبان اللذان كانا يشغلانهما في الحكومة المستقيلة، وقد حضر الوزيران، أول من أمس، الاجتماع الذي جرى فيه إصدار الإعلان الدستوري الصادر عن اللجنة الثورية، رغم أن مصادر يمنية معارضة أكدت أنه جرى إحضار الرجلين قسرا إلى القصر الجمهوري الذي أعلن فيه الحوثيون حل البرلمان وتشكيل مجلس وطني خلفا له ومجلس لرئاسة البلاد لفترة انتقالية لمدة عامين.
ونص القرار الذي حمل رقم 2 والصادر عن «اللجنة الثورية»، على تشكيل اللجنة الأمنية العليا، وقد استند إلى الدستور اليمني والإعلان الدستوري الصادر عن اللجنة، وتضمن القرار تعيين 17 شخصا في اللجنة الأمنية الخاصة بإدارة شؤون البلاد، وهي برئاسة اللواء الركن محمود سالم الصبيحي، وزير الدفاع المستقيل سابقا والمكلف حاليا، وهم: «اللواء الركن جلال الرويشان، حمود خالد الصوفي، د. علي حسن الأحمدي، اللواء الركن حسين خيران، اللواء الركن زكريا الشامي، العميد الركن أحمد محسن اليافعي، اللواء الركن عبد الرزاق المروني، اللواء الركن عوض بن فريد، اللواء الركن عبد الرقيب ثابت الصبيحي، اللواء الركن علي بن علي الجائفي، اللواء الركن عبد الله محنف، يوسف حسن إسماعيل المداني، عبد الله يحيى عبد الله الحاكم، عبد الرب صالح أحمد جرفان، طه حسن المداني، محمد ضيف الله صالح صبحان، محمد عبد الكريم الغماري»، ونصت المادة الثانية من القرار على أن «تعمل اللجنة على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحفظ الأمن والاستقرار وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم».
وبحسب أسماء أعضاء اللجنة الأمنية العليا المعنية، فإن معظمهم من الحوثيين، سواء منهم في السلك العسكري أو من تم تعيينهم دون ذكر رتبهم العسكرية، في إشارة واضحة إلى أنهم من الميليشيا المسلحة للحوثيين، وقد تحدثت مصادر إعلامية يمنية عن أن الدكتور علي حسن الأحمدي، رئيس جهاز الأمن القومي (المخابرات)، اعتذر عن القيام بمهامه واستقال من منصبه.
وفي أول اجتماع لها، ناقشت اللجنة الأمنية العليا «الموقف العسكري والأمني على مستوى أمانة العاصمة ومحافظات الجمهورية في إطار الوظيفة الدستورية للقوات المسلحة والأمن»، ونقل عن رئيس اللجنة اللواء الصبيحي قوله إن «القوات المسلحة تضع على عاتق منتسبيها مسؤولية وطنية وتاريخية في الاضطلاع بتنفيذ جميع المهام والواجبات المسندة إليها بكل كفاءة وأمانة وإخلاص، وإنها تقف إلى جانب الشعب وستظل على الدوام قوة بيد الشعب تؤدي واجباتها بمهنية وحيادية تامة وبولاء مطلق لله ثم الوطن والشعب»، وأكد أن «الأيام المقبلة ستشهد انتشارا أمنيا واسعا في أمانة العاصمة وبعض المحافظات بالتنسيق بين وحدات القوات المسلحة والأمن واللجان الشعبية عبر تشكيل غرفة عمليات مشتركة في وزارة الدفاع للإشراف والمتابعة لأي مهام أمنية وعسكرية».
وقالت مصادر سياسية يمنية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط إن الحوثيين «يسعون، بكل الطرق، إلى إشراك مسؤولين سابقين وجعلهم في واجهة الأحداث من أجل الحصول على صبغة شرعية لمعنى الشراكة التي سعوا إليها بالقوة المسلحة، ولكن مسؤولين مجردين من أي صلاحيات أو إرادة حقيقية في اتخاذ القرارات وتطبيقها ولا ينصاع إلى أوامرهم أحد»، واتهمت هذه المصادر جماعة الحوثي بـ«تدمير البنية التحتية والمالية والوثائقية للدولة اليمنية وبالقيام بتمزيق النسيج الاجتماعي وتقسيمه على أساس مذهبي وطائفي ومناطقي واضح».
وذكرت هذه المصادر، التي رفضت الإشارة إليها، أنها «تريد نقل النموذج الإيراني إلى اليمن، وقد باتت إيران اليوم حاضرة بأجهزتها المخابراتية والأمنية والعسكرية وخبرائها الاستراتيجيين في مفاصل الدولة اليمنية، وهو ما يشكل خطورة على دول الجوار»، واستشهدت المصادر بالدور الإيراني «المحدود في السابق والدعم الذي كان يأتي خفية للحوثيين بالسلاح والمال، وكيف تحول إلى صورة علنية بعد سيطرة الحوثيين»، وعبرت المصادر عن سخريتها من تصريحات الخارجية الإيرانية التي اعتبرت ما قام به الحوثيون في اليمن «لا يتعارض مع المبادرة الخليجية، بل مكمل لها».
من جانبه، سرد صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي لحركة «أنصار الله» الحوثية الخيارات التي كانت مطروحة قبل إقدامهم على مسألة الإعلان الدستوري، ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) عن الصماد قوله إن إعلان اللجنة الثورية للإعلان الدستوري «جاء ليحسم خيارات كثيرة كانت تستغل لتضييع الوقت رغم عدم جدواها إلى مسار عام الجميع متوافق عليه لولا المكايدات السياسية»، واستعرض الصماد الخيارات التي كانت مطروحة وتناقش وهي: «خيار عودة الرئيس المستقيل وهذا الخيار قدمته بعض الأحزاب نكاية بأنصار الله وتضييعا للوقت رغم تأكيد الرئيس المستقيل على عدم عودته نهائيا»، و«خيار تقديم الاستقالة للبرلمان وانتقال السلطة لهيئة رئاسة البرلمان الذي يتحكم المؤتمر الشعبي العام بأغلبيته وهيئة رئاسته، وهذا الخيار يعني عدم الخروج إلى أي أفق كون قرارات المجلس بالتوافق منذ المبادرة الخليجية، ورفض بعض أحزاب اللقاء المشترك لهذا الخيار وتهديدهم بتعطيله، وكذلك عدم إمكانية إجراء انتخابات برلمانية خلال ستين يوما كون ذلك استحال في مراحل أفضل من المرحلة الحالية»، وأيضا «خيار مجلس رئاسي وهذا الخيار كان الأوفر حظا بين الخيارات كلها، وكل المكونات مجمعة عليه، إلا أنها تحاول التمسك بخيارات غير مجدية للابتزاز وتضييع الوقت، الأمر الذي يعني مزيدا من الانهيار للوطن ووحدته وتلاشي مؤسساته».
ونفى رئيس المجلس السياسي لـ«أنصار الله» أن يكون الحوثيون يسعون إلى إقصاء الآخرين، وقال: «حدد الإعلان مسارا واحدا ليس فيه إقصاء لأي طرف وما زالت فيه مساحة واسعة للشراكة والنهوض بالمسؤولية بعيدا عن المكايدات التي لشعبنا معها تاريخ مرير ومؤلم أوصلت اليمن إلى ما وصل إليه»، وأكد أن «يد الشراكة ممدودة لكل من يريد أن يساهم في بناء الوطن، وعلى جميع القوى في الداخل والخارج أن تطمئن إلى أن الثورة لم ولن تستهدف أي طرف وستعمل على تعزيز الوحدة الوطنية بين كل أبناء الشعب اليمني بكل أطيافه وبناء علاقات متينة مع كل دول العالم على أساس الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدول ومصالحها»، وفي الوقت الذي طمأن فيه الجميع إلى عدم القلق، قال إن «المواقف السلبية ستضر كل من تبناها، ولن تجدي في ثني شعبنا عن مواصلة مشواره في تصحيح واقعه المؤلم»، وإنه «وفي حال أقدمت بعض القوى في الداخل على اتخاذ مواقف سلبية تضر بمصلحة الوطن، فإنها لن تكون بمنأى عن أي تداعيات قد تحصل جراء مواقفها مع أنها لن تجني غير الخسارة والهوان، وكذلك القوى في الخارج من مصلحتها أن تقف مع الشعب الذي سيثمن أي مواقف إيجابية ولن تثنيه أي مواقف مضادة قد تتبناها أي قوى خارجية؛ ولذلك ليس هناك أي قلق إطلاقا، وتبديد القلق يأتي بالوقوف مع الشعب وإرادته»، على حد تعبيره.
وشهدت صنعاء وبقية المحافظات اليمنية، لليوم الثاني على التوالي، مظاهرات احتجاجا على الإعلان الدستوري الذي وصفوه بأنه استكمال لما يسميه المتظاهرون بالانقلاب على الشرعية الدستورية، حسب تعبيرهم، فيما احتفل أنصار الحوثيين ابتهاجا بما سموه انتصار ثورة 21 سبتمبر، في هذه الأثناء، عبر الكثير من المواطنين اليمنيين عن رفضهم لسيطرة الحوثيين على مقاليد السلطة في البلاد، وتوجد، في المجتمع اليمني، فئات تحبذ الصمت ومراقبة الأوضاع، وهناك من ينتظر من يقدم الإنجازات ويحسن الوضع الاقتصادي والمعيشي، بغض النظر عن توجهاته السياسية أو المذهبية، وفي جولة في ميدان التحرير بصنعاء، استمعت «الشرق الأوسط» إلى آراء عدد من المواطنين بشأن التطورات الجارية في البلاد، وهناك شبه إجماع في تلك الآراء على أن إقدام الحوثيين على إصدار إعلان دستوري، هو بمثابة انقلاب «كامل المواصفات والأركان». وعبَّر نور عزيزي، رئيس إحدى المنظمات الحقوقية، عن اعتقاده أن ما جرى يعد انتكاسة لعمل منظمات المجتمع المدني وللحقوق والحريات بصورة كاملة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما جرى من قبل الحوثيين انقلاب مكتمل المواصفات والأركان».



حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.


العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
TT

العليمي يُحذّر من تقويض وحدة القرار السيادي للدولة

جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)
جنود على متن حافلة عسكرية في عدن يرفعون إشارة النصر في ذكرى استقلال جنوب اليمن (أ.ف.ب)

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، من أن أي إجراءات أحادية أو صراعات جانبية داخل المناطق المحررة من شأنها أن تقوّض وحدة القرار السيادي للدولة، وتمنح الجماعة الحوثية المدعومة من إيران فرصة لمراكمة المكاسب على حساب الاستقرار الوطني.

وجاءت تصريحات رئيس مجلس القيادة اليمني قبل مغادرته العاصمة المؤقتة عدن، الجمعة، متوجهاً إلى السعودية لإجراء مشاورات رفيعة مع شركاء إقليميين ودوليين، في ظل تطورات حساسة تشهدها المحافظات الشرقية، وعلى رأسها حضرموت.

وأكّد العليمي في تصريحات رسمية التزام المجلس والحكومة بنهج الشراكة الوطنية، والمسؤولية الجماعية في استكمال مهام المرحلة الانتقالية، بموجب مرجعياتها المتفق عليها، وفي المقدمة إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

كما أكّد مسؤولية الدولة وحدها عن حماية مؤسساتها الوطنية، وصون مصالح المواطنين، والحفاظ على وحدة القرار السيادي، ورفض أي إجراءات أحادية من شأنها منازعة الحكومة، والسلطات المحلية صلاحياتها الحصرية، والإضرار بالأمن والاستقرار، وتعميق المعاناة الإنسانية، أو تقويض فرص التعافي الاقتصادي، والثقة المتنامية مع المجتمع الدولي.

وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني: «إن معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية، وتنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية، ستظل في صدارة الأولويات الوطنية». وحذّر من أن أي انشغال بصراعات جانبية، لا يخدم سوى المشروع الإيراني، وأدواته التخريبية، ومضاعفة معاناة اليمنيين، وفق ما نقلته عنه وكالة «سبأ» الرسمية.

تغليب مصلحة حضرموت

وأشاد العليمي في تصريحاته بجهود السعودية التي قادت إلى التوصل لاتفاق التهدئة الأخير في محافظة حضرموت (شرق)، مؤكداً أهمية الالتزام الكامل ببنود الاتفاق، والبناء على هذه الجهود الحميدة، وتغليب مصلحة حضرموت وأبنائها، بوصفها ركيزة أساسية للاستقرار في اليمن، والمنطقة.

كما جدد دعمه الكامل لقيادة السلطة المحلية والشخصيات والوجاهات القبلية في قيادة مساعي الوساطة، والتسريع بإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، وتمكين أبناء حضرموت من إدارة شؤونهم المحلية، إنفاذاً لتعهدات مجلس القيادة، وخطته لتطبيع الأوضاع في المحافظة.

مظاهرة في صنعاء حيث العاصمة اليمنية المختطفة دعا إليها زعيم الجماعة الحوثية (أ.ب)

ووجّه العليمي في هذا السياق، قيادة السلطة المحلية في محافظة حضرموت، والجهات المعنية في الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، والأضرار التي طالت المواطنين، والممتلكات العامة والخاصة، خصوصاً في مديريات الوادي والصحراء، واتخاذ ما يلزم لجبر الضرر، وعدم إفلات المتورطين من العقاب.

كما دعا رئيس مجلس القيادة اليمني جميع المكونات الوطنية إلى نبذ الخلافات، والتحلي بأعلى درجات المسؤولية، وتوحيد الصف في مواجهة التحديات، وإسناد الحكومة للوفاء بالتزاماتها الحتمية، وجعل مصلحة المواطنين، وكرامتهم الإنسانية، فوق كل اعتبار.