تجاهلت تركيا التحذيرات الأميركية بشأن اقتناء منظومة الدفاع الجوي الصاروخية الروسية «إس 400» مُعلنةً أنها تواصل مفاوضاتها للحصول على دفعة جديدة منها، وفي الوقت ذاته واصلت رسائلها حول تحسين العلاقات مع أوروبا.
وأبدى الرئيس التركي استدارة واسعة باتجاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماركون استقبلتها باريس بحذر، معلنةً أنها ستنتظر لترى فعلاً على الأرض من جانب أنقرة.
وقال مستشار الصناعات الدفاعية برئاسة الجمهورية التركية، إسماعيل دمير، إن بلاده تواصل المباحثات مع روسيا حول شراء دفعة ثانية من منظومة «إس 400»، وإن المفاوضات مع الجانب الروسي، تشمل أيضاً إمكانية الإنتاج المشترك لهذه المنظومة رغم العقوبات الأميركية. وفرضت واشنطن عقوبات على تركيا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات (كاتسا)، شملت دمير و3 آخرين من مسؤولي مستشارية الصناعات الدفاعية إلى جانب خطوات سابقة شملت حرمان أنقرة من الحصول على مقاتلات «إف 35» الأميركية وإخراجها من برنامج مشترك يشرف عليه حلف شمال الأطلسي (ناتو) لتطويرها.
وقال دمير، في مقابلة تلفزيونية، أمس (الأربعاء)، غداة اجتماع للرئيس رجب طيب إردوغان مع مسؤولي الصناعات الدفاعية، مساء أول من أمس: «نحن لا نلاحظ وجود تأثير كبير لهذه العقوبات، ونرى أنها غير عادلة، ويجب على الولايات المتحدة تصحيح ذلك... قلنا مرات عديدة إن لغة العقوبات لن تؤثر على تركيا».
وفي مقابل التصعيد التركي مع واشنطن في هذا الملف، واصلت أنقرة رسائلها للاتحاد الأوروبي التي تهدف إلى إزالة التوتر وتحسين العلاقات. وأقدم الرئيس رجب طيب إردوغان على استدارة مفاجئة في علاقته المتوترة مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وقال في اتصال معه عبر «الفيديو» ليل الثلاثاء - الأربعاء، إنه يمكن لتركيا وفرنسا، بصفتهما حليفين قويين في «الناتو»، تقديم مساهمات مهمة لجهود الأمن والاستقرار الإقليمي، بحسب بيان للرئاسة التركية.
وذكر البيان أن إردوغان أشار، خلال الاتصال، إلى أنه يتباحث مع ماكرون مجدداً، بعد انقطاع لفترة طويلة، وأن الحوار بين زعماء تركيا وفرنسا على مدى التاريخ لطالما أدى دوراً كبيراً في العلاقات بين البلدين، وأن علاقة الصداقة التي أُسّس لها عبر الرسائل المتبادلة بين ملك فرنسا فرنسوا الأول والسلطان العثماني سليمان القانوني، اجتازت بنجاح العديد من الأزمات.
وعبر إردوغان عن ثقته في أن علاقات التعاون بين تركيا وفرنسا تتمتع بإمكانات كبيرة جداً، قائلاً: «يمكننا تقديم مساهمات مهمة لجهود الأمن والاستقرار والسلام في منطقة جغرافية واسعة، بدءاً من أوروبا وحتى القوقاز، ومن الشرق الأوسط حتى أفريقيا، بصفتنا حليفين قويين في (الناتو). وهناك خطوات يمكننا اتخاذها بشكل مشترك في مكافحة المنظمات الإرهابية التي تهدد بلادنا وسلامة مواطنينا وممتلكاتهم... نرغب في تحرك تركيا وفرنسا معاً بهذه القضايا كافة».
واتسمت العلاقات بين إردوغان وماكرون، على مدى أعوام، بالتوتر والتراشق بالتصريحات، لا سيما من جانب إردوغان الذي طالب نظيره الفرنسي بالكشف عن «صحته العقلية».
واستقبلت باريس تصريحات إردوغان بنوع من الحذر. وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أن تركيا توقفت عن إهانة فرنسا والاتحاد الأوروبي، ما قدم بعض الطمأنينة، لكن العلاقات ستظل هشة حتى تتخذ أنقرة إجراءات ملموسة. وقال لودريان، في جلسة استماع برلمانية في وقت متأخر ليل أول من أمس، «لم يعد هناك أي إهانات واللغة مطمئنة أكثر»، مشدداً في الوقت نفسه على أن «هناك حاجة لاتخاذ إجراءات وسنكون قادرين على اتخاذ موقف ولكن هذا مجرد تحذير».
وأضاف أن سحب سفن الأبحاث التركية من المياه القبرصية في شرق البحر المتوسط، وإظهار تركيا رغبة في استئناف المحادثات مع اليونان بشأن نزاع بحري طويل الأمد، كانت علامات إيجابية.
ومن المقرر أن يعيد الاتحاد الأوروبي خلال قمته في أواخر مارس (آذار) الحالي تقييم عقوبات أعلنها ضد أشخاص في تركيا فيما يتعلق بالأنشطة «غير القانونية» للتنقيب عن النفط والغاز شرق البحر المتوسط، طالبت فرنسا بتشديدها.
في سياق متصل، قال وزير العدل التركي عبد الحميد غل، في تصريحات، أمس، إنه «مهما كان نهج الاتحاد الأوروبي سنواصل جميع إصلاحاتنا وفق مفهوم (مواطنونا يستحقون الأفضل)»، لافتاً إلى أن تركيا أنجزت تحضيرات مهمة بخصوص الإعفاء من تأشيرة دخول دول الاتحاد الأوروبي (شنغن)، وأعتقد أننا سنحصد نتائج إيجابية في حال قدم الاتحاد مساهمات صادقة بهذا الشأن.
في سياق قريب، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن تركيا ومصر قد تتفاوضان على ترسيم الحدود في شرق البحر المتوسط، إذا سمحت الظروف. وأضاف جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي عقب اجتماعه مع وزير خارجية جورجيا ديفيد زلكالياني في أنقرة، أمس، إنه «بناءً على سير العلاقات يمكننا التفاوض مع مصر بشأن مناطق الصلاحية البحرية وتوقيع اتفاق معها بهذا الخصوص».
وأعلنت القاهرة قبل يومين عن مناقصة للتنقيب عن الهيدروكربون (النفط والغاز) في شرق البحر المتوسط، مع مراعاة حدود الجرف القاري الذي أعلنته تركيا للأمم المتحدة. وفسرت الصحف اليونانية الأمر على أن مصر تركت أمام أنقرة بابا مفتوحاً للمفاوضات. وسبق أن عبرت تركيا عن تقديرها للموقف المصري في الاتفاقيات التي وقعتها مع كل من اليونان وقبرص، حيث لم تشمل مساساً بما تقول تركيا إنه جرفها القاري في البحر المتوسط.
9:54 دقيقة
استدارة مفاجئة لإردوغان تجاه ماكرون... وإصرار على «إس 400»
https://aawsat.com/home/article/2839476/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D9%81%D8%A7%D8%AC%D8%A6%D8%A9-%D9%84%D8%A5%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D9%87-%D9%85%D8%A7%D9%83%D8%B1%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%A5%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%C2%AB%D8%A5%D8%B3-400%C2%BB
استدارة مفاجئة لإردوغان تجاه ماكرون... وإصرار على «إس 400»
تركيا تلمح إلى إمكان توقيع اتفاق مع مصر لترسيم الحدود البحرية
- أنقرة: سعيد عبد الرازق
- أنقرة: سعيد عبد الرازق
استدارة مفاجئة لإردوغان تجاه ماكرون... وإصرار على «إس 400»
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة