«التوزيع غير العادل» للقاحات يهدد تحقيق «مناعة القطيع»

130 دولة لم تطعّم أي شخص من سكانها حتى الآن

أحد مراكز التطعيم في سريلانكا (أ.ف.ب)
أحد مراكز التطعيم في سريلانكا (أ.ف.ب)
TT

«التوزيع غير العادل» للقاحات يهدد تحقيق «مناعة القطيع»

أحد مراكز التطعيم في سريلانكا (أ.ف.ب)
أحد مراكز التطعيم في سريلانكا (أ.ف.ب)

ظهر وباء «كورونا» المستجد لأول مرة في الصين، وانتقل منها إلى كل بقاع الأرض، وهذه الطبيعة العالمية لانتشار الوباء، تفرض أن تكون هناك طبيعة عالمية أيضاً في مواجهته. وإذا كانت الدول تسعى حاليا إلى المواجهة عبر اللقاحات، لتحقيق ما يعرف بـ«المناعة المجتمعية» أو «مناعة القطيع»، فإن هذه المناعة سوف تتحطم على صخرة «التوزيع غير المنصف» للقاحات.
وحذرت منظمة الصحة العالمية في أكثر من مناسبة من أن «الدول لن تكون في مأمن من انتشار الوباء حتى لو نجحت في تطعيم كل سكانها، ما دامت هناك بقعة في العالم ينتشر فيها الوباء»، وهو المعنى الذي أكد عليه مجدداً الدكتور جافين يامي، مدير مركز تأثير السياسات في الصحة العالمية في جامعة ديوك الأميركية، في مقال نشره في 24 فبراير (شباط) الماضي بدورية «نيتشر».
وقال يامي: «بينما أكتب هذا المقال، تم إعطاء 191 مليون حقنة تطعيم ضد (كوفيد– 19)، وذهبت أكثر من ثلاثة أرباع هذه الكمية إلى 10 دول فقط، بينما يوجد نحو 130 دولة بها 2.5 مليار شخص، لم يحصل بها أي شخص حتى الآن على حقنة تطعيم واحدة»، مضيفاً: «تمثل البلدان ذات الدخل المرتفع 16 في المائة فقط من سكان العالم، لكنها اشترت أكثر من نصف جميع جرعات لقاح كوفيد– 19». وحذر من أنه «إذا استمر العالم الغني في تخزين اللقاحات، فسوف يستمر الوباء لمدة تصل إلى سبع سنوات أخرى، حيث يوجد شعار في الصحة العالمية مفاده أن تفشي المرض في أي مكان يمكن أن يؤدي إلى تفشيه في كل مكان، وهذا هو السبب في أنه من مصلحتنا بشكل جماعي كمجتمع دولي أن نبدأ في تقاسم الجرعات للتأكد من أننا نوسع إمدادات اللقاح العالمية».
وكانت المنظمات الصحية العالمية تأمل في تجنب اكتناز اللقاحات من خلال تشجيع البلدان على شراء اللقاحات عبر مرفق «كوفاكس»، وهو تحالف عالمي تم إنشاؤه لمشاركة جرعات اللقاح مع البلدان الفقيرة، ولكن في حين أن ما يقرب من 190 دولة قد انضمت إلى المرفق، فقد تفاوض نحو 36 دولة عالية الدخل أيضاً على صفقات مباشرة مع مصنعي اللقاحات لتأمين الجرعات لمواطنيها. ومن خلال هذه العقود، حصل عدد من البلدان التي تمثل 16 في المائة فقط من سكان العالم على أكثر من نصف لقاحات «كوفيد – 19» المتاحة، وبينما يتوقع كوفاك شراء نحو ملياري جرعة بحلول نهاية عام 2021، فإن هذا يكفي فقط لتطعيم نحو 20 في المائة من الأشخاص في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وأوضح يامي: «ما أجده مزعجاً هو أنه من المحتمل أن يُعرض عليّ التطعيم قبل عامل صحي أو شخص معرّض لخطر كبير في بلد منخفض الدخل أو بلد متوسط الدخل، وهذا ليس صحيحاً، وليس عدلاً».
«وبعيداً عن الإنصاف، هناك مخاطر صحية عامة واقتصادية على الدول الغنية بسبب هذه السياسة، حيث إن ترك مليارات الأشخاص في البلدان الفقيرة بدون حماية لمدة عام أو أكثر، سيسمح للفيروس بالاستمرار في الانتشار ويزيد من مخاطر المتغيرات الجديدة التي يمكن أن تكون أكثر قابلية للانتقال أو مميتة»، كما يؤكد يامي، مضيفاً أن «مثل هذا الوضع يمكن أن تكون له آثار اقتصادية مدمرة على كل من البلدان ذات الدخل المرتفع والمنخفض». واستشهد بإحدى الدراسات التي تقدر أن «ترك الدول الفقيرة بدون حماية قد يكلف الاقتصاد العالمي نحو 9 تريليونات دولار، مع وقوع نصف الخسائر في البلدان ذات الدخل المرتفع».
وتعهدت بعض الدول التي رتبت لشراء كميات كبيرة من اللقاحات، مثل المملكة المتحدة، بالتبرع بجرعات إضافية لمرفق «كوفاكس» بمجرد إكمال تطعيم مواطنيها، لكن يامي يقول إنها «بحاجة إلى التحرك بشكل أسرع»، داعياً إلى إعمال «نظام العشور»، حيث تتبرع البلدان بما يصل إلى 10 في المائة من جرعاتها حتى مع استمرارها في تطعيم سكانها. وقال: «نحتاج إلى التوقف عن التفكير في أمتنا فقط، فنحن بحاجة إلى البدء في التفكير في أنفسنا كمجتمع عالمي مترابط، فنحن مثل السفن في المحيط، وسوف نرتفع ونهبط معاً».



الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن

الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن
TT

الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن

الأمم المتحدة: الأسوأ آتٍ بسبب أشد موجة جفاف في أفريقيا منذ قرن

حذّرت الأمم المتحدة من أن الجفاف القياسي الذي أتلف المحاصيل في الجنوب الأفريقي وتسبب بتجويع ملايين الأشخاص ودفع 5 دول لإعلان كارثة وطنية، دخل الآن أسوأ مراحله.

وذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه يتوقع زيادة عدد الأشخاص الذين يكافحون لتأمين الطعام.

وصرحت المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي بالوكالة في أفريقيا الجنوبية لولا كاسترو لوكالة الصحافة الفرنسية في جوهانسبرغ، الجمعة، أن «الفترة الأسوأ مقبلة الآن. لم يتمكن المزارعون من حصاد أي شيء والمشكلة هي أن الحصاد المقبل في أبريل (نيسان) 2025».

بعد مالاوي وناميبيا وزامبيا وزيمبابوي أصبحت ليسوتو قبل أسبوعين آخر دولة تعلن حال الكارثة الوطنية في أعقاب الجفاف المرتبط بظاهرة النينيو.

وأضافت كاسترو أن دولاً أخرى مثل أنغولا وموزمبيق قد تحذو قريباً حذوها أو تبلغ عن وجود فجوة بين الغذاء المتوفر وما يحتاجون إليه.

وأشارت إلى أن بعض التقديرات تفيد بأن الجفاف هو الأسوأ في المنطقة منذ قرن.

وقالت كاسترو، الجمعة، من مكتب برنامج الأغذية العالمي في جوهانسبرغ، إن ما لا يقل عن 27 مليون شخص تضرروا في منطقة يعتمد الكثيرون فيها على الزراعة.

وأضافت أن الجفاف أتلف 70 في المائة من المحاصيل في زامبيا و80 في المائة في زيمبابوي، ما أدى إلى تراجع كبير في الطلب وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وقالت كاسترو: «الذرة جافة تماماً ورقيقة ونموها ضعيف ويسأل المزارعون عما عليهم فعله ليتمكنوا من إطعام أسرهم».

حتى لو تراجعت ظاهرة النينيو، فإن آثارها لا تزال قائمة.

أطفال من قبيلة الماساي يركضون أمام حمار وحشي قال السكان المحليون إنه نفق بسبب الجفاف (أ.ب)

وأضافت: «لا يمكننا التحدث عن مجاعة لكنّ الأشخاص عاجزون عن شراء وجبات كافية أو استهلاك عدد كافٍ من السعرات الحرارية يومياً. بدأ الأطفال يخسرون الوزن والسكان يعانون».

يشجع برنامج الأغذية العالمي المزارعين على زراعة محاصيل أكثر مقاومة للجفاف مثل الذرة الرفيعة والدخن والكسافا لمواجهة فترات الجفاف مستقبلاً.

وقالت كاسترو إن برنامج الأغذية العالمي، الذي وجه نداء للحصول على 409 ملايين دولار لتوفير الغذاء وغير ذلك من مساعدات لنحو ستة ملايين شخص في المنطقة، لم يتلقَّ حتى الآن سوى 200 مليون دولار.