وثيقة أوروبية ترفض مسبقاً الانتخابات الرئاسية السورية

الدول الأعضاء بدأت مناقشتها... و«الشرق الأوسط» تنشر مضمونها

رجلان يرفعان إشارة النصر أمام صورة للرئيس بشار الأسد في دمشق عام 2011 (أ.ف.ب)
رجلان يرفعان إشارة النصر أمام صورة للرئيس بشار الأسد في دمشق عام 2011 (أ.ف.ب)
TT

وثيقة أوروبية ترفض مسبقاً الانتخابات الرئاسية السورية

رجلان يرفعان إشارة النصر أمام صورة للرئيس بشار الأسد في دمشق عام 2011 (أ.ف.ب)
رجلان يرفعان إشارة النصر أمام صورة للرئيس بشار الأسد في دمشق عام 2011 (أ.ف.ب)

بدأت دول أوروبية تحركاً لإقرار وثيقة قدمتها فرنسا باسم مجموعة ذات تفكير متشابه، وحصلت «الشرق الأوسط» على مسودتها، تقترح رفض «أي انتخابات رئاسية سورية لا تحصل بموجب القرار الدولي (2254)»، وقطع الطريق على «التطبيع» مع دمشق بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نهاية مايو (أيار) المقبل.
وتخطط دمشق لإجراء انتخابات رئاسية، بموجب الدستور الحالي لعام 2012، حيث يتوقع أن يفوز بها الرئيس بشار الأسد. وتدعم موسكو وطهران هذا التوجه، مع جهود روسية كي تكون «الانتخابات نقطة انعطاف وطي صفحة» السنوات العشر الماضية، عبر بدء دول عربية وأوروبية عملية تطبيع دبلوماسي وسياسي مع دمشق، وإرسال أموال لدعم الإعمار في سوريا، والاعتراف بـ«شرعية الانتخابات».

فصل المسارين
تبلغ المبعوث الأممي غير بيدرسن أن لا علاقة بين الانتخابات الرئاسية المقررة بموجب دستور 2012 وأعمال اللجنة الدستورية التي عقدت 5 جلسات دون اتفاق على صوغ مسودة للوثيقة التشريعية بموجب القرار (2254).
ويواصل بيدرسن جهوده بلقاء المعارضة في إسطنبول، بعد لقائه وزير الخارجية فيصل المقداد، ورئيس «الوفد المدعوم من الحكومة» أحمد الكزبري، الذي قدم للمرة الأولى وثيقة تتناول آليات عمل اللجنة الدستورية لصوغ «مبادئ الدستور»، ولقاءات دورية بينه وبين رئيس وفد «هيئة التفاوض» المعارضة هادي البحرة.
وعملياً، النتيجة تتعلق بإصلاح دستوري بعد الانتخابات، وعدم حصول أي تقدم قبل إجراء الانتخابات، ونهاية ولاية الرئيس الأسد في منتصف يوليو (تموز)، بحيث تجري بموجب الدستور القائم الذي يعطي صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، ويدشن ولاية ثالثة للأسد مدتها 7 سنوات، ويحدد معايير الترشح للانتخابات الرئاسية، بينها: الإقامة 10 سنوات متواصلة قبل التقدم للترشح، والحصول على موافقة 35 نائباً في البرلمان. وتلمح موسكو إلى أن الإصلاح قد يطبَّق في أول انتخابات برلمانية مقبلة في 2024، ما لم يقدَّم موعدها.
وكانت «الجبهة الوطنية التقدمية» التي تضم تحالف أحزاب مرخصة، بقيادة «البعث» الحاكم، قد فازت بـ183 مقعداً (بينها 166 بعثياً) من 250 مقعداً في انتخابات البرلمان في يوليو (تموز) العام الماضي، ما يعني أن قرار الترشح الرئاسي بأيدي الحزب الحاكم وتحالف الأحزاب المرخصة.
ولم يعلن أحد بعد عن ترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة، لكن مؤشرات حملة إعلامية بدأت تظهر في مناطق الحكومة التي تشمل المدن الرئيسية والعدد الأكبر من السكان، مع أنباء عن اتصالات مع «الإدارة الذاتية» شرق الفرات لتفاهم حول نشر مراكز اقتراع في مناطق تشكل نحو ربع مساحة سوريا، علماً بأن للحكومة ثلاثة مراكز في القامشلي ومطارها والحسكة. ومن المستبعد وجود مراكز اقتراع في إدلب وشمال البلاد، أو مناطق انتشار غالبية اللاجئين في دول الجوار، مثل تركيا والأردن، باستثناء بعض مناطق لبنان.
وأعربت دول غربية عن انتقاد البيانات الروسية التي تشير إلى «إمكانية الفصل بين الانتخابات الرئاسية واللجنة الدستورية لأنها تثير قدراً عميقاً من القلق، وتُلحق الأضرار بالعملية السياسية وإجماع الآراء المتفق عليها في مجلس الأمن». ورفضت الدول الغربية الاعتراف بالانتخابات البرلمانية في 2012 و2016 و2020، والرئاسية في 2014.

رفض الانتخابات
وبدأ ممثلو الدول الأوروبية اجتماعات لإقرار مسودة لـ«الورقة فرنسية»، واتخاذ موقف موحد من الانتخابات الرئاسية، بناء على مسودة سابقة كانت تتناول الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وحسب المسودة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نصها، فإنها ترمي إلى «منح وساطة الأمم المتحدة المتوقفة منذ 3 سنوات بشأن الدستور زخماً سياسياً جديداً يساهم في معاودة ربط العملية السياسية بالشعب السوري، داخل وخارج البلاد، مع مواجهة القيادة الروسية بشأن العملية السياسية»، إضافة إلى «معارضة محاولات النظام السوري وحلفائه إعلان نهاية الأزمة، من خلال إجراء انتخابات صورية مزيفة في عام 2021 الحالي، من دون الالتزام بتنفيذ العملية السياسية المستندة إلى القرار (2254)، أو التعامل المباشر مع الأسباب العميقة للأزمة الراهنة».
وأضافت الورقة: «من شأن الانتخابات الرئاسية السورية المقبلة لعام 2021 أن تنعقد بموجب الأحكام الدستورية والقوانين المعمول بها راهناً، تحت مظلة وسيطرة النظام السوري الحاكم منفرداً، وستُستغل هذه الانتخابات من جانب النظام الحاكم ومؤيدوه للإعلان من جانب واحد عن نهاية الأزمة السورية، من دون الالتزام بأي شيء يتفق مع تطلعات الشعب، ومن شأن هذه الانتخابات أن تشكل حاجز ردع كبيراً في وجوه اللاجئين».
وأشارت إلى أن «الدول الأوروبية التي كابدت التبعات المباشرة والدائمة للأزمة السورية المستمرة، أمنياً وبالهجرة، لديها مصلحة كبيرة في الحيلولة دون انحراف العملية السياسية عن مسارها الصحيح بواسطة الانتخابات الرئاسية الصورية»، مؤكدة أن «إجراء الانتخابات الحرة النزيهة ذات الاتساق التام مع القرار (2254) هو ما يساهم بصورة حقيقية فاعلة في تسوية الأزمة، وليس تفاقهما. ومن الواضح أن مثل هذه الانتخابات لن تتم في المنظور قصير المدى».
وعليه، فإن الورقة اقترحت خطة عمل مشتركة للدول الأعضاء للتعاطي مع الانتخابات تتضمن خطوات، بينها «الإيضاح عبر رسالتنا العامة أن الانتخابات التي تُعقد بمنأى عن القرار (2254) لا يمكن الاعتداد بها بصفتها مساهمة فاعلة في حل الأزمة السورية، وإنما من شأنها العمل على تقويض فرص التوصل إلى تسوية سياسية حقيقية مستديمة للنزاع السوري»، و«دعوة المبعوث الأممي إلى طرح السلة الانتخابية ضمن العملية السياسية، مع الإشارة بوضوح إلى أنه لا يمكن التوصل إلى حل سياسي يتسق مع القرار (2254) من دون إجراء انتخابات رئاسية حرة نزيهة، مع عدم ادخار الجهود لتمهيد الأجواء المناسبة لعقد هذه الانتخابات بمجرد انتهاء اللجنة الدستورية السورية من أعمالها».
ومن حيث المبدأ، اقترحت الورقة 4 خطوات عمل، هي: «أولاً، ضمانات لمشاركة اللاجئين من الخارج والنازحين في الداخل في عملية الاقتراع. ثانياً، تنفيذ خطوات بناء الثقة، وإيجاد البيئة الآمنة المحايدة. ثالثاً، تهيئة الظروف القانونية والعملية لإجراء الاقتراع التعددي. رابعاً، إشراف منظمة الأمم المتحدة على الانتخابات، وضمان أقصى درجات الحياد».

دعم الحلفاء
ومن المقرر أن تقوم الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي بإقرار عناصر من هذه الورقة في بيان أوروبي في الذكرى العاشرة للاحتجاجات في 15 الشهر الحالي، إضافة إلى «رفع مستوى النفوذ في الأمم المتحدة، وتعزيز الحيازة العربية لمسار الانتخابات السورية، بصفتها ركناً ركيناً في جهود تسوية الأزمة السورية». كما ستعرض على الدول المجاورة لسوريا لـ«إدماج إسهاماتها، بصفتها أطرافاً فاعلة رئيسية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مع تشجيع وتيسير مشاركتهم فيها، بالتعاون مع المبعوث الأممي الخاص بالأزمة السورية في أعمال التحضير لإجراء التصويت خارج البلاد»، إضافة إلى «حشد المغتربين السوريين والمجتمع المدني وقوى المعارضة السورية، من أجل مساعدتها على الإعراب الواضح عن مطالبها بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة ضمن مجريات العملية السياسية».
وفي مقابل هذا الموقف من الانتخابات المقبلة في مايو (أيار)، تقترح الوثيقة الشروع مع الأمم المتحدة «في الأعمال التحضيرية للانتخابات المستقبلية بما يتسق مع القرار (2254)، لا سيما من خلال التواصل مع المغتربين السوريين، وبما يتفق مع أحكام التصويت الانتخابي خارج البلاد التي لا تتطلب الحصول على موافقة رسمية من السلطات السورية. ويستلزم هذا الأمر التوضيح للمواطنين السوريين أن تلك الأعمال التحضيرية لا تهدف إلى السماح لهم بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2021».
وبالتالي، فإنه استعداداً للانتخابات المقبولة غربياً، يجب أن تتضمن 4 معايير، هي: «الضمانات الصارمة التي تؤكد ضرورة مشاركة اللاجئين والنازحين السوريين، وخطوات بناء الثقة على أرض الواقع بُغية خلق البيئة الآمنة المحايدة للناخبين، وتهيئة الظروف القانونية والعملية لإجراء الاقتراع التعددي، وإشراف منظمة الأمم المتحدة على الانتخابات مع ضمان أقصى درجات الحياد في أثناء العملية الانتخابية».
وقد اقترحت دعوة المبعوث الأممي لـ«بدء الأعمال التحضيرية المكثفة اللازمة لتنظيم التصويت الانتخابي خارج البلاد، وذلك بما يتسق مع القرار (2254)، مع المواطنين السوريين كافة، بمن فيهم المغتربين». وقالت: «هذا الأمر لا يستلزم التفاعل المباشر مع النظام السوري الحاكم، ولا ضرورة للحصول على موافقته المسبقة». وكان بيدرسن قد رفض الانخراط في الإعداد للانتخابات، قائلاً إن مهمته بموجب القرار (2254) لا تتعلق بأي انتخابات لا تجري بموجب مضمون القرار الدولي. والانتخابات الرئاسية المقبلة هي رقم 18 منذ عام 1932 التي لم تحظَ بأهمية كبيرة، كونها جرت في ظل الحكم الفرنسي، مقابل اهتمام أكبر بانتخابات 1955 التي تنافس خلالها شكري القوتلي وخالد العظم. أما باقي الانتخابات جميعها، فكانت إما استفتاءات وإما انتخابات يخوضها منافس لا يواجهه فيها أحد. وسمح دستور 2012 بترشح أكثر من شخص للانتخابات بعد عقود من الاستفتاء.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.