رئيس الصومال يريد تمديد الرفع المؤقت لحظر السلاح

قال إن بلاده تحتاج لمعدات في حربها ضد متحالفين مع «القاعدة»

مقاتلون تابعون لحركة الشباب الإسلامية الصومالية أثناء تدريبات عسكرية في منطقة لفوفة جنوب العاصمة مقديشو (أ.ب)
مقاتلون تابعون لحركة الشباب الإسلامية الصومالية أثناء تدريبات عسكرية في منطقة لفوفة جنوب العاصمة مقديشو (أ.ب)
TT

رئيس الصومال يريد تمديد الرفع المؤقت لحظر السلاح

مقاتلون تابعون لحركة الشباب الإسلامية الصومالية أثناء تدريبات عسكرية في منطقة لفوفة جنوب العاصمة مقديشو (أ.ب)
مقاتلون تابعون لحركة الشباب الإسلامية الصومالية أثناء تدريبات عسكرية في منطقة لفوفة جنوب العاصمة مقديشو (أ.ب)

قال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمد إنه يريد تمديد قرار الرفع الجزئي لحظر السلاح الذي أصدره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي ينتهي في مارس (آذار) المقبل، لأن القوات الصومالية تحتاج إلى معدات أكثر وأفضل في حربها مع متمردين متحالفين مع «القاعدة».
وقال الرئيس الصومالي لوكالة رويترز في مقابلة مساء أول من أمس (الأربعاء) إنه أيضا يعمل على تحسين أدارة الأموال العامة بعد استقالتين متلاحقتين لاثنين شغلا منصب محافظ البنك المركزي، مما أثار قلق الغرب ومانحين آخرين.
وانتخب البرلمان شيخ محمد (58 عاما)، وهو أكاديمي سابق، عام 2012، فيما يعد بداية للابتعاد عن 20 عاما من الفوضى السياسية والصراع الذي اندلع في البداية على أيدي قادة ميليشيات متناحرين، ثم متشددي الشباب المتحالفين مع تنظيم القاعدة. ومنذ أن تولى شيخ محمد منصبه، شهدت العاصمة الصومالية طفرة في عمليات البناء، وعاد بعض الصوماليين الذين فروا من البلاد. وفي مؤشر على ثقة دولية أكبر، رفع مجلس الأمن جزئيا حظر السلاح، وسمح لمقديشو باستيراد الأسلحة الخفيفة لجيشها لمدة عام تنتهي في مارس المقبل. لكن هناك تحديات هائلة أمام الحكومة التي تكافح لبسط حكمها على كافة أنحاء البلاد المقسمة، وبناء المؤسسات الكفيلة بإدارة دولة عصرية، بينما هي تواصل حربها مع المتمردين الإسلاميين الذين يسيطرون على مناطق في البلاد.
وقال الرئيس الصومالي في أديس أبابا، التي جاءها لحضور قمة للاتحاد الأفريقي: «على كل صومالي، وعلى شركائنا الدوليين، أن يفهموا أنه ما دامت هناك أراض لا تسيطر عليها الحكومة ستظل ظاهرة الشباب والقاعدة والإرهابيين قائمة دوما». وصرح بأنه حتى يتمكن الجيش الوطني من بسط سيطرته يحتاج إلى معدات وتدريب أفضل، وهو ما سيحرم منه إذا أعيد فرض حظر السلاح.
وكان بعض الدبلوماسيين عبروا العام الماضي عن مخاوفهم من الرفع الجزئي لحظر السلاح، نظرا لانتشار السلاح بالفعل في الصومال والذي يمكن أن ينتهي به الحال بالسقوط في الأيدي الخطأ. لكن الرئيس أكد أن حكومته استجابت للمطالب الخاصة بمراقبة أي أسلحة تدخل البلاد، وقال: «أعتقد أن لنا كل الحق الآن أن نطلب من مجلس الأمن تمديد رفع الحظر (الجزئي)، ثم رفع الحظر في نهاية المطاف». مشيرا إلى أن القوات الصومالية ستحسن قدراتها حين تقاتل إلى جانب قوات حفظ السلام الأفريقية (أميسوم)، التي زاد قوامها أخيرا وتمكنت من طرد الشباب من مناطق الحضر الكبرى. وحين سئل عن موعد بدء حملة جديدة متوقعة على الشباب، اكتفى بالقول «لن يطول الأمر».
وإلى جانب مهمة إعادة الأمن إلى الصومال، والذي كان مثالا على «الدولة الفاشلة»، يواجه الرئيس مهمة شاقة لإعادة بناء المؤسسات، ومنها البنك المركزي، وهي خطوة ضرورية لإعادة الانضباط إلى الاقتصاد وإدارة الأموال العامة، وهي عملية غير سهلة.
وجاء في تقرير لخبراء الأمم المتحدة العام الماضي أن لديهم أدلة على أن الاحتيال تسلل إلى الطريقة التي يدار بها البنك المركزي، مما أدى إلى استقالة محافظ البنك حينذاك؛ رغم نفيه للاتهامات. كما استقالت المحافظة التالية للبنك المركزي بعد أيام معدودة من توليها المنصب، وقال دبلوماسيون إن ذلك يرجع إلى قلقها من عمليات الاحتيال، وأثار هذا قلق المانحين أكثر.
لكن الرئيس الصومالي يرفض هذه المخاوف ويقول إن حكومته تتعاون عن كثب مع شركاء دوليين لإصلاح الطريقة التي تدار بها الأموال العامة، وأقر بأنها مهمة صعبة في دولة «انهار فيها أي نظام سابق».
وقال محمد شيخ: «بدأنا كل شيء من الصفر.. واليوم أعتقد أن لدينا مؤسسات بدأت تعمل». لكنه يرى أن هناك حاجة إلى مزيد من العمل، واستطرد «شركاؤنا الدوليون منهمكون في دعم تلك المؤسسات لإجراء الإصلاحات».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.