مجموعة «هاسبرو» تعدل تسمية لعبة «السيد بطاطا» إلى «عائلة بطاطا»https://aawsat.com/home/article/2830336/%D9%85%D8%AC%D9%85%D9%88%D8%B9%D8%A9-%C2%AB%D9%87%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%B1%D9%88%C2%BB-%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D9%84-%D8%AA%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A9-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF-%D8%A8%D8%B7%D8%A7%D8%B7%D8%A7%C2%BB-%D8%A5%D9%84%D9%89-%C2%AB%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D9%84%D8%A9-%D8%A8%D8%B7%D8%A7%D8%B7%D8%A7%C2%BB
مجموعة «هاسبرو» تعدل تسمية لعبة «السيد بطاطا» إلى «عائلة بطاطا»
مجموعة «هاسبرو» تعدل تسمية لعبتها الشهيرة «السيد بطاطا» إلى عائلة بطاطا (أ.ب)
نيويورك:«الشرق الأوسط»
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
نيويورك:«الشرق الأوسط»
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
مجموعة «هاسبرو» تعدل تسمية لعبة «السيد بطاطا» إلى «عائلة بطاطا»
مجموعة «هاسبرو» تعدل تسمية لعبتها الشهيرة «السيد بطاطا» إلى عائلة بطاطا (أ.ب)
عدلت مجموعة «هاسبرو» تسمية لعبتها الشهيرة «السيد بطاطا» إلى عائلة بطاطا التي ستطرحها في الأسواق بعد إزالة كلمة «السيد» من العلامة التجارية والشعار. ويذكر أن إطلاق لعبة السيد السيدة و«بطاطا» يعود إلى عام 1952، وهما كانا من شخصيات سلسلة أفلام «توي ستوري»، ويشكلان لعبة أساسية لأولاد العائلات الأميركية. ويستطيع الأطفال من حبة بطاطا بلاستيكية، تصميم شخصيتهم الخاصة بإضافة سمات مثل العينين والفم مع أحمر الشفاه للسيدة، والشارب للرجل، والأحذية ذات الكعب، وسواها. وفي بيان أول نشرته «هاسبرو» على موقعها الإلكتروني، أوضحت أنها تعتزم من الآن فصاعداً ضمان «أن يشعر الجميع بأنهم موضع ترحيب في عالم رؤوس البطاطا من خلال إلغائها رسمياً كلمة «مستر» (السيد) من تسمية العلامة التجارية وشعارها»، من منطلق «المساواة بين الجنسين والإدماج». لكن الشركة ما لبثت أن استبدلت هذا البيان بآخر مقتضب، شرحت فيه أن «شخصيتي السيد والسيدة بطاطا الرمزيتين لن تلغيا»، لكنها لم تحدد الشكل الذي سيعتمد لهما. وخلا البيان الجديد من أي إشارة إلى «المساواة بين الجنسين والإدماج»، مكتفياً بالتحدث عن توفير «وجوه عائلية مختلفة». ولم ترد ناطقة باسم المجموعة على استفسارات وكالة الصحافة الفرنسية بشأن أسباب هذه التعديلات. وأوضحت الشركة في بيان أنها ستطرح في السوق اعتباراً من هذا الخريف «مجموعة جديدة» بعنوان «عائلة البطاطا» توفر «وجوهاً عائلية مختلفة» تتيح للأطفال «تكوين أسرهم الخاصة». وأضافت «هاسبرو» أن تغيير الاسم سيكون مصحوباً «برسائل تنطوي على شمولية أكبر» تتوجه إلى «المستهلك الحديث»، من دون أن تحدد ما إذا كان هذا المنتج الجديد المحايد جنسانياً سيطلق في كل أنحاء العالم، أو في بلدان معينة فحسب. وبادرت شركات صناعة الألعاب في الأعوام الأخيرة مرات عدة إلى تطوير ألعاب تقليدية، منها الدمى، نزولاً عند انتقادات للصور النمطية العنصرية أو الجنسانية التي تعكسها أو لتشجيعها معايير «الجمال» التقليدية. وبرز توجه في المقابل إلى الألعاب «المختلطة» التي تهدف إلى تجنب الصور النمطية لدور الذكور أو الإناث على وجه الخصوص.
كانت على الدوام فنانة، تتمدَّد كمَن يُراقب الكون، وتحلُم. ألحَّ شعورٌ بالانسلاخ عن العالم والبحث المرير عن شيء مفقود تُطارده ويهرُب. فضَّلت التشكيلية اللبنانية زينة الخليل العزلة. طَرْحُ الأسئلة الصعبة نَبَت منذ الصغر: «مَن أنا وما معنى الحياة؟». تعجَّبت لانشغال رفاق الصفّ باللعب دون سيطرة الهَمّ. «لِمَ يلهون ولا ألهو؟»، تساءلت. تأمّلت من دون أن تدري ماهية التأمُّل، وفكَّرت في الوجود من دون علمها بأنها الفلسفة.
ولمَّا رسمت؛ فوجئت: «آه، إنني أرسم! لا أدري كيف ولكنني أرسم! أستطيع نقل الأشياء إلى الورق. ذلك يُشعرني ببهجة». الرسم ضمَّد جراح العقل. وجَّه طاقتها نحو شيء آخر غير البحث المُنهك عن شرح. ومن هنا بدأت.
تُخبر الفنانة زينة الخليل المقيمة في لندن «الشرق الأوسط» أنّ نشأتها في أفريقيا أتاحت الوقت الكافي للتفكير. شدَّتها الطبيعة، وراحت تشعر برابط بين الجسد الإنساني والأرض. وبالصلة بين جبّارين: الروح والتراب. تقول: «عبر النجوم والأشجار، حدث اتصالي مع الوجود. بالتأمّل والرسم، كتبتُ الفصل الأول من حياتي».
عام 1994 عادت إلى لبنان. كانت مدافع الحرب الأهلية قد هدأت، مُتسبِّبةً بعطوب وبرك دم: «كنتُ في الـ18 حين شعرتُ بأنّ شيئاً يجرُّني للعودة ويقذفني نحو بلدي المُثقل. أتيتُ وحيدةً، وعائلتي في نيجيريا. اليوم أتفهّم عمق العلاقة بالأرض والطاقة. تلك التي لاحت في الطفولة ولم أستقرّ على تعريف لها. جسَّدها شعور تجاه صخرة أو شجرة أو ورقة تتساقط. الصوت الذي ناداني للعودة، سمعتُه جيداً. لم أقوَ على صدِّه. ورغم هواجس العيش على أرض هشَّمتها الحرب، اخترتُ المجيء».
الفنّ عند زينة الخليل ليس للنفس فقط، وإنما للآخرين. وفي وقت واجهت التجارب القاسية في بلد شهد عقدين من احتدام المعارك، شعرت، بكونها امرأة، بالاعتداء المستمرّ عليها. مسلّحون يتجوّلون ومظاهر تفلُّت. ذلك يفسِّر ميل أعمالها المُبكرة إلى «النسوية المُفرطة»: «أردتُ إيجاد مكاني بوصفي امرأة والنضال للشعور بالأمان. لم أجسِّد الحركة النسوية المألوفة التي شهدتها أوروبا وأميركا آنذاك. مواجهة الميليشيا والإحساس بالخطر الفردي جعلا نسويتي تتجاوز حيّزها. راحت أعمالي تنتقد الحرب والأسلحة. وضعتُ فنّي بمواجهة هذه الإشكالية: هل حقاً يحتاج الإنسان إلى سلاح لإثبات نفسه؟».
ولمحت مُحرِّك العنف ومؤجِّجه: «البشر والدول يتقاتلون حول الموارد والثروات. العناوين الأخرى، منها الأديان، ذريعة. أدخلتُ مادة البلاستيك في أعمالي لإدراكي قوة العلاقة بين المُستهلك والمعركة. البلاستيك مصنوع من النفط، والنفط يُشعل الحروب. تجرَّد الإنسان من الحسِّ وأصبح العالم مُجمَّعاً تجارياً ضخماً. بتبنّي (الكيتش) في الرسم، سجّلتُ موقفي ضدّ تغليب القوة والحلول السريعة على وَضع استراتيجيات السلام. طغى اللون الزهريّ على رسومي مُجسِّداً البلاستيك والعلكة واللامعنى. شكَّل فنّي محاكاة للعبة الباربي بصورتها النمطية وما مثّلته من سطحية وانعدام العمق».
تسلُّل السخرية إلى الموضوع الجدّي محاولةٌ لجَعْل النقاش أقل غرابة. لسنوات واصلت الفنانة تبنّي هذا الأسلوب وبه عرفت. وباندلاع حرب 2006 في لبنان، تحوَّلت إلى تدوين الأحداث، وإنما الرغبة بمواصلة الرسم تأجَّجت: «دوري ناشطةً ومدوّنةً لم يُشبع نهمي. وذات يوم، عشتُ تجربة صوفية لا أملك شرحها. كأنني عدتُ إلى زينة في أفريقيا والرابط بين الوجود والإنسان. البعض يسمّيه النداء الروحي. فجأة، لم يعُد عالم المادة مهماً، وشعرتُ بحبل في داخلي يُقطَع. غمرني الشعور بألم الأرض، فلم أجد منزلاً لي. مسقطا أمي وأبي، كلاهما تألّم بتداعيات الحروب. سمعتُ نداء الأرض: (تعالي لنُشفى معاً!). كأنني كنتُ أتعرّف إلى وجعي من أوجاعها. كان نداء عميقاً. أمضيتُ الوقت في تلمُّس التراب. شعوري بأنني لستُ في منزل؛ لا أنتمي، ولا أعرف مَن أنا، جرَّ فنّي إلى مكان آخر. رسمتُ ولم أدرك ماذا أرسم. أجريتُ مراسم لشفاء الأرض، فأشعلتُ النار من أجلها ورفعتُ الصلاة. سألتُ الطاقة أن تتبدَّل. والأشياء العالقة في الكون أن تتّخذ مجراها. مثل مَن ماتوا بلا دفن لائق، وبلا جنازة ووداعات. طاقة هؤلاء ظلَّت عالقة. لم تحدُث المصالحة بعد الحرب. بزيارتي الأماكن حيث حلَّت مجازر، وإشعالي النار، حَدَث التواصل. كأنني أقول للموتى الذين أرسم أرواحهم بأنني هنا؛ أراكم وأعترف بكم. أنتم منسيّون بجميع الطرق. الدولة لم تعترف بكم، لم تُؤبَّنوا. أنا هنا لأراكم وأكون شاهدة. بهذا بنيتُ اتصالاً فريداً مع لبنان».
أرادت لفنّها التصدّي للعنف، فوظَّفت رماد النار التي أقامتها للمراسم مادةً للرسم. أنجزت مجموعات بتلك المادة السوداء ومن الحبر. وبدل الفرشاة، فضَّلت الأقمشة. بالكوفية مثلاً، لمست وحدة الشعوب، فأدخلتها في لوحاتها: «كل حفل شفاء أردتُه لنفسي وللبنان وللشرق الأوسط والكون. غمّستُها بالحبر ورسمتُ بها لنحو 10 سنوات. في الهند، درستُ الروحانيات ولمستُ اختفائي. الرسوم تتحوّل انعكاساً لروحي، كما أنّ روحي تُغذّي فنّي، فيتكاملان تماماً».
يأتي الألم بوعي مختلف لم يُعهَد من قبل ويتيح النموّ الداخلي. الألم أحياناً يختار المرء؛ يتعرّف إليه. ولا ينتظره. يُناديه ليخطَّ مساره. تقول: «بعد انفجار بيروت عام 2020، شاهدتُ الدخان والتصدُّع. سرتُ على شوارع يفترشها الزجاج. في تلك اللحظة، تجمَّد الزمن كأنه سينما. بحركة بطيئة، رأيتُ انهيار جانب ضخم من سقف منزل، ووجوهاً مُدمَّاة، وهلعاً. فكّرتُ أنها الحياة. كفَّ الوقت عن التحلّي بأي معنى. لمحتُ التقبّل المريع لفكرة أنّ العنف جزء من الوعي الإنساني. هنا شعرتُ بأنني فكرة تأتي وتعبُر. أو لحظة ونَفَس. جسدٌ مُعرَّض لانتهاء تاريخ الصلاحية، وجوهر واحد يُعبِّر عن نفسه بمليارات الطرق. فنّي إعلان للسلام الداخلي ولحقيقة أننا مُنتقلون. ألم الانسلاخ هو الأقسى. في موضع إحساسنا بالانفصال عن الكون، عن الهوية، وعن الفردية؛ تبدأ رحلة الشفاء».