تحرك شعبي دعماً لدعوة الراعي إلى «حياد لبنان» وعقد مؤتمر دولي

المفتي الجعفري قبلان يرى أن موقف البطريرك «يدفع البلد نحو الهاوية»

البطريرك الراعي مع نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي (موقع البطريركية المارونية)
البطريرك الراعي مع نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي (موقع البطريركية المارونية)
TT

تحرك شعبي دعماً لدعوة الراعي إلى «حياد لبنان» وعقد مؤتمر دولي

البطريرك الراعي مع نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي (موقع البطريركية المارونية)
البطريرك الراعي مع نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي (موقع البطريركية المارونية)

يستعد مقر البطريركية المارونية في بكركي، اليوم، لاستقبال تحرك شعبي تضامني مع مواقف البطريرك بشارة الراعي، الداعية إلى «حياد لبنان» وعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة، في وقت جدّد المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان، رفضه كل أشكال التدويل وشنّ هجوماً على الأمم المتحدة.
وفي إطار التحرك المتوقَّع، اليوم، والذي أعلنت أحزاب عدة مشاركة مناصريها فيه إنما تحت مظلة العَلم اللبناني، أكد المسؤول الإعلامي في بكركي وليد غياض، أن «التحرك ليس سياسياً ويجب ألا يكون سياسياً أو أن يتوجه ضدّ أحد إنّما هو لتأييد البطريرك بطروحاته الوطنيّة التي لا تستهدف أحداً». وقال تعليقاً على عدم حضور جمهور «التيار الوطني الحر» إنها «ليست رسالة تباعد عن بكركي، و(التيار) دائماً موجود في الصرح ويجب ألا يكون أي لبناني بعيداً عن طروحات البطريرك الراعي».
ونقل النائب فريد الخازن عن الراعي تأييده لـ«ثلاثية ذهبية لن يتراجع عنها هي: (الطائف، والدستور، والميثاق الوطني)، وهو الأمر الذي أبلغه للقوى السياسية التي زارته في الأيام الأخيرة».
وقال الخازن بعد لقائه الراعي إن «البطريرك يرى أن لبنان لم يخرج تاريخياً من الأزمات إلا بمساعدة ومؤازرة دولية في أكثر من مرحلة، انطلاقاً من موقعه كعضو مؤسس للأمم المتحدة»، لافتاً إلى أن «الحضور في بكركي غداً (اليوم) سيكون شعبياً بامتياز وليس سياسياً، تعبيراً عن الثقة الشعبية الواسعة، من مختلف الطوائف، بشخص البطريرك».
وقال النائب في حزب «القوات اللبنانية» بيار بوعاصي، إن «(القوات) تركت الخيار لمناصريها بالتوجه إلى بكركي اليوم لأنها لا تريد لا تسييس طرح البطريرك بحياد لبنان وعقد مؤتمر دولي داعم له، ولا (تحزيبه) كي تبقى بكركي هي المرجعية للمقاربة المطروحة»، مشيراً إلى أن «هذه الخطوة تمهيد لأفق الحل، أي الحياد وانفتاح لبنان على المجتمع الدولي».
وبعدما كان حزب «الوطنيين الأحرار» قد أعلن مشاركته في تحرك اليوم، قال أمس في بيان له إنه «يقف اليوم مع كل سيادي وحر في معركة المحافظة على الكيان اللبناني، ولا يرضى إلا أن يكون منسجماً مع قناعاته وثوابته التاريخية التي وضعها في خدمة لبنان»، مؤكداً رفضه «لأي سلاح خارج إطار شرعية الدولة، والاعتراف فقط بشرعية سلاح الجيش والقوى الأمنية الرسمية اللبنانية، ونعلن تأييدنا المطلق لطرح الحياد اللبناني الذي أطلقته بكركي، والذي لا بد منه في بلد معقد التركيب الاجتماعي ومتعدد طائفياً وثقافياً»، لافتاً إلى أن «لبنان الذي دفع أثماناً باهظة خلال تاريخه حيث كان مسرحاً لكثير من حروب الدول، يحق له مطالبة المجتمع الدولي بمساعدته في ظل فشل السلطة القائمة في إدارة مصالح أبنائه».
أتى ذلك في وقت جدد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، رفضه لطرح الراعي، وأكد في خطبة الجمعة، أن «الحل يبدأ وينتهي في لبنان وليس في الخارج، والمطلوب حكومة إنقاذ وطنية بعيداً من كذبة ضمير العالم ونجدة الأمم».
وأضاف: «التدويل بكافة أشكاله هو تخلٍّ عن مسؤولياتنا الوطنية الداخلية، هو تهديد للسيادة، وقد يكون مقامرة كبيرة وخطيرة، بل هو دفع للبلد نحو الهاوية، وإدخال البلد في نفق أزمة داخلية، وتطويب البلد للخارج، وتجهيل مسؤولية مَن نهب البلد، وأسهم بتفليسه وتفخيخه لمشروع الدولة وتطيير القرار الوطني». وشنّ هجوماً على الأمم المتحدة قائلاً: «لبنان ضحية الطغيان الدولي، والأمم المتحدة منظمة سياسية بيد محتكري العضوية الدائمة في مجلس الأمن، وتاريخ لبنان وقضاياه شاهد مُرٌّ على انحياز الأمم المتحدة، ولن نقبل بأن يكون لبنان ضحية منظمة محكومة بسياسة مَن يهيمن على قرارها الأممي. وموقفنا من المؤتمر الدولي محسوم، ولا نعلن حرباً ولا قطيعة ولا خصومة ولا نعلن إلغاءً ولا نعلن إقامة متاريس طائفية، بل إننا نؤكد شراكتنا في البلد وعائلتنا الواحدة وتثبيت مبدأ أن القضايا المصيرية تحتاج إلى قرارات وقيادات وشروط مصيرية، ولا يجوز لفريق دون آخر أن ينفرد بها، رغم المحاذير الهائلة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.