اهتمام أميركي بأفريقيا لمواجهة الإرهاب والتمدد الصيني والروسي

القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا تزور تونس للمرة الأولى منذ تسلم بايدن السلطة

TT

اهتمام أميركي بأفريقيا لمواجهة الإرهاب والتمدد الصيني والروسي

كأول نشاط لإدارة بايدن الجديدة في القارة الأفريقية، يصل اثنان من كبار قادة الجيش الأميركي إلى تونس هذا الأسبوع للاجتماع مع مسؤولين محليين قبل التدريبات العسكرية متعددة الجنسيات، المزمع إجراؤها في شمال أفريقيا. وفي إحاطة صحافية شاركت فيها «الشرق الأوسط»، أول من أمس، أعلن الجنرال كريستوفر كافولي، قائد قوات الجيش الأميركي في أوروبا وأفريقيا، واللواء أندرو روهلينج رئيس فرقة عمل جنوب أوروبا، عن زيارتهما إلى تونس التي بدأت أمس الأربعاء، وذلك للالتقاء مع كبار المسؤولين هناك. وستكون هذه الزيارة هي الأولى لوفد أميركي رسمي إلى شمال أفريقيا، منذ تولى الرئيس جو بايدن منصبه الشهر الماضي، وتأتي في وقت تسببت فيه جائحة كوفيد - 19 إلى تقليص السفر الرسمي لأعضاء الحكومة، وتخفيض أولويات السياسة الخارجية. وقال المسؤولون الأميركيون العسكريون، إنهم أثناء وجودهم في تونس، سيلتقون القادة مع قائد القوات البرية للجيش التونسي الفريق محمد الغول. وقال الجنرال كافولي: «نحن متحمسون للغاية، إذ إن تونس شريك مهم للولايات المتحدة، وسوف نتعرف عن كثب أكثر على العمليات والبرامج الاستثمارية المحدثة في تونس»، موضحاً أنها ستكون الزيارة الأولى له، بعد أن عُيّن في أواخر العام الماضي قائداً لقوات الجيش الأميركي في كل من أوروبا وأفريقيا، حيث يتحرك البنتاغون لدمج السيطرة على قواته في القارتين وسط تحول نحو المنافسة الاستراتيجية مع روسيا والصين. وأفاد الجنرال بأنه في نهاية العام الماضي 2020 نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلن الجيش الأميركي توحيد قواته في أوروبا وفي أفريقيا في قيادة واحدة لخدمة الجيش من فئة أربع نجوم، معتقداً أن هذا تغيير مثير للغاية لأنه سيسمح للجيش الأميركي بتوسيع تركيزه وتعزيز التزامه بقضايا الأمن الأوروبية والأفريقية. واعتبر أن هذا الدمج هو مثال على كيفية تحديث الجيش الأميركي، لكن هذا ليس مجرد توحيد للمقر، بل هو أيضاً تعزيز لقدرات الجيش في جميع أنحاء أوروبا وأفريقيا، إذ ترتبط القضايا الأوروبية والأفريقية ارتباطاً وثيقاً ببعض. وأضاف: «أعرف أن العديد من حلفائنا في أوروبا يوافقون على ذلك بالتأكيد، إذ تعني العلاقات الجغرافية والاقتصادية الوثيقة بين القارتين أن قضايا الأمن الإقليمي، التي تُركت دون رادع، تنتشر بسرعة من منطقة إلى أخرى. لذا فإن هذا الدمج يتيح تزامناً أكبر للعمليات في أفريقيا مع حلفائنا في الناتو في أوروبا». ويبدو أن العلاقات مع تونس وجيرانها قد اكتسبت أهمية متجددة لمسؤولي واشنطن، منذ أن أدخل الكرملين معدات عسكرية متطورة في الحرب الأهلية الليبية العام الماضي، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والدفاعات الجوية وأنظمة الرادار، ومقاتلي «فاغنر» الذين أصدرت بحقهم إدارة الرئيس ترمب السابق عقوبات صارمة بسبب المشاركة في الحرب الليبية. وأثارت هذه الخطوة قلقاً عاماً من القيادة الأميركية في أفريقيا من أن الكرملين قد ينشئ قاعدة دائمة في ليبيا، مما قد يحد من سهولة وصول الناتو إلى جناحه الجنوبي. وأكد المسؤولون الأميركيون أن الدعم الروسي المستمر للرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية الوحشية في بلاده قد ضمن لموسكو موطئ قدم دائم على البحر المتوسط. كما قدمت تونس عام 2011 لواشنطن فرصة لتنشيط التعاون العسكري في غرب شمال أفريقيا، ومحاربة الإرهاب والتطرف الذي انتشر في القارة الأفريقية.
فيما أشار اللواء روهلينج، إلى أن التدريبات تهدف حالياً إلى جمع ما يقرب من 10 آلاف جندي من حوالي 20 دولة لإجراء مناورات مشتركة في السنغال والمغرب وتونس هذا الصيف، لكن قد يتم تقليصها بسبب جائحة فيروس كورونا، كما تم إلغاء ممارسة الأنشطة العسكرية العام الماضي بسبب الوباء. وأضاف: «مع هذا الدمج يمكن للجيش التركيز على تدريبات مثل الأسد الأفريقي، مع عملية أكثر سلاسة وكفاءة، حيث أصبحت الآن قيادة واحدة من فئة أربع نجوم للقوات داخل المسرح. وعندما تنشأ حالة طوارئ ويطلب من الجيش الأميركي المساعدة، يمكننا الوصول إلى تلك المواقع بسرعة، في كل من أفريقيا وأوروبا لتحديد أفضل السبل لدعم المهمة». كما سيزور الجنرالان قيادة العمليات الخاصة والمؤسسات العسكرية في تونس، والتي دعمتها واشنطن منذ ثورة 2011. وأوضح المسؤولون العسكريون، أن الولايات المتحدة قدمت مئات الملايين من الدولارات من التدريب العسكري ومبيعات المعدات للقوات المسلحة التونسية في السنوات الأخيرة. كما تبادل البلدان معلومات استخباراتية عن سفر مقاتلين جهاديين تونسيين إلى الخارج للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية. يذكر أن البنتاغون أرسل وحدة تدريب عسكرية متخصصة إلى شمال أفريقيا العام الماضي، وستقوم عناصر من تلك الوحدة، المعروفة باسم لواء مساعدة قوات الأمن، لأول مرة بتنسيق تمرين الأسد الأفريقي متعدد الجنسيات هذا العام.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».