حياة بومدين.. من الأمواج الدافئة والبكيني إلى المطلوبة الأولى لدى السلطات الفرنسية

مع تعمق مشاعرها الدينية بدّلت لباس البحر بغطاء للرأس ثم فرّت إلى أحضان «داعش»

مجموعة من الصور الشخصية لحياة بومدين وزوجها الراحل كوليبالي قبل أن تفر إلى «داعش» (واشنطن بوست)
مجموعة من الصور الشخصية لحياة بومدين وزوجها الراحل كوليبالي قبل أن تفر إلى «داعش» (واشنطن بوست)
TT

حياة بومدين.. من الأمواج الدافئة والبكيني إلى المطلوبة الأولى لدى السلطات الفرنسية

مجموعة من الصور الشخصية لحياة بومدين وزوجها الراحل كوليبالي قبل أن تفر إلى «داعش» (واشنطن بوست)
مجموعة من الصور الشخصية لحياة بومدين وزوجها الراحل كوليبالي قبل أن تفر إلى «داعش» (واشنطن بوست)

في يوم من الأيام، كانت أكثر امرأة مطلوبة لدى السلطات الفرنسية.. تعشق الأمواج الدافئة التي تتميز بها جمهورية الدومينيكان، وظهرت في صور على شواطئها مرتدية لباس بحر (بكيني) أسود اللون برفقة زوج المستقبل، الذي كان يعمل لصًا. إلا أنه مع تعمق مشاعرها الدينية، بدلت لباس البحر بغطاء للرأس وقصدت وجهة جديدة، هي مساجد ماليزيا وحجت لمكة، والآن تقول السلطات إنها تشارك في معترك المتطرفين الدائر في سوريا.
سبق وأن قالت حياة بومدين، إنها تعيش من أجل السفر، والآن أصبحت مطاردة من قوات الشرطة. وقد فرت لأحضان تنظيم «داعش» في اليوم السابق لتنفيذ زوجها هجومًا على متجر لبيع الأطعمة اليهودية في باريس في 9 يناير (كانون الثاني)، حسبما أفاد محققون. والمعروف أن دولة الخلافة المزعومة الممتدة عبر سوريا والعراق تجتذب المتطلعين نحو القتال من مختلف أرجاء العالم، بينهم عدد متزايد من النساء.
مع موت زوجها، بجانب اثنين آخرين نفذا هجمات باريس الشهر الماضي، بدأت بومدين (26 عامًا)، وهي من مواطني فرنسا، في الظهور كهدف رئيس أمام المحققين الذين يعتقدون أنها على دراية بتفاصيل حيوية عن التخطيط لأعمال العنف التي أفزعت فرنسا على مدار ثلاثة أيام، وأسفرت عن سقوط 17 ضحية. ويحمل تفهم تحول بومدين نحو الراديكالية أهمية خاصة، من وجهة نظر السلطات لاعتقادها أن النساء يشكلن بصورة متنامية العمود الفقري لمثل تلك المخططات. وقد عثر بين متعلقات بومدين بعد اختفائها على نسخة من وثيقة كتبتها سيدة بلجيكية بارزة على صلة بتنظيم «القاعدة» هي مليكة العود.
ولا يزال الغموض يكتنف الكثير من الأمور المتعلقة بدور بومدين في هجمات باريس. المعروف أنها غادرت باريس قبل الهجمات بأيام، وتعتقد السلطات أنها لعبت دورًا محوريًا في نقل رسائل تتعلق بالتخطيط للهجمات. وتكشف السجلات عن أكثر من 500 محادثة هاتفية عام 2014 بينها وبين زوجة شريف كواشي، أحد الشقيقين اللذين هاجما مكتب مجلة «شارلي إيبدو» الساخرة في 7 يناير.
وتكشف مقابلات أجريت مع عدد من الأصدقاء والأقارب، بجانب سجلات التحقيقات، أن بومدين قطعت طريقًا طويلاً أدى بها للشعور بخيبة الأمل في النهاية حيال الغرب. بدأت الرحلة داخل ضواحي باريس وبلغت ذروتها مع هجمات باريس التي خلقت في أوروبا حالة فزع من وقع مزيد من الهجمات.
الآن، تتساءل السلطات المعنية بمكافحة الإرهاب نفسها حول ما إذا كان ينبغي عليها توجيه مزيد من الاهتمام لبومدين التي ظهرت من قبل مرتدية نقابا كاملا، بينما كانت تتدرب على الرماية برفقة رجل يعد من كبار مسؤولي التجنيد لدى «القاعدة» داخل أوروبا. الواضح أن السلطات لم تعتبرها قط من قبل مصدر تهديد، رغم أنها تقول الآن إنها قد تمثل القوة المحركة وراء زوجها الفرنسي البالغ 32 عامًا والذي يملك سجلاً طويلاً من جرائم السرقة والاتجار بالمخدرات.
وأفاد مسؤول استخبارات أوروبي بأن «بومدين الآن على قائمة المطلوبين بجميع الدول الأوروبية. إنها واحدة من الأشخاص الذين بإمكانهم تسليط الضوء على الشبكة برمتها».
بدأت متاعب بومدين مبكرًا عندما كانت في الـ8 من العمر عندما توفيت والدتها من متاعب صحية بالقلب، حسبما ذكر أصدقاء لأسرتها. وسرعان ما تزوج والدها، ودخلت الزوجة الجديدة في صدام مع أطفال زوجها الستة، بمن فيهم حياة، والذين عاشوا جميعًا داخل مساحة مكدسة بمجمع للإسكان العام بإحدى ضواحي باريس.
وانتقلت بومدين في سن الـ13 للعيش في ظل رعاية أسرة قادمة من نفس المدينة الجزائرية التي ينتمي إليها والدها، وبذلك انفصلت عن أسرتها التي ظلت على اتصال متقطع بها منذ ذلك الحين.
وخلال مقابلة أجريت معه عبر الهاتف أثناء وجوده بالجزائر التي سافر إليها بعد الهجمات الأخيرة، قال والد حياة، محمد بومدين: «هذه الفتاة لم تترعرع في منزلي، وإنما نشأت داخل منزل كفار. وقد اتخذت جميع تلك القرارات من تلقاء نفسها».
وقال عمر، شقيقها بالتبني الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسم عائلته، إن حياة كانت تعشق مساحيق التجميل والحديث في الهاتف مع أصدقائها. وأضاف: «كانت شخصية هشة»، مضيفًا أن وفاة والدتها أثرت فيها بوضوح. وأضاف أنها كانت دؤوبة وصلبة، حيث كانت تعمل في منفذ لبيع الصحف بمحطة قطارات بباريس أثناء ارتيادها المدرسة الثانوية.
عندما بلغت سن 18، رفضت الزواج بخاطب رشحته لها أسرتها بالتبني ويعيش بالجزائر، وانتقلت للعيش بمفردها في باريس. وفي غضون عام، تعرفت عبر صديق مشترك بأحمد كوليبالي، وهو مواطن فرنسي هاجر والداه من مالي وكان قد خرج لتوه من السجن بعد إدانته في حادث سطو مسلح. في السجن، تعرف على واحد على الأقل ممن تورطوا في هجوم «شارلي إيبدو».
ولم يكن لدى أي من بومدين أو كوليبالي ميل نحو التدين، حسبما ذكرت بومدين أمام المحققين لاحقًا، لكن كليهما تفجرت لديه المشاعر الدينية في الوقت ذاته. عام 2009، بعد عامين من لقائهما، تزوجا في احتفال ديني، رغم أن هذه الزيجات غير معترف بها لدى القانون الفرنسي.
وأخبرت بومدين الشرطة عام 2010 بقولها: «عانيت من ماضٍ عسير، لكن هذا الدين أجاب عن جميع تساؤلاتي وحقق لي الطمأنينة»، وذلك خلال تحقيق أجري معها حول اتهام كوليبالي بتهريب مسلح بارز من أحد السجون الفرنسية.
وأضافت أنها سرعان ما أصبحت أكثر التزاما دينيًا من زوجها، وارتدت النقاب وتركت عملها بأحد المخابز. وأشارت إلى أن مظهرها كان يجتذب «نظرات عدائية» من جانب مواطنيها، مما جعلها تمتنع عن الخروج من المنزل إلا نادرًا.
وقد عثر كوليبالي على مرشد روحاني له داخل السجن، وهو جمال بيغال، الذي أدين بالتخطيط لمهاجمة السفارة الأميركية بباريس عام 2001. ويعتبره مسؤولو مكافحة الإرهاب أحد أهم مسؤولي التجنيد لحساب «القاعدة» داخل أوروبا. ومع تزايد التزام بومدين وكوليبالي دينيًا، ارتبطا أكثر ببيغال للحصول على الإرشاد الديني، وقاما بزيارته مرارًا في جنوب فرنسا، حيث أطلق سراحه قيد المراقبة.
وتبعًا لشهادتها بخصوص رحلاتها لزيارة بغال، قالت بومدين إنها مارست الرماية على لوحة علقت على جذع شجرة.
أيضًا، تنامت صلة الزوجين بشريف كواشي، الأصغر بين الشقيقين اللذين هاجما مكتب «شارلي إيبدو»، ما أسفر عن مقتل 12 شخصًا. وقتل الاثنان في غارة للشرطة بعد الحادث بيومين. وقتل كوليبالي، الذي قتل شرطية في أحد شوارع باريس وأربعة آخرين داخل متجر للأطعمة اليهودية في غارة منفصلة في 9 يناير داخل المتجر الذي كان يحتجز فيه رهائن.
* خدمة «واشنطن بوست»



دعم سعودي شامل ومستدام للتعليم في اليمن

أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
TT

دعم سعودي شامل ومستدام للتعليم في اليمن

أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)

انطلاقاً من إيمان السعودية بأن التعليم هو حجر الأساس في بناء الشعوب وصناعة التنمية، واصلت الرياض تقديم دعم واسع وشامل للقطاع التعليمي في اليمن، عبر «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، الذي نفّذ خلال السنوات الماضية سلسلة من المشاريع والمبادرات النوعية، أسهمت في تحسين بيئة التعليم وتعزيز قدرته على تلبية احتياجات الطلاب والكوادر الأكاديمية في مختلف المحافظات.

يأتي هذا الدعم، امتداداً لالتزام سعودي راسخ بدعم استقرار اليمن وتنميته، وإدراكاً للدور الحيوي الذي يؤديه التعليم في تعزيز رأس المال البشري ودفع عجلة التنمية الشاملة.

وبحسب بيانات رسمية، نفّذ البرنامج السعودي، 5 مشروعات ومبادرات تعليمية شملت التعليم العام والعالي، والتدريب الفني والمهني، موزّعة على 11 محافظة يمنية، ضمن جهود السعودية لدعم القطاعات الحيوية في اليمن.

في قطاع التعليم العام، ركّز البرنامج على بناء بيئة تعليمية حديثة وآمنة للطلاب، من خلال إنشاء وتجهيز أكثر من 30 مدرسة نموذجية في عدد من المحافظات. وتضمّ هذه المدارس فصولاً دراسية متطورة ومعامل حديثة للكيمياء والحاسب الآلي، بما يرفع مستوى جودة التعليم ويحفّز الطلاب على التعلم النشط واكتساب المهارات العلمية.

ولضمان استمرارية التعليم، قدّم البرنامج خدمات النقل المدرسي والجامعي عبر حافلات مخصّصة، ما أسهم في تخفيف أعباء التنقل عن آلاف الأسر وساعد في انتظام الطلاب والطالبات في الدراسة، خصوصاً في المناطق التي تعاني ضعف البنية التحتية وصعوبة الوصول إلى المؤسسات التعليمية.

دعم الجامعات

على مستوى التعليم العالي، نفّذ البرنامج مشاريع نوعية لتحسين البنية التحتية للجامعات ورفع جودة البيئة الأكاديمية. فقد شمل دعمه جامعة عدن من خلال تجهيز 28 مختبراً حديثاً في كلية الصيدلة، تغطي تخصصات الكيمياء والتكنولوجيا الحيوية وعلم الأدوية، إلى جانب إنشاء مختبر بحث جنائي هو الأول من نوعه في اليمن، ما يشكّل إضافة مهمة للعمل الأكاديمي والبحثي.

كما يعمل البرنامج، على تجهيز كليات الطب والصيدلة والتمريض في جامعة تعز، لما يمثله ذلك من دور محوري في سد النقص الكبير في الكوادر الصحية وتعزيز قدرات القطاع الطبي في البلاد. ويتوقع أن تسهم هذه المشاريع في تطوير البحث العلمي ورفع مستوى التعليم الأكاديمي المتخصص.

وفي محافظة مأرب، أسهم البرنامج في معالجة التحديات التي تواجه جامعة إقليم سبأ، من خلال تنفيذ مشروع تطوير يشمل إنشاء مبنيين يضمان 16 قاعة دراسية، ومبنى إدارياً، وتأثيث مباني الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ما يسهم في استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة وتحسين جودة التعليم الجامعي.

التدريب المهني والتعليم الريفي

في مجال التدريب الفني والمهني، يعمل البرنامج السعودي على إنشاء وتجهيز المعهد الفني وكلية التربية في سقطرى، بقدرة استيعابية تشمل 38 قاعة دراسية ومعامل متخصصة للحاسوب والكيمياء، ما يساعد في توفير بيئة تعليمية ملائمة للطلبة والمتدربين.

كما دعم البرنامج، مشروعاً مشتركاً مع «مؤسسة العون للتنمية»، لتعزيز تعليم الفتيات في الريف، واختُتم بمنح 150 فتاة، شهادة دبلوم المعلمين، ما يسهم في رفع معدلات تعليم الفتيات وتشجيعهن على مواصلة التعليم العالي.

يُذكر، أن «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، نفّذ حتى الآن 268 مشروعاً ومبادرة في ثمانية قطاعات حيوية تشمل التعليم والصحة والطاقة والمياه والزراعة والنقل، ودعم قدرات الحكومة والبرامج التنموية، ما يجعل دوره من أهم المساهمات الإقليمية في دعم استقرار وتنمية اليمن.


التزام أميركي وبريطاني بدعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني

لقاء في الرياض جمع العليمي مع سفراء بريطانيا وأميركا وفرنسا (إعلام حكومي)
لقاء في الرياض جمع العليمي مع سفراء بريطانيا وأميركا وفرنسا (إعلام حكومي)
TT

التزام أميركي وبريطاني بدعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني

لقاء في الرياض جمع العليمي مع سفراء بريطانيا وأميركا وفرنسا (إعلام حكومي)
لقاء في الرياض جمع العليمي مع سفراء بريطانيا وأميركا وفرنسا (إعلام حكومي)

جدّدت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، التزامهما الثابت بدعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، في ظل التطورات المتصاعدة التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة شرق البلاد خلال الأيام الماضية، وما رافقها من تحركات عسكرية أحادية نفذتها قوات موالية لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي».

وأكدت السفيرة البريطانية لدى اليمن عبدة شريف، في تغريدة على منصة «إكس»، أن بلادها «ملتزمة بدعم الحكومة اليمنية ومجلس القيادة الرئاسي، وتعزيز أمن اليمن واستقراره». وأضافت أنها عقدت اجتماعاً «جيداً جداً» مع رئيس المجلس رشاد محمد العليمي، نوقشت خلاله الشواغل المشتركة تجاه ما استجد من تطورات في المحافظتين الشرقيتين.

على الصعيد ذاته، قالت السفارة الأميركية في اليمن عبر منصة «إكس»، إن واشنطن تدعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية «لتعزيز الأمن والاستقرار»، ونقلت عن القائم بالأعمال جوناثان بيتشيا قوله، إنه ناقش مع الرئيس العليمي «القلق المشترك إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة»، مؤكداً الترحيب بكل الجهود الهادفة إلى «خفض التصعيد».

وجاءت هذه المواقف، عقب اللقاء الذي عقده العليمي، الاثنين، في الرياض، مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، حيث وضعهم في صورة ما جرى في المحافظتين من تحركات خارج إطار مؤسسات الدولة.

وأكد في الاجتماع، رفض أي إجراءات أحادية «تقوّض المركز القانوني للدولة» أو تخلق «واقعاً موازياً» خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

وشدد العليمي، على ضرورة عودة أي قوات مستقدمة من خارج المحافظات الشرقية إلى ثكناتها، وتمكين السلطات المحلية من أداء مهامها في حفظ الأمن والاستقرار وحماية المنشآت السيادية.

كما أشار إلى «الانعكاسات الخطيرة للتحركات الأحادية، على جهود التهدئة والإصلاحات الاقتصادية واستقرار العملة وصرف المرتبات»، مؤكداً أن الدولة تعمل على توثيق الانتهاكات التي رافقت تلك التحركات، وضمان حماية المدنيين بعدّ ذلك «ثوابت لا يمكن التهاون بشأنها».


الحوثيون يدفعون بتعزيزات عسكرية نحو الضالع وتعز

موارد المؤسسات اليمنية الخاضعة للحوثيين تستغلها الجماعة للتعبئة والحشد (أرشيفية - إ.ب.أ)
موارد المؤسسات اليمنية الخاضعة للحوثيين تستغلها الجماعة للتعبئة والحشد (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يدفعون بتعزيزات عسكرية نحو الضالع وتعز

موارد المؤسسات اليمنية الخاضعة للحوثيين تستغلها الجماعة للتعبئة والحشد (أرشيفية - إ.ب.أ)
موارد المؤسسات اليمنية الخاضعة للحوثيين تستغلها الجماعة للتعبئة والحشد (أرشيفية - إ.ب.أ)

دفعت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية، بتعزيزات عسكرية جديدة من صنعاء وذمار نحو خطوط التماس في محافظتي الضالع وتعز في خطوة أثارت توجساً من جولة قتال جديدة، وأكدت مخاوف محلية ودولية، من رفض الجماعة لأي مسار يفضي إلى السلام، وإصرارها على توسيع نطاق الحرب وتقويض جهود التهدئة الأممية.

ووفق مصادر يمنية مطلعة، حشدت الجماعة عشرات العربات العسكرية والشاحنات المحملة بمئات المجندين الجدد ممن استقطبتهم عبر حملات تجنيد قسرية نفذتها عناصرها في القرى والأحياء الواقعة تحت سيطرتها في صنعاء وذمار. وتقول المصادر إن هذه الحشود وصلت على شكل دفعات متلاحقة، ضمن تحركات سريعة ومكثفة.

وتؤكد المصادر أن محافظة ذمار وحدها (100 كيلومتر جنوب صنعاء) شهدت خلال اليومين الماضيين، خروج أكثر من 11 آلية عسكرية و8 شاحنات محملة بمقاتلين جدد نحو جبهات الضالع، بالتزامن مع تعزيزات مماثلة دُفعت باتجاه الجبهات الشمالية لتعز.

ويؤكد شهود عيان في محافظة إب، أنهم رصدوا مرور قوافل عسكرية للحوثيين – بعضها تحمل مقاتلين بزي عسكري – وهي تتجه صوب الضالع عبر الخط الرابط بين المحافظتين.

عبر الانتماء السلالي والمذهبي تمكن الحوثيون من الهيمنة على الأجهزة الأمنية (إكس)

ويرى مراقبون أن هذا الحشد الجديد يمثل مؤشراً واضحاً على نية الحوثيين الاستعداد لمرحلة تصعيد جديدة، بخاصة أن الخطوة جاءت في توقيت يشهد حالة انسداد سياسي، وسط تحذيرات أممية من انهيار فرص السلام واستمرار تدهور الأوضاع الإنسانية.

ويذهب هؤلاء إلى أن الجماعة المدعومة من إيران، تسعى إلى فرض واقع عسكري ميداني أكثر ضغطاً، يضمن لها أوراق قوة إضافية في أي مفاوضات مقبلة.

وترافقت التحركات الحوثية مع استحداث مواقع وثكنات عسكرية جديدة، وشق طرقات فرعية لتأمين مرور الإمدادات، إضافة إلى عمليات رصد واستطلاع متواصلة عبر الطائرات المسيَّرة في محيط خطوط التماس.

وبحسب مصادر عسكرية، فقد شهدت محاور عدّة في الضالع اشتباكات متقطعة تزامنت مع وصول التعزيزات الجديدة.

مراوغة متكررة

وتتهم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، الجماعة الحوثية باستغلال فترات التهدئة لإعادة ترتيب صفوفها، وتجديد مخزونها البشري والعسكري عبر حملات تجنيد مكثفة تستهدف القاصرين والشبان العاطلين عن العمل. وتشير بيانات الجيش اليمني، إلى توثيق أكثر من 1924 خرقاً للتهدئة خلال 12 يوماً فقط، بينها 50 خرقاً في جبهات الضالع، بينما توزعت بقية الخروق بين مأرب وتعز والحديدة.

وتنوعت تلك الخروق، بين عمليات قنص واستهداف بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، وشن هجمات محدودة على مواقع الجيش، والتحليق بالطيران المسيّر، واستحداث حفر وخنادق وتحصينات جديدة. كما يستمر الحوثيون بزراعة الألغام الأرضية في محيط القرى والطرقات، ما يفاقم معاناة المدنيين ويزيد من أعداد الضحايا.

حوثيون في أحد شوارع صنعاء يحملون رشاشات خفيفة (إ.ب.أ)

وسبق للقوات الحكومية، أن استهدفت خلال فترات سابقة تعزيزات حوثية قادمة من إب وذمار نحو الضالع، وأحبطت محاولات تسلل متكررة إلى مواقعها. كما شهدت صفوف المقاتلين الحوثيين مواجهات داخلية بسبب رفض كثير من المجندين، تنفيذ أوامر هجومية نتيجة نقص الإمدادات وحرمانهم من المرتبات، إلى جانب الاستياء المتصاعد من الممارسات العنصرية، وتفضيل المنتمين إلى سلالة زعيم الجماعة، في التعيينات والامتيازات.

تعز... تصعيد متواصل

بالتزامن مع تصعيد الحوثيين في الضالع، شهدت محافظة تعز (جنوب غربي)، موجة جديدة من الاشتباكات، أسفرت – بحسب مصادر عسكرية – عن مقتل جنديين من «اللواء 22» هما، وهب علي عبد الله الصبري، ويعقوب عبده دحان العاقل، في الجبهة الشرقية للمدينة.

وتقول المصادر، إن الجبهات الشرقية شهدت على مدى اليومين الماضيين، تبادلاً للقصف المدفعي، فيما دفعت الجماعة بتعزيزات بشرية وآليات قتالية إلى أطراف المدينة، واستحدثت معسكراً جديداً في الجهة الشمالية لتعز، في خطوة عدّتها القوات الحكومية، مؤشراً على خطة هجومية يجري التحضير لها.

مراهقون من خريجي المخيمات الصيفية الحوثية في جبهات القتال (إعلام حوثي)

وفي السياق ذاته، تواصل الجماعة استهداف المناطق السكنية في تعز بالقذائف، ما أدى إلى إصابة طفلين بشظايا متفرقة، وذلك ضمن نمط متكرر يستهدف المدنيين في المدينة المحاصرة منذ سنوات.

وتتصاعد المخاوف من أن تؤدي هذه التحشيدات، إلى اندلاع موجة واسعة من القتال في الضالع وتعز، في وقت يعيش ملايين اليمنيين تحت خط الفقر المدقع، وسط تدهور الخدمات وانقطاع الرواتب، واتساع رقعة المجاعة في مناطق سيطرة الحوثيين.

ويرى مراقبون، أن استمرار الحوثيين في الدفع بالمزيد من المقاتلين – معظمهم مجندون قسرياً – يعكس سياسة تقوم على إدامة الحرب، وتعميق المعاناة الإنسانية، بدلاً من الانخراط في أي حلول سياسية.

وفي ظل غياب الضغط الدولي الفاعل، تبقى هذه التحركات الحوثية مؤشراً على مرحلة مفتوحة من التصعيد، قد تجر اليمن إلى جولة جديدة من الحرب الشاملة، وهي المخاوف نفسها التي عبر عنها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ في تصريحاته الأخيرة.