شعبية إردوغان تتراجع بشدة بسبب الأزمة السياسية في البلاد

السلطات التركية سرحت نحو 800 شرطي آخر

رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان في حديث جانبي مع وزير خارجيته أحمد داود أوغلو أثناء اجتماع مع الوفد الايراني في القصر الرئاسي بطهران أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان في حديث جانبي مع وزير خارجيته أحمد داود أوغلو أثناء اجتماع مع الوفد الايراني في القصر الرئاسي بطهران أمس (إ.ب.أ)
TT

شعبية إردوغان تتراجع بشدة بسبب الأزمة السياسية في البلاد

رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان في حديث جانبي مع وزير خارجيته أحمد داود أوغلو أثناء اجتماع مع الوفد الايراني في القصر الرئاسي بطهران أمس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان في حديث جانبي مع وزير خارجيته أحمد داود أوغلو أثناء اجتماع مع الوفد الايراني في القصر الرئاسي بطهران أمس (إ.ب.أ)

كشف استطلاع نشر أمس أن شعبية رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان تراجعت بشدة منذ بداية الفضيحة السياسية المالية التي تهز حكومته منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي.
وبحسب استطلاع قام به معهد ميتروبول، ونقلته وكالة الصحافة الفرنسية، أيد 39.4 في المائة فقط من المستطلعين أداء إردوغان في يناير (كانون الثاني) مقابل 48.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي و71.1 في المائة في ديسمبر 2011. وإذا ما جرت الانتخابات التشريعية اليوم فإن حزب العدالة والتنمية بزعامة إردوغان سيحصل على 36.3 في المائة من الأصوات مقابل 23.6 في المائة لحزب الشعب الجمهوري و12.6 في المائة لحزب العمل القومي، بحسب الاستطلاع ذاته. وكان حزب إردوغان فاز بفارق كبير بالانتخابات العامة في 2011 وحاز قرابة نصف الأصوات (49.8 في المائة).
من جهة أخرى رفض 42.2 في المائة من الأشخاص المستجوبين نظرية «المؤامرة» التي يدافع عنها إردوغان ويرون أن الأزمة السياسية الحالية نجمت فقط عن التحقيقات القضائية التي استهدفت مقربين من الحكومة. ورأى 24.9 في المائة العكس أن الأزمة كشفت «محاولة انقلاب» على النظام.
وبرر 60 في المائة من الأتراك تلك التحقيقات التي أدت إلى توجيه الاتهام أو توقيف لعشرات من أصحاب الأعمال والمنتخبين من المقربين من النظام مقابل 26.5 في المائة رأوا العكس.
وعلاوة على ذلك عبر 59.7 في المائة من الأشخاص المستطلعين عن اقتناعهم برغبة النظام في احتواء التحقيقات الجارية. في المقابل اعتبر 57.3 في المائة من الأتراك مثل إردوغان أن جماعة الداعية فتح الله غولن تشكل «دولة داخل الدولة». ويتهم رئيس الوزراء هذه الجماعة بالسعي إلى إضعاف حكومته قبل الانتخابات البلدية نهاية مارس (آذار) والرئاسية المقررة في أغسطس (آب) 2014.
من جهتها واصلت الحكومة التركية أمس حملة تطهيرها الواسعة منذ شهر، ردا على التحقيقات القضائية ضد فضيحة الفساد التي تتخبط فيها وفصلت أو نقلت نحو 800 شرطي آخر في أنقرة وأزمير (غرب)، وفق ما أفادت الصحف. ومن بين ضحايا حملة التطهير الجديدة هذه، جرى فصل أكثر من 500 شرطي في أنقرة و274 في مدينة أزمير ومن بينهم ضباط وفق ما نشرت صحيفة «حريات» على موقعها الإلكتروني.
ووفق تعداد الصحف التركية عوقب ستة آلاف شرطي منهم ألفان في العاصمة أنقرة وحدها، منذ كشف فضيحة الفساد التي تطال مقربين من الحكم في ديسمبر الماضي.
ويتهم رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان باستمرار حلفاءه السابقين من جمعية الداعية الإسلامي فتح الله غولن النافذة في قطاع الشرطة والقضاء، بالتلاعب بتلك التحقيقات في إطار «مؤامرة» تهدف إلى الإطاحة به وذلك عشية الانتخابات البلدية المقررة في مارس والرئاسية في أغسطس 2014. وفضلا عن الشرطة تعرض القضاء أيضا إلى حملة تطهير واسعة بفصل ونقل المئات من القضاة، بعضهم من مراتب رفيعة جدا.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».