تعديل حكومي في الجزائر يُنهي مهام 4 وزراء

تبّون يحاول تفادي «موجة ثانية» من الحراك الشعبي

متظاهرون يشاركون في تجمع دعماً للحراك الجزائري في العاصمة الفرنسية باريس أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يشاركون في تجمع دعماً للحراك الجزائري في العاصمة الفرنسية باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

تعديل حكومي في الجزائر يُنهي مهام 4 وزراء

متظاهرون يشاركون في تجمع دعماً للحراك الجزائري في العاصمة الفرنسية باريس أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يشاركون في تجمع دعماً للحراك الجزائري في العاصمة الفرنسية باريس أمس (أ.ف.ب)

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمس الأحد تعديلاً طفيفاً على حكومته، تم بموجبه إنهاء مهام اربعة وزراء.
وتم عزل وزير الصناعة فرحات آيت علي، وعين مكانه محمد باشا وهو أحد كوادر القطاع. وأنهيت مهام وزير الطاقة عبد المجيد عطار، وتم دمج الطاقة والمناجم في وزارة واحدة يتولاها وزير المناجم الحالي محمد عرقاب. وجرى تنحية وزيرة البيئة نصيرة حراث، واستخلافها بدليلة بوجمعة التي سيرت نفس الوزارة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وتم عزل وزير السياحة محمد حميدو، واستخلافه بوزير سابق هو محمد علي بوغازي، الذي كان ايضاً مستشاراً لبوتفليقة.
وجاء التعديل في وقت قال مراقبون في الجزائر إن الرئيس تبون يراهن، من خلال سلسلة القرارات التي اتخذها بعد عودته من رحلة العلاج الثانية إلى ألمانيا يوم 12 فبراير (شباط) (الجاري)، بما في ذلك حل البرلمان وإطلاق عشرات المعتقلين، على تفادي «موجة ثانية» من الحراك الشعبي الذي عادت بوادره في ظل مطالبات بـ«تغيير جذري» في البلاد.
بات واضحا أن تبّون اقتنع بأنه لا مناص من اتخاذ إجراءات تهدئة لامتصاص غضب الحراك، على أن تكون مرفقة بإطلاق حوار مع أحزاب سياسية تملك مصداقية، في نظره، قياساً إلى الأحزاب التي كانت موالية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والتي طالب الحراك الشعبي بحلّها عندما انفجر الشارع في 22 فبراير 2019.
واختار تبون التوقيت المناسب للإعلان عن التدابير التي ترضي الحراك، ويتمثل في الذكرى الثانية للاحتفال بـ«ثورة الابتسامة». فبعد 48 ساعة من عودته من ألمانيا، حيث أجريت على قدمه عملية جراحية من تبعات الإصابة بـ«كورونا»، استقبل قادة 4 أحزاب أحدها يقوده أبرز المعارضين للرئيس السابق، واثنان يقودهما منافسان لتبّون في الانتخابات الرئاسية السابقة، في حين يرأس الرابع أقدم حزب معارض ويحظى بالاحترام حتى داخل النظام، هو «جبهة القوى الاشتراكية».
ويقول قادة هذا الحزب، إنهم يفتخرون بكونهم أقنعوا الرئيس بالإفراج عن حوالي نصف عدد معتقلي الحراك، في مقدمهم الصحافي مراقب «مراسلون بلا حدود» خالد درارني، والناشط المثير للجدل رشيد نكاز، الذي سبق أن ترشح لانتخابات الرئاسة في الجزائر وفي فرنسا.وتأكد للرئيس تبون أن مسألة «تفكيك قنبلة الحراك» قبل انفجارها في ذكراه الثانية، أمر مستعجل للغاية. ويكون ذلك بمغازلته عن طريق إطلاق سراح بعض رموزه. لكن هذه الخطوة لم تقنع الكثيرين وسط المتظاهرين، ممن رأوا في ذلك «مناورة» الهدف منها ربح الوقت، ليتسنى للرئيس الانتقال إلى تجسيد أحد أهم أهدافه، وهو تشكيل «أغلبية رئاسية» تنبثق من انتخابات برلمانية مبكّرة. وعلى هذا الأساس أعلن، ضمن حزمة القرارات، حل «المجلس الشعبي الوطني» الذي شابه التزوير وشراء مقاعده بـ«المال القذر» على حد تعبير الرئيس نفسه، في الخطاب الذي ألقاه الخميس الماضي.
وبدت هذه الخطوة غير مقنعة بالنسبة لكثير من «الحراكيين». فكيف أصبح البرلمان عديم المصداقية الآن، بينما قبل ثلاثة أشهر فقط طلب الرئيس منه أن يزكي أهم مشروعاته السياسية: الدستور الجديد الذي كانت نتيجة الاستفتاء عليه (37 في المائة) الأضعف في كل الاستحقاقات التي نظمت بالبلاد منذ الاستقلال؟
وكتب أستاذ العلوم السياسية محمد هناد، عن قرارات الرئيس الأخيرة، فقال: «علينا أن نعي أن أنظمة الحكم المفلسة، تتعامل دائماً مع معارضيها المطالبين بالحرية بمنعهم من هذه الحرية، من أجل المساومة بها معهم ومع المعارضة بصورة عامة لكسب ثقة المواطنين، وللدلالة أيضاً على قوتها من باب العفو عند المقدرة!».
وقد أدرك تبون أن غيابه الطويل، الذي دام ثلاثة أشهر في فترتي العلاج المتقطعتين، تسبب في جمود العمل الحكومي، وأن أفضل أسلوب لكسب رضا الأحزاب والحراك معاً، هو أن يظهر امتعاضه من فشل حكومته، وأن يحرص على إقناع الجزائريين بأن توجيهاته لطاقم رئيس الوزراء عبد العزيز جراد، كانت صائبة لكن القصور يكمن في وزراء «عديمي الكفاءة». ومنه جاء التصريح «القاتل» الذي أطلقه في 10 من الشهر الماضي، لما كان بصدد السفر للعلاج، في حضرة كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. فقد قال لجراد «الحكومة فيها وعليها». وفهم جراد والمتتبعون عموماً أن تعديلاً سيطال الحكومة بعد عودة تبون، وهو ما أعلنه فعلاً أمس.
وإن تمكّن تبون، نسبياً، من إقناع قطاع من الأحزاب خاصة التي استشارها حول قراراته، بجدوى التعديل الحكومي و«أثره الإيجابي» على الحياة العامة، خاصة الشأن الاقتصادي المتردي، فقد استقبله نشطاء الحراك بنوع من الريبة. فإبعاد وزراء محل سخط شعبي، وإن كان أمراً مطلوباً في نظرهم، فذلك لا يحقق أهم ما قام من أجله الحراك: رحيل كل وجوه النظام الذين تسببوا في الفساد، وإطلاق فترة انتقالية يتم فيها الترتيب لانتخابات رئاسية حرّة ونزيهة.
على صعيد آخر، نفت وزارة الدفاع الجزائرية أمس مضمون منشورات بشبكة التواصل الاجتماعي، مفادها أن بعض قوات من الجيش الجزائري «تعتزم المشاركة في حرب ضد الإرهاب تحت إشراف القوات الفرنسية». وقالت وزارة الدفاع، في بيان شديد اللهجة، إن «بعض الأطراف وأبواق الفتنة، تداولت عبر صفحاتها الإلكترونية التحريضية، أخباراً عارية من الصحة مفادها أن المؤسسة العسكرية تستند في نشاطاتها وعملياتها الداخلية والخارجية، إلى أجندات وأوامر تصدر عن جهات أجنبية».
وكذّب البيان أن يكون جيش البلاد «بصدد إرسال قوات للمشاركة في عمليات عسكرية خارج الحدود الوطنية، تحت مظلة قوات أجنبية في إطار مجموعة دول الساحل الخمس»، وهي الجزائر وموريتانيا ومالي وتشاد وبوركينا فاسو.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».