أفكار «هارفارد» حول الرعاية الصحية تثير الغضب بين أساتذتها

تيار معارض ومشكك في توصيات الخبراء يكشف التوتر داخل الجامعة

د. آلن غاربر يدافع عن التوصيات الجديدة (جامعة هارفارد)
د. آلن غاربر يدافع عن التوصيات الجديدة (جامعة هارفارد)
TT

أفكار «هارفارد» حول الرعاية الصحية تثير الغضب بين أساتذتها

د. آلن غاربر يدافع عن التوصيات الجديدة (جامعة هارفارد)
د. آلن غاربر يدافع عن التوصيات الجديدة (جامعة هارفارد)

ظل خبراء جامعة «هارفارد» في اقتصاد وسياسات الصحة لسنوات ينصحون الرؤساء الأميركيين والكونغرس بشأن كيفية تقديم المزايا الصحية للأمة بتكلفة معقولة. وسيجري تنفيذ تلك الطرق العلاجية على طاقم التدريس في «هارفارد»، مما أثار غضب الأساتذة واستياءهم. وصوت عدد كبير من أفراد كلية الفنون والعلوم، التي تعد قلب الجامعة التي أنشئت منذ 378 عاما، خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) لمعارضة التغييرات التي ستفرض عليهم وكذلك على الآلاف من العاملين في «هارفارد» دفع المزيد من المال مقابل الرعاية الصحية. وتقول الجامعة إن من أسباب تلك الزيادات سنّ قانون الرعاية الصحية ذات التكلفة المقبولة الذي دفعت إدارة أوباما باتجاهه ودافع عنه الكثير من أساتذة «هارفارد».
تأخر تصويت الكلية إلى الحد الذي بات معه من المستحيل تعطيل تطبيق زيادة التكلفة المقرر أن يكون خلال الشهر الحالي، ويظل الغضب داخل الجامعة منصبا على تساؤلات تؤجج الغضب في الكثير من أماكن العمل، ومنها: ما صيغة مشاركة العاملين وأصحاب العمل في تحمل عبء تكاليف الرعاية الصحية؟ وفي حال اضطرار العاملين إلى تحمل جزء أكبر من التكلفة، هل سيهملون الرعاية الطبية الضرورية، ويقللون من استخدام الخدمات الأقل قيمة، أم كلاهما معا؟
وتعد جامعة «هارفارد» نموذجا مصغرا لما يحدث في مجال الرعاية الصحية في البلاد، على حد قول ديفيد كاتلر، الخبير في اقتصاد الصحة بالجامعة الذي عمل مستشارا في حملة الرئيس أوباما الانتخابية عام 2008. مع ذلك حتى هذه اللحظة يتجنب الأساتذة في «هارفارد» بوجه عام دفع المزيد من النفقات التي يفرضها أصحاب العمل على العاملين. ويثير هذا غضبا عارما بين أعضاء هيئة التدريس لأن «هارفارد كانت ولا تزال صاحب عمل كريم للغاية»، كما يوضح كاتلر.
وذكرت الجامعة في دليل الاشتراك في الرعاية الصحية بجامعة «هارفارد» لعام 2015 أن عليها الاستجابة للنهج القومي المتمثل في زيادة تكاليف الرعاية الصحية، بما فيها تلك التي تقوم على إصلاح نظام الرعاية الصحية من خلال قانون الرعاية ذات التكلفة المقبولة. وذُكر في الدليل أن «هارفارد» واجهت «التكاليف المضافة» لأن بنود قانون الرعاية الصحية الذي يمتد ليغطي الأطفال حتى سن 26 عاما، توفر خدمات وقائية مجانية مثل تصوير الثدي بالأشعة وعمل منظار للقولون، ويضيف بداية من عام 2018 ضريبة على التأمين مرتفع التكلفة تعرف باسم ضريبة الـ«كاديلاك».
ووصف ريتشارد توماس، أستاذ الأعمال الكلاسيكية بجامعة «هارفارد» وواحد من المراجع البارزة في العالم لفيرجيل، تلك التغييرات بـ«البائسة وشديدة الرجعية»، وعدّها «دليلا على تحويل الجامعة إلى شركة».
وقالت ماري دي لويس، الأستاذة المتخصصة في تاريخ فرنسا الحديث التي قادت جهود معارضة تلك التغييرات، إنها بمثابة خفض للأجور. وأوضحت قائلة: «كذلك سيجري تحديد توقيت هذا الخفض للأجور بحيث يأتي في لحظة تكون فيها إما مريضا أو متوترا أو تواجه تحديات مراحل الأبوة الأولى».
وتتبنى الجامعة سمات معيارية ثابتة لخطط الرعاية الصحية التي يتكفل بها صاحب العمل، وهي أن يدفع العاملون الآن جزءا من رواتبهم ويشاركون في التكاليف لدخول المستشفيات وإجراء الجراحات وتحاليل محددة متطورة. ويقدر المبلغ المخصوم سنويا بـ250 دولارا للفرد و750 دولارا للأسرة. بالنسبة لزيارة الطبيب فتكلفتها ستكون 20 دولارا، أما بالنسبة إلى أكثر الخدمات الأخرى، فسيدفع المرضى 10 في المائة من التكلفة إلى أن يصلوا إلى حدود 1500 دولار للفرد و4500 دولار للأسرة.
في السابق، كان العاملون في «هارفارد» يدفعون جزءا من رسوم التأمين وحدود تكلفة متدنية عند تلقيهم للرعاية الصحية.
وأقر مايكل تشيرنيو، الخبير في اقتصاد الصحة ورئيس لجنة المزايا في الجامعة، الذي أوصى بالنهج الجديد، بأنه في ظل تلك التغييرات سيدفع العاملون مبلغا أكبر من المال مقابل الحصول على رعاية صحية في مكان تقديم الخدمة. وأوضح أن من أسباب تعمد القيام بذلك هو ما ثبت من أن مشاركة المريض في التكلفة تقلل إجمالي الإنفاق.
وأقر درو غيلبين، رئيس جامعة «هارفارد»، في خطاب موجه إلى هيئة التدريس، بأن التغييرات في مزايا الرعاية الصحية «تسببت في «توتر» و«أثارت القلق» داخل الجامعة، رغم أنها تستند إلى توصيات من بعض خبراء سياسات الصحة في الجامعة. مع ذلك أوضح أن تلك التغييرات ضرورية لأن تكلفة مزايا الرعاية الصحية في جامعة «هارفارد» تزداد على نحو أسرع من عائدات التشغيل أو رواتب العاملين، وتهدد بنودا أخرى لها الأولوية في الميزانية، مثل التدريس والبحث ومساعدات الطلبة.
وردا على ذلك، حلل أساتذة «هارفارد»، ومن بينهم علماء رياضيات وعلماء اقتصاد جزئي، بيانات الجامعة وتساءلوا عما إذا كانت تكاليف الرعاية الصحية تزداد بالسرعة التي تتحدث عنها الجامعة. ووضع البعض جداول بيانات وزعموا أن حجج الجامعة بشأن زيادة تكاليف الرعاية الصحة للعامل كانت مضللة. خلال الأعوام القليلة الماضية، ازداد الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية بمعدل بطيء جدا.
إضافة إلى ذلك، بعض الأفكار التي بدت جيدة للأكاديميين نظريا، باتت الآن سببا للذعر؛ ففي عام 2009 عندما كان الكونغرس ينظر في التشريع الخاص بالرعاية الصحية، قاد دكتور آلن غاربر، الذي كان أستاذا في جامعة «ستانفورد» في ذلك الوقت قبل أن يصبح إداريا في جامعة «هارفارد»، مجموعة من خبراء الاقتصاد الذي أرسلوا خطابا مفتوحا إلى أوباما يدعمون فيه تفاصيل مشروع القانون الخاص بالسيطرة على التكلفة. وأشادوا بضريبة الـ«كاديلاك» بوصفها وسيلة لتحجيم تكاليف الرعاية الصحية ورسوم التأمين.
وكان دكتور غاربر، الطبيب والخبير في اقتصاد الصحة، محور الجدل الدائر حاليا في «هارفارد». ووافق على التغييرات في المزايا التي أوصت بها لجنة ضمت إداريين وخبراء في سياسات الصحة بالجامعة. وأقر غاربر في مقابلة بأن العاملين بجامعة «هارفارد» سوف يضطرون إلى زيادة مشاركتهم في تكاليف الرعاية الصحية، لكنه دافع عن تلك التغييرات، حيث قال إنه في حال تطبيقها بالطريقة الصحيحة يمكن أن تبطئ معدل زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية. وأضاف قائلا: «نحن بحاجة إلى الاستعداد لمواجهة احتمالية زيادة الإنفاق على الصحة».
مع ذلك قال جيري غرين، أستاذ علم الاقتصاد والإداري السابق الذي ظل ضمن هيئة تدريس جامعة «هارفارد» لأكثر من 4 عقود، إن حدود التكاليف الجديدة قد تدفع الناس إلى تأجيل الحصول على رعاية صحية أو إجراء تحاليل طبية لتشخيص أمراضها، مما يؤدي إلى أمراض أكثر خطورة ومضاعفات مكلفة في المستقبل.
وقال الأستاذ غرين: «هذا مثل فرض الضرائب على المرضى. لا أعتقد أن أي حكومة في العالم يمكن أن تفرض ضرائب على المرضى».
وقالت ميريديث روزنتال، أستاذ علم اقتصاد وسياسات الصحة بكلية الصحة العامة بجامعة هارفارد، إنها ذهلت من هذا الغضب. وأوضحت قائلة: «التغييرات في مزايا هيئة التدريس بـ(هارفارد) مثل التغييرات التي تحدث لكل الأميركيين. بل لقد وصلت إلينا متأخرة عن الآخرين».
وترى أن هناك سقطات في خطة «هارفارد» وخططا مماثلة لها تفرض على المستهلكين دفع جزء من تكاليف الرعاية الصحية وقت الحصول على الخدمة. وأضافت: «إن مشاركة المستهلك في التكلفة وسيلة قوية سوف توفر المال، لكن لدينا دليل قوي على أنه عند زيادة التكاليف التي سيتحملها المريض وحده، لن تكون اختيارات المستهلكين في صالحهم من حيث الصحة».
خطة «هارفارد» الجديدة أكثر كرما من الخطط التي تروج ضمن برامج شراء تأمين صحي بموجب قانون الرعاية الصحية ذات التكلفة المقبولة. وتقول «هارفارد» إنه طبقا لخطتها سوف تدفع 91 في المائة من تكلفة الخدمات للأشخاص الذين يدخلون تحت مظلة نظام الرعاية الصحية، في حين أنه طبقا لأكثر الخطط قبولا بشأن برامج شراء تأمين صحي التي تعرف بالخطط الفضية، يجري دفع 70 في المائة في المتوسط، مما يعني أن على الطرف المؤمن عليه طبيا دفع 30 في المائة، لكن دون احتساب التكاليف الطبية الأخرى المحتملة التي تتحدد بحسب الحالة الصحية للمؤمن عليه. وقالت لويس: «لم يحتجّ أي منا بدافع المال، بل بدافع المبادئ»، معبرة عن قلقها من تأثير تلك التغييرات على العاملين الذين يحصلون على أجور متدنية.
واشتكى المستهلكون في الكثير من الدول من خطط الرعاية الصحية التي تقيد اختيارهم للأطباء والمستشفيات. وقال بعض العاملين في جامعة «هارفارد» إنهم سوف يرحبون بشبكة أقل اتساعا من جهات تقديم الخدمات الطبية إذا كان ذلك سيقلل التكلفة التي يدفعونها.
مع ذلك ما يعقد مهمة «هارفارد» في عمل مثل تلك الشبكات هو أن بعض مستشفيات بوسطن الأشهر والأعلى سعرا تابعة لكلية الطب بجامعة «هارفارد»، ولعمل شبكة من الجهات المقدمة للخدمة الطبية المتميزة، سوف تحتاج «هارفارد» على الأرجح إلى استثناء بعض المستشفيات التعليمية التابعة لها أو عدم التشجيع على الذهاب إليها.
وقالت دكتورة باربرا ماكنيل، رئيسة قسم سياسات الرعاية الصحية بكلية الطب في جامعة «هارفارد» وعضو لجنة المزايا: «يريد العاملون في هارفارد الحصول على كل شيء. إنهم لا يريدون أي قيود تتعلق بالمؤسسات التي يمكنهم الحصول من خلالها على الرعاية الصحية».
ورغم أن التكاليف يدفعها العامل مباشرة في «هارفارد» سوف تزداد عام 2015، فإن الإداريين قالوا إن رسوم التأمين سوف تنخفض قليلا. وأشاروا إلى أن الجامعة، التي تحصل على منحة أكبر من 36 مليار دولار، لديها برنامج استثنائي لتوفير الحماية من التكاليف المرتفعة التي يدفعها مباشرة العاملون الذين يبلغ راتبهم 95 ألف دولار أو أقل سنويا.
وقالت أستاذة إن قواعد الحماية لم توازن الأعباء المالية الجديدة التي يمكن أن تقع على كاهل أعضاء هيئة التدريس متوسطي المستوى ومن يتقاضون أجورا منخفضة.
وقالت ماري ووترز، أستاذة العلوم الاجتماعية: «يبدو أن هارفارد تحاول توفير المال من خلال تحميل المرضى التكلفة. لا أفهم لماذا تفعل جامعة لها موارد هائلة مثل هارفارد ذلك. ما الأزمة؟».

* خدمة «نيويورك تايمز»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.


جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.


«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».