مقتل ضابط سوداني في هجوم إثيوبي قرب الحدود

الوزراء الجدد يؤدون اليمين الدستورية اليوم أمام البرهان وحمدوك

عبد الله حمدوك خلال إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة في الخرطوم أول من أمس (إ.ب.أ)
عبد الله حمدوك خلال إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة في الخرطوم أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

مقتل ضابط سوداني في هجوم إثيوبي قرب الحدود

عبد الله حمدوك خلال إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة في الخرطوم أول من أمس (إ.ب.أ)
عبد الله حمدوك خلال إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة في الخرطوم أول من أمس (إ.ب.أ)

لقي ضابط سوداني مصرعه في هجوم شنته قوات إثيوبية قرب الحدود الإثيوبية شرق البلاد، وذلك خلال مهاجمة لقوة استطلاع عند منطقة جبل حلاوة المحاذية لإثيوبيا، كما تحدثت فيه مصادر عن رصد حشود عسكرية تتجه من إقليم أمهرا الإثيوبي باتجاه السودان. وفي غضون ذلك حددت الحكومة السودانية ظهر اليوم (الأربعاء) موعداً لأداء اليمين الدستورية للتشكيل الحكومي، الذي أعلنه رئيس الوزراء أول من أمس.
وقالت وسائل إعلام محلية ودولية إن قوة استطلاع، تابعة للفرقة 17 في منطقة جبل حلاوة، قرب الشريط الحدودي بموازاة ولايتي سنار والقضارف، تعرضت أول من أمس لهجوم من قبل قوات إثيوبية أثناء قيامها بمهمة استطلاع، ما أدى إلى مقتل قائد المجموعة، وهو ضابط برتبة ملازم.
ونسبت صحيفة «سودان تربيون» إلى مصادر أن حشوداً عسكرية إثيوبية مدججة بالأسلحة الثقيلة، تتجه نحو الحدود الشرقية بين السودان وإثيوبيا عند ولاية القضارف، قبالة إقليم أمهرا. وبحسب الصحيفة ذاتها، فإن مناطق الفزرا، وكريمة، وكرش الفيل، إضافة إلى المناطق الواقعة ناحية محمية «الدندر» الطبيعية، قرب حدود إثيوبيا وولاية سنار السودان، تشهد تحركات عسكرية لقوات إثيوبية بعمق 19 كيلومترا داخل الأراضي السودانية، وبعمق 13 كيلومترا من منطقة جبل حلاوة.
وخاضت القوات المسلحة السودانية في سنة 2018 معارك بالمنطقة نفسها، أجبرت خلالها القوات الإثيوبية على التراجع لنحو 7 كيلومترات، قبل أن تشكك أديس أبابا في الحدود المعترف بها دوليا بين السودان وإثيوبيا، والمرسومة وفقا لاتفاقية «قوين» عام 1902.
وتحرك أطماع تاريخية لقومية «الأمهراء» في السودان مجموعات مسلحة للتعدي على السودان منذ عشرات السنين. ورغم المناوشات المتكررة على حدود الدولتين، وعدد من جولات التفاوض لإعادة وضع العلامات الحدودية، واتهام الخرطوم لأديس أبابا بالتماطل في وضع العلامات الحدودية، فإن الوضع على الأرض لم يصل لدرجة الاحتقان التي وصلتها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ومنذ إعلان الجيش السوداني تصديه لهجوم غادر من قوات إثيوبية محلية، مدعومة من الجيش الفيدرالي، ومقتل عدد من جنوده، وإعادة نشر قواته في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الإثيوبية، وإعلانه استردادها، تزايد التوتر بين البلدين، وحشد كلا الطرفين قواته على جانبي الحدود.
من جهة أخرى، رهن الإثيوبيون، الذين فروا من الحرب بين القوات الاتحادية و«جبهة تحرير تغراي» ولجأوا للسودان، عودتهم لبلادهم بذهاب النظام الحاكم في أديس أبابا، الذي يترأسه آبي أحمد، الحائز على جائزة نوبل للسلام.
ورغم الإعلان الرسمي الإثيوبي بانتهاء العمليات العسكرية في إقليم تغراي، تواصل تدفق آلاف اللاجئين الفارين من القتال هناك، حيث فاق عددهم حسب آخر إحصائية صادرة عن مفوضية اللاجئين السودانية 67 ألف لاجئ، جلهم من النساء والأطفال، وزعتهم السلطات السودانية على عدد من معسكرات اللاجئين داخل الأراضي السودانية، فيما تستقبل المراكز المؤقتة قرب الحدود المزيد من الفارين من هناك.
وزار وفد الاتحاد الأوروبي، الذي تترأسه وزيرة خارجية فنلندا، بيكا هافيستو، رفقة المفوض السامي لشؤون اللاجئين، وممثلين عن وزارات الدفاع والخارجية السودانيتين، معسكرات اللاجئين في شرق البلاد. وقالت «سودان تربيون» إن اللاجئين أبلغوا المسؤولين الغربيين رفضهم العودة إلى بلادهم، في ظل ما أطلقوا عليه استهداف نظام أديس أبابا، بقيادة رئيس الوزراء آبي أحمد، لقومية «تغراي».
وأبلغت السطات السودانية الوفد الغربي الزائر أن أعداد اللاجئين تفوق طاقة المجتمع المحلي، وأنها تستدعي تدخلا دولياً لتوفير حاجات اللاجئين والمواطنين، الذين تأثروا بتوافد اللاجئين، وحذرت من الآثار المترتبة على ضغط اللاجئين على الخدمات المقدمة للمواطنين.
في سياق آخر، أعلن مجلس الوزراء، أمس، أن الوزراء الجدد الذين تم تعيينهم أول من أمس، سيؤدون اليمين الدستورية أمام رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك ظهر اليوم بمباني القصر الجمهوري بالخرطوم.
أعلن حمدوك أول من أمس عن تشكيل حكومة جديدة من 25 وزيراً، وأرجأ تسمية وزير واحد، شاركت فيها للمرة الأولى الحركات المسلحة السابقة، المنضوية تحت لواء تحالف «الجبهة الثورية»، واصطلح على تسميتها «قوى الكفاح المسلح»، عقب توقيع اتفاق جوبا للسلام بينها والحكومة السودانية في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».