دعوات لتوحيد البرلمان الليبي تمهيداً لمنح الثقة لحكومة دبيبة

وسط محاولات لعقد جلسة منتصف الشهر في مدينة صبراتة

TT

دعوات لتوحيد البرلمان الليبي تمهيداً لمنح الثقة لحكومة دبيبة

بات على مجلس النواب الليبي المنقسم بين شرق البلاد وغربها، أن يوحد صفوفه، استعداداً لمناقشة برنامج الحكومة الجديدة فور عرضها عليه والنظر في منحها الثقة، مع نهاية الشهر الجاري. وفيما يتخوف البعض من عرقلة هذا التحرك، تحدث آخرون على محاولات لعقد جلسة منتصف الشهر الجاري في مدينة صبراتة (غرب البلاد) تمهيداً لإقرار الحكومة.
ويتوجب على رئيس الحكومة الجديدة عبد الحميد دبيبة الانتهاء من تشكيل الحكومة في غضون 21 يوماً وتقديمها إلى مجلس النواب لنيل الثقة. وفي حال تعذر ذلك، يتقدم بها إلى ملتقى الحوار السياسي الذي ترعاه البعثة الأممية لدى ليبيا.
وقال عضو مجلس النواب علي السعيدي إن «البرلمان لا يزال منقسماً ومشتتاً حتى هذه اللحظة، ولكن هناك دعوات بدأت بالفعل لعقد جلسة موحدة بجميع أعضائه في القريب العاجل لمناقشة إقرار الحكومة، تفاديا لتكرار تجربة حكومة الوفاق التي لم يستطع البرلمان متابعة أعمالها ومساءلتها نظراً لعدم إقرارها من البداية».
وأعرب السعيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن قلقه مما قد تسفر عنه الأيام المقبلة، وقال: «أغلب من لم يوفقوا في الترشح شخصيات لها ثقل وميليشيات على الأرض مقارنة بالشخصيات الفائزة... نعم الكل أعلن ترحيبه بالسلطة الجديدة، ولكن هناك فارق بين الترحيب عبر التغريد على مواقع التواصل، وبين الفعل على الأرض».
وتوقع السعيدي «عدم ترحيب الخاسرين، ومنهم رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، بأي تحرك من شأنه أن يقلل من أسهمهم ونفوذهم في المشهد السياسي»، علماً بأن صالح رحب بما وصفه «انتصار الشعب الليبي بتكوين سلطة تنفيذية جديدة» وتمنى «التوفيق للجميع من أجل إخراج ليبيا من أزمتها».
وأعرب عضو مجلس النواب أبو صلاح شلبي عن تفاؤله بإمكانية عقد جلسة موحدة للبرلمان قريباً لمنح الثقة للحكومة الجديدة، نظراً إلى «كثرة التعهدات التي صدرت عن النواب، بعدم عرقلة عمل الحكومة فور تشكليها، خصوصاً إذا تم اختيارها على أساس الكفاءة والخبرة، ومراعاة التمثيل الجغرافي في ذلك».
وفيما يتعلق بحالة الانقسام الراهنة للبرلمان، لفت شلبي إلى وجود محاولات سابقة لتوحيده حتى خلال فترة جلسات ملتقى الحوار السياسي. وقال إن «أعضاء البرلمان الساعين لتوحيده فضلوا حينها انتظار نتائج الملتقى».
وأشار إلى أن «هناك اتفاقاً سابقاً لتقاسم المناصب بين الأقاليم الليبية الثلاثة، بحيث إذا حصل شرق البلاد على رئاسة المجلس الرئاسي، والغرب على رئاسة الحكومة، كما هو الحاصل الآن، فالتالي تؤول رئاسة البرلمان للجنوب، وبالتالي نقول إن الظروف قد باتت مهيأة أكثر لالتئام المؤسسة التشريعية عما مضى».
وتابع: «نتوقع جلسة موحدة للبرلمان ربما منتصف الشهر الجاري، لإعادة هيكلة رئاسته بانتخاب شخصية من الجنوب الليبي، وهيكلة اللجان، ومن ثم مباشرة أعمال المجلس وصولاً لمرحلة الانتخابات المقررة عقدها نهاية العام الجاري».
ورأى أن هذه الهيكلة ليست لها علاقة بصالح، «فالرجل ترشح للمجلس الرئاسي ولم يوفق، وهو يمثل إقليم برقة والبرلمان الآن من نصيب إقليم فزان. ولا أتوقع معارضته لعقد هذه الجلسة أو لإقرار الحكومة الجديدة لأسباب عدة منها اختلاف المرحلة الزمنية، وعدم منطقية قيامه برفض نتائج عملية سياسية شارك فيها من البداية، فضلاً عن أن الجميع يرصد، كما أن الدول المعنية بالملف الليبي في المنطقة العربية ودول الجوار رحبت بتشكيل السلطة الجديدة».
وكان نحو 50 نائباً من أصل 188 يشكلون أعضاء البرلمان الليبي، أعلنوا في أعقاب العملية العسكرية التي شنها «الجيش الوطني» على طرابلس في أبريل (نيسان) 2019 مقاطعتهم جلسات البرلمان بطبرق، وشكلوا مجلساً موازياً اتخذ من العاصمة مقراً له.
وأكد عضو مجلس النواب ميلود الأسود التوجه لعقد جلسة موحدة للبرلمان لإعادة هيكلة رئاسة المجلس ولجانه منتصف الشهر الحالي في مدينة صبراتة (70 كيلومتراً من العاصمة طرابلس)، «لأسباب لوجيستية تتعلق بتوفر الإقامة للنواب وقربها من طرابلس وسهولة الوصول إليها». ونفى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ما يتردد بشأن مسارعة النواب لعقد جلسة موحدة لإقرار الحكومة خوفاً من تجاوز دورهم وحصول الحكومة الجديدة على شرعيتها من أعضاء ملتقى الحوار. وقال الأسود إن «الأمر ليس صراعاً على الصلاحيات كما يحاول البعض تصويره... نحن انتخبنا من قبل الشعب لهذا الدور، والجلسة المقبلة ستكون لتوحيد عمل البرلمان وتنظيمه، وعندما تشكل الحكومة، وهذا يتطلب وقتاً ربما يصل إلى ثلاثة أسابيع، سنجتمع كمجلس نيابي موحد لنناقش برنامجها ونتحقق أولاً قبل إقرارها من أن برنامجها يلبي مطالب وتطلعات الشعب الليبي، ولو في حدها الأدنى».
وطبقاً لما اتفق عليه من مخرجات الحوار السياسي فيما يتعلق بتشكيل حكومة الوحدة، يتعين على رئيس الوزراء المكلف تشكيل حكومته وتقديم برنامج عمله إلى مجلس النواب للمصادقة الكاملة عليه خلال 21 يوماً، ثم الانتظار 21 يوماً أخرى لنيل الثقة فإذا فشل في تمرير وإقرار الحكومة يكون مصيرها بيد أعضاء لجنة الحوار الـ75.
وفي سياق التخوفات المستقبلية، حذر المحلل السياسي صلاح البكوش من احتمالية لجوء صالح لعرقلة عقد جلسة موحدة للبرلمان. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس البرلمان «يعتبر الاجتماع الموحدة مخاطرة عليه، لأن هناك أغلبية نيابية تريد إزاحته من الرئاسة التي أمضى فيها ست سنوات».
وخلص إلى وجود «احتمال بأن يسعى للعرقلة عبر الأدوات الإجرائية كالإصرار على عقد الجلسة في بنغازي، لذا أدعو البعثة الأممية لتسهيل عقد الجلسة الموحدة بكامل نصاب البرلمان».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.