المرشح لمنصب حاكم دارفور يدعو للمصالحة مع الإسلاميين

مناوي يطالب بتسليم البشير ومعاونيه للجنائية الدولية

مني أركو مناوي (من موقعه على «فيسبوك»)
مني أركو مناوي (من موقعه على «فيسبوك»)
TT

المرشح لمنصب حاكم دارفور يدعو للمصالحة مع الإسلاميين

مني أركو مناوي (من موقعه على «فيسبوك»)
مني أركو مناوي (من موقعه على «فيسبوك»)

دعا رئيس حركة جيش تحرير السودان، مني أركو مناوي، إحدى الفصائل الموقعة على اتفاق السلام، إلى التصالح مع «الإسلاميين»، بدعوى إجراء مصالحة وطنية سودانية، تشمل حتى حزب المؤتمر الوطني (المنحل) الذي عزل بثورة شعبية في أبريل (نيسان) 2019، وأقر مناوي، بأن حركته كانت جزءاً من عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد للحصول على أكبر حصة في الوزارات.
وشغل مناوي منصب كبير مساعدي الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، بموجب اتفاقية «أبوجا» للسلام في عام 2006، قبل أن ينشق عنه، ويعود إلى التمرد بدعاوى تهميشه في اتخاذ القرار داخل الحكومة.
وسبق أن أثار حديثه عن التصالح مع «الإسلاميين» ردود فعل غاضبة من أنصار الثورة والنشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي، إلى حد وصفه بالوقوف ضد التغيير في البلاد.
وقال مناوي في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس: «ليس هنالك ما يمنع من التعايش مع (الإسلاميين) من أجل تحقيق المصالحة الوطنية لمعاجلة الخلافات في البلاد، مثلما حدث في كثير من البلاد التي خرجت من ظروف حرب، لكن هذا لا يمنع تقديم كل من ارتكب جرماً من الإسلاميين للمحاكمة».
وأضاف: «يجب أن نتعايش مع الإسلاميين، وليس لدي مانع من الحوار مع مدير أمن النظام المعزول، صلاح عبد الله قوش، إذا كان يمتلك حلاً»، واستدرك بالقول إن «قوش» لا مستقبل سياسي له في البلاد.
وشدد مناوي على ضرورة إجراء مصالحة اجتماعية في البلاد لإزالة الغبن والمظالم التاريخية منذ الاستقلال، وقال: «يجب أن تتصالح كل القوى السياسية، بما ذلك حزب المؤتمر الوطني (المنحل)».
ويتهم قادة النظام المعزول بإشعال الحرب في دارفور عام 2003، وارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، أدت إلى مقتل 300 ألف وملايين النازحين بداخل وخارج البلاد، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.
وطالب مناوي بالإسراع في تسليم المطلوبين من قادة النظام المعزول للمحكمة الجنائية الدولية، وقال: لا داعي لمحاكمته بتهم «بسيطة»، على حد تعبيره.
ومن جهة ثانية، أقر رئيس حركة جيش تحرير السودان، بوجود قواته في ليبيا، بيد أنه عاد قال: «إن قواته لم تتورط في الحرب مع أي طرف من الفصائل المتنازعة في ليبيا». وأضاف: «لا ننكر أن قواتنا لم تدخل ليبيا، لكنها لم تدخل طوعاً، وأن ظروف الحرب مع النظام المعزول دفعت الكثير من الحركات المسلحة للتسلل إلى دول الجوار». وكشف مناوي عن أنه طلب من تلقاء نفسه تعيينه حاكماً لإقليم دارفور في إطار المحاصصة الحزبية التي تجري بين شركاء الحكم في البلاد. وأكد مناوي أنه ليس ضد تطبيع السودان لعلاقاته مع إسرائيل، على ألا تكون تلك العلاقات خصماً على القضية الفلسطينية وحقوق أهلها.
وبشأن ملف الترتيبات الأمنية في اتفاقية السلام، قال إن قواته داخل السودان، وعلى استعداد لدمجها مع القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى لتشكيل القوات المشتركة.



اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
TT

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)

تتوالى التأثيرات السلبية على الاقتصاد اليمني، إذ يرجح غالبية المراقبين أن استمرار الصراع سيظل عائقاً أمام إمكانية السماح بالتعافي واستعادة نمو الأنشطة الاقتصادية واستقرار الأسعار وثبات سعر صرف العملة المحلية وتحسين مستوى معيشة السكان.

وتشهد العملة المحلية (الريال اليمني) انهياراً غير مسبوق بعد أن وصل سعر الدولار الواحد خلال الأيام الأخيرة إلى 1890 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، في حين لا تزال أسعار العملات الأجنبية ثابتة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقرار انقلابي، كما يقول خبراء الاقتصاد الذين يصفون تلك الأسعار بالوهمية.

الانقسام المصرفي في اليمن يفاقم الأعباء الاقتصادية على المجتمع (رويترز)

وتتواصل معاناة اليمنيين في مختلف المناطق من أزمات معيشية متتالية؛ حيث ترتفع أسعار المواد الأساسية، وتهدد التطورات العسكرية والسياسية، وآخرها الضربات الإسرائيلية لميناء الحديدة، بالمزيد من تفاقم الأوضاع، في حين يتم التعويل على أن يؤدي خفض التصعيد الاقتصادي، الذي جرى الاتفاق حوله أخيراً، إلى التخفيف من تلك المعاناة وتحسين المعيشة.

ويعدّد يوسف المقطري، الأكاديمي والباحث في اقتصاد الحرب، أربعة أسباب أدت إلى اندلاع الحرب في اليمن من منظور اقتصادي، وهي ضعف مستوى دخل الفرد، وضعف هيكل نمو دخل الفرد، وهشاشة الدولة وعدم احتكارها العنف، وعندما تفقد الدولة القدرة على الردع، تبدأ الأطراف المسلحة بالصعود للحصول على الموارد الاقتصادية.

ويوضح المقطري لـ«الشرق الأوسط» أنه عندما لا يتم تداول السلطة من جميع القوى الاجتماعية والسياسية في البلد، تنشأ جهات انقلابية ومتمردة للحصول على السلطة والثروة والحماية، وإذا غابت الدولة المؤسساتية الواضحة، ينشأ الصراع على السلطة والثروة، والحرب تنشأ عادة في الدول الفقيرة.

طلاب يمنيون يتلقون التعليم في مدرسة دمرتها الحرب (البنك الدولي)

ويضيف أن اقتصاد الحرب يتمثل باستمرار الاقتصاد بوسائل بديلة لوسائل الدولة، وهو اقتصاد يتم باستخدام العنف في تسيير الاقتصاد وتعبئة الموارد وتخصيصها لصالح المجهود الحربي الذي يعني غياب التوزيع الذي تستمر الدولة في الحفاظ على استمراريته، بينما يعتاش المتمردون على إيقافه.

إمكانات بلا استقرار

أجمع باحثون اقتصاديون يمنيون في ندوة انعقدت أخيراً على أن استمرار الصراع وعدم التوصل إلى اتفاق سلام أو تحييد المؤسسات والأنشطة الاقتصادية سيجر الاقتصاد إلى مآلات خطيرة على معيشة السكان واستقرار البلاد.

وفي الندوة التي عقدها المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية، عدّت الباحثة الاقتصادية رائدة الذبحاني اليمن بلداً يتمتع بالكثير من الإمكانات والمقدرات الاقتصادية التي تتمثل بالثروات النفطية والغاز والمعادن الثمينة والأحياء البحرية والزراعة وموقعها الاستراتيجي على ممرات طرق الملاحة الدولية، غير أن إمكانية حدوث الاستقرار مرهون بعوامل عدة، على رأسها الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني.

وترى الذبحاني ضرورة تكثيف الاستثمارات الاقتصادية وتشجيع القطاع الخاص بالدعم والتسهيلات لتشجيعه على الاستثمار في مشاريع صديقة للبيئة، مشددة على مشاركة المرأة في السياسات الاقتصادية لتحقيق التنمية الاقتصادية، وعدم إهدار طاقاتها الفاعلة في صنع القرار وإيجاد الحلول المبتكرة، وزيادة أعداد القوى العاملة، إذ يمكن أن تضيف المرأة ما نسبته 26 في المائة من الإنتاج المحلي.

سوق شعبية قديمة وبوابة أثرية في مدينة تعز اليمنية المحاصرة من الحوثيين طوال سنوات الحرب (رويترز)

وفي جانب الإصلاح المصرفي يشترط الباحث رشيد الآنسي إعادة هيكلة البنك المركزي ودعم إدارة السياسة النقدية، وتطوير أنظمة المدفوعات وأنظمة البنك المركزي والربط الشبكي بين البنوك باستثمارات بنكية وتحديث القوانين واللوائح والتعليمات المصرفية، وفقاً لمتطلبات المرحلة، وتقليص أعداد منشآت وشركات الصرافة وتشجيع تحويلها إلى بنوك عبر دمجها.

وركز الآنسي، في ورقته حول إعادة ھندسة البیئة المصرفیة الیمنیة بوصفها ركيزة حیویة لبناء اقتصاد حديث، على ضرورة إلزام شركات الصرافة بإيداع كامل أموال المودعين لديها والحوالات غير المطالب بها كوسيلة للتحكم بالعرض النقدي، ورفع الحد الأدنى من رأسمال البنوك إلى مستويات عالية بما لا يقل عن 100 مليون دولار، وعلى فترات قصيرة لتشجيع وإجبار البنوك على الدمج.

كما دعا إلى إلزام البنوك بتخصيص جزء من أسهمها للاكتتاب العام وإنشاء سوق أوراق مالية خاصة لبيع وشراء أسهم البنوك والحوكمة الحقيقية لها.

انكماش شامل

توقّع البنك الدولي، أواخر الشهر الماضي، انكماش إجمالي الناتج المحلي في اليمن بنسبة واحد في المائة خلال العام الحالي 2024، بعد أن شهد انكماشاً بنسبة 2 في المائة في العام الماضي، ونمواً متواضعاً بواقع 1.5 في المائة في العام الذي يسبقه.

يمنيون ينقلون المياه على ظهور الحمير إذ أدى الصراع إلى تدهور سبل المعيشة (أ.ف.ب)

وبيّن البنك أنه في الفترة ما بين عامي 2015 و2023، شهد اليمن انخفاضاً بنسبة 54 في المائة في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، ما يترك أغلب اليمنيين في دائرة الفقر، بينما يؤثر انعدام الأمن الغذائي على نصف السكان.

ويذهب الباحث الاقتصادي عبد الحميد المساجدي إلى أن السياسة والفعل السياسي لم يخدما الاقتصاد اليمني أو يعملا على تحييده لتجنيب السكان الكوارث الإنسانية، بل بالعكس من ذلك، سعى الحوثيون إلى ترسيخ نظام اقتصادي قائم على الاختلال في توزيع الثروة وتركزها بيد قلة من قياداتهم، مقابل تجويع القاعدة العريضة من المجتمع.

وأشار المساجدي، في مداخلته خلال الندوة، إلى أن هناك ملفات أخرى تؤكد استغلال الحوثيين الملف الاقتصادي لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية، كإنشاء منافذ جمركية مستحدثة، ووقف استيراد الغاز من المناطق المحررة، وإجبار التجار على استيراد بضائعهم عبر ميناء الحديدة، وغير ذلك الكثير.

منشأة نفطية يمنية حيث يعد إنتاج وتصدير النفط أحد أهم موارد الاقتصاد الهش (أرشيفية - غيتي)

وتحدث الباحث الاقتصادي فارس النجار حول القطاع الخدمي الذي يعاني بسبب الحرب وآثارها، مشيراً إلى تضرر شبكة الطرق والنقل، وتراجع إجمالي المسافة التي تنبسط عليها من أكثر من 70 ألف كيلومتر قبل الانقلاب، إلى أقل من 40 ألف كيلومتر حالياً، بعد تعرض الكثير منها للإغلاق والتخريب، وتحولها إلى مواقع عسكرية.

وتعرض النجار إلى ما أصاب قطاع النقل من أضرار كبيرة بفعل الحرب، تضاعفت أخيراً بسبب الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، وهو ما ألحق أضراراً بالغة بمعيشة السكان، في حين وضعت الجماعة الحوثية يدها، عبر ما يعرف بالحارس القضائي، على شركات الاتصالات، لتتسبب في تراجع أعداد مستخدمي الهواتف المحمولة من 14 مليوناً إلى 8 ملايين، بحسب إحصائيات البنك الدولي.