إضاءة على «مجموعة الأزمات الدولية»

إضاءة على «مجموعة الأزمات الدولية»
TT

إضاءة على «مجموعة الأزمات الدولية»

إضاءة على «مجموعة الأزمات الدولية»

ارتباط روبرت مالي بمنطقة الشرق الأوسط بدأ منذ دراسته في جامعتي ييل وأوكسفورد، حيث كانت أطروحته التي حصل فيها على درجة الدكتوراه في الفلسفة السياسية حول دول العالم الثالث والصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
بعد ذلك، عمل مالي مع قاضي المحكمة العليا بايرون وايت وانضم إلى مجلس العلاقات الخارجية. وكذلك ألّف كتاباً عن الجزائر بعنوان «العالم الثالث والثورة والتحول إلى الإسلام». ثم انضم إلى إدارة كلينتون كمدير لإدارة الديمقراطية والشؤون الإنسانية في مجلس الأمن القومي، وكان مساعداً تنفيذياً لمستشار الأمن القومي ساندي بيرغر. وفي عام 1998 عُين مستشاراً للشؤون العربية الإسرائيلية حتى عام 2001. وانضم بعدها إلى «مجموعة الأزمات الدولية» في واشنطن، حيث كان يدير المحللين والكتاب من عواصم المنطقة العربية من القاهرة إلى بغداد، ومن عمان إلى طهران وتل أبيب والرباط، حول الحركات الإسلامية في المنطقة والسياسات الأميركية تجاه الشرق الأوسط.
«مجموعة الأزمات الدولية» التي أسست عام 1995 ترفع شعاراً يقول إنها «منظمة مستقلة تعمل على منع الحروب وتشكيل السياسات التي من شأنها بناء عالم أكثر سلاماً». ويشرح مالي أن ما جذبه للعمل في «مجموعة الأزمات الدولية» هو «مقاومة هذه المنظمة للاستبداد ورفض الحواجز سواء وطنية أو طائفية أو عرقية». وهو يصفها بأنها «منظمة تحمل هوية فريدة تجمع بين العمل الصحافي وصرامة الأوساط الأكاديمية». وقد أصبح مديراً تنفيذياً للمجموعة في يناير (كانون الثاني) 2018. وسبقه في هذا المنصب كل من وكيل الأمين العام السابق للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام جان ماري جينو، ورئيس الأمم المتحدة السابق بمفوضية حقوق الإنسان لويز اربور، ووزير خارجية أستراليا السابق غاريث ايفانز.
من جهة ثانية، يشدد مالي على أن هدف «المجموعة» هو «حل الأزمات وتخفيف النزاعات وحلها»، وعلى عكس مؤسسات الفكر والرأي التقليدية يعمل المحللون في الميدان حتى يعكسوا وجهات نظر وأفكاراً جديدة عن الجهات الفاعلة في الصراعات المسلحة وضحاياها... من أفغانستان إلى فنزويلا ومن ميانمار إلى مالي، ومن سوريا إلى الصومال وتايلاند واليمن. وتنشر المجموعة نشرة شهرية تقدم فيها تحليلاً مفصلاً حول صراعات أو حالات صراع محتملة.
هذا، ولقد جرى تصنيف «مجموعة الأزمات الدولية» بأنها «منظمة ليبرالية ذات توجيه يساري». وسبق أن أشادت «المجموعة» بإبرام الاتفاق النووي الإيراني بين إيران و«مجموعة الـ5+1»، واعتبرته «انتصاراً للدبلوماسية متعددة الأطراف وشهادة على جدية الهدف والصبر والمثابرة من جانب المفاوضين المشاركين في العملية». كذلك أكدت «المجموعة» في عدة مقالات حول إيران أن الاتفاق «يضع حداً للمواجهة الطويلة ومتعددة الأبعاد للعسكرة النووية ويقدم طريقاً لتطبيع علاقة إيران مع المجتمع الدولي».



تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
TT

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد الخريجي، وترأس الجانب الصيني نظيره نائب الوزير دنغ لي. وبحث الجانبان تطوير العلاقات الثنائية، مع مناقشة المستجدات التي تهم الرياض وبكين. يذكر أن العلاقات السعودية الصينية شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، إذ تعززت الشراكة بين البلدين على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية. وتعود العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية إلى عام 1990، عندما افتتحت سفارتا البلدين رسمياً في العاصمتين بكين والرياض. مع أن علاقات التعاون والتبادل التجاري بين البلدين بدأت قبل عقود. وعام 1979، وقّع أول اتفاق تجاري بينهما، واضعاً الأساس لعلاقات قوية مستمرة حتى يومنا هذا.

تُعدّ الصين اليوم الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، وانعكست العلاقات المتنامية بين البلدين بشكل كبير على التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما؛ إذ أسهمت في وصول حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 100 مليار دولار أميركي في عام 2023. تستورد الصين النفط الخام من السعودية بشكل رئيسي، وتعدّ المملكة أكبر مورد للنفط إلى الصين، إذ تصدر ما يقرب من 1.7 مليون برميل يومياً. ولقد تجاوزت الاستثمارات الصينية في المملكة حاجز الـ55 مليار دولار. وبحسب تقرير لـ«edgemiddleeast»، ضخّت الصين 16.8 مليار دولار في المملكة في 2023 مقابل 1.5 مليار دولار ضختها خلال عام 2022، استناداً إلى بيانات بنك الإمارات دبي الوطني، وهي تغطي مشاريع في البنية التحتية والطاقة والصناعات البتروكيماوية. وفي المقابل، استثمرت المملكة في عدد من المشاريع داخل الصين، منها الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والنقل. واستضافت الرياض أيضاً في شهر يونيو (حزيران) من هذا العام «مؤتمر الأعمال العربي الصيني» الذي استقطب أكثر من 3600 مشارك. وبعد أسبوعين فقط، أرسلت السعودية وفداً كبيراً بقيادة وزير الاقتصاد السعودي إلى مؤتمر «دافوس الصيفي» في الصين. وبالإضافة إلى هذا الزخم الحاصل، دعت الصين المملكة العربية السعودية كضيف شرف إلى «معرض لانتشو الصيني للاستثمار والتجارة» الذي أقيم من 7 إلى 10 يوليو (تموز) من هذا العام. وكانت وزارة الاستثمار السعودية حثّت الشركات على المشاركة بفاعلية في المعرض، والجناح السعودي المعنون «استثمر في السعودية». كذلك وقّعت السعودية والصين اتفاقيات متعددة لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة. وتسعى المملكة لتحقيق «رؤية 2030» التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على النفط وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، في حين تسعى الصين إلى تأمين إمدادات الطاقة اللازمة لتنميتها الاقتصادية. وبالفعل، جرى أخيراً توقيع اتفاقية بين شركة «تي سي إل تشونغ هوان» لتكنولوجيا الطاقة المتجددة الصينية، وشركة توطين للطاقة المتجددة، وشركة «رؤية للصناعة» السعوديتين، لتأسيس شركة باستثمار مشترك، من شأنها دفع توطين إنتاج الرقائق الكهروضوئية في المملكة العربية السعودية. ووفقاً للاتفاقية، يبلغ إجمالي حجم الاستثمار في المشروع المشترك نحو 2.08 مليار دولار. التعاون السياسي والدبلوماسي تتعاون المملكة والصين على مستوى عالٍ في القضايا الدولية والإقليمية. وتستند العلاقات السياسية بين البلدين إلى احترام السيادة الوطنية والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية. كذلك تتبادل الدولتان الدعم في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، ولقد لعبت الصين دوراً محوَرياً في الوساطة بين السعودية وإيران، ما أدى إلى تحقيق نوع من التوافق بين البلدين، أسهم في توطيد الاستقرار، وقلّل من حدة التوترات، وعزّز من الأمن الإقليمي. الزيارات الرسمية والقمم المعروف أنه في مارس (آذار) 2017، قام الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة رسمية للصين حيث التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ. وخلال الزيارة، وُقّعت 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم، تضمنت التعاون في مجالات الطاقة والاستثمارات والعلوم والتكنولوجيا. وفي وقت سابق، كان خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قد زار الصين رسمياً عام 2006، كانت تلك الزيارة بمثابة نقطة تحوّل في تعزيز العلاقات الثنائية، وشملت مباحثات مع القيادة الصينية وشهدت توقيع اتفاقيات عدة في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار. كما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الصين في فبراير (شباط) 2019 كجزء من جولته الآسيوية. خلال هذه الزيارة، وقّعت 35 اتفاقية تعاون بين البلدين بقيمة تجاوزت 28 مليار دولار، وشملت مجالات النفط والطاقة المتجددة والبتروكيماويات والنقل. بعدها، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، قام الرئيس الصيني شي جينبينغ بزيارة تاريخية إلى الرياض، حيث شارك في «قمة الرياض»، التي جمعت قادة دول مجلس التعاون الخليجي والصين. وتركّزت هذه القمة على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية بين الجانبين، وخلالها وقّع العديد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. من الزيارات البارزة الأخرى، زيارة وزير الخارجية الصيني إلى السعودية في مارس (آذار) 2021، حيث نوقش التعاون في مكافحة جائحة «كوفيد 19» وتعزيز العلاقات الاقتصادية،