حملة لجعل الأولاد «أكثر رجولة» تثير جدلاً في الصين

طلاب في إحدى المدارس الصينية (أ.ف.ب)
طلاب في إحدى المدارس الصينية (أ.ف.ب)
TT

حملة لجعل الأولاد «أكثر رجولة» تثير جدلاً في الصين

طلاب في إحدى المدارس الصينية (أ.ف.ب)
طلاب في إحدى المدارس الصينية (أ.ف.ب)

أثارت وزارة التعليم الصينية، الأسبوع الماضي، جدلاً بعدما ذكرت أن الشباب الصينيين أصبحوا «أنثويين للغاية»، وقدمت اقتراحاً إلى إجراء إصلاح كامل بشأن عروض التربية البدنية في المدارس، حيث نصحت بتوظيف رياضيين متقاعدين وأشخاص من خلفيات رياضية وتطوير رياضات معينة مثل كرة القدم، بهدف «تنمية ذكورية الطلاب».
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، عبر مئات الآلاف من الصينيين، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، عن غضبهم، ووصف الكثيرون منهم اقتراح وزارة التربية والتعليم بأنه متحيز ضد المرأة، وألقت بعض التعليقات اللوم على بعض المشاهير الذين يطلق عليهم «اللحوم الطازجة الصغيرة»، في إشارة إلى أنهم نظيفون ومهندمون.
ومع ذلك، كان هناك استقبال إيجابي للمقترح من قبل البعض في وسائل الإعلام، حيث أشارت صحيفة «غلوبال تايمز» إلى أنه «حصل على بعض الدعم».
ولفتت «بي بي سي» إلى أن الحكومة الصينية أعربت من فترة عن قلقها من أن النماذج الأكثر شعبية للذكور في البلاد لم تعد شخصيات رياضية قوية مثل «أبطال الجيش»، حتى الرئيس شي جين بينغ، الذي يعرف بأنه من عشاق كرة القدم، سعى منذ فترة طويلة إلى تنمية نجوم رياضيين أفضل، وعبر عن آماله في أن تصبح بلاده «قوة عظمى في كرة القدم العالمية» بحلول عام 2050، لهذا أصدرت وزارة التربية والتعليم، الأسبوع الماضي، اقتراحها.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية إن هناك بعض المؤشرات السابقة التي تشير إلى أن مثل هذه الخطوة كانت وشيكة، ففي مايو (أيار) الماضي، قال مفاوض أعلى هيئة استشارية في الصين، سي زيفو، إن العديد من الشباب في الصين أصبحوا «ضعفاء وخجولين ويحتقرون ذواتهم»، وزعم أن هناك اتجاهاً بين الشباب نحو «التأنيث»، وهو ما «سيعرض بقاء وتنمية الأمة الصينية للخطر ما لم يتم التعامل معه بشكل فعال».
وأرجع ذلك جزئياً إلى «البيئة المنزلية»، حيث إن معظم الأولاد الصينيين تربيهم أمهاتهم أو جداتهم، كما أشار إلى أن الجاذبية المتزايدة لبعض المشاهير تعني أن العديد من الأطفال «لم يعودوا يريدون أن يصبحوا أبطالاً للجيش»، لذا اقترح أن تلعب المدارس دوراً أكبر في ضمان حصول الشباب الصيني على تعليم متوازن.
وقالت «بي بي سي» إنه رغم المحاولات المتكررة لتطوير لعبة كرة القدم، فإنها باءت بالفشل، وتعرضت للاستهزاء باعتبارها مهمة مستحيلة على ما يبدو، وذلك بعدما استقال مارسيلو ليبي، الذي قاد إيطاليا للفوز بكأس العالم لكرة القدم 2006، من تدريب منتخب الصين منذ عامين.
ولفتت إلى أن الحكومة الصينية حاولت في الأشهر الأخيرة تقديم نماذج جديدة للشباب الصينيين، فقد كانت أزمة جائحة فيروس «كورونا» فرصة جيدة لإظهار الدور المهم للمرأة من خلال عملها في الخطوط الأمامية خلال مواجهة الوباء.



تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».