بعد ربع قرن.. دبلوماسي مصري يكشف أسرار 9 سنوات مثيرة في تل أبيب

معلومات السفير الأنصاري أفسدت خطة إسرائيل لاجتياح لبنان ومحاولة اغتيال عرفات

بعد ربع قرن.. دبلوماسي مصري يكشف أسرار 9 سنوات مثيرة في تل أبيب
TT

بعد ربع قرن.. دبلوماسي مصري يكشف أسرار 9 سنوات مثيرة في تل أبيب

بعد ربع قرن.. دبلوماسي مصري يكشف أسرار 9 سنوات مثيرة في تل أبيب

حتى أيام قليلة مضت، لم يكن أحد يعلم عن السفير المصري رفعت الأنصاري إلا أنه دبلوماسي مصري تقلد العديد من المناصب، بينها عمله في سفارة بلاده لدى إسرائيل في مطلع الثمانينات من القرن الماضي لمدة 9 سنوات، إلا أن الأنصاري فاجأ الجميع بكتاب جديد صدر الأسبوع الماضي، قلب الأمور رأسا على عقب، حيث كشف من خلاله أسرارا مثيرة حول تلك الفترة من حياته، متضمنا الكثير من الحكايات التي لم يكشف عنها من قبل حول علاقاته وأسراره في تل أبيب، والتي وصلت إلى حد اعتباره جاسوسا لمصر في إسرائيل، وهو الأمر الذي ينفيه الأنصاري بشدة؛ مؤكدا أنه «قام بمبادرة، ولم يكلف بها من أية جهة».
ويسرد الأنصاري قصته في كتابه «حكايتي في تل أبيب (أسرار دبلوماسي مصري)»، التي يحكي فيها ذكرياته في إسرائيل بعد أن وثقها على 11 شريط كاسيت بناء على نصيحة والده، وحولها إلى كتاب جمعه في 6 سنوات بعد موافقات أمنية مصرية ليكشف عن أسرار انتظر 30 عاما ليعلنها.
تعرف الأنصاري أثناء دراسته في ليبيا على الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، الذي كان برتبة ملازم أول حينها، ثم رجع إلى مصر مع والده، ليلتحق بالسلك الدبلوماسي بعد نجاحه في اختبار الخارجية، ليعمل بعدها بالسفارة المصرية في لندن مسؤولا عن الشأن الإسرائيلي. كما تحدث السفير، في كتابه الصادر عن الدار المصرية اللبنانية في 384 صفحة، عن ذكرياته مع نائب رئيس مصر آنذاك حسني مبارك، الذي كان يبدأ يومه بلعب الإسكواش.
وفي عام 1981، استدعاه سفير مصر بلندن للعمل كدبلوماسي في إسرائيل. لكن والده الذي كان يعمل أستاذا جامعيا، بعث له رسالة طويلة يحذره فيها من العمل بإسرائيل حين علم بالأمر.. إلا أن الأنصاري قبل المهمة، وإثر ذلك طلبت زوجته الطلاق لرفضها السفر.
شق الأنصاري طريقه إلى إسرائيل منفردا بسيارته في أوائل الثمانينات بعد ترك أسرته، ليقيم بفندق هناك، ثم حضر احتفال إسرائيل بالعيد القومي باعتباره سكرتير السفير المصري بتل أبيب. وهناك، التقى للمرة الأولى الدبلوماسية البريطانية رونا ريتشي، التي كانت طرف الخيط الذي قاده إلى أخطر فصول حياته.
ويسرد الأنصاري في كتابه المكون من 9 فصول أنه وطد علاقته مع ريتشي التي كان يرى بعينها إسرائيل، نظرا لخبرتها الكبيرة بالمجتمع هناك. وبصرته ريتشي بعيوب المجتمع والشخصيات العامة في تل أبيب، وطلبت منه عدم اللقاء منفردين تفاديا للمشكلات؛ فاتفقا على اللقاء في شاطئ عام، حيث كانا يلتقيان بعيدا عن الأنظار إلا في حضور كلب من نوع جيرمان شيبرد.
ويتابع الأنصاري قصته المثيرة، موضحا أنه انتقل من الإقامة في الفندق إلى شقة خاصة، بعد اكتشافه عن طريق سيدة كولومبية أن غرفة الفندق الذي يقيم فيه بها أجهزة تنصت يزرعها الأمن الإسرائيلي، ويتنصت من خلال غرفة أمنية بالفندق لا يدخلها إلا رجال الأمن فقط.
لكن التنصت على الأنصاري استمر في شقته الجديدة، التي رشحها له عميل تابع لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد، وهي حيلة مخابراتية متبعة، وذلك من خلال وضع أجهزة تنصت كشفها خبراء مصريون جاءوا لمسح مبنى السفارة المصرية، فطلبهم للكشف على منزله.
ويشير السفير إلى أن ريتشي، مصدر المعلومات المهم للأنصاري، رفضت إطلاعه على مصادرها وحرصت على إمداده فقط بالمعلومات، في الوقت الذي كون فيه الأنصاري علاقات مع ضباط بالجيش الإسرائيلي بينهم عدد من النساء، مثل الملازم أول إيريت والنقيب يوديت، بعد التأكد من أنهن غير مدفوعات عليه من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية. فاضحا كيف أعلمته النقيبة يوديت من دون قصد نية إسرائيل اجتياح جنوب لبنان.
ويوضح الأنصاري أنه ربط بين ما قالته يوديت، ومعلومة عن فصل أحد السائقين بالمكتب الحربي لطلبه إجازة في شهر فبراير (شباط)، وأيضا الاتصال بباقي أصدقائه بالجيش الإسرائيلي الذين تحججوا بسفرهم؛ وهو ما أكد ظنونه حول صدق المعلومة، فأبلغ السلطات المصرية التي أفشلت الحرب. كما تطرق إلى نجاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات من محاولة اغتيال في مقر حركة فتح الفلسطينية بعد رصده لمعلومات حول ذلك.
ولمح السفير الأنصاري إلى أن الإسرائيليين اختاروه رئيسا للجنة تحكيم لاختيار ملكة جمال إسرائيل في إحدى السنوات، كما أوضح أنه اقترح عليهم إنشاء جمعية للدبلوماسيين الأجانب. ويروي عن ثقة قادة إسرائيل فيه لدرجة أنه أثناء أحد الاحتفالات، تحدث مع موشى ديان حول معرفته بشخص يعمل بالآثار، فكشف ديان عن أسرار امتلاكه آثارا مصرية وجدها في سيناء بعد حرب 1967، كما نفى له ديان فكرة امتلاك إسرائيل خريطة أرض الأحلام من النيل للفرات.
ولكن الأمور تعقدت بعد قبض السلطات البريطانية على رونا ريتشي بتهمة التجسس لصالح مصر، والأسوأ من ذلك اتهام السفير الأنصاري بالجاسوسية لحساب مصر، وعلى أثر ذلك شنت الصحافة الإسرائيلية والبريطانية حملة شرسة ضده هو وريتشي أدت إلى تعامل الإسرائيليين بحذر معه، إلا أنه رفض مغادرة إسرائيل كونه ليس جاسوسا.
وفي سياق متصل، كشف السفير المصري لدى إسرائيل في ذلك الوقت سعد مرتضى عن أن إسرائيل اتهمته بالتجسس بعد أن قبضت المخابرات المصرية على السكرتير الأول لسفير إسرائيل بالقاهرة في قضية تجسس، إلا أن مصر تأخرت في الإعلان عن ذلك فقامت إسرائيل بخطوة استباقية.
وواجه الدبلوماسي المصري 3 محاولات اغتيال نجا منها، الأولى كانت محاولة دهسه بسيارة مجهولة، والثانية كانت محاولة صعقه بالكهرباء، ثم الثالثة بعد كسر أنبوب الغاز الطبيعي في شقته ولكن تم إنقاذه، ليتلقى أوامر من القاهرة بضرورة هروبه سرا.
وقبل رحيله من تل أبيب، عرضت مجلة إسرائيلية على الأنصاري كتابة مذكراته مقابل مليون دولار، فمزق العرض وذهب إلى منزله. كما أفصحت له خبيرة السياحة الإسرائيلية شولاميت عن طريقة الموساد في التجنيد، عبر نشر عيون ترصد تحركات الأشخاص المرغوب في تجنيدهم، حتى خلال وجودهم بمطاعم الوجبات السريعة أو محطات الوقود.
ويروي الأنصاري أنه هرب من إسرائيل في سياق أشبه بأفلام «الأكشن»، ويشير في فصل بالكتاب تحت عنوان «آخر يوم في تل أبيب»، إلى أنه سافر عبر خطوط «إير سيناء»، وعلى متن الطائرة سلمته مضيفة مصرية ورقة تقول: «من مصر ومن مصر للطيران لابن مصر البار؛ تقديرا لما قام به من أعمال».. وبعد وصوله إلى مصر استقبلته سيارة سوداء، وأبلغ مستقبله المسؤولين المصريين قائلا: «الأمانة وصلت سالمة من تل أبيب».
وعاد الأنصاري إلى أهله بعد 9 سنوات من العمل في إسرائيل وسط لهفة اللقاء بالمفاجأة.. أما رونا ريتشي، فقضت محكمة بريطانية بسجنها 9 أشهر مع إيقاف التنفيذ لمدة سنة.
وذكر الأنصاري أنه بعد عودته إلى مصر أدلى بإفادته إلى الجهات الأمنية على مدار 3 أسابيع، موضحا أنه بعد سرده للقصة 8 مرات، تذكر أنه أثناء وجوده مع رونا ريتشي على الشاطئ كان يصاحبهما دائما ذلك الكلب المجهول، الذي عرفا فيما بعد أنه مدسوس من أجهزة الأمن الإسرائيلي، وأنه مزود بمسجل خفي حول عنقه.. وكانت تلك التسجيلات دليل إدانة ضدها. وفي سياق مواز، نشر الإعلام الإسرائيلي خبر هروبه للقاهرة في 9 أبريل (نيسان) تحت عنوان «عودة الصديق المصري للدبلوماسية البريطانية سرا إلى القاهرة».
وحلل الدبلوماسي المخضرم دقائق السياسة الإسرائيلية، فقال إنها تعتمد كليا على مخابراتها عبر شبكة تجسس عالمية، ترتكز على العنصر البشري ثم اقتناص المعلومات بدقة؛ رغم تخبط أجهزتها الأمنية. وشرح أسلوب المخابرات الإسرائيلية، وهو مزيج من الأساليب الفرنسية والأميركية والبريطانية والسوفياتية.
كما نفى الأنصاري تكليف المخابرات المصرية له بالتجسس، موضحا عدم عمله بالجهاز؛ بيد أنه كان صديقا لهم، موضحا أن إسرائيل لم تستطع إثبات تهمة عليه فألصقتها بصديقته رونا التي رفضت العمل لصالح الموساد، ويطلب منها حاليا الظهور علنا لنفي التهمة.



دعم سعودي شامل ومستدام للتعليم في اليمن

أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
TT

دعم سعودي شامل ومستدام للتعليم في اليمن

أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)
أحد المشاريع التعليمية التي يمولها «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» (الشرق الأوسط)

انطلاقاً من إيمان السعودية بأن التعليم هو حجر الأساس في بناء الشعوب وصناعة التنمية، واصلت الرياض تقديم دعم واسع وشامل للقطاع التعليمي في اليمن، عبر «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، الذي نفّذ خلال السنوات الماضية سلسلة من المشاريع والمبادرات النوعية، أسهمت في تحسين بيئة التعليم وتعزيز قدرته على تلبية احتياجات الطلاب والكوادر الأكاديمية في مختلف المحافظات.

يأتي هذا الدعم، امتداداً لالتزام سعودي راسخ بدعم استقرار اليمن وتنميته، وإدراكاً للدور الحيوي الذي يؤديه التعليم في تعزيز رأس المال البشري ودفع عجلة التنمية الشاملة.

وبحسب بيانات رسمية، نفّذ البرنامج السعودي، 5 مشروعات ومبادرات تعليمية شملت التعليم العام والعالي، والتدريب الفني والمهني، موزّعة على 11 محافظة يمنية، ضمن جهود السعودية لدعم القطاعات الحيوية في اليمن.

في قطاع التعليم العام، ركّز البرنامج على بناء بيئة تعليمية حديثة وآمنة للطلاب، من خلال إنشاء وتجهيز أكثر من 30 مدرسة نموذجية في عدد من المحافظات. وتضمّ هذه المدارس فصولاً دراسية متطورة ومعامل حديثة للكيمياء والحاسب الآلي، بما يرفع مستوى جودة التعليم ويحفّز الطلاب على التعلم النشط واكتساب المهارات العلمية.

ولضمان استمرارية التعليم، قدّم البرنامج خدمات النقل المدرسي والجامعي عبر حافلات مخصّصة، ما أسهم في تخفيف أعباء التنقل عن آلاف الأسر وساعد في انتظام الطلاب والطالبات في الدراسة، خصوصاً في المناطق التي تعاني ضعف البنية التحتية وصعوبة الوصول إلى المؤسسات التعليمية.

دعم الجامعات

على مستوى التعليم العالي، نفّذ البرنامج مشاريع نوعية لتحسين البنية التحتية للجامعات ورفع جودة البيئة الأكاديمية. فقد شمل دعمه جامعة عدن من خلال تجهيز 28 مختبراً حديثاً في كلية الصيدلة، تغطي تخصصات الكيمياء والتكنولوجيا الحيوية وعلم الأدوية، إلى جانب إنشاء مختبر بحث جنائي هو الأول من نوعه في اليمن، ما يشكّل إضافة مهمة للعمل الأكاديمي والبحثي.

كما يعمل البرنامج، على تجهيز كليات الطب والصيدلة والتمريض في جامعة تعز، لما يمثله ذلك من دور محوري في سد النقص الكبير في الكوادر الصحية وتعزيز قدرات القطاع الطبي في البلاد. ويتوقع أن تسهم هذه المشاريع في تطوير البحث العلمي ورفع مستوى التعليم الأكاديمي المتخصص.

وفي محافظة مأرب، أسهم البرنامج في معالجة التحديات التي تواجه جامعة إقليم سبأ، من خلال تنفيذ مشروع تطوير يشمل إنشاء مبنيين يضمان 16 قاعة دراسية، ومبنى إدارياً، وتأثيث مباني الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ما يسهم في استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة وتحسين جودة التعليم الجامعي.

التدريب المهني والتعليم الريفي

في مجال التدريب الفني والمهني، يعمل البرنامج السعودي على إنشاء وتجهيز المعهد الفني وكلية التربية في سقطرى، بقدرة استيعابية تشمل 38 قاعة دراسية ومعامل متخصصة للحاسوب والكيمياء، ما يساعد في توفير بيئة تعليمية ملائمة للطلبة والمتدربين.

كما دعم البرنامج، مشروعاً مشتركاً مع «مؤسسة العون للتنمية»، لتعزيز تعليم الفتيات في الريف، واختُتم بمنح 150 فتاة، شهادة دبلوم المعلمين، ما يسهم في رفع معدلات تعليم الفتيات وتشجيعهن على مواصلة التعليم العالي.

يُذكر، أن «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، نفّذ حتى الآن 268 مشروعاً ومبادرة في ثمانية قطاعات حيوية تشمل التعليم والصحة والطاقة والمياه والزراعة والنقل، ودعم قدرات الحكومة والبرامج التنموية، ما يجعل دوره من أهم المساهمات الإقليمية في دعم استقرار وتنمية اليمن.


التزام أميركي وبريطاني بدعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني

لقاء في الرياض جمع العليمي مع سفراء بريطانيا وأميركا وفرنسا (إعلام حكومي)
لقاء في الرياض جمع العليمي مع سفراء بريطانيا وأميركا وفرنسا (إعلام حكومي)
TT

التزام أميركي وبريطاني بدعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني

لقاء في الرياض جمع العليمي مع سفراء بريطانيا وأميركا وفرنسا (إعلام حكومي)
لقاء في الرياض جمع العليمي مع سفراء بريطانيا وأميركا وفرنسا (إعلام حكومي)

جدّدت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، التزامهما الثابت بدعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، في ظل التطورات المتصاعدة التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة شرق البلاد خلال الأيام الماضية، وما رافقها من تحركات عسكرية أحادية نفذتها قوات موالية لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي».

وأكدت السفيرة البريطانية لدى اليمن عبدة شريف، في تغريدة على منصة «إكس»، أن بلادها «ملتزمة بدعم الحكومة اليمنية ومجلس القيادة الرئاسي، وتعزيز أمن اليمن واستقراره». وأضافت أنها عقدت اجتماعاً «جيداً جداً» مع رئيس المجلس رشاد محمد العليمي، نوقشت خلاله الشواغل المشتركة تجاه ما استجد من تطورات في المحافظتين الشرقيتين.

على الصعيد ذاته، قالت السفارة الأميركية في اليمن عبر منصة «إكس»، إن واشنطن تدعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية «لتعزيز الأمن والاستقرار»، ونقلت عن القائم بالأعمال جوناثان بيتشيا قوله، إنه ناقش مع الرئيس العليمي «القلق المشترك إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة»، مؤكداً الترحيب بكل الجهود الهادفة إلى «خفض التصعيد».

وجاءت هذه المواقف، عقب اللقاء الذي عقده العليمي، الاثنين، في الرياض، مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، حيث وضعهم في صورة ما جرى في المحافظتين من تحركات خارج إطار مؤسسات الدولة.

وأكد في الاجتماع، رفض أي إجراءات أحادية «تقوّض المركز القانوني للدولة» أو تخلق «واقعاً موازياً» خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

وشدد العليمي، على ضرورة عودة أي قوات مستقدمة من خارج المحافظات الشرقية إلى ثكناتها، وتمكين السلطات المحلية من أداء مهامها في حفظ الأمن والاستقرار وحماية المنشآت السيادية.

كما أشار إلى «الانعكاسات الخطيرة للتحركات الأحادية، على جهود التهدئة والإصلاحات الاقتصادية واستقرار العملة وصرف المرتبات»، مؤكداً أن الدولة تعمل على توثيق الانتهاكات التي رافقت تلك التحركات، وضمان حماية المدنيين بعدّ ذلك «ثوابت لا يمكن التهاون بشأنها».


الحوثيون يدفعون بتعزيزات عسكرية نحو الضالع وتعز

موارد المؤسسات اليمنية الخاضعة للحوثيين تستغلها الجماعة للتعبئة والحشد (أرشيفية - إ.ب.أ)
موارد المؤسسات اليمنية الخاضعة للحوثيين تستغلها الجماعة للتعبئة والحشد (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يدفعون بتعزيزات عسكرية نحو الضالع وتعز

موارد المؤسسات اليمنية الخاضعة للحوثيين تستغلها الجماعة للتعبئة والحشد (أرشيفية - إ.ب.أ)
موارد المؤسسات اليمنية الخاضعة للحوثيين تستغلها الجماعة للتعبئة والحشد (أرشيفية - إ.ب.أ)

دفعت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية، بتعزيزات عسكرية جديدة من صنعاء وذمار نحو خطوط التماس في محافظتي الضالع وتعز في خطوة أثارت توجساً من جولة قتال جديدة، وأكدت مخاوف محلية ودولية، من رفض الجماعة لأي مسار يفضي إلى السلام، وإصرارها على توسيع نطاق الحرب وتقويض جهود التهدئة الأممية.

ووفق مصادر يمنية مطلعة، حشدت الجماعة عشرات العربات العسكرية والشاحنات المحملة بمئات المجندين الجدد ممن استقطبتهم عبر حملات تجنيد قسرية نفذتها عناصرها في القرى والأحياء الواقعة تحت سيطرتها في صنعاء وذمار. وتقول المصادر إن هذه الحشود وصلت على شكل دفعات متلاحقة، ضمن تحركات سريعة ومكثفة.

وتؤكد المصادر أن محافظة ذمار وحدها (100 كيلومتر جنوب صنعاء) شهدت خلال اليومين الماضيين، خروج أكثر من 11 آلية عسكرية و8 شاحنات محملة بمقاتلين جدد نحو جبهات الضالع، بالتزامن مع تعزيزات مماثلة دُفعت باتجاه الجبهات الشمالية لتعز.

ويؤكد شهود عيان في محافظة إب، أنهم رصدوا مرور قوافل عسكرية للحوثيين – بعضها تحمل مقاتلين بزي عسكري – وهي تتجه صوب الضالع عبر الخط الرابط بين المحافظتين.

عبر الانتماء السلالي والمذهبي تمكن الحوثيون من الهيمنة على الأجهزة الأمنية (إكس)

ويرى مراقبون أن هذا الحشد الجديد يمثل مؤشراً واضحاً على نية الحوثيين الاستعداد لمرحلة تصعيد جديدة، بخاصة أن الخطوة جاءت في توقيت يشهد حالة انسداد سياسي، وسط تحذيرات أممية من انهيار فرص السلام واستمرار تدهور الأوضاع الإنسانية.

ويذهب هؤلاء إلى أن الجماعة المدعومة من إيران، تسعى إلى فرض واقع عسكري ميداني أكثر ضغطاً، يضمن لها أوراق قوة إضافية في أي مفاوضات مقبلة.

وترافقت التحركات الحوثية مع استحداث مواقع وثكنات عسكرية جديدة، وشق طرقات فرعية لتأمين مرور الإمدادات، إضافة إلى عمليات رصد واستطلاع متواصلة عبر الطائرات المسيَّرة في محيط خطوط التماس.

وبحسب مصادر عسكرية، فقد شهدت محاور عدّة في الضالع اشتباكات متقطعة تزامنت مع وصول التعزيزات الجديدة.

مراوغة متكررة

وتتهم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، الجماعة الحوثية باستغلال فترات التهدئة لإعادة ترتيب صفوفها، وتجديد مخزونها البشري والعسكري عبر حملات تجنيد مكثفة تستهدف القاصرين والشبان العاطلين عن العمل. وتشير بيانات الجيش اليمني، إلى توثيق أكثر من 1924 خرقاً للتهدئة خلال 12 يوماً فقط، بينها 50 خرقاً في جبهات الضالع، بينما توزعت بقية الخروق بين مأرب وتعز والحديدة.

وتنوعت تلك الخروق، بين عمليات قنص واستهداف بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، وشن هجمات محدودة على مواقع الجيش، والتحليق بالطيران المسيّر، واستحداث حفر وخنادق وتحصينات جديدة. كما يستمر الحوثيون بزراعة الألغام الأرضية في محيط القرى والطرقات، ما يفاقم معاناة المدنيين ويزيد من أعداد الضحايا.

حوثيون في أحد شوارع صنعاء يحملون رشاشات خفيفة (إ.ب.أ)

وسبق للقوات الحكومية، أن استهدفت خلال فترات سابقة تعزيزات حوثية قادمة من إب وذمار نحو الضالع، وأحبطت محاولات تسلل متكررة إلى مواقعها. كما شهدت صفوف المقاتلين الحوثيين مواجهات داخلية بسبب رفض كثير من المجندين، تنفيذ أوامر هجومية نتيجة نقص الإمدادات وحرمانهم من المرتبات، إلى جانب الاستياء المتصاعد من الممارسات العنصرية، وتفضيل المنتمين إلى سلالة زعيم الجماعة، في التعيينات والامتيازات.

تعز... تصعيد متواصل

بالتزامن مع تصعيد الحوثيين في الضالع، شهدت محافظة تعز (جنوب غربي)، موجة جديدة من الاشتباكات، أسفرت – بحسب مصادر عسكرية – عن مقتل جنديين من «اللواء 22» هما، وهب علي عبد الله الصبري، ويعقوب عبده دحان العاقل، في الجبهة الشرقية للمدينة.

وتقول المصادر، إن الجبهات الشرقية شهدت على مدى اليومين الماضيين، تبادلاً للقصف المدفعي، فيما دفعت الجماعة بتعزيزات بشرية وآليات قتالية إلى أطراف المدينة، واستحدثت معسكراً جديداً في الجهة الشمالية لتعز، في خطوة عدّتها القوات الحكومية، مؤشراً على خطة هجومية يجري التحضير لها.

مراهقون من خريجي المخيمات الصيفية الحوثية في جبهات القتال (إعلام حوثي)

وفي السياق ذاته، تواصل الجماعة استهداف المناطق السكنية في تعز بالقذائف، ما أدى إلى إصابة طفلين بشظايا متفرقة، وذلك ضمن نمط متكرر يستهدف المدنيين في المدينة المحاصرة منذ سنوات.

وتتصاعد المخاوف من أن تؤدي هذه التحشيدات، إلى اندلاع موجة واسعة من القتال في الضالع وتعز، في وقت يعيش ملايين اليمنيين تحت خط الفقر المدقع، وسط تدهور الخدمات وانقطاع الرواتب، واتساع رقعة المجاعة في مناطق سيطرة الحوثيين.

ويرى مراقبون، أن استمرار الحوثيين في الدفع بالمزيد من المقاتلين – معظمهم مجندون قسرياً – يعكس سياسة تقوم على إدامة الحرب، وتعميق المعاناة الإنسانية، بدلاً من الانخراط في أي حلول سياسية.

وفي ظل غياب الضغط الدولي الفاعل، تبقى هذه التحركات الحوثية مؤشراً على مرحلة مفتوحة من التصعيد، قد تجر اليمن إلى جولة جديدة من الحرب الشاملة، وهي المخاوف نفسها التي عبر عنها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ في تصريحاته الأخيرة.