السودان يؤكد «عدم حدوث حرب» مع إثيوبيا

ارتفاع عدد الفارين من إقليم تيغراي لنحو 67 ألف لاجئ

TT

السودان يؤكد «عدم حدوث حرب» مع إثيوبيا

قطع مجلس السيادة السوداني بعدم حدوث «حرب» بين السودان وإثيوبيا بسبب الحدود، وحرصه على تعزيز علاقات البلدين، دون التفريط في أي شبر من الأراضي السودانية. وفي غضون ذلك، تواصل تدفق اللاجئين الإثيوبيين الفارين من إقليم تيغراي الإثيوبي، ليقترب العدد الكلي من 67 ألف لاجئ، فروا من الإقليم هرباً من الحرب والأوضاع المضطربة في الإقليم الذي شهد حرباً بين القوات المحلية والقوات الاتحادية الإثيوبية.
ونقل مجلس السيادة السوداني، في نشرة صحافية حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن عضو المجلس الفريق الركن ياسر العطا أكد حرص السودان على تعزيز علاقاته الثنائية مع دولة إثيوبيا، بصفتها دولة جارة صديقة، وأنه واثق من عدم نشوب حرب بين البلدين، لإيمان السودان بالحل السلمي، دون أن يفرط في «شبر من أراضيه».
وقال العطا في أثناء زيارة قام بها لدولة جيبوتي، في إطار الحملة السودانية الرامية لشرح تعقيد الأوضاع مع إثيوبيا، إن «الحدود بين البلدين مرسمة، والخرطوم تملك الوثائق التي تؤكد ذلك كافة، وهذه الوثائق مودعة لدى المؤسسات والمنظمات الدولية والإقليمية».
وأوضح العطا عقب لقائه رئيس هيئة الأركان الجيبوتي الفريق الركن زكريا شيخ إبراهيم، وعدد من قادة الجيش الجيبوتي، أن القوات المسلحة السودانية كانت تخشى «انفلات الأمن خلال مرحلة التغيير، كما حدث في عدد من الدول المجاورة والصديقة، ما حدا به للعمل بجد وإخلاص على تجاوز تعقيدات تلك المرحلة».
ومن جهة أخرى، بلغ عدد اللاجئين الإثيوبيين الذين وصلوا إلى السودان 66 ألفاً و971 لاجئاً، عبروا حدود البلاد الشرقية هرباً من القتال في إقليم تيغراي الإثيوبي. وكشف تقرير مفوضية اللاجئين السودانية، أمس، أن عدد اللاجئين الذين وصلوا منطقة حمداييت بولاية كسلا المحادة لإثيوبيا بلغ 34 لاجئاً، ليرتفع بذلك عدد اللاجئين بالولاية إلى 48 ألفاً و27 لاجئاً، فيما وصل 5 لاجئين آخرين «المدينة 8» بولاية القضارف التي تحاد إثيوبيا، ليبلغ عدد اللاجئين 18 ألفاً و94 لاجئاً.
ووفقاً للتقرير الصادر عن المفوضية، فإن العدد الكلي للاجئين الإثيوبيين في السودان، بولايتي كسلا والقضارف شرقي السودان، بلغ حتى أمس 66 ألفاً و971 لاجئاً ولاجئة، وذلك منذ اندلاع الحرب الأهلية في إقليم تيغراي الإثيوبي.
واندلعت الحرب في إقليم تيغراي (شمال إثيوبيا) في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بين الجيش الإثيوبي الفيدرالي والقوات المحلية التابعة لإقليم تيغراي، المعروفة باسم «قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي»، وأطلقت عليها إثيوبيا اسم «عمليات فرض سيادة القانون».
وتمردت القوات التابعة لجبهة تحرير تيغراي، وأعلنت عدم خضوعها للسلطة المركزية في أديس أبابا، وأجرت انتخابات محلية أقالت بموجبها الحكومة المحلية، وشكلت حكومة جديدة، وسيطرت على قاعدة تابعة للجيش الإثيوبي، قبل أن تطلق القوات الفيدرالية عملية حربية ضد تلك القوات.
وعلى الرغم من إعلان أديس أبابا انتهاء عمليات فرض سيادة القانون في 28 نوفمبر (تشرين ثاني) 2020، وبسط سيطرة الجيش الإثيوبي على الإقليم، وانتهاء العملية العسكرية، فقد تواصل تدفق اللاجئين من إقليم تيغراي إلى الأراضي السودانية.
وفي أثناء النزاع بين القوات الإثيوبية وقوات جبهة تحرير تيغراي، قال الجيش السوداني إن ميليشيا إثيوبية مدعومة من قبل الجيش الفيدرالي اعتدت على قواته، وقتلت منهم نحو أربعة، بينهم ضابط، ما اضطر الجيش السوداني لإعادة الانتشار في حدوده الدولية، وطرد الميليشيات والمواطنين الإثيوبيين الذين كانوا يسيطرون على منطقة «الفشقة» السودانية الخصيبة.
وأعلن السودان أنه استعاد الأراضي التي كانت تسيطر عليها القوات الإثيوبية منذ عام 1995، وأرسل تعزيزات عسكرية كبيرة للمنطقة المحادة لإثيوبيا، قاطعاً بعدم التخلي عن «أراضيه» التي كانت تحتلها إثيوبيا.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.