قتيل وإصابات في المربع الأمني داخل الحسكة

استنفار عسكري غير مسبوق ومناوشات عسكرية

مظاهرة موالية للنظام السوري في المربع الأمني لمدينة الحسكة أمس (أ.ف.ب)
مظاهرة موالية للنظام السوري في المربع الأمني لمدينة الحسكة أمس (أ.ف.ب)
TT

قتيل وإصابات في المربع الأمني داخل الحسكة

مظاهرة موالية للنظام السوري في المربع الأمني لمدينة الحسكة أمس (أ.ف.ب)
مظاهرة موالية للنظام السوري في المربع الأمني لمدينة الحسكة أمس (أ.ف.ب)

شهد المربع الأمني في مدينة الحسكة تصعيداً لمظاهرات ينظمها مؤيدو النظام السوري، احتجاجاً على استمرار الحصار المفروض من قوات «الإدارة الذاتية» الكردية، الذي دخل يومه العشرين. وقتل في هذه الأثناء، متظاهر، وأصيب آخرون، خلال إطلاق قوات الأمن الكردية النار على المتظاهرين، على ما أفادت به «وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا) و«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مع تصاعد التوتر بين الجانبين.
وخرج المشاركون في تمام الساعة 11 صباحاً، إلى ساحة القصر العدلي التي يتوسطها تمثال الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، حيث تجمع حشد من الموظفين وسكان الشوارع المجاورة، وسط حراسة أمنية مشددة من القوات النظامية، استمرت نحو ساعة، هتفت بعبارات مؤيدة، مع رفع الإعلام وصور الرئيس بشار الأسد. وتحدث «المرصد» عن اتهامات طالت «قوات الأسايش»، وهي عناصر أمن كردية، بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، بينما رفض متحدث باسم الأسايش، الرد على طلب «وكالة الصحافة الفرنسية»، للتعليق على الحادثة.
وأغلقت الشرطة التابعة للإدارة الذاتية، جميع الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية إلى الساحة والمناطق الخاضعة للقوات النظامية. وتقول سميرة، وهي سيدة في منتصف عقدها الخامس، موظفة حكومية، وكانت قد شاركت في الاعتصام الذي نُظّم، أمس، بأن الأمور تسارعت: «كان عدد المشاركين قرابة 1500 ما بين موظفي ومدني وبعد إلقاء الكلمات والخطابات اتفق الجميع أن هذه الحركة لا تكفي، ثم توجهوا نحو حواجز (الأسايش)، وهناك أطلق الرصاص الحي لتفريق الحشود».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بمقتل شرطي من المهام الخاصة التابعة للنظام، جراء تبادل إطلاق النار بين القوات النظامية وشرطة الإدارة، بينما أُصيب 4 آخرون أثناء وجودهم في المكان. وشاهد موفد جريدة «الشرق الأوسط» سيارات الإسعاف التابعة لـ«الهلال الأحمر العربي السوري» و«الهلال الكردية» تسعف جرحى ومصابين، كما سمع تبادل إطلاق النار أثناء تجوله في السوق المركزية.
وتصاعدت حدة التوتر بين القوات النظامية وقوات الأمن الداخلي في مدينتي الحسكة والقامشلي، مؤخراً، إذ يتهم قادة الإدارة الذاتية النظام بفرض حصار على سكان مدن وبلدات بريف حلب الشمالي، وفرض إجراءات ورسوم لدخول وحركة البضائع.
بينما تتهم دمشق القوات الكردية بمواصلة «فرض حصارها الخانق»، ومنع دخول الآليات والمواد التموينية على مناطقها شمال البلاد، وفق ما أوردت وكالة «سانا».
وشهدت السوق التجارية الواقعة داخل المربع الأمني، أحداثاً متسارعاً وتجمعات أهلية واحتجاجات رافضة للحصار. ويشتكي الأهالي من شح الوقود وفقدان مادة الخبز ونقص في الأدوية، ترافقت مع جمود في حركة البيع والشراء، والجميع يخشى من تصعيد الموقف وتدهور الأوضاع الميدانية. وأكد المدرس علي (62 سنة)، وهو متقاعد يسكن داخل المربع الأمني، بأن «الجميع يخشى فقدان الخبز، لكن خروج الناس في اعتصام لا يحل المشكلة، نحن نعيش في دولة ضمن الدولة، فالشوارع مقسمة بين طرفين عسكريين، وكل طرف يفرض قيود وإجراءات تتناسب مع حجم قوته».
وتشهد أحياء الحسكة ومداخلها الرئيسية والفرعية، استنفاراً عسكرياً غير مسبوق، مع تسجيل مناوشات عسكرية، رغم دخول موسكو على خط المفاوضات بهدف خفض التصعيد، لكن مصادر مطلعة أكدت عدم تسجيل اختراق وعدم تجاوب الأطراف المتصارعة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.