«منتدى موسكو» يفشل في تحقيق أي خرق على مستوى الأزمة السورية

اتفاق على التحضير لـ «موسكو 2».. والروس طرحوا مبادئ لم تتبنها هيئة التنسيق

جانب من مشاورات موسكو ويبدو د. قدري جميل الثالث إلى اليمين (صفحة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير على «فيسبوك»)
جانب من مشاورات موسكو ويبدو د. قدري جميل الثالث إلى اليمين (صفحة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير على «فيسبوك»)
TT

«منتدى موسكو» يفشل في تحقيق أي خرق على مستوى الأزمة السورية

جانب من مشاورات موسكو ويبدو د. قدري جميل الثالث إلى اليمين (صفحة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير على «فيسبوك»)
جانب من مشاورات موسكو ويبدو د. قدري جميل الثالث إلى اليمين (صفحة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير على «فيسبوك»)

فشل «منتدى موسكو» الذي أنهى أعماله يوم أمس الخميس في تحقيق أي خرق يُذكر على مستوى الأزمة السورية، سياسيا وإنسانيا، مع اشتراط وفد النظام التوجه إلى دمشق لإجراء حوار سوري – سوري ليقبل عندها البحث بالتفاصيل.
وأصدر الراعي الروسي في نهاية اللقاء الذي جمع بالأمس ولليوم الثاني على التوالي وفدين من المعارضة والنظام، ما سمي بـ«مبادئ موسكو» وهي عبارة عن 10 بنود، تدعو لتسوية الأزمة في سوريا بالوسائل السياسية السلمية على أساس توافقي انطلاقا من مبادئ بيان جنيف، وللحفاظ على الجيش والقوات المسلحة كرمز للوحدة الوطنية وعلى مؤسسات الدولة، ولعدم قبول أي وجود مسلح أجنبي على الأراضي السورية من دون موافقة حكومتها.
وفيما قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» بأن وفد النظام وخمسة أحزاب معارضة وشخصيات أخرى وافقوا على تبني المبادئ الروسية، أكّد عضو هيئة التنسيق الوطنية ماجد حبو أن «الهيئة لم تتبن هذه المبادئ لكنّها لم تعترض عليها باعتبار أنّها تمثل وجهة نظر الراعي الرسمي الروسي»، لافتا إلى أن من تبناها «عبارة عن مجموعات تمثل النظام أكثر مما تمثل المعارضة، كما يُعرف بهيئات المجتمع المدني وبعض العشائر».
وقال حبو، وهو أحد ممثلي هيئة التنسيق في مشاورات موسكو لـ«الشرق الأوسط»: «تم الاتفاق بالحد الأدنى نظرا لتشدد الطرف الحكومي الذي تبين أنّه غير مفوض بإتمام أي تفاهمات، وشدد على أن النظام جاهز للبحث بالملف الإنساني ومسألة المعتقلين في السجون وغيرها من المواضيع بإطار حوار سوري – سوري يجري في دمشق».
وأوضح حبو أن الاتفاق الذي تم هو على «استمرار اللقاءات بين وفدي المعارضة والنظام برعاية روسيا، وتكليف الراعي الروسي بالإعداد لموسكو 2»، وأضاف: «نعلم أن البداية كانت متعثرة ولكننا نأمل أن تكون الأمور قد نضجت في الاجتماعات القادمة وأن يكون الوفد السوري الحكومي يمتلك صلاحيات أكبر».
وشدّد حبو على أن «اجتماعات موسكو والقاهرة تبقى تشاورية، أما الحل التفاوضي فلن يتم التباحث فيه إلا في جنيف»، معربا عن أمله في أن تنجح هذه اللقاءات التشاورية بالدفع باتجاه جنيف 3.
وقال موقع «روسيا اليوم» بأن وفدي الحكومة والمعارضة اتفقا على استئناف المشاورات بعد شهر في العاصمة الروسية. ونقل الموقع الروسي عن مصادر في المعارضة، أن الوفد الحكومي أعرب عن استعداده للنظر في عدد من النقاط المقترحة من قبل المعارضة السورية.
وأشار الموقع إلى أن وفد النظام أبدى استعداده لدراسة قائمة مفصلة من السجناء السياسيين في حال تقديمها من قبل ممثلي المعارضة، بالإضافة إلى موافقته على إنشاء لجنة لحقوق الإنسان.
وأوضحت المصادر أن ممثلي الحكومة السورية اقترحوا أن يتم بحث هذه النقاط في جولة لاحقة من المشاورات، داعين إلى إجرائها في العاصمة السورية.
ودعا البيان الذي صدر بعد انتهاء الاجتماعات في موسكو عن الراعي الروسي، لـ«وضع أسس سياسية للحوار الوطني السوري - السوري، من شأنها تمكين السوريين كافة من تسوية المسائل الملحة للأجندة الوطنية وذلك عن طريق الحوار الوطني الشامل وبلا شروط مسبقة». وحثّ في المبادئ التي أعلنها على «مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وتجلياته والسعي إلى تضافر الجهود الرامية إلى محاربة الإرهابيين والمتطرفين على الأراضي السورية».
واعتبر هشام مروة نائب رئيس الائتلاف السوري الذي قاطع «منتدى موسكو»، أن «فشل هذا المنتدى كان متوقعا باعتبار أن الروس حاولوا ومنذ البداية تقديم بعض الفصائل المعارضة تمهيدا لإعادتها إلى حضن النظام»، مشددا على أن ما صدر بنهاية الاجتماعات لا يمكن أن يكون حلا للأزمة.
وقال مروة لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن أن نقبل بأن يكون الجيش بقياداته الحالية التي تمادت بارتكاب الجرائم بحق الشعب السوري، مسؤولا عن قيادة المرحلة الانتقالية المقبلة»، داعيا القوى التي وافقت على المبادئ التي تقدمت بها موسكو على محاولة إقناع السوريين في الداخل والفصائل، بالدخول بحل سياسي من هذا النوع.
وشبّه مروة منتدى موسكو بأي حوار يقول النظام بأنّه يشارك فيه المعارضة من داخل دمشق، لافتا إلى أن موسكو أثبتت أنّها «غير مؤهلة وجادة للسير بالحل السياسي»، ودعا للسعي لـ«عقد مؤتمر جنيف 3 الذي لا يزال النظام يرفضه».
وإذ أكّد مروة حرص الائتلاف السوري على الحل السياسي ووقف النزيف الحاصل، شدّد على أن أي حل يجب أن يرتكز على بيان جنيف وعلى القرار الأممي رقم 2018 الذي يقول بتشكيل «هيئة حكم انتقالي» تضم الجميع ولا تقصي أحدا، وأضاف: «نحن مستعدون للجلوس على طاولة المفاوضات للبحث بكفاءات نزيهة قادرة على تولي إدارة المرحلة الانتقالية، ولعل الوثيقة السياسية التي صدرت عن الهيئة السياسية للائتلاف بمثابة مسودة لخارطة الطريق التي يتوجب تطويرها ومن ثم اتباعها».
وبالتزامن مع انعقاد الجلسة الأخيرة من المشاورات في موسكو بين وفدي النظام والمعارضة السورية، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أطلع الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف خلال اتصال هاتفي، على ما خلصت إليه الاتصالات التي أجراها مع الأطراف السورية حول ضمان تجميد القتال في حلب المدينة.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان، إن الجانب الروسي أكد خلال الاتصال «دعم موسكو الثابت لجهود دي ميستورا وفريقه في سياق المساهمة في تحقيق تسوية عاجلة للأزمة في سوريا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».