دمشق تستبشر بإعلان إيران نجاح لقاحها

TT

دمشق تستبشر بإعلان إيران نجاح لقاحها

بعد ساعات من إعلان روسيا بدء قواتها العسكرية الموجودة في سوريا بتلقي اللقاح المضاد لفيروس كورونا (كوفيد - 19)، استبشرت دمشق بإعلان إيران نجاح لقاحها، إذ نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن رئيس لجنة تنفيذ أمر الخميني محمد مخبر، إعلانه أن «نتائج الاختبارات للمرحلة الأولى من لقاح (كورونا) الإيراني كانت إيجابية على جميع المتطوعين»، في وقت لم تثمر فيه بعد المباحثات بين دمشق وموسكو عن نتائج ملموسة فيما يتعلق بحصول دمشق على اللقاح الروسي.
كان وزير الصحة السوري حسن الغباش، كشف أمام مجلس الشعب، الأسبوع الماضي، أن الحكومة أجرت مناقشات، منذ نحو شهرين، لاستقدام اللقاح «إلا أن هناك شروطاً لا تناسب الحكومة السورية». وقال: «لن نرضى أن يأتي هذا اللقاح على حساب أمور أخرى، متعلقة بالمواطن السوري، والسيادة السورية».
ولم يتضح بعد إذا كانت دمشق تتطلع إلى الحصول على اللقاح الإيراني بعد تعثر حصولها على اللقاح الروسي، الذي سبق أن أعرب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، عن الأمل بالحصول عليه مجاناً، لدى بدء مفاوضات مع موسكو للحصول على اللقاح قبل نحو شهرين. وقال إن «الشعب الروسي كريم بما يكفي» ليأخذ في اعتباره الظروف الخاصة التي تعيشها سوريا.
تصريح مخبر، الذي نقلته «سانا»، جاء في مؤتمر صحافي عقده في طهران، وقال خلاله إن اللقاح الإيراني «يستجيب لجميع الاختبارات بشكل ممتاز، وحتى نهاية العام الإيراني الحالي الذي ينتهي في الـ20 من مارس (آذار) المقبل، سيتم إنتاج مليونين إلى 3 ملايين جرعة من اللقاح»، مبيناً أن المرحلة الأولى لاختبار لقاح «كورونا» الإيراني على 21 متطوعاً على وشك الانتهاء، وأن المرحلة الثانية ستبدأ قريباً، وأن التطعيم العام للمواطنين سيبدأ خلال شهري مارس وأبريل (نيسان) المقبلين.
كانت «الصحة» السورية أعلنت قبل يومين العمل بشكل استثنائي ضمن مجلس الشعب على تعديل التشريعات المتعلقة باستجرار اللقاحات، لأن القانون السوري يشترط عدم العمل بلقاح لم يمض على استخدامه أقل من ثلاث سنوات.
يشار إلى أن نقيب أطباء سوريا الدكتور كمال أسد عامر، أعلن منتصف الشهر الماضي عن وضع خطة حكومية لاستجرار مليوني جرعة من اللقاحات المضادة للفيروس، مشيراً إلى أن اللقاحات الروسية والصينية جُربت في دول المنشأ، واعتمدتها كثير من دول العالم. كما وضعت خطة لإعطاء اللقاح خلال أبريل المقبل في سوريا، وأن كميات إضافية ستصل لاحقاً إذا اقتضت الضرورة ذلك.
وتهدف خطة وزارة الصحة إلى استجرار مليوني جرعة من اللقاحات، ومنح الأولوية لتلقيها في المرحلة الأولى للفئات الأكثر احتكاكاً مع الفيروس، وهم الأطباء والكوادر الطبية. وتندرج سوريا في قائمة الـ92 دولة التي ستحصل على التطعيم بمعونة اقتصادية من التحالف العالمي «كوفاكس»، الذي أبرم اتفاقات لشراء ملياري لقاح، على أن تبدأ أولى الجرعات في الوصول منتصف فبراير (شباط) المقبل. وبدأت الموجة الثانية من انتشار فيروس كورونا بالانحسار، حسب الإحصائيات الرسمية، وفي آخر إحصائية لوزارة الصحة بدمشق في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي تم تسجيل 69 إصابة جديدة، ليبلغ العدد الإجمالي 13697، وخمس حالات وفاة، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 890.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.