نجاة نائب رئيس الوزراء الليبي من محاولة اغتيال

الجيش يستعيد السيطرة على قاعدة عسكرية في الجنوب

نائب رئيس الوزراء الليبي الصديق عبد الكريم خلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة طرابلس عقب نجاته من محاولة اغتيال، أمس (رويترز)
نائب رئيس الوزراء الليبي الصديق عبد الكريم خلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة طرابلس عقب نجاته من محاولة اغتيال، أمس (رويترز)
TT

نجاة نائب رئيس الوزراء الليبي من محاولة اغتيال

نائب رئيس الوزراء الليبي الصديق عبد الكريم خلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة طرابلس عقب نجاته من محاولة اغتيال، أمس (رويترز)
نائب رئيس الوزراء الليبي الصديق عبد الكريم خلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة طرابلس عقب نجاته من محاولة اغتيال، أمس (رويترز)

بعد مرور 24 ساعة فقط على إعلان علي زيدان، رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا، تلقيه تهديدات باغتياله وتصفيته جسديا ما لم يتنح عن منصبه طواعية، نجا أمس الدكتور الصديق عبد الكريم، نائبه لشؤون التنمية ووزير الداخلية المكلف، من محاولة اغتيال في العاصمة الليبية طرابلس بينما كان في طريقه لحضور اجتماع لجنة الداخلية بالمؤتمر الوطني العام (البرلمان).
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن مصادر بوزارة الداخلية الليبية أن مسلحين مجهولين أطلقوا وابلا من الرصاص على السيارة التي كان يستقلها الوزير عبد الكريم، مما أحدث أضرارا جسيمة بالسيارة، لكن دون وقوع ضحايا.
ولم يشارك عبد الكريم في الاجتماع الذي عقدته لاحقا لجنة الداخلية بـ«المؤتمر الوطني»، لكن أبو بكر حمودة، عضو اللجنة، قال لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من طرابلس، إنه جرى استدعاء بعض الجهات للتحقيق في الملابسات المتعلقة بمحاولة الاغتيال. وأضاف: «لم يتمكن الوزير من حضور الاجتماع معنا، وعقدنا اللقاء من دونه، لكن محاولة الاغتيال هيمنت على جدول أعمال الاجتماع الذي كان مخصصا في الأساس لمناقشة وضع إدارات وزارة الداخلية وميزانيتها للعام الحالي».
وأكد حمودة تواصل أعضاء اللجنة مع الوزير، مضيفا أنه «بخير.. ولا نستطيع نسب هذه العملية إلى أي جهة كانت، لكننا في طور التحقيقات، ولدينا بعض الخيوط التي قد تقودنا إلى الجهة المنفذة لهذه المحاولة الغادرة». ونفى حمودة اعتقال أي من المشاركين في هذه العملية، التي تعد أول محاولة من نوعها لاغتيال مسؤول رفيع المستوى في الحكومة الانتقالية التي تشكلت منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2012. ولم تعلن أي جهة بعد مسؤوليتها عن محاولة اغتيال عبد الكريم، بينما قال مسؤول في وزارة الداخلية الليبية إن هوية المهاجمين غير واضحة.
وتسعى ليبيا جاهدة لاحتواء عشرات الميليشيات التي ساعدت في الإطاحة بالزعيم الليبي السابق معمر القذافي عام 2011، لكنها تحتفظ بسلاحها وتتحدى سلطة الحكومة الجديدة في كثير من الأحيان. وتولى عبد الكريم، الذي يشغل منصب نائب رئيس الحكومة الليبية لشؤون التنمية، منصب وزير الداخلية في شهر أغسطس (آب) من العام الماضي عقب إعلان سلفه محمد الشيخ، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، استقالته من منصبه احتجاجا على ما وصفه بتقييد صلاحياته من قبل رئيس الحكومة علي زيدان. وسبق أن قدم العميد عاشور شوايل استقالته قبل الشيخ أيضا بسبب ضعف تشكيل الأجهزة الأمنية خلال توليه منصب وزير الداخلية لنحو ستة أشهر.
ويبلغ عبد الكريم من العمر 46 سنة، وهو حاصل على بكالوريوس جراحة عام 1993 وماجستير الطب عام 2001، بالإضافة إلى دكتوراه في مجال العلوم الطبية عام 2005. وتشير سيرته الذاتية، المنشورة على موقع الحكومة الليبية الإلكتروني، إلى أنه عمل طبيبا بالمستشفيات العامة والعيادات الخاصة، وكان له دور لاحق في إدارة مؤسسات عاملة في مجال الخدمات النفطية والاستشارة والتجارة الدولية.
وفي غضون ذلك، أصدر نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني، القائد الأعلى للجيش الليبي، قرارا يقضي بتشكيل قوة عسكرية لبسط الأمن في المنطقة الغربية. ونصت المادة الأولى من القرار على «تكليف رئيس الأركان العامة تشكيل قوة عسكرية مسلحة من وحدات الجيش الليبي وتشكيلات الثوار المنضوية تحت الشرعية، للقيام بتأمين المنطقة الغربية من المارقين على سيادة الدولة الليبية وكل من حمل السلاح للمساس بأمنها القومي والقبض عليهم وتقديمهم للعدالة، وبسط الأمن والأمان في أرجاء المنطقة الغربية كافة وتطهيرها من الزمرة المعتدية، وذلك بالتنسيق مع آمري المناطق العسكرية والمجالس المحلية والعسكرية في المنطقة الغربية».
وطالب القرار رئاسة الحكومة ووزير الدفاع بتوفير احتياجات هذه القوة كافة، وتسخير كل الإمكانات لإنجاز المهمة الموكلة إليها بموجب هذا القرار، وذلك إعمالا لإعلان حالة النفير والتعبئة العامة.
من جهته، أكد العقيد علي الشيخي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة أركان الجيش، أن قواته تقوم حاليا بتأمين قاعدة تمنهنت في جنوب البلاد بعد تحريرها بالكامل ومواصلة القضاء على أعوان النظام السابق.
وأوضح الشيخي، أمس، أن رئاسة الأركان مسؤولة عن الإشراف على العمليات في منطقة سبها منذ انطلاقها من قاعدة الجفرة بعد تشكيل غرفة عمليات لذلك، مشيرا إلى أن المختصين الفنيين بالدفاع الجوي سيعملون قريبا على إعادة تأهيل القاعدة وعودتها للعمل بعد تأمينها.
وعلى صعيد متصل، قالت مصادر ليبية إن المواطنين في مدينة سبها استقبلوا بترحاب كبير قوات الجيش الليبي والثوار، بعد أن تمكنوا من دخول المدينة وتحرير قاعدة تمنهنت وبوابة قويرة المال، مشيرة إلى أن النساء في المدينة أطلقن الزغاريد والهتافات ووزعن الحلوى على قوات الجيش والثوار فرحا بهذا الانتصار على «فلول وأعوان النظام السابق وطردهم من المدينة»، بينما بدأت المحلات التجارية فتح أبوابها.
بموازاة ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أنها تتابع بقلق شديد التدهور الأمني والاشتباكات العنيفة التي شهدتها مناطق ورشفانة وجوارها، التي أسفرت عن وقوع الكثير من الضحايا الليبيين. وناشدت البعثة في بيان الأطراف كافة أن تبذل أقصى جهودها للتوصل سريعا إلى وقف أعمال العنف وعودة الأمن والاستقرار للمنطقة. ورحبت البعثة بقرار الحكومة تشكيل لجنة وزارية لمعالجة الأزمة، ودعت الجميع إلى تسهيل مهمتها والتعاون الوثيق معها في التصدي لأسباب الأزمة الراهنة ومعالجة آثارها وتجنيب البلاد المزيد من الاضطراب الأمني.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.