توجس ليبي يستبق تفعيل مهمة «المراقبين الدوليين» لوقف النار

البعض يراها ضرورية لإنهاء الصراع المسلح... وآخرون يشككون

TT

توجس ليبي يستبق تفعيل مهمة «المراقبين الدوليين» لوقف النار

انقسم سياسيون ليبيون حيال الاقتراح الذي طرحه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بشأن إيفاد «مراقبين دوليين» إلى ليبيا لمتابعة عملية وقف إطلاق النار في البلاد، بين مؤيد لها، ومشكك فيها، بينما هناك من نظر إليها على أنها «فكرة جيدة من حيث المبدأ» لكنها في حاجة إلى تطوير.
ورأى عضو مجلس النواب الليبي بطبرق، جبريل أوحيدة، أن وجود مراقبين دوليين سيكون عاملاً مهماً لضمان عدم العودة إلى سيناريو الحرب، إذ إن الصراع المسلح يجب إنهاؤه لفتح الطريق أمام الحل السياسي، وقال إن «الكل يعرف ويرصد الوضع المحتقن بين الميليشيات المسلحة الموجودة بالغرب الليبي، وكيف يمكن أن تجر البلاد إلى إشغال الفتنة من جديدة لتحافظ على وجودها ومصالحها، وبالتالي فإن وجود المراقبة قد يحد من احتمالية قيام هؤلاء بتهديد الأمن والاستقرار وتقويض العملية السياسية برمتها».
وأضاف أوحيدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر يتعلق بالدرجة الأولى بأعضاء لجنة (5+5) المعنية بتنفيذ الاتفاق وقف إطلاق النار الدائم، حيث إن قراراتها كي تتحقق على أرض الواقع تحتاج للدعم من مجلس الأمن، وخطوة المراقبين تأتي في هذا السياق»، متابعاً: «أما بعض الأبواق التي تثير الجدل حول الفكرة، فهي في الأغلب أصوات مؤيدة للميليشيات وحلفائهم خارج ليبيا ممن يخشون أن تكون تفاهمات العسكريين على حساب وجودهم».
وكان غوتيريش وجه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ذكر فيها أن «الأطراف المتحاربة في ليبيا طلبت مساعدة الأمم المتحدة في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل له، عبر إرسال مراقبين دوليين غير مسلحين وغير نظاميين»، وأوصى بأن يضم الفريق الأممي «مدنيين وعسكريين سابقين من هيئات إقليمية بما في ذلك الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، على أن يتم نشرهما مبدئياً في المنطقة المحيطة بمدينة سرت الساحلية مع احتمالية توسيع النطاق».
في مقابل ذلك، رفض المحلل السياسي الليبي عبد الله ميلاد المقري، الطرح الأممي، واعتبره «محطة جديدة تحاول المنظمة الأممية إدخال البلاد إليها بهدف إطالة أمد الأزمة في البلاد»، متسائلاً: «لماذا لا تستهدف الأمم المتحدة معالجة المعضلات الرئيسية للأزمة الأمنية التي نواجهها منذ سنوات، من خلال التخلص من (المرتزقة) ووقف السلاح للبلاد، ومنع التدخل التركي وحل (التشكيلات العسكرية)».
وأضاف المقري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كل التفاصيل معروفة عن تلك المعضلات، سواء مواقع القواعد العسكرية، حيث تصل شحنات السلاح، أو وجود (المرتزقة) وأعدادهم وأسماء وهوية وجنسية من قام بنقلهم والداعمين لهم»، وأردف: «بالتالي إذا أرادت الأمم المتحدة وبعثتها في ليبيا دعم اتفاق وقف إطلاق النار فعلياً، فليعنوا بكل شفافية الطرف المعرقل والممارس لكل هذه الانتهاكات، وليفرضوا عليه عقوبات بدلاً من إضاعة الوقت بفكرة المراقبين». وقال: «للأسف الأسلحة و(المرتزقة) تنقل لبلادنا من دولة عضو بحلف شمال الأطلسي وهي تركيا والكل يعرف ذلك ويصمت!»، داعياً «القوى الوطنية لعدم الانجرار والوقوع في فخ الإلهاء حول جنسية المراقبين وانتماءاتهم وطبيعة مهامهم وصلاحيتهم».
بدوره، قال المحلل السياسي حافظ غويل، إن فكرة إرسال مراقبين دوليين «جيدة من حيث المبدأ، إلا أنه كان يمكن تطويرها بدرجة تجعلها أكثر إفادة للمشهد السياسي، ودون أن تعمق الخلاف والسجال بين الليبيين بالتساؤل حول آليات المراقبة وجدوها ومدى حياد المراقبين إلى آخره». وأوضح الغويل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كان بإمكان الأمم المتحدة أن تزيد من فاعلية عملية وجود المراقبين بالأراضي الليبية بإعلانها أن تقارير هؤلاء المراقبين ستعلن للرأي العام، وهو ما يعني تعرية الأطراف التي عرقلت، أو التي لا تزال تحاول عرقلة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الدائم، وأن ذلك سيقترن بفرض العقوبات على هذا الطرف».
ولفت الغويل إلى أن تعزيز وجود المراقبين بهذا الشكل سيكون من شأنه دعم جهود اللجنة العسكرية المشتركة، والمساهمة في تنفيذ تفاهماتها على الأرض بوتيرة أسرع، وكان سيدعم أيضاً الجهود السياسية، وسيطمئن الجميع لمدى جدية المنظمة الأممية في التعاطي مع الأزمة.
وقبل أن ينتهي الغويل من أن الطرح الأممي، حتى في إطاره الراهن، سيحقق قدراً من المصالح لأطراف عدة، قال إن وجود مراقبة دولية سيحسم الأمر فيما يتعلق بتبادل طرفي الصراع الليبي الاتهامات حول مسؤولية كل منهما عن التصعيد والتحشيد العسكري، خصوصاً في مناطق التماس كمدينة سرت، فضلاً عن كونها «خطوة في اتجاه طمأنة دول الجوار الليبي حول أمنهم القومي، خصوصاً مصر التي تعتبر سرت والجفرة خطاً أحمر لها، كذلك سيكون الأميركان مستفيدين من وجود هؤلاء المراقبين كونهم قد يحدون من تغول قوات (فاغنر) الروسية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».